• Sunday, 22 December 2024
logo

بينها اللغة الكوردية.. العالم مهدد باندثار لغاته أمام العولمة وبطش الانكليزية

بينها اللغة الكوردية.. العالم مهدد باندثار لغاته أمام العولمة وبطش الانكليزية
اللغة كما هو معروف هي بمثابة الحامل لميراث الشعوب وتقاليدها وعاداتها، والتي من خلالها تعبر الشعوب عن هويتها، فإذا توالى انقراض اللغات، تخسر البشرية أحد أهم العناصر المميزة للشعوب وتنوعها.

واليوم العالمي للغة الأم الذي يحل موعده سنوياً في 21 شباط يشكل مناسبة لدق ناقوس الخطر ازاء مئات اللغات المهددة بالاندثار، واستذكار لغات انقرضت بالفعل على مر السنين والقرون، ورسم صورة لعوامل الخطر التي تهدد بفنائها والتي من أبرزها العولمة وتأثيراتها.

وتكاد لا تخلو منطقة في انحاء العالم من لغة او لغات مهددة بالانقراض، من أفريقيا الى آسيا، ومن أوروبا الى الأميركيتين، وصولا الى استراليا.

والمسألة ليست مجرد مخاوف، فهناك لغات عديدة انقرضت بالفعل، من بينها القوطية والشونا وليميرج وليكي وتانيما وتاوشيرو وكيسكانا والدومي والهيروغليفية التي كان المصريون القدماء يستخدمونها.

وهناك ايضا لغات على طريق الاندثار الكامل، ولم يعد يتحدث بها سوى شخص او عدة اشخاص. ويقول الخبراء وتقارير الأمم المتحدة التي تحتفل باليوم العالمي للغة الأم، ان من بين الأسباب التي أدت وتؤدي الى انقراض لغات، الحروب على مر التاريخ التي ربما تكون أبادت شعوب وقبائل بأكملها، او حدوث هجرات جماعية قسرية بسبب النزاعات او الكوارث.

لكن من بين الأسباب الرئيسية لانقراض لغات في العقود القليلة الماضية، هيمنة اللغة الانكليزية في مختلف المجتمعات والبيئات البشرية في المدارس والجامعات والابحاث والعلوم وحتى في وسائل الاعلام الحديثة "النيوميديا" والانترنت والفضائيات.

ويرصد الباحثون ايضا ان من بين الاسباب تعزيز مكانة المدن الحضرية على حساب المناطق الريفية والنائية التي كان من مظاهرها هجرة ابناء المجتمعات القبلية والمحلية، وانخراطهم في دورة حياة اكثر مدنية وعولمة، بعيدا عن ثقافتهم ولغاتهم الخاصة.

وبحسب منظمة الامم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، يؤكد شعار اليوم الدولي للغة الأم للعام 2021، وهو "تعزيز التعدد اللغوي من أجل التعليم الشامل والاندماج في المجتمع"، بأهميّة اللغات والتعدد اللغوي للدفع بعجلة الاندماج والمضي قدماً نحو بلوغ المبدأ الأساسي الذي تقوم عليه أهداف التنمية المستدامة، ألا وهو عدم إغفال أي أحد.

وتؤمن اليونسكو بأنّه يجب استهلال التعليم باللغة الأولى أو باللغة الأم منذ سنوات الطفولة المبكرة كون الرعاية والتعليم في هذه المرحلة يكفلان إرساء أسس التعلّم.

وتشير تقديرات الامم المتحدة الى ان ما لا يقل من 43 %من اللغات المحكية حاليا في العالم والبالغ عددها 6 الاف لغة معرضة للاندثار.أما اللغات التي تعطى لها بالفعل أهمية في نظام التعليم والملك العام فلا يزيد عددها عن بضع مئات، ويقل المستخدم منها في العالم الرقمي عن مئة لغة.

وتصدر اليونسكو ما يسمى ب "الكتاب الأحمر" للغات المهددة بالانقراض ويجمع قائمة شاملة للغات العالم التي تواجه حاليا خطر الانقراض. وقد تم استبداله بما يسمى أطلس اليونسكو للغات العالم المهددة.

وتتوقع المنظمة الدولية ان أكثر من نصف لغات الكوكب ستنقرض بحلول نهاية القرن الحالي. وبحسب دراسات اليونسكو، فانه كل أسبوعين هناك لغة تنقرض، وهذا يعني أن حوالى 25 لغة تنقرض سنوياً، وإذا استمرّ الحال ستؤدي إلى اختفاء 90 في المئة من اللغات المهدّدة أو التي تعاني من خطر الانقراض.

ومن بين اللغات المهددة بالانقراض الكوردية الكَورانية، وهي إحدى اللهجات التي يتكلمها الكورد خصوصا في منطقة جبال هورامان بين العراق وإيران. وتنتشر في مدن مثل مريوان في إيران وحلبجة وكركوك وصولاً إلى بردرش في إقليم كوردستان.

وهناك ايضا لغة نفوسي التي تنتمي الى اللغات الأفريقية الآسيوية وتُعدّ لغة أمازيغية قديمة يتحدّث بها عدد قليل جدا من سكّان غربي ليبيا وجنوبي تونس.

وفي البيرو هناك لغة ريسيجارو المهددة بالانقراض تماما، اذ انه في العام 2016 قُتلت روزا أندرادي أوكاجان التي كانت آخر امرأة تتحدث هذه اللغة الأمازونية النادرة في البيرو عن عمر 67 عاماً. وصار شقيقها بابلو آخر المتحدثين المعروفين بلغة ريسيجارو حالياً، مما جعلها واحدة من أكثر اللغات المهدّدة بالانقراض. وتعمل وزارة الثقافة في البيرو مع المتحدث الأخير للغة على إعداد قاموس وكتاب قواعد للغة التي لا يستطيع بابلو التحدث بها مع أي إنسان حول العالم.

وهناك ايضا لغة تشوليم التركية، ويسمي سكاّن قرى سيبيريا الشعبية أنفسهم باسم لغتهم، وتمّ سحب الاعتراف بهم كمجموعة عرقية من قبل الحكومة السوفياتية في العام 1959، ثمّ استعادوا الاعتراف بهم عام 1999. وبحسب احصاء روسي في العام 2010، لم يكن يوجد سوى 44 متحدثا بهذه اللغة.

وبالاضافة الى ذلك، هناك لغة مودبورا التي ستخدمها السكان الأصليون للاقليم الشمالي في استراليا. وفي العام 2006، لم يكن هناك سوى 47 شخصا يستخدمونها، ولكن وفق احصاء العام 2016، ارتفع العدد الى 92، ومع ذلك يدرجها هذا الوضع ضمن اللغات المهددة.

وهناك لغة ربما تكون اندثرت بالفعل الان، ففي العام 2011، يعتقد انه كان هناك شخص واحد يستخدم لغة باتوين التي كان يستخدمها السكان الاصليون في ولاية كاليفورنيا.

وبالاضافة الى ذلك، تتلاشى اللغة التي يستخدمها السكان الاصليون في جزيرة هوكايدو اليابانية ولا يستخدمها الان سوى 20 متحدثا "اصليا". اما لغة شيمن هويفي التي كان السكان الاصليون يتحدثون بها قبل وصول المستوطنين الأوروبيين، فقد كان مئات فقط يستخدمونها، والان هناك 20 متحدثا بها فقط.

يذكر ان فكرة اليوم الدولي للغة الأم ولدت بعد نضال اهل بنغلادش لنيل الاعتراف بلغتهم الام في خمسينيات القرن الماضي. لكن بدأ الاحتفال عالميا بيوم اللغة الام في سنة 2000.

وجاءت موافقة اليونسكو على تخصيص يوم عالمي للاحتفال باللغة، لايمانها بأهمية التنوع الثقافي واللغوي لبناء مجتمعات مستدامة، ولأنها تعمل من أجل السلام وغايتها أيضا الحفاظ على اختلاف الثقافات واللغات بغية تعزيز التسامح واحترام الغير. وتعتبر اليونسكو إن اللغات هي الأدوات الأقوى التي تحفظ وتطور تراثنا الملموس وغير الملموس.

واللغات، هي بمعنى آخر حافظة للهويات والتاريخ والثقافات المتنوعة. هي ركن أساسي في مسيرة البشرية واستمرارها.






شفق نيوز
Top