• Monday, 23 December 2024
logo

فلاحون كورد وتركمان يشكون حرمانهم من تسويق محاصيلهم: آلة التعريب والمحسوبية تحصد حقوقنا الضائعة

فلاحون كورد وتركمان يشكون حرمانهم من تسويق محاصيلهم: آلة التعريب والمحسوبية تحصد حقوقنا الضائعة
بعد 17 عاماً من إسقاط نظام صدام حسين، لا يزال الفلاحون في المناطق الكوردستانية المستقطعة يعانون من قراراته، حيث يئن المزارعون الكورد والتركمان في كركوك تحت وطأة عدم قدرتهم على تسويق محاصيلهم إلى وزارة الزراعة الاتحادية بدعوى عدم امتلاكهم السند القانوني الذي يثبت ملكيتهم لأراضيهم إثر شمولها بالإطفاء والاستملاك، وما زاد الطين بلة ما وصفه ممثل الفلاحين التركمان بـ"عمليات التعريب المستمرة بمباركة الحكومة المحلية".

تفوق مساحة الأراضي المصادرة أكثر من مليون و300 ألف دونم في المناطق المستقطعة بقرارات نظام صدام حسين، حيث يضطر المزارعون الكورد والتركمان لبيع محاصيلهم لمضاربين بسعر زهيد لا يتجاوز 350 ألف دينار لطن الحنطة، ويقوم هؤلاء ببيعها بضعف السعر كونها خارج الخطة الزراعية.

وقال رئيس فرع الفلاحين الكورد في كركوك، مردان علي، إن "الحكومة لا تتبنى حل مشاكل الفلاحين رغم كل المعاناة التي يواجهونها ومنعهم من تسويق محاصيلهم، حيث فرض الإطفاء على أراضيهم ولم يتلق الكورد أي تعويضات فيما استلم الفلاحون العرب تعويضاً لمرتين".

وأضاف أن "900 ألف دونم من أراضي الكورد في كركوك استولى عليها العرب منذ عهد صدام وهم الآن مدعومون من الحكومة المحلية"، مشيراً "تشكيل لجان في المحافظة لا تمثل الكورد والتركمان".

هذه الشكاوى لم تقتصر على الكورد، حيث أشار ممثل الفلاحين التركمان إلى وجود مظالم مشابهة.

وقال ممثل الفلاحين التركمان جنكيز غفور خلال مشاركته في البرنامج: "مع الأسف، في 2013 صدر قرار بإلغاء قرارات شؤون الشمال، لكنه لم يطبق، لأن بغداد تعادي الكورد والتركمان".

ولفت إلى "قرار رقم 29 الصادر عام 2012 إبان حكم نوري المالكي الخاص بإطفاء الأراضي ما أثر بشكل مباشر على المادة 140"، مبيناً أن "القرارات السابقة الصادرة عن البعث مستمرة دون وجود أي معالجات".

ولفت إلى أن "عمليات التعريب مستمرة بل أصبحت أسوأ بكثير، ولقد راجعنا دائرة الزراعة، لكنها تقول إنها تطبق القانون بحسب الخطة الزراعية التي لا تشمل أراضينا لأنهم يقولون إنه تم إطفاؤها"، مشدداً على أنه "نحن كتركمان وكورد يجب أن نساند بعضنا البعض لأننا لا نتلقى أي دعم ولا نجد استجابة لمطالبنا رغم أن وزير العدل كوردي".

ودعا غفور إلى "إيجاد حل لمشكلتنا بأقرب وقت وعدم تضييع الوقت بتشكيل اللجان"، متابعاً: "نرجو النظر إلى الكورد والتركمان كمواطنين عراقيين".

المحسوبية وازدواج المعايير بين الفلاحين على أساس القومية، إحدى النقاط التي أشار إليها عبدالله رؤوف، وهو مسؤول فلاحي ليلان في كركوك قائلاً إن "محاصيل أراضينا تعد خارج الخطة الزراعية، وفي أحسن الأحوال تتأخر المعاملات إلى ما بعد انتهاء موسم التسويق، كما يقوم التجار وأغلبهم من العرب بشراء المحاصيل الزراعية بأسعار زهيدة وبيعها بأسعار باهظة، بفرق يصل لـ450 ألف دينار لكل طن، وهؤلاء يبيعون محاصيلنا إلى الحكومة باسمهم عبر الرشوى والمحسوبية، في حين أن الزراعة لاتقبل منا المحاصيل نفسها وتصنفها على أنها (علفية)".

الأمر لم يخلُ من مبادرات برلمانية فردية طرقت أبواب الجهات العليا لإيجاد حلول للفلاحين الذين تتلخص أقصى مطالبهم باستيعاب صوامع الحكومة محاصيلهم الزراعية التي يسهرون على إنتاجها طوال السنة، لكنها لم تستطع الوصول لأهدافها المرجوة.

عضو مجلس النواب العراقي عن كركوك، ديلان غفور، ذكرت أن "المضاربة بمحاصيل الفلاحين باتت تجارة يقدر ريعها بالمليارات، وتسويق هذه المحاصيل جزء من الملفات العالقة بين الحكومة الاتحادية وإقليم كوردستان وفق الخطة الزراعية التي تعتمد الأساس القانوني للأراضي، فرغم إعادة الأراضي إلى الفلاحين وصدور عدة قرارات تنظم دفع التعويضات للمصادرة أراضيهم لكنها لم تطبق بعد".

وذكرت أن "رئيس الجمهورية برهم صالح وجه بتشكيل لجنة خاصة حول هذا الأمر وقد أصدرت اللجنة عدة توصيات، لكن وزير العدل المعني بالأمر يقول إنه بانتظار إصدار قرارات من الدائرة القانونية لمجلس الوزراء بشأن إطفاء الأراضي وإلغاء قرارات لجنة شؤون الشمال التي عالجها القرار رقم 29، أما قرارات مجلس قيادة الثورة المنحل فتتطلب صدور تشريع من مجلس النواب والتصويت على ذلك في البرلمان يحتاج إلى تهيئة الأرضية لضمان الحصول على الأصوات الكافية نظراً للطبيعة السياسية للأمر".

ومضت بالقول: "فاتحنا الأمانة العامة لمجلس الوزراء بغرض شمول الأراضي المطفية بخطة وزارة الزراعة وتمت إحالة الكتاب للوزارة التي فاتحت مجلس الوزراء بشأن تمويل تسويق محاصيل الفلاحين في الأراضي بمناطق 140 والتي ليس لدى أصحابها سند قانوني تثبت ملكيتهم لها"، لافتةً إلى "تجديد 127 عقداً زراعياً للفلاحين العرب المستوطنين في كركوك".

ورداً على ما قالته النائبة، راسل وزير العدل، فاروق شواني، مقدم البرنامج، رنج سنكاوي، على الهواء، موضحاً "تشكيل لجنة بأمر من رئاسة الجمهورية، ونحن ننتظر مصادقة مجلس الوزراء على التقرير الذي رفعته هذه اللجنة منذ 5 أشهر، وسأستقبل ممثلين عن الفلاحين الثلاثاء المقبل لنقل معاناتهم إلى وزارة التجارة".

مدير زراعة كركوك، زهير علي، اعترف بتعرض الفلاحين للغبن، لكنه شدد على أن الدائرة مقيدة بتطبيق تعليمات الوزارة، وأن معالجة المشكلة تتطلب تدخل جهات أعلى.

وقال علي: "نحن جهة تنفيذية، ونتعامل مع جميع الفلاحين بدون تمييز في الحقوق والواجبات، لكن كركوك حالة معقدة فهي مشمولة بالمادة 140 وهنالك العديد من الأراضي المشمولة بالإطفاء والاستملاك وكذلك بعض العقود التي شملت بالتجميد، وهذه غير مشمولة بالخطة الزراعية بسبب عدم وجود سند ملكية قانوني لها".

وأشار إلى "وجود محاولات بالتعاون مع الجهات المعنية بغية شمول كل الفلاحين بالخطة الزراعية لحين الحصول على السند القانوني"، مبيناً أن "العديد من المناطق تشملها المادة 117 من قانون الاستصلاح الزراعي ونحن لا نستطيع إلغاء العقود الزراعية ونتعامل معها كواقع قانوني".

ورداً على دفع تعويضات مزدوجة للفلاحين الوافدين، أكد أن نصف الفلاحين حصلوا على تعويضات وليس جميعهم، موضحاً أن أغلب الأراضي مستغلة بشكل طبيعي لكنها غير مشمولة بالخطة الزراعية لأن السندات غير سارية المفعول بالنسبة للأراضي المطفية، وفيما يتعلق بالأراضي المستملكة فنحن ننتظر إجابات الهيئة العامة للأراضي".

ومضى بالقول: "نقر بمظلومية الأخوة الكورد بإطفاء الحقوق التصرفية لأراضيهم وندعم مع كل الإجراءات الرامية لإعادة الحقوق إليهم، لكن هذه الإجراءات يجب أن تكون متساوية من وزارتي الزراعة والعدالة وحل المشكلة وفق القانون والتعليمات الخاصة".

وتابع: "أرسلنا العديد من الكتب إلى وزارة الزراعة للمصادقة على الخطة الزراعية لكن بحسب التعليمات لا نستطيع التعامل مع أي أرض لا تملك وثائق الملكية وهذه ليست من صلاحيات الوزارة بل مجلس الوزراء"، مبيناً: "نسعى للحصول على الموافقة القانونية، لشراء هذه المحاصيل وحل المشكلة بالتفاهم بين جميع الأطراف وإصدار قانون بهذا الشأن في البرلمان".

يشار إلى أن تطبيق المادة 140 من الدستور العراقي، يتعلق بحل لمشكلة كركوك وما تسمى "المناطق المتنازع عليها" التي تعرضت للتغيير الديمغرافي ولسياسة التعريب على يد نظام صدام حسين، وذلك خلال فترة حكمه من عام 1968 حتى إسقاطه في نيسان 2003.

ونصت المادة على آلية تضم ثلاث مراحل: أولاها التطبيع، ويعني علاج التغييرات التي طرأت على التركيبة السكانية في كركوك والمناطق المتنازع عليها في عهد نظام صدام وبعده، والثانية الإحصاء السكاني في تلك المناطق، وآخرها الاستفتاء لتحديد ما يريده سكانها، وذلك قبل 31 كانون الأول 2007، لكن المادة لم تجد طريقها إلى التطبيق بسبب تنصل الحكومات العراقية المتعاقبة عن هذا الالتزام.

ورغم أن بعض الجهات المستفيدة تعول على بقاء المادة 140 رهينة أدراج النسيان تارة والإهمال تارة أخرى، خاصة مع خروج كركوك ومناطق كوردستانية أخرى من يد الكورد منذ 16 تشرين الأول 2017 المعروفة بأحداث "16 اكتوبر"، لكن المحكمة الاتحادية العليا، بددت تلك الأماني بحكم أصدرته في 30 تموز، 2019، يقضي ببقاء سريان المادة (140)، مبينةً أن "الموعد المحدد في تنفيذ المادة وضع لأمور تنظيمية ولحث المعنيين على تنفيذها ولا تمس جوهرها وتحقيق هدفها".







rudaw
Top