قنديل– أنقرة.. محطة ملتهبة بمخالب تركيا ورصاص "العماليين"
وهي ليست المرة الاولى التي تنفذ أنقرة هجمات داخل اقليم كوردستان ضد حزب العمال الكوردستاني وتغلب فيها أصوات قرقعة السلاح على الخيار السياسي التفاوضي مع الحزب الذي يقاتل الدولة التركية منذ سبعينيات القرن الماضي كتنظيم سري، وصعد نشاطه في بداية الثمانينيات كحزب ماركسي مسلح.
وفي الاعوام الاخيرة شنت تركيا هجمات داخل الاراضي العراقية وتمكنت تدريجيا ومنذ العام 1995، من انشاء اكثر من عشرة مواقع عسكرية ثابتة لها داخل الأراضي العراقية وبعمق يصل في بعض النقاط الى 30 كيلومترا، خصوصا في محافظة دهوك.
وتأتي الهجمات التركية في وقت شديد الحساسية إقليميا وعراقيا. وفيما تسببت هجمات "المخلبين" التركيين في الحاق اضرار بعشرات القرى في إقليم كوردستان وتسجيل حالات نزوح كبيرة بالاضافة الى سقوط ضحايا كثر، فان أنقرة تراهن على ما يبدو، من خلال ممارسة عرض العضلات هذا، في التوصل الى تسويات سياسية مع رجلين باحثين عن الحلول: مصطفى الكاظمي في بغداد ونيجيرفان بارزاني في اربيل.
ويقول مدير ناحية ديرلوك شرق قضاء العمادية سامي اوشانا إن "72 قرية من أصل 84 تُركت من قبل ساكنها منذ بداية الصراع المسلح بين حزب العمال الكوردستاني وأنقرة الدائر منذ سنوات".
وتستكمل تركيا بذلك محاولات عرض العضلات الإقليمي الذي تقوم به، من العراق الى سوريا وصولا الى ليبيا، ولكنها في الوقت نفسه، تريد من الكاظمي وبارزاني مساعدتها في إيجاد حل مرضٍ لها، وللجميع، في ما يتعلق بحزب العمال الكوردستاني الذي يسبب الأرق لتركيا منذ الثمانينيات.
أنقرة إذ تفعل ذلك تتجاهل أن محاولات التسوية التفاوضية للصراع مع حزب العمال الكوردستاني والذي أوقع عشرات الاف الضحايا، لم تؤتِ ثمارها لسنوات طويلة على الرغم من أن الحزب انتقل من المطالبة باستقلال الكيان الكوردي داخل الاراضي التركية الى المطالبة بحكم ذاتي يتمتع بشبه استقلال وإنما ضمن وحدة أراضي تركيا.
لكن وجود قواعد حزب العمال الكوردستاني داخل اقليم كوردستان يسبب الكثير من صداع الرأس لكل الأطراف.
ولقد تعزز وجود قواعد حزب العمال في كوردستان منذ العام 2013، بعد اعلان انقرة سلسلة من القوانين والإجراءات لتحسين حقوق الكورد الأتراك، مقابل انسحاب مقاتلي الحزب من تركيا الى شمال العراق، بينما رد الحزب رسميا بإعلان وقف لإطلاق النار استجابة لدعوة زعيم الحزب عبدالله اوجلان المعتقل منذ العام 1999، والمسجون بحكم مؤبد في جزيرة إمرالي الصغيرة في بحر مرمرة.
وفعليا، سقط وقف إطلاق النار في العام 2015 عندما شنت تركيا غارات جوية ضد معسكرات حزب العمال الكوردستاني بعد وقوع تفجير انتحاري نفذه تنظيم داعش الارهابي ادى الى مقتل 32 شخصا معظمهم من الكورد في مدينة سوروج، داخل الحدود التركية المقابلة لبلدة كوباني، في سوريا. واثار الهجوم الانتحاري اتهامات ضد أنقرة بالتواطؤ مع "داعش" ثم بعدها بأيام قتل شرطيان تركيان في شانلي أورفا، في هجوم شنه حزب العمال الكوردستاني.
والآن تعيد أنقرة فتح ملف حزب العمال الكوردستاني بشكل مغاير، من خلال عمليتين عسكريتين مباشرتين وقد تلقت تأييدا ضميا لموقفها من وزارة الخارجية الاميركية التي حثت العراق وتركيا وحكومة إقليم كوردستان إلى العمل معا لالحاق الهزيمة معا بحزب العمال الكوردستاني.
ويدرك رئيس إقليم كوردستان نيجيرفان بارزاني خطورة هذا الموقف وهو كان في نيسان/ابريل الماضي على سبيل المثال، قال تعليقا على اعتداء تركي وقتها، إن "ما قامت به تركيا كان رداً على إنشاء مقرات لحزب العمال"، مشيرا الى أهمية "احترام حماية اللاجئين، إلا أنه يتم استخدام مخيم مخمور لأغراض عسكرية"، مشيراً إلى أن "المخيم يقع ضمن نطاق سيطرة الحكومة العراقية، والأمر يتعلق بها".
وفي 20 حزيران/يونيو الماضي عندما زار بارزاني بغداد للقاء الكاظمي للمرة الاولى، كان ملف التوتر الأمني في محافظة دهوك الحدودية مع تركيا بعد دخول القوات التركية لملاحقة عناصر حزب العمال الكوردستاني، على رأس جدول أعماله في العاصمة بغداد.
وتتواجد مقرات حزب العمال الكوردستاني في مناطق عدة على الشريط الحدودي بين تركيا والعراق. من بلدة زاخو ومرورا بمنطقة الزاب في شمال دهوك، وصولا إلى شمال أربيل في مناطق برادوست وخواكورك وسفح جبل قنديل الواقع بين محافظتي أربيل والسليمانية.
ونددت قيادة العمليات المشتركة وقتها بالهجوم التركي ووصفته ب"الاستفزازي" كما استدعت وزارة الخارجيّة العراقية السفير التركي لدى بغداد، على خلفية خرق الأجواء العراقيّة وقصف مُخيّم اللاجئين قرب مدينة مخمور.
اذا القضية ليست جديدة. ويرى المحلل والخبير الامني مناف الموسوي ان اخراج حزب العمال الكوردستاني هو من اختصاص حكومة اقليم كوردستان وقواتها المسلحة، مشيرا الى انها لم تطلب من الحكومة العراقية المساعدة على إخراج حزب العمال.
واشار الموسوي في حديث، الى عدم قدرة القوات العراقية على دخول اراضي كوردستان منذ العام 1991 بناء على قرار الأمم المتحدة آنذاك الذي منح نوعا من الاستقلالية لحكومة الإقليم ما دفع حزب العمال للتوغل الى جبال قنديل ومناطق أخرى واتخاذها مقرات وملاذات لتنفيذ عمليات ضد تركيا.
وأضاف "هناك ارتباطات وتأثيرات سياسية تمنع إخراج حزب العمال من الاراضي العراقية".
لكن النائب الكوردي السابق وقائممقام سنجار محما خليل كشف أسباب تواجد حزب العمال الكوردستاني قائلا ان "عناصر حزب العمال قالوا جهارا بانهم لن ينسحبوا من سنجار او أي منطقة الا بأوامر من بغداد وقسم كبير منهم يتقاضون رواتب من الحكومة العراقية لأهداف غامضة".
ونوه خليل في حديثه "الى وجود تناغم بين الحشد الشعبي وحزب العمال إبان الحرب مع داعش عندما زار- رئيس هيئة الحشد- فالح الفياض قواطع الحشد وحزب العمال المتواجدين هناك"، لافتا الى ان "ادارة سنجار طالبت سابقا عناصر حزب العمال بإخلاء بنايات مهدمة لغرض ترميمها ورفضوا ذلك قائلين "نحن متواجدون بموافقة الحكومة العراقية".
ويتساءل خليل "كيف للحكومة العراقية أن تسمح ببقاء حزب العمال في الأراضي العراقية وترفض الغاء الاتفاقية العراقية - التركية السيئة الصيت التي سمحت للقوات العراقية والتركية التحرك في أراضي البلدين؟
وانتقد خليل سياسات الحكومات السابقة التي لم تحترم ارادة الشعب العراقي في نينوى وكوردستان الداعية لاخراج حزب العمال الكوردستاني والغاء الاتفاقية العراقية – التركية، مؤكدا أن إلغاء الاتفاقية العراقية ممكن أن يتم بأقل من ساعة حيث يعقد البرلمان جلسة رسمية لترسيخ السيادة واثبات هيبة الدولة امام الشعب وسحب البساط من تحت اردوغان وانهاء التجاوزات التركية في الأراضي العراقية.
وأضاف "لا مكان للصراع التركي مع حزب العمال في الأراضي العراقية التي تحولت إلى ساحة حرب يتساقط فيها الضحايا المدنيون ويدفعون ثمن الصراعات الإقليمية".
وأعلن حزب العمال الكوردستاني مقتل اربعة من مسلحيه في منطقة حفتنين شمالي زاخو منذ بدء العملية العسكرية التركية ضد مواقع حزب العمال الكوردستاني.
وقال زاكروس هيوا المتحدث باسم لجنة العلاقات في اتحاد منظومات كوردستان (کجكه) الجناح العسكري لحزب العمال الكردستاني، لوكالة شفق نيوز ان العملية العسكرية التركية في المناطق الحدودية داخل اراضي اقليم كوردستان مستمرة وأدت منذ انطلاقها الى مقتل اربعة من مسلحي PKK في منطقة حفتنين شمالي زاخو وكذلك مقتل 100 من الجنود الأتراك وإسقاط طائرتين مروحيتين تركيتين".
وأضاف هيوا أن الجيش التركي توغل بعمق ثلاثين كيلومترا في منطقة خواكورك بالمثلث الحدودي وبعمق عشرة الى خمسة عشر كيلومترا في منطقة حفتنين شمالي زاخو منذ بدأ العملية في منتصف الشهر الماضي.
وأشاد المتحدث باسم لجنة العلاقات الخارجية في اتحاد المنظومات الكوردستانية بالمواقف العربية المنددة بالعملية العسكرية التركية، مطالبا بمواقف عملية ايضا لوقف الهجمات التركية.
كما دعا زاكروس هيوا الى موقف مشترك للأحزاب الكوردستانية وخاصة لقوات البيشمركة ضد العمليات العسكرية التركية.
وكان برلمان كوردستان اعلن الثلاثاء الماضي، عن تشكيل لجنة لمتابعة العمليات العسكرية داخل اراضي الاقليم، وقال عضو برلمان كوردستان نزار غفور انه على خلفية العمليات العسكرية التي تقوم بها القوات التركية والايرانية منذ الخامس عشر من حزيران وبأمر من هيئة رئاسة برلمان الإقليم تم اليوم الثلاثاء 30 حزيران تشكيل لجنة لمتابعة العمليات العسكرية التي تجري على المناطق الحدودية.
وفي إطار جهود لاحتواء الموقف، قال مدير ناحية باتيفا في محافظة دهوك دلشير عبد الستار ان قوات حرس الحدود العراقي انتشرت في منطقة بإقليم كوردستان على حدود تركيا، كانت قد تعرضت مؤخراً لقصف من جانب أنقرة.
وأوضح عبد الستار إن "لواء حرس الحدود التابع لوزارة الداخلية العراقية نشر مجموعة من قواته شمالي ناحية باتيفا على حدود تركيا، وأقام ثلاث نقاط عسكرية في المرتفعات الجبلية شمالي الناحية، مبينا أن مهمة هذه القوات ستتركز على حماية القرى الحدودية ومواطنيها.
shafaaq