تعهدات بمحاسبة الجناة .. هجوم أربيل اختبار لادارة بايدن وإحراج لحكومة الكاظمي
وتتهم واشنطن فصائل شيعية مرتبطة بطهران بالوقوف وراء هكذا هجمات التي تتكرر منذ أشهر طويلة وتستهدف سفارتها وقواتها المنتشرة في أرجاء العراق ، فيما هذه المرة الثانية التي يتم فيها استهداف مطار أربيل الدولي خلال اقل من عام وبالآلية نفسها أي صواريخ كاتيوشا يتم اطلاقها من على متن عربات .
وسعت الإدارة الجديدة إلى احتواء تداعيات الهجوم ، إذ وفيما عبر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكين عن "غضب" واشنطن لكنه اكتفى بالتوصية بتحقيق مشترك بين السلطات المركزية في بغداد وسلطات إقليم كوردستان متعهداً بدعم بدعمه له ، في وقت قارن مراقبون الحادث بآخر جرى خلال ولاية دونالد ترامب وردت عليه واشنطن بقصف واسع لميليشيات عراقية موالية لطهران ، الأمر الذي دفع الأخيرة إلى التظاهر أمام السفارة الأميركية في بغداد، وتبع ذلك تصفية الجنرال الإيراني قاسم سليماني وأبومهدي المهندس.
وكان لافتاً في هذا السياق تبنّي مجموعة مجهولة تسمي نفسها «سرايا أولياء الدم» الهجوم في بيان تناقلته منصات تابعة للميليشيات الموالية لطهران.
من ناحية أخرى، رأى خبراء عراقيون أن الهجوم يضع رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي في موقف حرج ، خصوصاً أنه تعهد أكثر من مرة بالعمل على وقف الهجمات الصاروخية التي تستهدف قوات التحالف الدولي والبعثات الدبلوماسية في البلاد من جانب فصائل مسلحة «شيعية» تعمل خارج سلطة الدولة.
وفي وقت سلط الاعتداء الضوء على دور طهران التي تخوض تصعيداً حول برنامجها النووي وأنشطتها في المنطقة مع إدارة بايدن، تبرأت طهران من أي صلة لها بالهجوم . وقالت وزارة الخارجية إن «الجهود لتحميل طهران مسؤولية استهداف مطار أربيل مثيرة للشك، ومدانة بشدة» وفق قول المتحدث باسمها .
إلى ذلك، استهدفت الصواريخ للمرة الأولى مناطق سكنية تضم قنصليات فلسطين ومصر والصين محاذية لمطار أربيل وجزئه العسكري المخصص كقاعدة للجيش الأميركي في مهمة انتشاره منذ الحرب ضد تنظيم داعش عام 2014.
واكتسبت الهجمات حساسية أكبر لأنها تأتي قبيل زيارة مقررة لبابا الفاتيكان للعراق حيث سيخصص فقرات مهمة لكنائس أربيل ونينوى قريباً من المناطق التي انطلقت منها الصواريخ أو وقعت فيها. وبحسب الأوساط السياسية فإن الرشقات الصاروخية جاءت في توقيت صعب.
فهناك إلى الشمال من أربيل بقليل مواجهات مفتوحة بين حزب العمال التركي PKK والجيش التركي ، وتهديدات باجتياح منطقة شنگال التي تتواجد فيها ميليشيات الحشد ومسلحي الحزب الكوردي التركي . وهناك توتر متصاعد سياسياً بين حكومة مصطفى الكاظمي في بغداد التي تشهد حرب كاتيوشا أخرى بين الحين والآخر، تستهدف مقرات الحكومة والسفارات في قلب العاصمة.
كما تشهد البصرة ، في أقصى الجنوب ، مواجهة مفتوحة ، أدت إلى اعتقال خلية عرفت بـ"فرقة الموت" موالية لإيران أيضاً ، بعد تصاعد في استهدافها للناشطين، وتكرُّر حوادث القتل والقرصنة ، ونشر الألغام البحرية، خلال أسابيع، عند شواطئ الفاو والزبير.
والأهم من كل ذلك، أن توسيع نطاق هجمات الكاتيوشا، من بغداد إلى إقليم كوردستان، المصنفة كواحة هادئة وسط خرائط الحرب ، يعني أن الفصائل المقربة من إيران تنفذ تهديدات سابقة بمطاردة مصالح واشنطن في كل شبر من البلاد. ويؤدي هذا الهجوم إلى خرق لهدنة شبه معلنة بين حلفاء طهران وحكومة بغداد بوساطة الأمم المتحدة، حافظت على بعض الهدوء منذ بداية الشتاء ، وكانت تتم تحت شعار أن من الضروري تجنب إثارة الغضب الأميركي خلال الأيام الأخيرة من ولاية الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب.
أما اليوم ، فتسود حالة من الشك وعدم اليقين إزاء نوايا الرئيس الجديد جو بايدن، الذي يبدو غير مستعجل لتغيير سياسات ترامب، خصوصاً فيما يتعلق بالعقوبات القاتلة ضد طهران ، في حين ينفد صبر الحرس الثوري المتعجل لتنازلات أميركية ، والاستعجال يؤدي إلى تكرار الهجمات بالعبوات والصواريخ بين الحين والآخر.
ويريد حلفاء إيران ترجمة عهد بايدن إلى انسحاب من العراق ، يترك البلاد مساحة لنفوذهم، ويتيح إخضاع حكومة مصطفى الكاظمي، بينما تريد بغداد أن يكون أي حوار بين واشنطن وطهران مشروطاً بحماية وفهم التحولات ، التي شهدتها السياسة العراقية منذ اندلاع احتجاجات أكتوبر الواسعة قبل أكثر من عام ، التي كانت مواجهة شعبية مع نفوذ إيران حظيت باهتمام دولي واسع ، إلى درجة جعلت بغداد ومرجعية النجف الدينية تطلقان مباحثات مع مجلس الأمن الدولي لحماية انتخابات العراق المقبلة بقرارات استثنائية تنفذها الأمم المتحدة.
لكن هجوم أربيل لن تمر مرور الكرام كما يقال ، وقد اظهر الهجوم حجم الدعم والمساندة من جانب المجتمع الدولي لإقليم كوردستان ، الذي اثبت طوال السنوات الماضية انه عامل استقرار في المنطقة ، وواحة للامن والتعايش السلمي في منطقة غارقة في العنف والمشاكل الطائفية والعرقية .
ووعدت خمس دول كبرى من بينها الولايات المتحدة الامريكية ، الاربعاء ، بعدم التسامح مع القصف الصاروخي على مدينة أربيل وفق ما جاء في بيان مشترك صدر من وزراء خارجية الولايات المتحدة أنتوني بلينكن، والفرنسي جان إيف لودريان، والألماني هايكو ماس، والإيطالي لويجي دي مايو، والبريطاني دومينيك راب عقب القصف مساء أول أمس الاثنين.
وقال الوزراء الخمسة في البيان "ندين وبأشد العبارات الهجوم الصاروخي في الـ 15 من شباط على إقليم كوردستان العراق. نتقدم بتعازينا للضحايا وأُسَرِهم وللشعب العراقي".
هجوم اربيلمضيفاً "ستدعم حكوماتُنا تحقيق الحكومة العراقية في الهجوم بهدف محاسبة المسؤولين عنه".
وتوعد الوزراء بالقول "نحن متحدون في رأينا أنه لن يتم التسامح مع الهجمات على الأفراد والمرافق التابعة للولايات المتحدة والتحالف".
بالتزامن ، قال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) ينس ستولتنبرغ ، ان الحلف سيوسع نطاق مهمّة التدريب التي يقوم بها في العراق، بحيث يعمل عدد أكبر من جنود الحلف في المزيد من المؤسسات الأمنية بجميع أنحاء العراق.
واضاف ستولتنبرغ أن الحلف سيوسع المهمة تدريجيا "نظرا للوضع".
وبحسب دبلوماسيين غربيين فإن العدد سيرتفع من 500 جنديّ إلى نحو 4000 أو 5000، وقد يترتّب على تلك الخطوة ترسيخ دور أكبر للحلف في الشرق الأوسط.
هذا فيما كشف مصدر سياسي مطلع في العاصمة العراقية بغداد، اليوم الخميس ، عن وجود تحرك سياسي بهدف إيجاد اتفاق بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كوردستان على تدويل ملف قصف محافظة أربيل من قبل الميليشيات ليكون للمجتمع الدولي دور كبير بهذا الملف.
وأوضح المصدر، ان " هدف تدويل استهداف محافظة أربيل هو تشكيل تحالف دولي لمواجهة الميليشيات وانهاء الخطر الذي تشكله على امن واستقرار العراق وامن البعثات الاجنبية والمصالح الدولية فيه وكذلك الحفاظ على استقرار المنطقة بشكل عام وحفظ الامن فيها من خلال وضع حد للنفوذ والسيطرة الإيرانية ودعم طهران لهذه الميليشيات " .
وأوضح المصدر ، بان " التحالف الدولي لمواجهة الميليشيات الإيرانية سيكون شبيه بالتحالف الدولي الذي شُكّل لمواجهة تنظيم داعش الإرهابي " ، مردفاً بالقول ان " من المتوقع ان يتحرك هذا التحالف بقوة لفرض عقوبات اقتصادية على الميليشيات وقطع مصادر تمويلها قبل الانتقال الى جانب الاستهداف العسكري".
من جانبه ، شدد الباحث بمعهد واشنطن مايكل نايتس، على ضرورة أن تجد الإدارة الجديدة بسرعة صيغتها الخاصة بالرد والردع.
ويقول نايتس: «تواجه إدارة بايدن الآن المهمة الصعبة المتمثلة في صياغة رد محسوب لكنه حازم ، ويجب أن تتخذ بعض القرارات الرئيسية حول كيفية ردع مثل هذه الهجمات على الأميركيين وشركاء الولايات المتحدة في المستقبل».
وبينما ازدادت الاتهامات المباشرة إلى ميليشيات الحشد الشعبي بوقوفه خلف الهجوم الصاروخي ، أشار نايتس إلى " تسلسل التغطية الإعلامية للهجوم عبر حساب مجموعة سرايا أولياء الدم التي تبنت الهجوم، على تطبيق تلغرام ، وعلاقاتها الواضحة بميليشيا واحدة على الأقل مدعومة من إيران، وهي عصائب أهل الحق".
ويؤكد الباحث العراقي في الشأن السياسي عقيل عباس ، بان استهداف القوات الامريكية في محافظة أربيل عاصمة إقليم كوردستان ، لم تنفذه جماعة مسلحة صغيرة ، بل ان هجوماً بهذا الحجم يحتاج الى موافقات ودعم من قبل جهات عليا وكبيرة ضمن المجاميع المسلحة وهو يأتي ضمن اطار رسالة إيرانية الى أمريكا.
وأوضح عباس ، ان "عملية القصف تمثل رسالة اختبار لامريكا وهي تهدف لتحريك المفاوضات بينها وبين ايران لكون بقاء الحال ماهو عليه الان مضر جداً لإيران كونها تحت العقوبات الامريكية التي فرضتها إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب ما يعني ان الوقت ليس في صالحها " ، مردفاً " بينما أمريكا لا تتأثر بهذه العقوبات وان استمرت لفترة أطول ".
في الاطار ، كشف مصدر سياسي مطلع في العاصمة العراقية بغداد، اليوم الخميس، عن وجود تحرك سياسي بهدف إيجاد اتفاق بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كوردستان على تدويل ملف قصف محافظة أربيل من قبل الميليشيات ليكون للمجتمع الدولي دور كبير بهذا الملف.
وأوضح المصدر ان " هدف تدويل استهداف محافظة أربيل هو تشكيل تحالف دولي لمواجهة الميليشيات وانهاء الخطر الذي تشكله على امن واستقرار العراق وامن البعثات الاجنبية والمصالح الدولية فيه وكذلك الحفاظ على استقرار المنطقة بشكل عام وحفظ الامن فيها من خلال وضع حد للنفوذ والسيطرة الإيرانية ودعم طهران لهذه الميليشيات " .
وأوضح المصدر ، بان " التحالف الدولي لمواجهة الميليشيات الإيرانية سيكون شبيه بالتحالف الدولي الذي شُكّل لمواجهة تنظيم داعش الإرهابي " ، مردفاً بالقول ان " من المتوقع ان يتحرك هذا التحالف بقوة لفرض عقوبات اقتصادية على الميليشيات وقطع مصادر تمويلها قبل الانتقال الى جانب الاستهداف العسكري".
باسنيوز