مساعٍ حكومية وحزبية لاحتواء الاحتجاجات في إقليم كوردستان
وتستضيف رئاسة إقليم كوردستان اليوم الثلاثاء، (8 كانون الأول 2020)، اجتماعاً ثلاثياً من المقرر أن يتناول فيه الحزب الديمقراطي مع الاتحاد الوطني وحركة التغيير التقريب بين شركاء العملية السياسية في كوردستان، وتوحيد موقف الأطراف السياسية الكوردستانية في بغداد تمهيداً للوصول إلى اتفاق يكفل إرسال المستحقات المالية للإقليم دون انقطاع، حيث يعد تأخير توزيع الرواتب نتيجة عدم إرسال حصة إقليم كوردستان من الموازنة العراقية وسوء الأوضاع المالية المحرك الرئيس لهذه الاحتجاجات.
المتحدث باسم الحزب الديمقراطي الكوردستاني، محمود محمد، حذر في تصريح من أن "كيان إقليم كوردستان في خطر بسبب أيادٍ خارجية تسعى لبث التفرقة والشقاق"، متوقعاً التوصل لقرارات جيدة خلال اجتماع اليوم "ونحن نسعى لإيجاد الحلول"، وأكد "حق التظاهر والمطالبة بالحقوق المشروعة في الإطار السلمي".
في السياق، قال عضو المكتب السياسي للاتحاد الوطني الكوردستاني، سوران جمال طاهر إن الاجتماع الثلاثي سيبحث "الاهتمام بتوفير أوضاع معيشية كريمة للمواطنين، مع التهيؤ لعقد اجتماعات مع بقية الأطراف السياسية".
فيما شدد المتحدث باسم حركة التغيير، عدنان عثمان على أن تأمين حصة إقليم كوردستان من موازنة 2021 وتوفير الرواتب سيكونان محوري الاجتماع مع الديمقراطي والاتحاد.
الاجتماع المنتظر يأتي بالتزامن مع خروج تظاهرات في عدة مدن ونواحي بمحافظة السليمانية، خلال الأيام الماضية، فقد خلالها متظاهران حياتهما وأصيب آخرون، كما أضرمت النيران في مقرات الأحزاب السياسية والدوائر الحكومية.
رئيس الجمهورية العراقي، برهم صالح، دخل على خط الأزمة وأصدر بياناً حول أحداث السليمانية أعرب فيه عن قلقه، ودعا إلى اتخاذ خطوات عاجلة لتعظيم الإيرادات المحلية وإيجاد حلول جذرية للرواتب واحترام إرادة المتظاهرين من خلال "إصلاحات حقيقية"، والتوصل لاتفاق شامل مع الحكومة الاتحادية والابتعاد عن العنف، مطالباً في الوقت ذاته المتظاهرين بـ"أخذ السلم العام وحماية المؤسسات واحترام القوات الأمنية بنظر الاعتبار".
أمس الإثنين، انطلقت احتجاجات في كرميان وجمجمال وقضاء شهرزور وسيد صادق ورانية ودربندريخان في السليمانية، وأشارت مصادر غير رسمية إلى مقتل متظاهرين اثنين هما أدهم يحيى من جمجمال وآكو سليمان من قضاء كفري، وإصابة 10 آخرين.
أدهم يحيى البالغ من العمر 26 عاماً، كان أحد اللذين فقدا حياتهما خلال الاحتجاجات في قضاء جمجمال مساء أمس متأثراً بجراحه بعد نقله إلى المستشفى، وهو من قرية بنكرد، وقال عمه يونس أحمد إن ابن أخيه الذي يعمل راعياً سبق وأن أخبر صديقه قبل ساعة من مقتله بعدم نيته المشاركة في التظاهرات.
العضو العامل في فرع الحزب الديمقراطي الكوردستاني بجمجمال، يوسف أنور نفى أن يكون "أدهم" قد قتل أمام مقر الحزب، قائلاً إن هذا الشاب "قتل على بعد 300 م من المقر إثر إطلاق النار علينا من جانبين، ونحن لم نطلق الرصاص على المتظاهرين".
متظاهرو قضاء سيد صادق في السليمانية، أحرقوا أمس مقر القائممقامية ومنزل القائممقام ودوائر الكهرباء والضريبة والعقار والنقل والإطفاء ومقرات خمسة أحزاب، وقال قائممقام القضاء، دياري رفيق لرووداو إن "الأشخاص الذين اقتحموا المقرات وأحرقوها باسم المتظاهرين ألحقوا خسائر لا تُعوض بالقضاء ومنها حرق الأضابير ووثائق المواطنين"، مبيناً أن "الأشخاص الذين هاجموا منزلي قاموا بسرقة المصوغات الذهبية لزوجتي وكل ما في البيت من أموال قبل أن يضرموا النار في المنزل".
كما تم تداول مقطع فيديو من قضاء سيد صادق لرجل يدعى محمد توفيق من كوادر الحزب الديمقراطي يبلغ من العمر 47 عاماً، وهو يتعرض للضرب المبرح والركل من قبل عدد من المتظاهرين، وقال إن "المتظاهرين انهالوا علي بالضرب والسباب والرشق بالحجارة بعدما طلبت منهم أن يهدأوا خلال مروري أمام مقر الحزب الديمقراطي في الساعة الثالثة من مساء الإثنين ما أدى إلى كسر في ساقي، وآلام في الظهر".
وكان رئيس حكومة إقليم كوردستان، مسرور بارزاني، قال في بيان صادر عن مكتبه، مساء أمس إن الحكومة تتفهم الوضع المعيشي الصعب للمواطنين، "وتشكر صمودهم أزاء الأزمة الحالية"، مضيفاً أن "التظاهرات السلميّة والحضاريّة حق مشروع في إطار القانون، ولكن محاولات التخريب تختلف عن المطالب المشروعة".
رئيس حكومة إقليم كوردستان أكد أن حكومته تحاول جاهدة تجاوز الأزمة المالية الحالية ومستمرة بالحوار مع الحكومة الاتحادية لتأمين الحقوق والمستحقات المالية لإقليم كوردستان، وطالب المؤسسات المعنية بحماية أرواح جميع المواطنين والمتظاهرين، ومنع الاضطرابات واستخدام العنف وتخريب الأماكن العامة والخاصة والمقرّات، وفيما أشار إلى أن هذا الوضع الصعب خارج عن إرادة ورغبة حكومة اقليم كوردستان، طالب "المواطنين بألا يقعوا تحت تأثيرات المساعي والرسائل التخريبية التي تهدف لتعقيد وتخريب الاستقرار في إقليم كوردستان".
وسبق ذلك، مطالبة 37 عضواً في برلمان كوردستان بعقد جلسة طارئة لمناقشة الأزمة المالية والرواتب وملف النفط والمنافذ الحدودية يوم الأحد المقبل (13 كانون الأول 2020)، بحضور رئيس الحكومة ونائبه ووزير المالية، وقال البرلماني عن الجماعة الإسلامية، عمر كولبي لشبكة رووداو الإعلامية: "نريد عقد الجلسة حتى في حال لم توافق رئاسة البرلمان على ذلك".
وكانت وزارة الثقافة في إقليم كوردستان أصدرت أمس قراراً بإغلاق قناة NRT1 لمدة أسبوع "بسبب مخالفتها التعليمات والتصرف بطريقة لا مسؤولة في هذا الوقت"، لكن ريبوار عبدالرحمن وهو أحد مسؤولي القناة المملوكة لرئيس حراك الجيل الجديد المعارض، شاسوار عبدالواحد وصف القرار بأنه "سياسي فرض على الوزارة".
خروج المحتجين جاء على الرغم من مباشرة حكومة إقليم كوردستان بتوزيع رواتب موظفيها اعتماداً على الإيرادات المحلية، وتغطية العجز عن طريق الاقتراض، لحين وصول الـ320 مليار دولار المخصصة لرواتب الموظفين من بغداد، "حيث سيتم إيفاء مبلغ القرض من المبلغ".
وفي وقت سابق، أكدت حكومة إقليم كوردستان، التوصل إلى "تفاهمات جيدة" بين إقليم كوردستان والحكومة الاتحادية بشأن مشروع قانون الموازنة لعام 2021، مبينةً أن "المحادثات لا تزال متواصلة بهدف التوصل إلى اتفاق نهائي".
يشار إلى أن وفداً رفيعاً من إقليم كوردستان برئاسة وزير المالية، آوات شيخ جناب، توجه إلى بغداد، الخميس الماضي، بقصد التفاوض مع الحكومة العراقية، وضم الوفد مسؤول دائرة التنسيق والمتابعة في مجلس وزراء إقليم كوردستان عبد الحكيم خسرو وكذلك وزير الإقليم لشؤون التفاوض مع بغداد، خالد شواني.
وفي 26 تشرين الثاني الماضي، وجه رئيس وزراء إقليم كوردستان، مسرور بارزاني رسالة إلى رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي أشار فيها إلى أن إقليم كوردستان رغم الاتفاق المبرم بين الجانبين لم يستلم أي مبلغ لأشهر أيار وحزيران وتموز وتشرين الأول لعام 2020 "دون مسوغ قانوني"، إضافة إلى عدم صرف مستحقات ورواتب البيشمركة، مؤكداً أن طريقة تمرير قانون تمويل العجز المالي لعام 2020 من قبل مجلس النواب العراقي، دون مشاركة الكتل الكوردستانية "يعتبر انتهاكاً لمبادئ التوازن والشراكة والتوافق التي ركز عليها الدستورية".
وفي 15 آب الماضي، توصلت بغداد وأربيل إلى اتفاق يقضي بإرسال الحكومة الاتحادية 320 مليار دينار شهرياً إلى إقليم كوردستان لحين التصويت على قانون الموازنة، ولمدة ثلاثة أشهر، لكن البرلمان العراقي صادق في 12 تشرين الثاني الماضي، على قانون تمويل العجز المالي رغم انسحاب نواب الكتل الكوردستانية اعتراضاً على المادة التي تنص على تحديد حصة إقليم كوردستان من مجموع الإنفاق الفعلي (النفقات الجارية ونفقات المشاريع الاستثمارية) بعد استبعاد النفقات السيادية "بشرط التزام إقليم كوردستان بتسديد أقيام النفط المصدر من الإقليم وبالكميات التي تحددها شركة تسويق النفط العراقية (سومو) حصراً والإيرادات غير النفطية الاتحادية وفي حالة عدم التزام الإقليم لا يجوز تسديد النفقات للإقليم ويتحمل المخالف لهذا النص المسؤولية القانونية".
روداو