تغيير ديموغرافي وسجون سرية واستيلاء على أراضي.. كيف حولت سرايا السلام سامراء لسجن كبير ؟
تحكم ميليشيا سرايا السلام التابعة للزعيم الشيعي مقتدى الصدر ، سيطرتها على مدينة سامراء في محافظة صلاح الدين ، الواقعة إلى الشمال من العاصمة العراقية بغداد.
وعلى الرغم من قرارات حكومية متعددة بشأن إخراج الحشود من المدن، غير أن سلطة الفصائل لاتزال الأولى في العديد من المدن، ومنها سامراء ذات الأهمية الدينية والتأريخية، ومن تلك الأهمية تظهر أسباب إحكام سرايا السلام قبضتها على المدينة.
ومنذ سيطرة السرايا على سامراء ومحيطها بحجة حماية المرقدين العسكريين ، يشهد القضاء انتهاكات وممارسات تستهدف أبناءها وتقود للتغيير الديموغرافي.
آخر تلك الانتهاكات كشف عنها المركز العراقي لتوثيق جرائم الحرب ، الذي أكد وجود جملة جرائم ترتكبها سرايا السلام في منطقة مكيشيفة التابعة لقضاء سامراء.
وكشف المركز عن عمليات تصفية طائفية تقودها ميليشيا السرايا التابعة لزعيم التيار الصدري، مشيرة إلى وجود عمليات فرض أتاوات واختطاف للعشرات، آخرها اختطاف 50 شخصاً واقتيادهم لجهة مجهولة.
ميليشيا “سرايا السلام” تفرض سيطرتها على شركة مصافي الجنوب – وكالة ...
مدير مركز توثيق الجرائم عمر الفرحان ، قال لمراسل (باسنيوز): إن "مدينة سامراء تشهد منذ تفجير المرقدين عام 2006 انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان بسبب سطوة المليشيات وغياب القانون ، وأن للأجهزة الأمنية في سامراء طابعاً عسكرياً خاصاً وبعداً عقائديّاً وارتباطاً خارجياً يختلف عما سواه في بقية المحافظات التي تسيطرُ عليها هذه الأجهزة والمليشيات".
وأضاف الفرحان: أن " القبضة الأمنية الميليشياوية أودت بحياة الكثير من المدنيين بين مغيب قسراً أو معتقل دون محاكمة بحسب التقارير الميدانية وشهادات المدنيين من داخل المدينة ، وتشهد السجون التي تسيطر عليها هذه المليشيات أنواعاً من التعذيب غير مألوفة تعرض لها أكثر من 15000 ألفا بين معتقل ومغيب من المدنيين".
وتابع: أن “صور الانتهاكات الطائفية التي تقوم بها المليشيات في مدينة سامراء تبدأ من الاستيلاء على منازل المدنيين وممتلكاتهم ومنحها إلى غيرهم من أجل تغيير التركيبة السكانية".
وأكد وجود معلومات جديدة على تعرض أهالي إلى تطهير عرقي وطائفي من قبل ميليشيا سرايا السلام التابعة لمقتدى الصدر.
دعوات لتدخل دولي
قال الفرحان: أن "الأهالي بينوا للمركز أن هناك عمليات اعتقال واسعة للمدنيين في منطقة مكيشفة منذ 3 أيام متواصلة ، تقوم بها المليشيات ، وبحسب شهود عيان فإن هذه الميليشيات تقوم بمداهمة المنازل بطريقة مرعبة ومستفزة حيث يستخدمون في كسر الأبواب القنابل والرصاص الحي والقنابل الصوتية بينما اصحابها نائمون ، مما يؤدي إلى ترويع الأطفال والنساء، ليتم بعدها اختطاف أكثر من 50 مدنيا بينهم شباب وأحداث رافقتها ضرب وإهانة للمختطفين".
كما تحدث الفرحان عن عمليات تهديد المزارعين وأصحاب أحواض الأسماك، والتضييق على المدنيين في حياتهم الاقتصادية وفرض مبالغ مالية (أتاوات)عليهم، وإهانة العوائل باستخدام الأساليب المهينة والسب والشتم الطائفي، والضغط عليهم ليتنازلوا عن ملكية أراضيهم وتسجيلها بأسماء منتسبي ميليشيا الحشد.
وفيما يخص المختطفين فتعمل هذه المليشيات على ابتزاز عوائلهم إما بدفع مبالغ كبيرة أو إخفاءهم في السجون السرية.
وحمل مدير المركز العراقي لتوثيق جرائم الحرب حكومة بغداد مسؤولية ما يجري في سامراء من انتهاكات تقوم بها ميليشيا سرايا السلام، داعيا المجتمع الدولي إلى تطبيق القانون الدولي واتخاذ الإجراءات الصارمة بحق مخالفيه، مبينا أن الانتهاكات الإنسانية في سامراء بلغت ما يوجب تدخلاً أمميا.
وفي وقت سابق، كشفت مصادر في سامراء عن حراك يقوده السفير الإيراني في بغداد إيرج مسجدي ، لاستحداث محافظة عراقية جديدة على أسس دينية باسم محافظة سامراء "المحافظة المقدسة".
سامراء .. سجن كبير
الصحفي والكاتب عمر الجنابي قال في تصريح لـ (باسنيوز) إن " سرايا السلام حولت مدينة سامراء إلى سجن كبير، وفرضت هيمنتها على المدينة وباتت تتدخل بملفاتها السياسية والأمنية والاقتصادية".
الجنابي الذي ينحدر من محافظة صلاح الدين ، أكد أن شهادات الأهالي تؤكد وجود أعداد كبيرة من المختطفين على يد الفصائل التابعة لمقتدى الصدر منذ سنوات ولا توجد أسماء الأشخاص المفقودين في سجلات وزارة العدل أو الداخلية والدفاع.
وكشف الجنابي عن استيلاء ميليشيا سرايا السلام على العديد من الأراضي المميزة القريبة من المراقد الدينة، فضلا عن الاستيلاء على الأراضي الواقعة في محيط القضاء واستثمارها وتغيير العقود الخاصة بها بعد أن قامت بمنع سكانها النازحين من العودة.
ولفت الصحفي والكاتب إلى وجود حملة واضحة للتغيير الديموغرافي تقودها الفصائل المسلحة في سامراء، مبينا أن أحد أوجه ذلك التغيير تتمثل في الاستيلاء على الأراضي الزراعية ومنع عودة النازحين، فضلا عن جلب الآلاف من الجواميس من جنوب العراق إلى سامراء واستثمارها من قبل جهات قريبة لتلك الفصائل.
وبين الجنابي ، أن أحدى المشاكل التي تواجه القضاء هي تعدد القيادات العسكرية ، كون سامراء تخضع لسلطة سرايا السلام، وفيها قيادة عمليات سامراء المنفصلة عن قيادة عمليات صلاح الدين.
وشدد الجنابي على أن الحكومة لو كانت لها رغبة حقيقية في إدارة البلد بشكل صحيح فإن عليها أن تتدخل بشكل عاجل لوقف ما يجري من خروقات وانتهاكات في سامراء ، وأن تنهي تواجد الفصائل المسلحة فيها، وأن تعيد فرض القانون في تلك المناطق والسماح بعودة النازحين وإطلاق سراح المختطفين.
وتقع مدينة سامراء على ضفاف نهر دجلة في محافظة صلاح الدين، وكانت عاصمة الدولة العباسية بعد بغداد، فقد شيدها الخليفة العباسي المعتصم سنة 835 ميلادية (221 هجرية)، وظلت سامراء عاصمة للخلافة العباسية حتى عاد الخليفة المعتمد إلى بغداد وجعلها عاصمة مرة أخرى عام 279 هجرية.
وتعتبر سامراء كذلك إحدى أهم المدن المقدسة لدى المسلمين الشيعة ، وذلك لوجود ضريح الإمامين علي الهادي والحسن العسكري في المدينة، اللذين يسميان "الإمامان العسكريين".
باسنیوز