• Sunday, 22 December 2024
logo

لماذا صور سليماني في الموصل؟

لماذا صور سليماني في الموصل؟
رسالة «استفزازية» توجهها الميليشيات القريبة من إيران من خلال رفع صور كبيرة في الشوارع لقائد فيلق القدس السابق قاسم سليماني ونائب زعيم ميليشيا الحشد أبو مهدي المهندس، ذلك ما يراه سكان مدينة الموصل (مركز محافظة نينوى) شمالي العراق.

وأكدت شهادات لمواطنين موصليين وجود رفض شعبي واسع لرفع صور قائد إيراني في شوارع المدينة، التي طالما عرفت بموقفها الرافض للتدخلات الإيرانية في العراق.

يقول محسن الحمداني، أحد سكنة حي الضباط في جانب الموصل الأيسر، إن تعليق صور سليماني فيه «رسائل للأهالي تفيد بأن الحاكم الفعلي في نينوى هي الميليشيات التابعة لإيران».

وأضاف الحمداني في حديث ، أن «أهالي المدن الجنوبية التي كانت إيران تعول على أنها قاعدتها في العراق، رفضوا التواجد الإيراني وحرقوا لأكثر من مرة مقرات البعثات الدبلوماسية لها في النجف والبصرة»، مبيناً أن «تلك الميليشيات لجأت لنشر صور سليماني في الموصل لأنها تستطيع توجيه تهمة الإرهاب على أي معارض لتلك الأنشطة، على اعتبار أن تهمة الإرهاب هي تهمة جاهزة يمكن من خلالها استهداف أي من أهالي المناطق المحررة ومنها نينوى».

المشكلة بدأت عندما علق عناصر في ميليشيات معروفة بولائها لإيران، خاصة ‹العصائب› بزعامة قيس الخزعلي وحشد الشبك، صوراً لقاسم سليماني وأبو مهدي المهندس في الشوارع والطرق، ومنها الطريق الممتد بين حي المالية إلى منطقة كوكجلي، ومن منطقة كوكجلي إلى سيطرة الشهيد سبهان مدخل المدينة الشرقي باتجاه مدينة أربيل في إقليم كوردستان، إضافة إلى الشارع الرئيسي في ناحية برطلة الخاضعة لنفوذ ميليشيات الحشد الشعبي (لواء 30)، إضافة للشارع الممتد من سيطرة بادوش حيث المدخل الغربي للموصل مروراً إلى منطقة الإصلاح الزراعي في جانب المدينة الأيمن.

عقب ذلك أحرق أحد المواطنين صوراً لسليماني والمهندس في منطقة الإصلاح الزراعي، قرب جامع العبادي.

وتداول ناشطون مقطعاً مصوراً يظهر فيه أحد المواطنين وهو يقوم بحرق صور، قيل إنها لسليماني والمهندس في الموصل.

وعقب الحادثة، شنت قوة تابعة لميليشيا الحشد حملة اعتقالات لمواطنين على خلفية حرق الصور.

أن قوة من العصائب اعتقلت 3 مواطنين وقامت باحتجازهم وتعذيبهم قبل أن تطلق سراح إثنين منهما وتبقي على الثالث قيد الاحتجاز لغاية الآن.

وقالت المصادر، إن «أحد الموقوفين واسمه محمد جمال وهو من سكنة حي الإصلاح الزراعي تعرض لتعذيب شديد من قبل ميليشيا العصائب، ما تسبب بكسور في قدميه ويده، وذلك بعد اتهامه بحرق صور سليماني والمهندس».

الباحث في الشأن العراقي مجاهد الطائي وصف ما جرى بأنها محاولات استفزاز متعمدة تقوم بها الميليشيات المنخرطة في الحشد تجاه أهالي المناطق المحررة، ومنها الموصل.

وقال الطائي إن «رفع صور سليماني والمهندس يمثل استفزازاً واضحا لأهالي المدن المحررة، التي دمرت بنهج (التدمير عبر التحرير) من قبل الميليشيات التابعة لإيران».

وحذر الطائي من أن «تلك الممارسات من شأنها إثارة الفتنة الطائفية وعدم الاستقرار»، مبيناً أن «الميليشيات تسعى لخلق بيئة غير مستقرة في المدن المحررة على اعتبار أن ذلك يمثل بيئة خصبة لها ولفسادها ومواصلة سلطتها وخروجها على القانون والدولة».

وأوضح الباحث الموصلي، أن «ممارسات الحشود تعتبر بمثابة سعي لكسر أي إرادة في المدن المنكوبة تطالب برحيل الميليشيات عن المدن»، لافتاً إلى أن «ما يسمى محور المقاومة يهدف لتغيير صور الإرهابيين وتحويلهم إلى أبطال من خلال تضليل الرأي العام».

وأشار إلى أن «مشهد انتشار صور سليماني والمهندس يعكس حقيقة ضعف الدولة والسلطة والقانون وغياب التمثيل الحقيقي للمدن المحررة».

وعلى عكس ما تحاول الميليشيات ترويجه عن إظهار سليماني بأنه «قائد النصر على داعش»، فقد اتهم الناشط السياسي الموصلي غانم العابد إيران وحرسها الثوري وحزب الدعوة متمثلة بحكومة نوري المالكي بتسليم الموصل لداعش عام 2014.

وقال العابد في حديث إن «رفع صور سليماني ما هو إلا استفزاز لأبناء نينوى وتسويق لأمور لا حقيقة لها عن دور سليماني في طرد داعش».

وأضاف أن «ما تروج له الميليشيات هو خلاف الحقيقية، ففي الواقع فإن مؤامرة إيران وحزب الدعوة هي التي سلمت الموصل لداعش، ويظهر ذلك بوضوح من خلال محاولات حجب الحقيقة عن الرأي العام العراقي عن كيفية سيطرة داعش على الموصل وعدم إعلان نتائج سقوط الموصل».

وأوضح العابد، أن «تصوير الميليشيات لسليماني على أنه بطل التحرير يخالف الحقيقة من جهة أخرى، فماذا كانت تعمل القوات العراقية من قوات مكافحة الإرهاب والجيش وغيرها، فضلاً عن التحالف الدولي المكون من 80 دولة؟!».

أما المحلل الاستراتيجي حاتم الفلاحي، فيرى أن الموضوع، وإضافة لكونه استفزازاً، فانه يأتي ضمن مخطط الاستهداف العقائدي للمناطق التي استعيدت من داعش.

وقال الفلاحي إن «رفع الصور التابعة لسليماني والمهندس في نينوى ممارسات استفزازية من قبل الحشد الشعبي، وتأتي ضمن سياسة عامة تحاول فرض الأمر الواقع الذي يستند على التغيير الديموغرافي في العديد من المناطق ومنها جرف الصخر وحزام بغداد وعزيز بلد ومحيط سامراء وجنوب تكريت وديالى والموصل».

وأضاف أن «تلك الأنشطة تمثل استهدافاً عقائدياً لهذه المناطق وتعكس سطوة تفرضها الميليشيات على أبناء المناطق المنكوبة».

ووجد محافظ نينوى الأسبق أثيل النجيفي، أن حادثة حرق صور سليماني تندرج ضمن الرفض الشعبي في الموصل للتواجد الإيراني في العراق.

وقال في منشور على ‹فيس بوك›، إن «أهالي الموصل تحمسوا كثيراً لاقامة تمثال عبد الوهاب الساعدي قائد جهاز مكافحة الإرهاب امتنانا لجهوده في طرد داعش من مدينتهم، ولكن صور قاسم سليماني تحتاج لحراسة ميليشياوية».

وعلى الرغم من أن نشر وتعليق صور سليماني قابله رفض شعبي في الموصل، لكنه أظهر أيضاً مدى تغييب رأي الشارع الموصلي ومدى هيمنة الميليشيات الولائية على الأمور في نينوى، ثاني أكبر محافظات العراق، كما أنه يعكس مقدار عجز إرادة ممثلي نينوى في حكومة بغداد وبرلمانها وحكومتها المحلية على مواجهة إرادة الميليشيات التي طالما وجدت نفسها فوق سلطة الدولة والقانون في العراق.




باسنیوز
Top