قيادي كوردي: تواجد PKK في غربي كوردستان يعرقل الحوار الكوردي وله تداعيات خطيرة على القضية الكوردية
وقال فرمان محمود، عضو المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكوردي في سوريا (البارتي)، في حديث إن «تواجد PKK في سوريا وتحكمه بجميع مفاصل الحياة السياسية والعسكرية والإدارية في المناطق الكوردية لا يؤثر فقط بشكل سلبي، بل ستكون له تداعيات خطيرة في المستقبل على القضية الكوردية ومستقبل الشعب الكوردي في سوريا».
وأردف السياسي الكوردي قائلاً: «استمرار تواجد PKK لا يعرقل فقط الحوار الكوردي الكوردي، وإنما يؤثر سلباً على الكثير من الجوانب، من جهة جعل المناطق الكوردية مناطق غير مستقرة ومهددة على الدوام، والإساءة إلى العلاقة بين المكونات، ومصادرة القرار السياسي للشعب الكوردي في سوريا في ظل هيمنته العسكرية على الأرض، وشيطنة أي قوة تعارض توجهاته».
وبخصوص الحوارات الكوردية السورية، قال محمود إن: « الحوار الكوردي الكوردي لم يكن نتيجة حدوث تغييرات كبيرة على الساحة الكوردية وحصول تقارب في الرؤى، بقدر ما كان لأسباب ذاتية خاصة بكلا طرفي الحوار».
وأوضح أن «هزيمة تنظيم داعش خلق وضعاً جديداً في غربي كوردستان، كاستحقاقات ما بعد حرب داعش من قبيل ضرورة بناء إدارة جديدة تشارك فيها كافة القوى السياسية والفعاليات المجتمعية وفك الارتباط مع PKK، حيث تم غض النظر عنه من قبل المجتمع الدولي خلال الحرب على داعش، هذا من جانب، ومن جانب آخر تغير طبيعة الصراع وخسارة الإدارة الذاتية لعفرين وكري سبي (تل أبيض) وسري كانيه (رأس العين)، وتهديد تركيا المستمر باجتياح بقية المناطق، كلها أسباب تتعلق بدعوة حزب الاتحاد الديمقراطي PYD لهذا الحوار».
وتابع محمود، أن «ENKS بدوره كانت له أسبابه الذاتية أيضاً، فقبل بدء المفاوضات كانت شعبية المجلس قد وصلت إلى حد لا يحسد عليه، فضلاً عن عجز المجلس وعدم قدرته على عقد مؤتمره وإجراء مراجعة شاملة لمسيرته وتفعيل مؤسساته، ووضع الآليات لبناء مؤسسات ذات ثقة بين صفوف جماهيره، كلها عوامل فرضت على المجلس القبول بالدخول في الحوار»، وفق قوله.
وأردف بالقول: «أما إيهام الرأي العام بوجود إرادة أمريكية لإنجاز اتفاق كوردي، فهذا مرده إلى تفسير خاطئ للعلاقة مع الجانب الأمريكي الذي لا يرى الكورد سوى شريكاً محلياً يمكن الاستناد عليه لتحقيق أهداف محددة من قبيل منع تنظيم داعش من العودة وقطع الطريق أمام إيران لاستكمال بناء هلالها الشيعي، وإبقاء أمريكا دولة مؤثرة وفاعلة في الملف السوري».
ولفت محمود إلى أن «التناقضات بين الطرفين عميقة وكبيرة وجوهرية، ولا يمكن القفز عليها عبر تصريحات غير موضوعية ليست لها وظيفة سوى ضخ جرعات من الأمل الزائف بين الجماهير التي باتت تدرك جيداً بأن إحدى ثمار الحوار الكوردي الكوردي كان استمرار المهاترات بين طرفي الحوار وحرق مقرات الأحزاب والمعاهد».
وبشأن الصراع في سوريا، قال محمود: «إنه معقد للغاية، نتيجة وجود العديد من الصراعات الثنائية أحياناً والمركبة تارة أخرى، هذه الصراعات المتناقضة في معظمها لا تزال تجعل حل الأزمة السورية في المستقبل القريب أمراً صعباً وربما مستبعداً، خاصة وإننا ندرك بأن سوريا صُممت لعائلة الأسد طيلة نصف قرن عبر شبكة أمنية يصعب تفكيكها أو إزاحتها عبر عملية تفاوضية تفضي بخروج الأسد من السلطة، فقبول النظام بالعملية التفاوضية لا يعني بأنه مهتم بمستقبل سوريا أو سيقدم تنازلات لتحقيق ذلك».
وزاد قائلاً: «بل غاية النظام الحقيقية هي كسب المزيد من الوقت للوصول إلى الانتخابات الرئاسية القادمة عبر تمييع عمل اللجنة الدستورية وإغراقها في التفاصيل، لذلك حتى المراهنة على نجاح عمل اللجنة الدستورية قد يكون إفراطا في جرعة التفاؤل، ففي بلد قتل فيه أكثر من مليوني شخص وشرد نصفه ويقبع الآلاف من بناته وأبنائه في المعتقلات، فضلاً عن نسيج اجتماعي ممزق أفقيا وشاقولياً، لا يمكن بسهولة إيجاد الحلول المناسبة والواقعية، وكان توصيف وزير خارجية ألمانيا السابق فرانك فالتر شتاينماير دقيقاً، حيث وصف معضلة الحل في سوريا بأنه: (لا حل في سوريا بدون الأسد ومع ذلك لا مستقبل لسوريا مع الأسد)».
وذكر محمود، أن «مستقبل سوريا وشعوبها سيكون رهن التوافق بين القوى العظمى ومدى جدية الإدارة الأمريكية الجديدة في إنهاء معاناة الشعب السوري باعتماد أساليب أكثر فعالية وعدم الاكتفاء بالعقوبات الاقتصادية عبر قانون قيصر، والضغط على روسيا لتأجيل الانتخابات الرئاسية حتى انتهاء عمل اللجنة الدستورية، وصياغة دستور جديد، وتوفير بيئة آمنة ومحايدة لانتخابات نزيهة وشفافة وبرعاية دولية، بالتوازي مع تحديد سقف زمني لعمل اللجنة وإعادة التنسيق مع الدول المجاورة لسوريا من أجل حصار النظام اقتصاديا، كلها أدوات ربما ستساعد في إنهاء مأساة الشعب السوري التي لن تنتهي إلا ببناء سوريا جديدة ديمقراطية تعددية».
ورأى فرمان محمود في ختام حديثه، أن «مستقبل الشعب الكوردي في سوريا مرتبط بشكل وثيق بمستقبل البلاد ككل وشكل سوريا الجديدة تحديداً، أما الدعوات للفصل بين القضيتين عبر إطلاق شعارات قومية وعاطفية، فليس لها أي مكان في السياسة الواقعية ولن تؤدي سوى إلى المزيد من الويلات والهزائم، وهذا لا ينفي عقم السياسية الكوردية أحياناً ودورانها في ذات المكان وعدم امتلاكها لرؤية سياسية متكاملة ومستقلة بها يضمن خصوصيتها وانسجامها مع التطلعات السياسية للقوى الوطنية الديمقراطية السورية».
باسنيوز