• Tuesday, 24 December 2024
logo

تهديد إيراني وشيك.. و«مُتأمرك»

تهديد إيراني وشيك.. و«مُتأمرك»

بدر خالد البحر

 

«إيران تفاوض نفسها»، كان هذا أفضل وصف ساخر، جاء في تقرير مستقل، يصف الوفد الايراني المفاوض بمباحثات برنامجها النووي في فيينا، وكيف لنا ألا نصدق شيئا من ذلك وقد صُدمنا أن الإيرانية المتجنسة «أريان طبطبائي» الأستاذة الزائرة بكلية كينيدي للسياسات بجامعة هارفارد، قد تم تعيينها بالوفد الأميركي كي في تلك المباحثات ومستشار أول لنائب وزير الخارجية الأميركي للحد من التسلح والأمن الدولي.

لقد قرأنا لأريان مقالا في نوفمبر الماضي عن برنامج ايران النووي ودور اسرائيل العدواني تجاهه، والذي نشر في مجلة فورن بوليسي قبل تعيينها، تقول فيه: «سيؤدي مقتل محسن زاده، وهو عالم نووي بارز، إلى تعقيد جهود إدارة بايدن القادمة لتجديد الاتفاق النووي وقد يؤدي إلى التصعيد»، ثم لنتفاجأ أن ما تحدثت عنه أريان من تعقيد وتصعيد أميركي تجاه إيران قد جاء على شكل تعيينها عضوة ضمن الوفد الأميركي المفاوض بعد شهرين ونصف الشهر من نشرها لمقالها!! في حين تتهمها المعارضة الإيرانية في أميركا بأنها متعاطفة مع طهران مما تسبب بغضب تجاه سياسة بايدن الذي نعرف أنه هو الآخر متعاون مع إيران منذ أن كان نائبا لأوباما الذي رفع عنها العقوبات في يناير 2016 أي بعد ستة أشهر من توقيعها للاتفاق النووي، كما ساعدها على زيادة نفوذها بالمنطقة.

 إن ما يعزز ثقتنا بوجود علاقة أميركية - ايرانية من خلال تعيين أريان طبطبائي هو ما اطلعنا عليه في تقارير عدة، فوالد أريان هو جواد طبطبائي الأستاذ في جامعة طهران الذي له علاقة وطيدة بالنظام الحاكم، وهناك مصادر عدة مثل موقع «الوطنيين الفرس» تبين صور جواد مع قادة ملالي طهران كالرئيس روحاني، ولا يمكن لأحد أن يحاول إقناعنا أن إيران ليست مرتاحة جداً من وصول ابنة جواد لهذا المنصب، وإلا لقامت باعتقاله وربما قتلته حين باتت ابنته تشكل خطرا يقوض برنامجها النووي، كما هو حال طهران مع جميع معارضيها، كالمناضل الشهيد عبدالملك ريغي زعيم حركة جند الله المعارضة السنية في اقليم بلوشستان، الذي يصادف اليوم ذكرى إعدامه وإعدام أخيه قبله بشهر واحد.

كل ذلك يجعلنا نقلق من الامكانية التي قد تبدو وشيكة لرفع العقوبات الأميركية عن إيران، وخاصة أننا في عهد بايدن الذي يضم وفده المفاوض في فيينا جنبا إلى أريان طبطبائي، المبعوث الأميركي روبرت مالي الذي شارك في مفاوضات بعهد أوباما نتج عنها رفع العقوبات وفك الأرصدة المجمدة لتحصل إيران على أكثر من مئة مليار دولار ذهب بعضها لزعزعة أمن الشرق الأوسط، إضافة لتدفق مئات المليارات من الاستثمارات الاجنبية.

إن التقاء المصالح يفسر ذلك التحالف الخفي، فلك أن تتخيل أنه في أكثر الاوقات عداءً معلنا بين إيران من جهة وبين أميركا وإسرائيل تمت أول صفقة أسلحة أمريكية لمصلحة إيران عن طريق إسرائيل، أما بالنسبة للاغتيالات فأن ردة فعل إيران لمقتل قائد فيلقها القدس المدعو سليماني بداية العام الماضي على يد القوات الأميركية كانت ردة فعل هزيلة بإطلاق صواريخ «أي كلام» على قاعدة عراقية يتواجد فيها مدربون أميركان، تم الاتفاق على توقيتها لغرض إخلائهم، فلم تصب أهدافها ومن غير سقوط ضحايا!

أما الغريب فهو تزامن حريقين في يوم واحد لا تفصلهما سوى سويعات بداية الشهر الحالي، الاول اشتعال وغرق أكبر سفينة لوجستية حربية إيرانية والآخر حريق هائل التهم أكبر مصفاة بجنوب طهران، حادثان لم يحظيا بتحليل سياسي أو بزخم إعلامي حتى من إيران رغم تزامنهما بوجود تهديد إسرائيلي واضح في تلك الفترة! لتكون المعادلة أشبه بسياسية العصا والجزرة التي تحاول الولايات المتحدة دفع حليفها الإيراني للرجوع لطاولة المفاوضات وقبول شروط جديدة على برنامج سلاحها النووي مقابل تكرار نتائج المفاوضات في عهد أوباما من رفع عقوبات وفك تجميد أرصدتها المليارية لتعود إيران بتهديد وشيك للمنطقة وبرعاية أميركية أي بتهديد إيراني «متأمرك».

 ***

إن أصبت فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان.

 

 

باسنيوز

Top