• Thursday, 18 July 2024
logo

غياب المناظرات الانتخابية في العراق ومخاوف من فضح الخفايا

غياب المناظرات الانتخابية في العراق ومخاوف من فضح الخفايا

المناظرات التلفزيونية، تعد واحدة من ابرز وسائل الحملات الدعائية التي تهتم بها الديمقراطيات الراسخة، في الافصاح عن البرنامج الانتخابي للمرشح او للكيان السياسي الذي يحضر للمنافسة في الانتخابات، هذا الاسلوب اعتادت عليه الدول المتقدمة لمواجهة الخصوم في موسم الحملات الدعائية الانتخابية، وتتمتع المناظرات بتأثير كبير على الناخبين قد يصل الى درجة تغيير قناعاتهم في ذلك الحزب او المرشح، ويبدأون بالتفكير للتصويت لهذا المرشح او ذاك.

وعلى الرغم من كثرة التجارب الانتخابية السابقة في العراق، بيد ان موسم الدعاية الانتخابية يخلو تماماً من اي مناظرات بين المرشحين او بين قادة الاحزاب التي تشارك في الانتخابات، ومرد ذلك بحسب اوساط برلمانية ومختصين في شؤون الانتخابات، هو الهروب من المسؤولية والخشية من كشف المستور في افتضاح ما خفي من ملفات الفساد التي قد تطيح بذلك المرشح او الحزب.

ويبين الكثير من السياسيين ان على الاحزاب السياسية اذا ما ارادت ان تعزز ثقة الناخبين في العملية الانتخابية، واقناعهم في برامجها الانتخابية عقد مناظرات بين الكتل السياسية البارزة التي تسعى الوصول الى مناصب سيادية مهمة، مناظرات من شأنها ان تبعث رسائل اطمئنان لدى الناخبين في ذلك المرشح والحزب، يجتهد من اجل تقدم ما يستحقه المواطن العراقي.

"المناظرات مفيدة مع الجمهور الواعي"

وبالنسبة للمناظرات في المناطق الحضرية والمدنية، فالطبقة الواعية المثقفة تنظر للبرنامج الانتخابي لهذا المرشح او ذاك وتسمع كلامه وثقافته واداءه، كما يقول المرشح المستقل طه الدفاعي وهو نائب حالي، والذي يشير الى ان المناظرات هي امر مفيد، لكن عندما تنظر الى المناطق الفقيرة المحرومة من الخدمات، فهذا الاسلوب لا يجدي نفعا معهم، فهم ينتظرون شيئاً ملموساً، لا وعود، اما في المناطق المدنية والحضرية من ممكن ان يناقش المرشح من الجمهور ويطرح رؤاه ويستمع للناخبين.

ويؤكد الدفاعي لشبكة رووداو الاعلامية أنه "من المفترض ان قادة الاحزاب الكبرى والتي تمتلك السلطة والممسكة بها، اذا يريدون تغيير الواقع ويكسبون ثقة الناخب عليهم الخروج بمناظرة يجلسون امام الجمهور، ويبدأون بطرح برامجهم الانتخابية خاصة اذا كانت المنافسة على مراكز مهمة كرئاسة الوزراء".

ومن المقرّر إجراء انتخابات برلمانية مبكرة في العراق، في 10 تشرين الأول 2021 المقبل، حيث ستتم عملية التصويت في جميع أنحاء العراق وإقليم كوردستان.

يذكر أن المفوضية العليا المستقلّة للانتخابات أشارت إلى أن عدد الذين يحق لهم المشاركة والتصويت في الانتخابات البرلمانية العراقية المقبلة، يبلغ 24 مليوناً و29 ألفاً و927 شخصاً.

وتابع الدفاعي ان "هذا يحدث في دول اوربية، فالبرنامج الانتخابي في اسبانيا، لا يوجد فيه مرشحون بل المشاركة هي لاحزاب، وأي حزب يفوز بعدد من المقاعد من ثم يأتي بالنواب، والمواطنون ينتخبون البرنامج الانتخابي لهذا الحزب او ذاك، والحزب الفائز هو الذي يكون مسؤولاً عن المرحلة امام الناخبين، والفشل سيكون حليفه في المرة المقبلة اذا لم يقدم شيء للناخبين".

"لا احد يتحمل المسؤولية"

ويضيف أن "ما يحدث في العراق هو أنه لا احد يريد ان يتحمل المسؤولية، فالمسؤولية تتقاسمها المكونات والاحزاب، لذلك كل جهة تقذف المسؤولية على الجهة الاخرى، بينما لو وضعنا المسؤولية على حزب واحد فعندها سيكون الفشل والنجاح هو ملازم لذلك الحزب، وما يحدث في العراق هو تقاسم للسلطة".

"هذه الانتخابات هي اقل انتخابات مقارنة بالسابقة يكون فيها طرح لبرنامج انتخابي، والسبب انعدام الثقة بين المواطن والقوى السياسية والمرشحين، لذا فالمرشح بات يعي ان البرنامج الذي يطرحه لا يجد له صدى عند المواطنين، فبدأ يبحث عن وسائل تشجيعية للانتخاب وسائل تستقطب المرشح بدلا من تقديم الوعود في العمل على امر ما"، بحسب النائب طه الدفاعي.

يذكر ان مواطنين من محافظة النجف رأوا أن الحملات الدعائية في هذه الدورة الانتخابية افتقدت الى المشاريع والبرامج الانتخابية الصريحة، مؤكدين انها تحتوي فقط على التسلسلات وصور المرشحين.

ويقول هاشم محمد علي وهو مدير منظمة شبابية في النجف لشبكة رووداو الاعلامية إن الفكرة من الدعايات الانتخابية "لابد من التوجه الى الشباب والشارع العراقي او ربما حتى في المقاهي، ليس فقط في الندوات، ما المشكلة وما الضير في ان يدخل المرشح الى المقاهي الشعبية وتحدث عن برنامجه الانتخابي، او أن يلتقي بتجمعات شبابية".

ويردف الدفاعي "تلاحظ ان المرشح يقوم بتوزيع الاموال والهدايا ويقدم خدمات للناخبين من قبيل تعبيد الشوارع وكذلك اقامة شبكات الصرف الصحي، وهو امر مأسوف عليه، لكن هذا هو الواقع الحالي، وهو يحدث في الكثير من المناطق وخاصة المناطق الفقيرة، والتي تعاني من قلة الخدمات، والمرشح يجد ضالته في هذه المناطق".

ولفت الدفاعي الى ان "هذه وسائل ترقيعية الغاية منها عسى ان تشجع المواطن على انتخابه، والناخبين بالكاد يستمعون لبرنامج المرشح ويصلون الى درجة القناعة، وبات من الصعب ان تقنع الجمهور في انتخاب مرشح ما، لكن تحاول قدر المستطاع".

"حالات من التسقيط"

في المقابل يقول رئيس مفوضية الانتخابات الاسبق عادل اللامي لشبكة رووداو الاعلامية ان "المناظرات عادة تكون في الانتخابات الرئاسية والتي تكون بين مرشحين او اكثر، اما في الانتخابات البرلمانية فتعمد الكتل السياسية الى نشر برنامجها واهدافها وخططها في حال الفوز بالانتخابات، ولم نشهد مناظرات لانها ليست التنافس على مركز معين ومحدد، كمنصب رئيس الجمهورية او رئيس الوزراء".

ويضيف: "عادة في الانتخابات البرلمانية، وهذا قليل يحصل، ان تكون مناظرات بين رؤساء الاحزاب وليس بين المرشحين، وقد يكونوا رؤساء الكتل غير مرشحين كما هو الوضع الحالي في العراق".

وأردف اللامي "في الحياة السياسية العراقية لا توجد لدينا روح المنافسة التي تسمح بالمناظرة بين رؤساء الكتل حول برامج احزابهم، بل على العكس ما نشهده هو حالات من التسقيط، وليس حالات من النقاش البناء والاقناع بين رؤساء الاحزاب والقوى السياسية، وهذا قليل يحصل في دول العالم بموسم الانتخابات التشريعية".

"معظم الكتل الكبيرة التي كانت تحكم ولا تزال تحكم في السلطات العراقية بشكل عام متهمة بالفساد، فأي مناظرة هنا ستتحول الى قذف بين قيادات الاحزاب، لذلك يتجنبون مثل هكذا مناظرات، خوفا من فضح احدهم الاخر، والديمقراطيات في الدول الغربية غير فاسدة كما لدينا"، وفقا للامي.

اللامي بين انه "حصل في احد البرامج التلفزيونية بين مرشحين من حزبين متنافسين وصل بهم الحد الى حد العراك داخل الاستوديو والسب والقذف بينهم، ولو كانت العلمية السياسية العراقية نزيهة، لشهدنا هذا النوع من المناظرات، فلا احد يخشى من كشف اوراقه ومستنداته ووثائقه".

وخلص اللامي الى ان "الامر سيطول نسبيا، وعندما نصل الى احزاب وطنية حقيقية ليست فئوية وجهوية، عند ذاك سنصل الى مرحلة متقدمة خصوصا اذا تخلصنا من مسألة ادخال الدين في السياسة، مهما كان نوع هذا الدين وكذلك العنصرية في السياسية، والاحزاب في اوربا مبنية على اساس المواطنة وليس على اساس الفئوية والجهوية".

يشار الى ان مساعدة المتحدثة باسم المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، حددت طبيعة التعامل مع حملات المرشحين الدعائية بعد انتهاء الانتخابات، مشيرة إلى فرض غرامات على من لا يقوم بازالة دعايته الانتخابية في المدة المحددة.

وقالت نبراس أبو سودة لشبكة رووداو الإعلامية إن "قانون المفوضية يفرض على المرشحين إزالة حملاتهم الدعائية بعد انتهاء الانتخابات"، مشيرة إلى أن "هناك مدة زمنية لذلك".

وأوضحت أن "المدة المحددة للمرشحين لإزالة لافتاتهم الدعائية هي شهر، تبدأ من بعد الانتخابات المفترض إجراؤها في الـ10 من تشرين الأول المقبل".

 

 

روداو

Top