• Friday, 19 April 2024
logo

السباق الانتخابي يشتعل في العراق: حفلات ختان وثريد وشراء صفحات ‹فيس بوك›

السباق الانتخابي يشتعل في العراق: حفلات ختان وثريد وشراء صفحات ‹فيس بوك›

بدأت الحملات الانتخابية في العراق من قبل المرشحين للانتخابات النيابية المقبلة، في وقت مبكر هذا الموسم، باستخدام مختلف الطرق المعهودة للناخب العراقي، فيما ابتكر مرشحون آخرون طرقاً أخرى، قد تبدو جديدة على الساحة الانتخابية في البلاد.

ومن المقرر أن يُجري العراق انتخابات مبكرة في العاشر من تشرين الأول / أكتوبر المقبل، استجابة للاحتجاجات التي شهدتها البلاد عام 2019.

وفي ظل الأجواء المشحونة انتخابيا، وإصرار حكومة مصطفى الكاظمي على إجراء الاقتراع في موعده، حذرت مفوضية الانتخابات وأطراف معنية، من استغلال أموال الدولة ضمن الدعاية الانتخابية، أو تخصيص الموارد العامة لتوجيهها إلى مناطق تقع ضمن الدوائر الانتخابية لبعض المرشحين.

كما اتهمت أحزاب مشاركة في الانتخابات، نظيراتها باستغلال الأموال العامة لكسب أصوات الناخبين والترويج لمرشحيهم، وسط مطالبات لرئيس الحكومة بالتدخل لوقف نزيف المال العام.

 في محافظة واسط، تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي صورة للافتة تتضمن إعلان حفل ختان مجاني برعاية النائب عن محافظة واسط عباس يابر العطافي.

مستخدمو مواقع التواصل انتقدوا ضلوع أعضاء مجلس النواب، بنشاطات غير تلك التي حددها لهم الدستور والقانون، وتخليهم عن مسؤولياتهم الأصلية، فيما عد بعض المستخدمين هذه النشاطات دعايات انتخابية مبكرة ووصفوها بـ «البائسة».

في غمرة السباق الانتخابي المشتعل، كشف ناشطون عراقيون عن تغيير أسماء صفحات عراقية على ‹فيس بوك› لأسباب سياسية وانتخابية.

وقامت بعض صفحات ‹فيس بوك› في العراق بتغيير أسمائها واختيار أسماء أخرى لسياسيين أو مرشحين للانتخابات، حيث تلجأ بعض الصفحات إلى «حيلة» حتى تتجنب وصول إشعار لمتابعي الصفحة بتغيير الاسم، من خلال تقديم طلب بتغيير اسمها ثم إخفاء الصفحة، وبعد ذلك يقوم بحظر العراق من متابعي الصفحة حتى لا يصل إشعار بتغييرها إلى متابعيها العراقيين، ثم بعد ذلك يتم رفع الحظر وتظهر مجدداً للنطاق الجغرافي العراقي.

 وتغيير أسماء الصفحات يعد بديلاً لإطلاق صفحة جديدة، حيث يستفيد السياسي الذي أصبحت الصفحة باسمه من عدد متابعي الصفحة من أجل الترويج لنشاطاته بدلاً من البدء من الصفر.

وأفاد مركز الإعلام الرقمي الحكومي في العراق الثلاثاء بأنه رصد «حرباً» مبكرة بين ساسة السنة في سباق الانتخابات المقبلة. ورصد «العشرات من المنشورات المدفوعة الثمن والصفحات الممولة على موقع ‹فيس بوك›، وهي تتضمن ترويجا ومدحاً لسياسي أو حزب ما أو هجوما واستهزاءً وتسقيطا لسياسي آخر من الطيف السياسي السني من الذين سيشتركون في الانتخابات البرلمانية المقبلة».

وأوضح أن «هذه الصفحات والمنشورات التي تُنفق عليها آلاف الدولارات تأتي في سياق صراع سني ـ سني، وهي معارك من المرجح أن تظهر أيضا في الأيام المقبلة بين السياسيين الشيعة».

وتدار هذه الصفحات في غالبيتها من قبل مكاتب وفرق تابعة لسياسيين وأحزاب كبيرة لأنها تتطلب إنفاقاً مالياً وميزانيات خاصة، ومن المستبعد أن تقوم بها جهات مستقلة أو شباب غير مقتدر ماديا، بسبب تنظيمها الواضح وتمويلها الباذخ.

كما ينشط عشرات النواب، ومن خلال مكاتبهم الخاصة التي تنشر صورهم على مواقع التواصل الاجتماعي، وهم يشرفون على مشاريع التأهيل والخدمات وغيرها، خاصة إكساء الشوارع بمادة «السبيس»، وهي الرمل الذي يوضع قبل التبليط، تمهيداً لمرحلة أخرى.

ويرى الناشط والمراقب الدائم للانتخابات إيهاب المعموري، أن «الانتخابات الحالية فرضت شروطها وبقوة على الحملات والمرشحين، وساهمت في إنفاق المزيد من المال على الحملات دون رقابة أو حساب من المفوضية التي يفترض أنها تراقب هذا العمل، لكن المأزق الحقيقي هو أن المفوضية لا تقوم بعملها وتتخلي عن مسؤوليتها، فهي لغاية الآن لم تحاسب أحداً عن تلك الحملات، وليس لديها فرقاً مختصة بالرصد ومتابعة الحملات التي يقوم بها المرشحون، وهي مخالفة صريحة للقوانين».

 وأضاف المعموري في تصريح  أن «أحد أهداف التحول نحو القانون الانتخابي الجديد من قبل ساحات الاحتجاجات والنشطاء الذين طالبوا به، هو تقليل كلف الحملات الانتخابية لصغر الدائرة الانتخابية وإمكانية تغطيتها من قبل المرشح، لكننا نرى ذلك انعكس سلباً بشكل واضح، حيث أنفق العديد من المرشحين لغاية الآن آلاف الدولارات في مسعى لزيادة شعبيتهم داخل دوائرهم وتعزيز رصيدهم الانتخابي، وهذا مخالف لكل الأنظمة والقوانين، وعلى المفوضية التدخل».

ومثّل التصويت المحلي أو المدفوع بالمال السياسي، أحد مظاهر الانتخابات في العراق خلال السنوات الماضية، حيث ينشط النواب قبل الانتخابات من خلال توزيع المساعدات المالية وإجراء بطولات رياضية لاستقطاب شريحة الشباب، فضلاً عن افتتاح مشاريع خيرية تكون غالبا مؤقتة.

في الواجهة الأخرى، كانت الموائد الانتخابية حاضرة في مختلف الانتخابات البرلمانية العراقية السابقة، إلا أنها تأخذ طابعاً مكثفاً راهناً بسبب قانون الانتخاب الجديد.

فالقانون الانتخابي العراقي كان في بداياته يعتبر العراق دائرة انتخابية واحدة، وتالياً فإن أدوار الأحزاب وخطابها السياسي الكلي والهويات الأهلية المذهبية والقومية هي التي كانت تُستخدم خلال تلك الحملات.

لكنها حُجمت بالتقادم لتعتبر المحافظة دائرة انتخابية، وأخيراً ليكون القضاء أو بعض الأحياء من المدن الكبرى هي الدائرة الانتخابية التي تُصعد المُرشح الانتخابي، وتالياً فإن الدعايات الانتخابية تأخذ طابعاً محلياً للغاية.

 ويقول مختصون إن القوانين العراقية لم تحدد سقفاً واضحا للحملات الانتخابية، كما تفتقر القوانين الخاصة بالانتخابات إلى فقرة تحدد ذلك، وهو ما يجعل الكتل السياسية البارزة تنفق أموالاً طائلة على دعايتها، فيما تقف الأحزاب الجديدة عاجزة أمام هذا التدفق الكبير للمال السياسي المتحصل غالبا من استغلال موارد الدولة، والاعتماد على إمكانياتها.

 المراقبون العراقيون للمشهد الانتخابي ذكروا بأن هذا الشكل من الحملات هو من أكثر أشكال الدعاية القادرة على النفاذ من مراقبة المفوضية العليا للانتخابات، سواء من ناحية ما يُطرح فيها من خطابات، أو مصاريف، وحيث أن المفوضية نفسها اعترفت بأن الانتخابات السابقة قد كلفت أكثر من خمسة مليارات دولار، لم يُرصد منها إلا القليل جداً.

الناشط والباحث السياسي وائل الشمري، أكد أن «المرشحين يحاكون الواقع العراقي، فالتدهور الحاصل في البنى التحتية وغياب الشفافية وانعدام النزاهة وتفشي الرشاوى والابتزاز والمحسوبية وانعدام الحكم الرشيد، ينعكس بشكل سريع على كل مفاصل العملية السياسية، وهذا ما نشاهده واضحاً في الموسم الانتخابي الذي يرقص على جراح المعوزين والفقراء».

وأضاف الشمري ، أن «البرلمان المقبل سيكون متشكلاً من مرشحين فاز أغلبهم بالاحتيال السياسي وخداع الجمهور والإنفاق بشكل مهول، وربما بعض تلك الأموال حصل عليها بشكل غير شرعي أو مخالف للقوانين، وهو مايجعلنا أمام مشهد سياسي قاتم».

 

باس نیوز

Top