مظلوم عبدي يحدد عدو الكورد: بإمكان بايدن وحده حل القضية الكوردية عبر تركيا
قال القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، مظلوم عبدي (كوباني) ان الولايات المتحدة وحدها القادرة على معالجة القضية الكوردية ودفع عملية السلام، وانه يعتزم ابلاغ الرئيس الامريكي جو بايدن بذلك، مثلما فعل من قبل مع الرئيس السابق دونالد ترامب.
وجاء ذلك في تصريحات خاصة لمجلة "ذي ناشيونال انترنست" الأمريكية التي نشرت تقريرا مطولا عن مظلوم عبدي وتحدثت عن أدواره الفاعلة و "مقاومته المذهلة" في الحرب على الإرهاب وتحقيق النصر على تنظيم داعش، مشيرة الى انه يدعو اليوم إلى عمل ديبلوماسي لا يقل أهمية يتمثل في إنهاء حرب تركيا المستمرة منذ عقود مع الحركة الكوردية المسلحة والذي يهدد بتدمير كل ما تم تحقيقه في شمال شرق سوريا.
وذكّر التقرير الذي ترجمته وكالة شفق نيوز؛ بما قامت بها وحدات حماية الشعب عندما أمنت ممرا آمنا للاجئين الإيزيديين الفارين من الابادة الجماعية في سنجار العراقية ونجاح الوحدات الكوردية في الدفاع عن بلدة كوباني السورية المحاصرة من تنظيم داعش، وهو ما اكسبهم دعما دوليا من التحالف المناهض لداعش المشكل حديثا وقتها.
التراجع الديمقراطي
ولفت التقرير الى ان محاربة التنظيمات الارهابية التي كانت بمثابة تهدد وجودي، لم يكن الهدف الأصلي لإنشاء وحدات حماية الشعب ولا الهدف الاساسي، وانما كإنشاء قوات سوريا الديمقراطية لاحقا، كان هدفها الدفاع عن شعوب المنطقة وتجربة تقرير المصير التي بدأوها في الايام الاولى للازمة السورية.
واعتبر أن التهديد الرئيسي لمنطقة شمال شرق سوريا وأهدافها الطموحة، هو تركيا التي لها مقعد في الأمم المتحدة ولديها داعمين بين العواصم الغربية، مشيرا إلى أنه منذ أن تخلى الرئيس رجب طيب أردوغان في العام 2015 عن محادثات السلام مع حزب العمال الكوردستاني، قام بسجن عشرات الآلاف من المدنيين بتهم ارهابية مسيّسة، وجلب الحكم العسكري بشكل فعلي إلى المدن الكوردية ، وبدأ حروبا جديدة في الخارج.
وبعدما اشار الى ان تركيا مصنفة الآن بين الدول الثلاث الاولى في العالم التي شهدت أكبر تراجع ديمقراطي على مدار العقد الماضي، لفت إلى أن حزب العدالة والتنمية الحاكم يتراجع في استطلاعات الرأي، ويستمر الاقتصاد التركي بالتراجع مما يثير الرأي العام.
واوضح التقرير انه مع تهديد أردوغان بشن عملية عسكرية جديدة في سوريا في محاولة اخيرة لتعزيز التأييد القومي له، فان قوات سوريا الديمقراطية والإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا و المليوني شخص الذين يعيشون في أراضيهم، جرى حشرهم في قلب هذه العاصفة الاستبدادية.
عدو الكورد
ونقلت المجلة عن مظلوم عبدي في مقابلة وصفتها بأنها نادرة من قاعدة عسكرية على الأرض في شمال وشرق سوريا قوله "ان القضية الكوردية في تركيا تؤثر على مناطقنا، وبغض النظر عن مكان وجود الكورد، فإن مشاكلهم كلها مترابطة ومرتبطة ببعضها البعض".
واشارت المجلة الى ان احد اسباب صحة ذلك هو الجغرافيا، موضحة أن الحدود السورية التركية جرى فرضها في زمن لم يتجاوز قرنا، والمجتمعات الكوردية التي تمزقت اجبرت على ان تصبح سورية، ولم ينس الأتراك هذه الحقيقة.
وقال مظلوم عبدي ان "بعض المدن الكوردية تم تقسيمها إلى قسمين، ويمكننا أن نرى هذا على الحدود الآن، فهناك مدينة كوردية، ويمر في وسطها خط السكة الحديد، ويقسمها إلى مدينتين، وهناك روابط عشائرية ومجتمعية، بين الكورد في هاتين المنطقتين".
وبعدما ذكرت المجلة أن هذه الحقيقة الجغرافية تتبعها حقيقة سياسية، تنقل عن مظلوم عبدي قوله إن "الدولة التركية كانت دوما عدوا للكورد، ولهذا فإنها عندما تهاجم الكورد في تركيا، فإنها تهاجم الكورد هنا ايضا".
وأوضح عبدي أنه عندما "يتصاعد الصراع في تركيا بين الكورد الذين يقاتلون من أجل حقوقهم، وبين الدولة التركية، تغضب الدولة التركية، وتبدأ في مهاجمة الكورد على هذا الجانب من الحدود"، مشيرا بذلك الى غزو واحتلال عفرين في العام 2018 وراس العين في العام 2019.
التشاركية الفريدة
وكمثال على ذلك، أشار التقرير الى أن هذه الهجمات دمرت الهدوء والاستقرار في كلا المنطقتين، في حين ان عفرين لم تكن قد تأثرت سابقا بالحرب السورية، حيث كانت تحت السيطرة الكوردية في العام 2011، في حين ان راس العين كانت ساحة لانتصار لوحدات حماية الشعب على جبهة النصرة، الفرع السوري لتنظيم القاعدة، وذلك في العام 2013.
وذكر التقرير بأن الهياكل السياسية التشاركية الفريدة في كلا المنطقتين ازدهرت، وجرى الاعتراف بلغات متعددة في التعليم، وتم تعزيز التنوع الديني، في حين شارك عدد من النساء في القوات العسكرية، اكثر من اي منطقة معارضة أو تسيطر عليها الحكومة في البلاد.
وتابع "ليس فقط الكورد، وانما ايضا الايزيديين والسريان والارمن وغيرهم من المجتمعات غير العربية وغير المسلمة التي عاشت تحت حكم الإدارة الذاتية، فروا من ديارهم في حالة من الرعب"، مشيرا إلى ان الميليشيات الجهادية المدعومة من تركيا، وبعضها يضم أعضاء سابقين في داعش، تقوم بنهب المنازل والاراضي الزراعية وتخطف المدنيين وتعذبهم، وتتقاتل على غنائم الحرب، مضيفا ان الاساءة والمضايقات التي تتعرض لها النساء متفشية لدرجة أن العديد منهن رفضن مغادرة منازلهن من الخوف.
الضغط الدولي
وقال مظلوم عبدي كوباني انه في ظل هذه الأجواء القائمة، سيكون "من الصعب جدا" على تركيا أن تقيم علاقات جيدة مع شمال وشرق سوريا، لكن في الوقت نفسه هناك مخرج واحد. واوضح انه "عندما انخرط الكورد في تركيا والدولة التركية في عملية سلام ووقف لإطلاق النار، بين عامي 2013 الى 2016، كانت لدينا ، نحن كورد سوريا، علاقات جيدة مع تركيا، وكان سياسيونا يزورون تركيا ويجتمعون بمسؤوليهم، ولنا علاقات جيدة بيننا وبينهم خلال فترة عملية السلام هذه".
ولهذا، يعتبر مظلوم عبدي أنه "اذا ضغط المجتمع الدولي على تركيا لاعلان وقف اطلاق النار، والسعي لوقف التصعيد، وبدء عملية سلمية مرة اخرى، والعودة الى طاولة المفاوضات مرة اخرى وبدء حوار مع الكورد لحل مشاكلهم في تركيا، فاعتقد ان هذا هو أحد الخيارات المتاحة لحل المسالة الكوردية في تركيا".
وعندما سئل عما إذا كان يعتقد أن هذه مسألة يمكن للولايات المتحدة من خلال علاقاتها الدبلوماسية مع كل من تركيا والكورد السوريين، ان تقوم بها، فان وجهة نظر مظلوم عبدي كانت واضحة حيث قال "طبعا هذا ما نؤمن به. ولنكون أكثر تحديدا، فإننا نعتقد أن الولايات المتحدة وحدها هي التي يمكنها حل هذه المشكلة، لبعض الاسباب التي ذكرتها أيضا، فالولايات المتحدة تعمل معهم ومعنا".
ذروة النزاع
واوضحت المجلة؛ ان ما يطلبه مظلوم عبدي سيشكل تغييرا في السياسة الأمريكية تجاه المسألة الكوردية في تركيا، في حين أن واشنطن لم تفعل شيئا يذكر للانخراط في عملية السلام الاخيرة، وانه خلال التسعينيات من القرن الماضي، عندما كان النزاع في ذروته، قامت الولايات المتحدة بتزويد تركيا بكميات قياسية من الأسلحة والمساعدات العسكرية، وما زال مخزون تركيا بأكمله من الطائرات المقاتلة أمريكياً في الأصل حتى يومنا هذا، وهي اسلحة استخدمتها تركيا لارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان ضد الكورد والأقليات الأخرى.
ونقلت عن مظلوم عبدي انه كان واضحا مع القادة الامريكيين بشأن اهمية حدوث تحول نحو سياسة مؤيدة للسلام. وقال عبدي "لقد قلت هذه الجملة للرئيس ترامب نفسه. اخبرته ان الولايات المتحدة فقط هي التي يمكنها حل هذه المشكلة، وأن الولايات المتحدة يجب أن تشارك في مثل هذه العملية"، موضحا أنه سيقدم نفس التوصية الى إدارة بايدن.
المخرج الوحيد
وختمت المجلة تقريرها بالقول إنه أكثر من أي وقت مضى، هناك مكاسب واضحة لتوصية مظلوم عبدي، بأن السلام والديمقراطية هما المخرج الوحيد من الأزمات المحلية والدولية المتصاعدة الناجمة عن سياسة أردوغان العدائية ضد الكورد، مشيرة الى ان هذه الازمات تشكل تهديدا للمصالح الدولية وتلحق الضرر بالمدنيين في جميع أنحاء المنطقة.
واعتبرت انه اذا تمت ازالة التهديد الأساسي الوشيك للاستقرار والازدهار في شمال شرق سوريا، فإنه يمكن عندها لمحادثات السلام الناجحة في تركيا أن تساعد أيضا في جعل الحل السياسي الذي تشتد الحاجة اليه للحرب السورية، أكثر قربا الى الواقع.
شفق نيوز