انسحاب PKK الشكلي من شنگال يخيب آمال النازحين .. لا زال الحزب يسيطر على مواقع مهمة في القضا
راكان قاسم، الذي دخل عامه السادس في النزوح يأمل في أن يساهم الاتفاق الأخير لتطبيع الأوضاع في شنگال بعودته وعائلته إلى داره في حي النصر الذي تركه مرغما بعد دخول مسلحي تنظيم داعش إلى القضاء في آب / أغسطس 2014.
يقول قاسم الذي يسكن مخيم جمشكو في محافظة دهوك بإقليم كوردستان إن «الاتفاق وبحسب ما سمعت في وسائل الإعلام يقضي بمغادرة مجاميع العمال الكوردستاني من شنگال وتسليم الملف الأمني لقوات الشرطة المحلية من أبناء القضاء».
لكن المواطن البالغ من العمر 42 عاما وآخرون، ما يزالون ينتظرون تنفيذ الاتفاق بشكل كامل وحقيقي، لا سيما مع سماعهم لأخبار تفيد بعدم انسحاب الفصائل التابعة لـ PKK لغاية الآن من القضاء، مؤكداً أنه يتخوف من العودة السريعة للقضاء رغم الحديث الحكومي المتكرر عن ذلك.
الرواية الرسمية للحكومية
قيادة العمليات المشتركة أكدت البدء فعليا بتنفيذ اتفاق شنگال منذ الأسبوع الماضي، مبينة أن جميع الفصائل المسلحة غادرت شنگال ولم يبقى فيها أي من المظاهر المسلحة.
المتحدث باسم العمليات اللواء تحسين الخفاجي قال ، إن «القوات العراقية المتمثلة بالجيش والشرطة الاتحادية بدأت بتسلم الملف الأمني في قضاء شنگال بعد انسحاب الفصائل المسلحة»، مبينا أن «شنگال باتت خالية من المظاهر المسلحة وذلك بعد البدء بتنفيذ اتفاق الأمن الخاص بالقضاء».
وأكد الخفاجي أن «القوات المشتركة متمثلة بالشرطة المحلية من الداخل والشرطة الاتحادية والجيش العراقي وحرس الحدود من الخارج منتشرة حاليا في شنگال ولا يوجد أي مظهر من المظاهر المسلحة فيها»، مشيراً إلى أن «العلم العراقي هو العلم الوحيد الذي يرفع حاليا داخل شنگال»، لافتا إلى أن «عودة النازحين والبدء برفع الأنقاض ومخلفات الحرب ستبدأ خلال الفترة القليلة المقبلة».
وقضاء شنگال يعتبر ثاني أهم المناطق الكوردستانية الخارجة عن ادارة اقليم كوردستان المسماة بـ ‹المتنازع عليها› بعد كركوك والخاضعة للمادة 140 للدستور، ويتبع إدارياً لمحافظة نينوى ويقع أقصى شمال غرب العراق على الحدود السورية العراقية، وتحديداً إلى شمال غرب الموصل وإلى الغرب من محافظة دهوك، ويعتبر قضاء شنگال موطن الايزيديين الرئيسي ، كما يسكن في العديد من قراه عشائر عربية أبرزها شمر والجحيش.
وقبل تصريح اللواء الخفاجي، أصدرت عمليات غرب نينوى بيانا أكدت فيه عدم السماح بتواجد أية قوة مسلحة في شنگال ، فيما حددت القطعات الأمنية المسؤولة عن حماية القضاء.
وقال قائد عمليات غرب نينوى اللواء الركن جبار الطائي في تصريح لوسائل إعلام محلية، إن «الاتفاقية الموقعة من قبل الحكومة الاتحادية مع إقليم كوردستان، تقضي بأن تكون حماية قضاء شنگال من مسؤولية قطعات الجيش والشرطة المحلية وجهاز الأمن، بالتنسيق مع جهاز المخابرات فقط».
انسحاب شكلي
لكن قائمقام قضاء شنگال محما خليل يؤكد أن الانسحاب الذي جرى لغاية اليوم هو مجرد انسحاب شكلي ليس إلا، وأن عدد كبير من عناصر العمال الكوردستاني PKK ما يزالون داخل القضاء لغاية الساعة.
وقال خليل في حديث، إن «الاتفاق الأمني الخاص بشنگال لم ينفذ لغاية الآن بشكل كامل وفعلي ، كون مقاتلي حزب العمال الكوردستاني غادروا مركز قضاء شنگال فقط وتمركزوا في جبل شنگال وذلك خلافا للاتفاق القاضي بمغادرة المقاتلين جميع مناطق قضاء شنگال (المركز والجبل)».
وأضاف خليل، أن «الانسحاب لا يزال شكليا لغاية الساعة، حيث ان العديد من المقرات الامنية لا تزال خاضعة لسيطرة الفصائل المسلحة التابعة لحزب العمال».
وفي جوابه على سؤال ما اذا كانت قائمقامية شنگال قد تواصلت مع حكومة بغداد لابلاغها بعدم تنفيذ الاتفاق فعليا، قال خليل، إن «ذلك من مسؤولية الجهات الأمنية الاتحادية التي تتولى حاليا إدارة القضاء».
وشدد خليل على ضرورة توفير ضمانات دولية حقيقية لتنفيذ الاتفاق وضمان انسحاب جميع المقاتلين الأجانب من شنگال.
دخول مسلحين من PKK لشنگال
وعكس الحديث عن انسحاب الميليشيات من شنگال، كشف مجلس العشائر العربية في المناطق (المتنازع عليها) عن دخول المئات من مقاتلي حزب العمال الكوردستاني PKK إلى قضاء شنگال قادمين من الأراضي السورية وذلك خلال الأيام الثلاثة الماضية.
وقال متحدث العشائر العربية في المناطق (المتنازع عليها) الشيخ مزاحم الحويت لمراسل (باسنيوز) ، إن «المئات من مسلحي حزب العمال الكوردستاني دخلوا الأراضي العراقية قادمين من سوريا بالتزامن مع إعلان القوات الاتحادية البدء بتنفيذ اتفاق شنگال».
وأضاف الحويت، أن «المقاتلين دخلوا عبر منطقة أم الذيبان ثم تمركزوا بأسلحتهم في جبل شنگال ، ويتواجدون في الأنفاق التي حفروها هناك خلال الفترة الماضية».
وأكد الحويت، أن «المقرات الأمنية ومن بينها مديرية الشرطة في مركز شنگال لا تزال خاضعة لسيطرة (YPŞ) الموالية لحزب العمال الكوردستاني»، مبينا أن «الكثير من المقرات لا تزال بيد وحدات حماية شنگال او ماتسمى اختصاراً بـ YPŞ التي يتواجد فيها عناصر الميليشيات بكامل أسلحتهم».
وبحسب المعلومات التي حصلت عليها (باسنيوز)، فإن مجاميع YPŞ الموالية للعمال الكوردستاني قامت بتسيير دوريات لها في قضاء شنگال وبعض المناطق منها ناحية سنوني خلال اليومين الماضيين ، في دليل على عدم مغادرتها للقضاء لغاية الآن.
كما تفيد المعلومات بأن الاتفاق نفذ جزئيا في المناطق التابعة لسيطرة اللواء 72 في الجيش العراقي الذي أخلى المناطق في مسؤوليته من الفصائل المسلحة بحسب شهادات من داخل القضاء.
وفي 9 تشرين الأول / أكتوبر الماضي، وقعت الحكومة الاتحادية برئاسة مصطفى الكاظمي ، اتفاقاً مع حكومة إقليم كوردستان لحل المشكلات القائمة بقضاء شنگال، وتضمن الاتفاق، ضمان حفظ الأمن في القضاء من قبل قوات الأمن الاتحادية بالتنسيق مع قوات البيشمركة، وإخراج كل الجماعات المسلحة غير القانونية إلى خارج القضاء، كما ينص على إنهاء وجود مسلحي PKK في شنگال، وإلغاء أي دور للكيانات المرتبطة به في المنطقة.
وأوجد حزب العمال الكوردستاني موطئ قدم في شنگال عقب اجتياح تنظيم داعش للمنطقة صيف 2014، حيث أنشأ هناك ما يسمى بـوحدات حماية شنگال(YPŞ) ، ثم تعززت سيطرته هناك عقب الإعلان عن تحرير أجزاء من القضاء في تشرين الثاني عام 2015.
إيران على الخط
في السياق ذاته، يرى الخبير الأمني مؤيد الجحيشي أن اتفاق شنگال استغلته إيران والفصائل التابعة لها، وذلك لضمان بقاء شنگال ضمن دائرة الهلال الإيراني الممتد من إيران مرورا بديالى ومن ثم شمالي صلاح الدين فجنوب الموصل وغربها وصولا إلى شنگال والحدود السورية الخاضعة أصلا لسيطرة إيران.
وقال الجحيشي في حديثإن «المجاميع القريبة من إيران بدأت وبمباركة من بغداد بتعزيز تواجدها وانتشارها في شنگال قرب الحدود السورية، لاسيما وأن قوات الشرطة الاتحادية هي بأغلبها تدين بالولاء لمنظمة بدر بزعامة هادي العامري»، مبينا أن «الحديث عن الاتفاق وتعزيز الأمن وفرض سلطة الدولة في شنگال وطرد الفصائل المسلحة منها مجرد أحاديث دعائية أمام العالم، ولكن على ارض الواقع فإن الميليشيات القريبة من إيران عززت نفوذها هناك»، حسب تعبيره.
وأكد الجحيشي حصوله على معلومات من داخل شنگال تشير إلى زيارة قائد إيراني للمدينة وتفقده لقوات الشرطة الاتحادية وبعض فصائل الحشد، مشيرا إلى أن تلك الزيارة تعكس مدى استغلال إيران لاتفاق تطبيع الأوضاع في شنگال.
وبسبب أهمية مدينة شنگال الاستراتيجية للعراق من جهة، وترقب تركيا لما يجري من جهة أخرى، ودخول إيران على خط الأزمة، وتمسك العمال الكوردستاني PKK بها ومحاولته الالتفاف على الاتفاق من خلال الابقاء على مقاتليه في شنگال بطريقة أو أخرى، فعلى ما يبدو أن استقرار القضاء الجريح لن يرى النور سريعاً، الأمر الذي يجعل آمال النازحين في العودة معلقة حتى إشعار آخر.
باسنيوز