• Monday, 13 May 2024
logo

عن الديمقراطية وفوز الحلبوسي.. نتحدث

عن الديمقراطية وفوز الحلبوسي.. نتحدث

معد فياض

 

الديمقراطية ليست بدلة تصمم على مقاسات هذا الشعب او ذاك، او حسب رغبات الاحزاب السياسية، يعني لا نستطيع ان نقول هذه ديمقراطية عراقية وتلك هندية وهذه شيوعية او اسلامية. وحسب تعريفها في الموسوعة العربية، فالديمقراطية، التي يعود منشأها ومهدها إلى اليونان القديم حيث كانت الديمقراطية الأثينية أول ديمقراطية نشأت في التاريخ البشري، تعني حرفيا"حكم الشعب". وهي شكل من أشكال الحكم يشارك فيها جميع المواطنين المؤهلين على قدم المساواة، إما مباشرة أو من خلال ممثلين عنهم منتخبين، في اقتراح، وتطوير، واستحداث القوانين. وهي تشمل الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي تمكن المواطنين من الممارسة الحرة والمتساوية لتقرير المصير السياسي. ومن أهم أسس الديمقراطية الالتزام بالمسؤولية واحترام النظام وترجيح كفة المعرفة على القوة والعنف.

والديمقراطيّة بالمعنَى الأوسع هي نظام اجتماعي مميز يؤمن به ويسير عليه المجتمع ويشير إلى ثقافةٍ سياسيّة وأخلاقية معيّنة تتجلى فيها مفاهيم تتعلق بضرورة تداول السلطة سلمياً وبصورة دورية.

لا أريد هنا ان ادون محاضرة عن الديمقراطية بقدر ما أوجز تعريفات قد يعرفها الجميع، او لا يعرفها الكثير، وخاصة البعض من السياسيين الذين يعرفونها ويحرفون مفاهيمها عبر تفسيرات مطاطية تتدخل فيها المحكمة الاتحادية والمرجعيات السياسية لتتناغم مع مصالحهم الضيقة وليست مصالح الشعب.

بعد الاعلان عن نتائج الانتخابات المبكرة التي كانت قد جرت في العراق في العاشر من تشرين الاول 2021، وحصول بعض الاحزاب والحركات السياسية على عدد مريح من المقاعد، مقابل خسارة البعض الآخر، إذ لا بد من ان يكون هناك فائز وخاسر، شهدنا تفسيرات غريبة وعجيبة لمعنى الديمقراطية التي ارادوا تسخيرها لصالح خسارتهم وارضاء كتلهم، وكل هذه التفسيرات تعد بمثابة الكفر بمفهوم الديمقراطية، تلك التفسيرات التي ستقود الى أزمات سياسية في موضوع اختيار الرئاسات، والتي استهلت بجلسة افتتاح البرلمان بدورته الخامسة، وانتخاب هيئة رئاسة مجلس النواب، وما رافقها من ممارسات لا تتناسب على الاطلاق مع التقاليد البرلمانية، والتي كان بطلها رئيس الجلسة(السن) محمود المشهداني والذي كان في الدورة البرلمانية الاولى رئيسا لمجلس النواب، حيث وضع نفسه في موقع لا يتناسب ومكانة البرلمان العراقي، ولا عمر وتجربة المشهداني.

ومع التجديد لولاية ثانية لرئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، بعد فوزه الكاسح على المشهداني في التنافس على رئاسة مجلس النواب، وبواقع 200 صوت لصالح الحلبوسي، يقابله 14 صوت للمشهداني، وبجلسة دستورية تماما، تجددت التفاسير اليائسة بعدم دستورية الجلسة، مع ان جميع خبراء القانون الدستوري أكدوا دستورية الاجراءات وفوز الحلبوسي.

وفي العودة الى تعريف الديمقراطية المذكور في مستهل هذا المقال، فان " الديمقراطية هي شكل من أشكال الحكم يشارك فيها جميع المواطنين المؤهلين على قدم المساواة، إما مباشرة أو من خلال ممثلين عنهم منتخبين"، ومن اختار الحلبوسي هم ممثلون منتخبون عن الشعب العراقي.

لم ينتخب السنة فقط الحلبوسي بوصفه من العرب السنة، كما يريد البعض تشويه العملية الديمقراطية والتقليل من شأن الحلبوسي وتحويل الموضوع الى فكرة طائفية ضيقة، فعدد مقاعد العرب السنة لا يزيد عن الستين في مجلس النواب الحالي، لكن الحلبوسي، الذي لم يعرف عنه اية ممارسة طائفية، حصل على 200 صوت، وهذا يعني ان الشيعة والكورد والسنة والتركمان ومن مختلف الاديان هم من صوت لتجديد رئاسة الحلبوسي لمجلس النواب، وسواء اتفقنا مع الرجل، الحلبوسي، أم لا، فانه، وحسب الممارسات الديمقراطية، اصبح المؤهل دستوريا لرئاسة مجلس النواب رسميا. أما اذا اراد البعض الاصطياد بالماء العكر وتسائل عن إنجازات الحلبوسي بولايته السابقة، فنقول، الاحرى ان نسأل مذا فعلت البرلمانات السابقة منذ 2005 وحتى اليوم؟ وماذا قدم رؤساؤها؟ وهل يتحمل رئيس مجلس النواب اي فشل في الدورة الانتخابية، ام ان هذا الفشل سببه المحاصصات الطائفية والتجاذبات الحزبية وتضارب مصالح قادة الاحزاب وفسادهم، وتدخل الدول الاقليمية في الشأن الداخلي العراقي، وخاصة ايران.

أما موضوع دستورية وواقعية ان يتولى الحلبوسي أو غيره، ولايتين متتاليتين لرئاسة مجلس النواب، فهذا يعود للدستور العراقي الذي لم يحدد عدد الدورات التي يمكن ان يترأسها العراقي لمجلس النواب طالما ان عملية وصوله لهذا المنصب قد تمت بطريقة ديمقراطية، دستورية.

واذا ذهبنا الى ديمقراطيات العالم المتقدم والتي نسعى لان نمضي على خطاها، وبعيدا عن المقارنات، فنقول ان المستشارة الالمانية السابقة أنغيلا ميركل قد بقيت بمنصبها 16 عاماً، ورئيسة وزراء بريطانيا السابقة ماركريت تاتشر قد حكمت 11 عاماً، أما الرئيس الروسي فلاديمير بوتين فقد شغل منصب رئيس روسيا منذ عام 2012، وكان يشغل هذا المنصب سابقًا من عام 2000 حتى 2008. بين فترتي رئاسته، كان أيضا رئيس وزراء روسيا.

أذكر هذه الاسماء والامثلة اعلاه كي لا تتجدد النقاشات والتفسيرات والازمات عندما سيتم اختيار رئيسي الجمهورية والوزراء، وفيما اذا تم التجديد للرئيس برهم صالح او لدولة الرئيس مصطفى الكاظمي، باسلوب ديمقراطي دستوري شفاف.

 

 

روداو

Top