• Friday, 22 November 2024
logo

"الرسائل المفخخة" للمسيرات على اربيل.. هذه شفرتها ومخاطرها

صبح مضمون "الرسائل المفخخة" التي أرسلت بالمسيرات الطائرة الى اربيل، اكثر وضوحا، خاصة أنها حاولت هذه المرة استهداف القنصلية الامريكية في المدينة، ما يؤشر الى ارتباطها بالصراع الإقليمي، وهي في الوقت نفسه محاولة للمساس بأمن اقليم كوردستان واستقراره.

 

ووقع هجوم جديد بالمسيرات المفخخة (الدرونز) ليل الجمعة الماضي 25 حزيران 2021، يعتقد أنها ثلاث طائرات، على بعد كيلومترات فقط من مقر القنصلية الأمريكية الجديدة في اربيل، في ثاني هجوم من نوعه بمسيرات مفخخة خلال أسابيع قليلة حيث استهدف الهجوم الأول مقرات عسكرية لقوات التحالف الدولي في مطار اربيل في منتصف شهر أبريل/ نيسان الماضي، بحسب ما أكدت وقتها وزارة الداخلية في الاقليم.

 

وقبلها بأسبوعين، استهدف المطار ذاته بهجوم صاروخي ضرب مقراً عسكرياً لقوات التحالف، لكن هجوم المسيرات يوم الجمعة، ربما يؤشر الى تأكيدات على افتتاح صفحة جديدة في صفحات الصراع الدائر حول مستقبل الوجود الأمريكي وحجمه وطبيعة دوره، فيما تتزايد المخاوف في واشنطن من خطر المسيرات "المجهولة الهوية" -حتى الآن – والتي يقول الامريكيون ان الايرانيين، او حلفاءهم من الفصائل العراقية، يقفون وراءها.

 

واعلن مسؤولون امريكيون يوم الاثنين 28 حزيران 2021 استهداف مواقع لفصائل عراقية عند منطقة القائم-البوكمال، في غارات جوية ضربت انظمة تحكم ومخازن لوجستية لطائرات مسيرة، فيما قالت وكالة "رويترز" ان ميليشيات تابعة لإيران شنت خمس هجمات بطائرات مسيرة على منشآت امريكية في العراق منذ نيسان/ابريل الماضي.

 

وقال الخبير في الشأن السياسي والأمني العراقي احمد الشريفي لوكالة شفق نيوز ان "استخدام الطيران المسير ضد أهداف معينة في أربيل يحمل رسائل سياسية وأمنية لأطراف داخلية وخارجية ايضا".

 

وبهذا المعنى، فإن هجوم ليلة الجمعة-السبت، يؤكد دخول الصراع الإقليمي مرحلة جديدة، يراد ان توجه رسائله عبر أرض اربيل، وهي خطر لا يقتصر على ذلك، اذ ان المسيرات المفخخة تفتح بالفعل الباب امام عملية اعادة حسابات كبرى، بعدما ازدادت مؤشرات احساس الامريكيين بان "الدرونز المفخخة" قد لا يكون من السهل التصدي لها في المستقبل القريب، ما يفرض المزيد من الضغوط على القوات الامريكية ويفاقم كلفة البقاء العسكري، سواء في العراق، او في اقليم كوردستان ايضا.

 

وكانت مجلة "فوربس" نشرت تقريرا عسكريا مؤخرا حذرت فيه من الخطر المتصاعد للطائرات المسيرة حيث تحتاج الى صاروخ "باتريوت" بقيمة 3 ملايين دولار، لاسقاط طائرة مسيرة كلفة صناعتها صغيرة، لكن بمقدورها استهداف الجنود في مكان مكشوف أو طائرة على مدرج إقلاع، وهي تحمل كاميرا وبإمكان مشغلها أن يوجهها لتصيب هدفاً محددا. كما لفتت المجلة الاميركية الى انه بينما يمكن رصد مواقع اطلاق الصواريخ الباليستية بسهولة، فانه من المستحيل عادة تحديد المكان الذي انطلقت منه الطائرات المسيرة.

 

وبذلك، تظل "الرسائل المفخخة" مجهولة المصدر الى حد كبير، لكن معانيها الاقليمية تتضح يوما بعد آخر.

 

وقال أحمد الشريفي ان "الرسائل الأمنية واضحة جدا بأن الفصائل المسلحة قادرة على الوصول لأي هدف تريد استهدافه رغم التحصينات الأمنية والدفاعات الجوية، كما هي لا تخلو من التهديد الأمني لإقليم كردستان، وليس التواجد الأجنبي".

 

واضاف ان "عمليات القصف من خلال الطيران المسير، يحمل رسائل سياسية للقوى الفاعلة في الإقليم بأنها يجب ان تكون مع مطالب الفصائل بقضية التواجد الأجنبي، كما هي رسائل سياسية لحكومة بغداد وإحراجها بشكل أكبر أمام المجتمع الدولي".

 

وكان من اللافت ان الهجوم بالمسيرات على اربيل فجر السبت، نفذ قبيل ساعات قليلة على التئام القمة الثلاثية العراقية-المصرية-الاردنية في بغداد، ووصول الرئيس عبدالفتاح السيسي والملك عبدالله للمشاركة فيها. ويعزز الهجوم بالمسيرات صورة عن فقدان العراق القدرة على ضبط الإمساك بالوضع الأمني، فيما تبتغي القمة من بين امور عديدة، التعاون والتنسيق في المجال الامني ومكافحة الارهاب.

 

ولم يكن الهجوم بالمسيرة المفخخة على مطار اربيل في نيسان/ابريل الماضي بعيدا عن ذلك، اذ كان الاول من نوعه على اربيل بمسيرة مفخخة، وهو جاء في لحظة سياسية مهمة ايضا، حيث كانت جلسة الحوار الاستراتيجي بين بغداد وواشنطن قد اختتمت اعمالها، ودخل العراقيون في محادثات ترتيب مستقبل الوجود العسكري الاميركي وطبيعته. كما انه جاء بعد اختتام رئيس اقليم كوردستان نيجيرفان بارزاني زيارة الى بغداد لتعزيز التفاهمات والترتيبات المتعلقة بالعلاقات بين الطرفين، بما في ذلك الشؤون الامنية وضبط الاوضاع الامنية خاصة في المناطق المتنازع عليها.

 

ووقعت عدة هجمات بالصواريخ على اربيل منذ سبتمبر/ أيلول الماضي، عندما استهدف مجهولون مطار المدينة بستة صواريخ، واتهمت سلطات الإقليم آنذاك فصائل تابعة للحشد الشعبي بشن الهجوم، لأن الصواريخ أُطلقت من سهل نينوى، حيث تنتشر تلك الفصائل.

 

وفي سياق الغارات الأمريكية التي نفذت فجر الاثنين 28 حزيران الجاري، عند منطقة القائم الحدودية، قال احمد الشريفي، الخبير في الشأن السياسي والامني العراقي، ان "استمرار هكذا عمليات قصف من خلال الطيران المسير، سيدفع الولايات المتحدة إلى أتخاذ موقف اكثر حدة، والرد العسكري ربما يكون حاضرا بقوة أكثر من فرض العقوبات".

 

لكن اذا صحت التقديرات القائلة بان ايران تسعى الى اظهار حسن النوايا في ظل الامال المعلقة على ان تحقق مفاوضات فيينا النووية انفراجا في العلاقات مع واشنطن والغرب عموما، وهو ما تعززه التسريبات التي كانت تخرج من زيارات قائد فيلق القدس في الحرس الثوري العميد إسماعيل قاآني المتكررة الى بغداد ومحادثاته مع قادة الفصائل، فإن ذلك يجدد طرح التساؤلات الكبيرة عن حقيقة ما يجري. فهل طهران غير قادرة على ضبط تصرفات الفصائل المسلحة؟ وهل أصبحت هناك جماعات مسلحة بالفعل خارج قبضة النفوذ الايراني، أو خارج سيطرة قيادة الحشد الشعبي؟

 

وسيكون على قيادات اقليم كوردستان، السياسية والامنية، الانكباب لمحاولة تفكيك شيفرة الرسائل المفخخة المرسلة بالطائرات المسيرة، لتحديد المدى الذي ستذهب اليه الجهة -أو الجهات- الضالعة بهذا العبث.

 

 

شفق نیوز

Top