في ذكراها الأربعين.. هكذا تفجرت الحرب الدموية بين العراق وإيران
وتعود جذور هذه الحرب التي تعدّ من بين الأكثر دموية في الشرق الأوسط، إلى خلاف حدودي بين الدولتين النفطيين سعى ما سمّي باتفاق الجزائر لإنهائه في 1975.
وقّع الاتفاق في آذار/مارس من ذلك العام، بين شاه إيران وصدّام حسين الذي ظلّ نائباً للرئيس حتى تموز/يوليو 1979. وكان الاتفاق يقسم نهر شط العرب بين الجانبين، في إشارة إلى الممر المائي الذي لم يكن يحق لإيران استخدامه سوى بشكل محدود.
ويتكوّن هذا النهر الحدودي بين الدولتين من التقاء دجلة والفرات، ويمتد لنحو 200 كيلومتر ويصب في الخليج.
في نيسان/ابريل 1980، اتهم العراق الجمهورية الإسلامية الوليدة في إيران بالتحريض على اعتداءات في بغداد وطالبها برفع يدها عن ثلاث جزر استراتيجية في مضيق هرمز، تتنازعها ودولة الإمارات.
وفي 17 ايلول/سبتمبر، أعلنت بغداد أحادياً إلغاء اتفاقية الجزائر، مؤكدة أنّ شط العرب يجب أن يكون عراقياً وعربياً.
- الهجوم على إيران -
في 22 أيلول/سبتمبر، أرسل صدّام حسين قواته باتجاه الأراضي الإيرانية، فيما قصفت الطائرات العراقية مطارات بينها مطار طهران وأهدافاً عسكرية أخرى. ثم وقعت هجمات على مصفاة عبدان التي تعدّ من بين الأبرز في إيران، وتعطّل العمل فيها.
في الأسابيع الأولى، تمكنت القوات العراقية من السيطرة على مدينتي قصر شيرين ومهران من دون مقاومة واسعة، ثم سيطرت على ميناء خرمشهر في جنوب-غرب إيران، حيث مصب شط العرب.
سارعت السعودية والكويت إلى دعم بغداد. وقدّمت دول عربية، بالأخص الخليجية، أموالاً طائلة دعماً للعراق الذي أمسى رئيسه يقدّم نفسه على أنّه الحامي في وجه ثورة الخميني الإسلامية في إيران.
واشترى العراق أسلحة وذخائر من الدول الغربية التي كانت أزعجتها الإطاحة بالشاه ونظامه.
- هجوم خوزستان -
في آذار/مارس 1982، أطلقت إيران هجوماً واسعاً في خوزستان، المحافظة النفطية الحدودية مع العراق، استعادت على إثره خرمشهر.
اقرّت بغداد وقفا لإطلاق النار رفضته طهران، وبدأت تسحب قواتها من داخل إيران.
في تموز/يوليو، وبعد غارات على البصرة، كبرى مدن جنوب العراق، بدأت القوات الإيرانية هجوم "رمضان" عند الجبهة الجنوبية. وفي آب/أغسطس، بدأ العراق حصاراً على جزيرة خرج (شمال-غرب الخليج) حيث ثمة منشآت لتصدير النفط الإيراني.
- "حرب المدن" -
بدءاً من نيسان/ابريل 1984، دخل الطرفان في ما سمي ب"حرب المدن" التي استمرت بشكل متقطع لأربع سنوات. تعرضت خلالها نحو 30 مدينة إيرانية وعراقية للاستهداف بالصواريخ.
اتهم الإيرانيون العراق باستخدام أسلحة كيميائية سعيا لوقف هجوم على جزر مجنون. وأكدت الأمم المتحدة الاتهامات.
- "حرب الناقلات" -
في الفترة نفسها، شددت بغداد حصارها البحري بهدف خنق إيران.
وردّت طهران بمهاجمة سفن نفطية تتزود بموارد الطاقة من موانئ الدول الخليجية، حليفة العراق.
في 1986، وبينما كان العراق يستهدف جزيرة خرج بغارات، اجتاز الإيرانيون للمرة الأولى شط العرب وسيطروا على شبه جزيرة الفاو (جنوب-شرق العراق).
- هجمات كيميائية -
في حزيران/يونيو 1987، نددت طهران باستخدام العراق "اسلحة كيميائية" في مدينة سردشت الحدودية، في شمال-غرب إيران.
في آذار/مارس 1988، اتهِمت بغداد مجدداً باستخدام أسلحة كيميائية في مدينة حلبجة العراقية الحدودية إثر سيطرة مقاتلين أكراد عليها بمساندة إيرانية.
- "السم الزعاف" -
بدءا من نيسان/ابريل 1988، استعاد العراق المبادرة وسيطر في غضون اسابيع على الفاو، جزر مجنون والهويزة ومنطقة شلمجة (جنوب)، ودفع بالإيرانيين إلى الضفة الأخرى من شط العرب.
في 18 تموز/يوليو، وافق الإمام الخميني على قرار رقم 598 الصادر عن مجلس الأمن الدولي الذي جرى التصويت عليه قبل عام ووافق عليه العراق. وكان القرار يطالب بالوقف الفوري للأعمال القتالية.
وشبه الخميني في حينه موافقته بـ"تجرع السم".
وتم الإعلان عن وقف إطلاق النار.
لكن سينبغي الانتظار طيلة عامين ليعاد العمل باتفاقية الجزائر في آب/اغسطس 1990، ولتوافق بغداد على سحب قوات من إيران وتبادل الاسرى.
AFP