اقتراح غير مألوف لفك المصارعة الايرانية- الاميركية في العراق
وبعدما اشار الى ان السياسة العراقية لواشنطن تتعرض للانتقاد لأنها لا تحقق انسجاما ما بين الوسائل والأهداف، قال ان الاتفاقية الاستراتيجية مع بغداد التي تحكم اساسا العلاقات الأميركية – العراقية، هي باختصار العمل من اجل عراق ديمقراطي ومزدهر وموحد، بحسب تحليل ترجمته وكالة شفق نيوز.
وتابع انه في سنوات الاحتلال الأميركي ما بين عامي 2003 و2011، قدمت واشنطن نحو 49 مليار دولار من المساعدات، من بينها ثمانية مليارات دولار كمساعدات انسانية ولتحقيق الاستقرار.
ومنذ بدء الحرب مع داعش في العام 2014، قدمت الولايات المتحدة 10 مليارات دولارات اضافية، مشيرا الى ان المشكلة لا تكمن في وضوح الهدف والتمويل.
كما رأى انه فيما العراق على شفير الانهيار الاقتصادي والسياسي، ويتظاهر عراقيون من اجل اخراج القوات الاميركية من العراق، فان ذلك يعني ان هناك شيئاً لا يعمل بشكل جيد من اجل تحقيق الاهداف وتطبيق الوسائل.
وللتوضيح، اشار تقرير المعهد الاميركي الى انه خلال تظاهرت تشرين في العام 2019، هتف المتظاهرون بكلمة "كلا" كلما سئلوا "هل انتم ايرانيون، هل انتم أميركيون؟ هل انتم بعثيون"، لكنهم توحدوا على هتاف تأييد عندما سئلوا "هل انتم عراقيون؟". واشار الى انه في حين ان الشعور بالهوية الوطنية مسألة جيدة، فان حقيقة ان العراقيين ينظرون الى الولايات المتحدة اخلاقيا بشكل متساو الى ايران البعثيين، ليس أمرا جيدا.
وذكر التقرير ان "المشكلة بالنسبة الى السياسة العراقية للولايات المتحدة، ان اهدافها غير متسقة"، معتبرا ان ايران تستغل ثقافة الفساد السياسي في العراق والانقسامات الطائفية من اجل تقويض وضمان ان العراق لا يتحول الى تهديد مثلما كان خلال الثمانينيات".
وتابع ان العراق الديمقراطي والموحد لا يؤدي فقط الى تشجيع طهران على تعزيز نفوذها، وانما ايضا على تهميش النفوذ الاميركي.
واعتبر ان فشل الاداء الاميركي ادى الى حصيلة صفرية حيث ان اي تقدم ذي معنى في المصالحة او الاقتصاد، هو رهينة العلاقات الاميركية- الايرانية. وبالاضافة الى ذلك، فان زيادة الضغوط على ايران، لا يساهم ايضا في الحل، وانما يفاقم الثمن الذي تكون طهران على استعداد لان تدفعه، باعتبار ان العراق يلعب دورا مركزيا في الامن القومي الايراني.
ولتوصيف المشهد، تساءل "المجلس الاطلسي" هل يتحتم "رسم دائرة ام مربع؟"، وعما اذا كان يجب التركيز على تقليص النفوذ الاقليمي لايران، ام تفضيل خيار استعادة عافية العراق؟.
ثم أوضح انه اذا جرى التركيز على الخيار الاول، فان ذلك قد يقود الى المزيد من المواجهات مع ايران وحلفائها الذين سيصعدون جهودهم من اجل الحد او انهاء النفوذ الاميركية في المنطقة.
اما اذا جرى تفضيل الخيار الثاني، فان ذلك سيخلق مجازفات بانخراط ايران في انحاء اخرى في المنطقة بالاضافة الى تقويض العلاقات مع الشركاء العرب الذين يستفيدون من المواجهة القائمة حاليا.
وفي حين اشار الى تعقيدات الطلب الاميركي المتمثل بتخلي ايران عن برامجها النووية والصاروخية، رأى انه من الصعب تقييم الثمن الذي ستكون ايران على استعداد لدفعه من اجل الامتناع عن تلبية هذه المطالب. واضاف انها المشكلة بمقاربة المواجهة الحالية اي انه من غير الواضح ما اذا كانت ستنجح، وكيف ستنجح، وان طهران هي التي ستحدد كم ستتحمل من دفع الثمن، ومن غير الواضح ما اذا كانت الولايات المتحدة سيكون بامكانه فرض ذلك الثمن.
وبالنسبة الى خيار تفضيل التقدم العراقي، فان هذه الاصلاحات تصب في مصلحة العراق بشكل عام، لكنها ليست دائما في مصالح الافراد او الاحزاب السياسية التي تدعي انها تمثلهم. وكنتيجة لذلك، هناك تأييد شعبي كبير للاصلاح عموما، لكن هناك تأييد سياسي محدود غالبا لصالحات معينة. وحدهم العراقيون، بامكانهم كسر هذه الانسداد.
ولهذا، اعتبر المعهد الاميركي، انه بناء على هذه الشروط الحالية، فان خيارات الولايات المتحدة، محدودة، وهذا يعني ان الوسائل لتحقيقها، هي ايضا محدودة.
وعلى المدى القصير، تحتاج الولايات المتحدة من العراق ان يقبل بالوجود الاميركي، مهما كان شكل هذا الوجود، ويكون مستعدا لمقاومة المحاولات الايرانية لدفع واشنطن الى الخارج. ومن اجل تحقيق ذلك، فان الامر يتطلب مقاربتين، الاولى تتعلق بالولايات المتحدة التي يجب عليها ان تعزز قدرة الحكومة العراقية وارادتها، لمقاومة الضغوط الايرانية الهادفة الى تقييد الانخراط الاميركي – العراقي. ثم يتحتم على الولايات المتحدة تضخيم تأثير المساعدات الانسانية والمخصصة لتحقيق الاستقرار، من خلال انخراط زعماء عراقيين في الالتزام الاميركي وفي الوقت نفسه، تصعيد الجهود للتقدم في الاصلاحات الاقتصادية والمالية.
ودعا التقرير الاميركي الولايات المتحدة الى ايجاد سبل لتخفيف الضغوط عن حكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، والبحث كخطوة اولى فيما اذا كان يتحتم على الولايات المتحدة تحديد اي تخفيض لعديد القوات الاميركية لتخفيف الانتقادات البرلمانية والشعبية. واقترح على سبيل المثال، ان يكون بمقدور وحدات عسكرية اميركية، تقديم الدعم السريع لقوات الامن العراقية، بالانطلاق من قواعد من خارج العراق، وهي عندها لن ينظر اليها على انها وجود عسكري اميركي مستمر.
وثانيا، على الولايات المتحدة العمل على تحسين النظرة اليها من جانب عامة العراقيين من خلال بذل المزيد من الجهود للترويج لمساعداتها غير العسكرية، وتقويض الموقف الايراني السلبي من الدور الاميركي. وحاليا، فان غالبية ما يراه العراقيون هي المساعدة العسكرية على الرغم من ان 85 في المئة من المساعدات الاميركية كانت موجهة الى الاغاثة والاستقرار وترشيد الحكم في العام 2019. ومن بين هذه ال 85 في المئة، قدمت واشنطن اكثر من 500 مليون دولار من المساعدات غير العسكرية وظلت المتبرع الاكبر لبرنامج الامم المتحدة للتمويل وتحقيق الاستقرار في العراق.
وبالاضافة الى ذلك، على الولايات المتحدة اقناع ايران ان كلفة معارضتها لوجودها في العراق، باهظة جدا، على الرغم من اقرار الموقع الاميركي بصعوبة تحديد الثمن الذي سيكون بمقدور طهران دفعه من اجل الرضوخ والقبول بفكرة استمرار الوجود الاميركي في العراق. واوضح ان تحقيق ذلك ممكن من خلال اظهار ان كلفة القبول بالوجود الاميركي منخفضة، وتوضيح ان كلفة استمرار مقاومة هذا الوجود ستكون عالية.
وحول النقطة الاخيرة، اشار الموقع الاميركي، الى ان واشنطن قامت بذلك بالفعل عندما اغتالت قائد قوة القدس قاسم سليماني والقيادي في الحشد الشعبي ابومهدي المهندس. وكما اشار سابقا، الى ان صعوبة هذه المقاربة انها ادت الى زيادة الضغوط من اجل اخراج الاميركيين من العراق. وعلى المدى الطويل، قد تكون المقاربة جالبة للخسارة الذاتية ما لم يتم تقديم بديل مقبول للايرانيين.
ولهذا، فانه في حين ان يتحتم على القوات الاميركية الاحتفاظ بحق الدفاع عن النفس، على الحكومة الاميركية النظر في وسائل بديلة لفرض انتزاع الثمن وتجنب استخدام القوة العسكرية من جانب واحد في العراق مستقبلا. كما يجب على الولايات المتحدة، كشرط ضروري، ان تضمن ان وجود قواتها لا يشكل تهديدا لايران، وانها في وضعية دفاع عن النفس. كما اوصت التقرير واشنطن بالبحث في امكانية استئناف المحادثات حول خطة العمل المشتركة المتعلقة بالبرنامج النووي الايراني، مضيفا ان بالامكان ايضا ان تعمل واشنطن على تخفيف العقوبات التي فرضتها على ايران، من بينها السماح لبعض البنوك بالعمل من اجل استيراد حاجات طبية ضرورية لمواجهة جائحة كورونا.
وختم التقرير بالاشارة الى الاقتصادي والخبير الاميركي توماس شيلينغ الذي كتب حول الحرب الباردة، عندما قال ان القدرة على الحاق الاذى، هي القدرة على المساومة. وتابع ان هذه الفكرة تنطبق هنا في النموذج العراقي، اذ على الولايات المتحدة الا تسحب خيار الحاق الاذى بايران عن الطاولة، لكن اذا كانت واشنطن تريد صياغة السلوك الايراني حول العراق، او في اي مكان اخر، عليها ان تمنح ايران البدائل التي يمكنها ان تقبل بها.
شفق نیوز