جماعات مسلحة تجبر مستثمرين على الدفع لبناء أضرحة دينية في العراق!
وقال التقرير، الذي أعدّه الصحفي الاقتصادي، سلام زيدان، إن "معظم المستثمرين العراقيين يفضلون استثمار أموالهم في دول مجاورة مثل تركيا، والأردن وإيران ومصر والإمارات، بدلاً من استغلالها في بلدهم، بسبب القضايا البيروقراطية والفساد والابتزاز وضعف إنفاذ القانون".
وجاء في نص التقرير:
أصدرت جماعة اصحاب الكهف، الموالية لإيران في العراق ، بيانا يوم 27 تشرين الأول، دعت جميع العراقيين إلى الإبلاغ عن أي معلومات قد تكون لديهم بشأن وجود مستثمرين أو خبراء اقتصاديين من دول تعتبر منافسة لإيران - مثل الولايات المتحدة وبريطانيا والسعودية والإمارات مقابل مبالغ تتراوح بين 20 ألف دولار و 50 ألف دولار.
ويواجه المستثمرون العراقيون والأجانب مطالبات بالتعويض من "ميليشيات" وعشائر مسلحة في العراق، ويختار معظمهم الانسحاب من المشاريع خوفا من الانتقام العنيف إذا لم يلبوا المطالب، حيث تم تعليق أكثر من 6000 مشروع بين عامي 2008 و 2019.
وفي أحدث التطورات، هددت شركة بتروناس الماليزية للنفط بمغادرة حقل الغراف النفطي في محافظة ذي قار، يوم 18 تشرين الأول في أعقاب التوترات الناجمة عن سلوك أفراد القبائل الذين يعيشون بالقرب من الحقل.
ليست بتروناس الشركة الوحيدة التي تواجه مطالب من الأحزاب والميليشيات والعشائر في العراق. ففي 15 تشرين الأول، داهمت قوة مجهولة مجمعاً استثمارياً سكنياً في محافظة صلاح الدين، واحتجزت العمال لأكثر من ثلاث ساعات وهددت بقتلهم إذا استأنفوا العمل.
في 2 تموز / يوليو ، قال رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي خلال لقاء مع عدد من المستثمرين إن القطاع الخاص يواجه الكثير من الابتزاز، وأن الحكومة تتخذ إجراءات رادعة لمعاقبة وملاحقة الأطراف التي تقف وراء هذه الابتزازات.
وأضاف الكاظمي أن أبوابه مفتوحة لرجال الأعمال الذين يريدون الشكوى من أي ابتزاز قد يتعرضون له، وإن الحكومة ستلاحق الكيانات الفاسدة.
وقال محمد رحيم الربيعي، عضو مجلس إدارة مبادرة الشفافية في الصناعات الاستخراجية العراقية، إن المستثمرين والشركات الأجنبية العاملة في البلاد يواجهون المزيد والمزيد من محاولات الابتزاز.
وأوضح، أن "بعض القبائل تدّعي امتلاكها لأراضٍ مهجورة منذ عشرات السنين، بزعم أنّ هذه الأملاك تعود إلى آبائهم وأجدادهم، مقابل تعويض مالي من شركات النفط أو الاستثمار".
وأضاف: "دفعت الحكومة للقبائل مبالغ طائلة كتعويض رغم أنها من ممتلكات الدولة، تتضمن المرحلة التالية من الابتزاز وقف عمليات الشركة حتى يتم فرض بعض الشركات للحصول على عقود ثانوية وتوظيف أفراد القبائل في مكان العمل".
وتابع: "في السنوات القليلة الماضية، اتخذ الابتزاز القبلي شكلاً دينيًا، لقد أجبروا الشركات على دفع الكثير من المال لبناء الأضرحة الدينية".
منذ عام 2018، كان العراق مسرحًا لاحتجاجات خريجي الجامعات المطالبين بالعمل في الشركات متعددة الجنسيات، حيث توغل آلاف المحتجين في حقول النفط ومحطات الطاقة في ذي قار والبصرة وواسط، وتوقف عن العمل، مما أثر على إنتاج النفط والكهرباء.
وقال مظهر محمد صالح ، المستشار المالي لرئيس الوزراء، إن "محاولات ابتزاز الجماعات المسلحة ضد المستثمرين والنشاط الاقتصادي يجب التعامل معها بحزم ورفضها باعتبارها مضرة بالاقتصاد الوطني. وقال إنه نتيجة لمثل هذا الابتزاز، أصبح العراق الآن في المرتبة 171 من بين 190 دولة في تقييم "سهولة ممارسة الأعمال" الصادر عن البنك الدولي في عام 2019".
وقال إن هذا "التصنيف استند إلى معايير مثل سيادة القانون ومحاربة الفساد. وأضاف صالح أن الدولة بحاجة إلى بذل جهد كبير لمنح المستثمرين تطمينات بأنه يمكنهم العمل على أراضيها.
وبينما حددت الهيئة الوطنية للاستثمار أكثر من 100 فرصة استثمارية بقيمة 75 مليار دولار، يظل اهتمام المستثمرين منخفضًا لأن العراق لا يعتبر بيئة مناسبة بسبب عدم الاستقرار الأمني والسياسي والاقتصادي والاجتماعي.
وقال رئيس جمعية المستثمرين في العراق علاء الموسوي، إن "شركات الاستثمار الابتزازية تواجه تأثيرات على أعمالها وأرباحها وستدفعها لتقليص نشاطها واستثماراتها".
وضاف ان "الشركات الأجنبية، وخاصة في قطاع النفط ، تعرضت لمضايقات من قبل المواطنين المحليين الذين يسعون للحصول على المال".
ولفت الى أن "الاقتصاد العراقي يعاني نتيجة الاضطرار إلى تشغيل العمالة غير الماهرة التي تفرضها العشائر والميليشيات، حيث تؤثر مثل هذه الظروف على إنتاج الشركات وأسعار الأسهم وأرباح المساهمين".
وأوضح أن "ضمان بيئة مناسبة للمستثمرين سيخلق وظائف جديدة، كما أدت محاولات الابتزاز والتدخل الخارجي في شؤون الشركات إلى إبعاد المستثمرين وحرمان الاقتصاد من فرصة خلق وظائف جديدة".
يفضل معظم المستثمرين العراقيين الاستثمار في دول مجاورة مثل تركيا والأردن وإيران ومصر والإمارات ، بدلاً من العراق ، بسبب القضايا البيروقراطية والفساد والابتزاز وضعف إنفاذ القانون.
وقال الخبير الاقتصادي كريم عقراوي، إن معظم الشركات الأجنبية تريد الانسحاب من العراق بسبب تدخل الجماعات المسلحة والقبائل في عملياتها وغياب حماية الدولة".
واضاف ان "هذا التدخل في شؤون الشركات يؤثر على جودة العمل ويزيد من النفقات. وقال عقراوي إنه إذا كان المشروع يكلف الدولة عادة 10 ملايين دولار ، فقد يتضاعف إلى 20 مليون دولار في مثل هذا المناخ".
وأشار إلى أن "الابتزاز يترك المشاريع غير مكتملة وأن استخدام الاحتجاجات للضغط على الشركات الأجنبية لتحقيق مكاسب شخصية وفئوية خطأ كارثي يجعل العراق مكانا يتجنبه المستثمرون".
وأوضح أن "كل هذا يتسبب في تخوف الموظفين الأجانب ويكلف الدولة مبالغ طائلة سواء في الإنفاق على الحماية أو في الدخل المفقود بسبب مغادرة الشركات الأجنبية".
وتابع، أن "بعض الشركات وظفت أفراد ميليشيات وعشائر على الرغم من حصولهم على القليل من العمل أو عدم حصولهم في المقابل".
ولفت عقراوي إلى أنه "تفاجأ بتكتم الدولة العراقية على مثل هذا السلوك لأنه يدمر الاقتصاد الوطني".
يواجه الاقتصاد العراقي تحديات كبيرة، من بينها زيادة الفقر والبطالة. على الرغم من أن قانون الاستثمار قد جعل الحياة أسهل بالنسبة للمستثمرين، لا يزال الكثيرون يفضلون القيام بأعمال تجارية خارج العراق، كما سعى الكثير من الشباب للهجرة وتزعزعت ثقة المواطنين في الدولة.
زاكروس