• Monday, 23 December 2024
logo

كولبر(عتالون) مجردون من حقوق المواطنة يحملون رزقهم على طرق الموت الوعرة

كولبر(عتالون) مجردون من حقوق المواطنة يحملون رزقهم على طرق الموت الوعرة
على الحدود الإيرانية العراقية، ينتشر رجال يحملون البضائع على ظهورهم عبر الحدود لمسافات طويلة، ولا سيما في المناطق الكردية الجبلية الفقيرة المتاخمة للعراق، يطلق عليهم "كولبر" وهي تعني "حمال- الظهر"، فمن هم؟ ولماذا يخاطرون بحياتهم؟ خاصة وأنهم معرضون بشكل كبير للموت سواء عن طريق إطلاق النار عليهم أو بسبب سوء الأحوال الجوية.

كولبر... مجردون من حقوق المواطنة يحملون رزقهم على طرق الموت الوعرة

وفقاً لموقع "Iranwire"، فقد قُتل ما لا يقل عن 74 عاملا كرديا منهم على حدود كردستان وأصيب 174 شخصا بجروح في عام 2019، منهم 50 شخصا برصاص قوات الأمن وحرس الحدود الإيرانية، و23 فقدوا حياتهم بعد سقوطهم من الجبال، أو بسبب الألغام الإيرانية، وفقا لما نشرته "الحرة".

وفي عام 2012، أثار أحمد شهيد مقرر الأمم المتحدة الخاص لحقوق الإنسان في إيران في تقريره في ذلك الوقت، قضية "قتل إيران المنهجي للكولبر الكردي".

وأفاد تقرير الأمم المتحدة وقتها، بأن "حرس الحدود الإيراني يطلقون النار بشكل عشوائي على هؤلاء الأفراد، ما يؤدي إلى مقتل وجرح العشرات منهم سنوياً".

من هو كولبر؟

هو الذي يحمل البضائع وينقلها إلى التجار الإيرانيين من إقليم كردستان العراق ويسير بها في الجبال لمسافة قد تصل إلى 10 كيلومتر، ويتراوح وزن حمولته بين 25 و50 كيلوغراما، ويتقاضون عن كل كيلوغرام ما يعادل ما بين 37 -88 سنتاً أمريكيا، بحسب السلع.

ونسبة صغيرة من "كولبر" تسمى "الرباعي" وهم الذين يحملون بضائعهم على الخيول والبغال، كما توجد نساء تعمل بهذه المهنة أيضاً.

وتنتشر المهنة في ثلاث محافظات إيرانية، وهي أذربيجان الغربية وكردستان وكرمانشاه، وكلها متاخمة لحدود كردستان العراق.

ولا توجد إحصاءات رسمية عن عددهم. ففي تموز 2017، قال رسول الخزاري، عضو لجنة الشؤون الاجتماعية بالبرلمان الإيراني، إن "هناك 70 ألف كولبر يعملون في إيران". وفي كانون الاول الماضي، أفادت وكالة الأنباء الإيرانية "بأن عددهم يتراوح ما بين 80 -170 ألفا، بينما قدر حزب العمل الإيراني عددهم بـ80 ألف في تموز الماضي".

وبالنسبة للبضائع التي يحملونها، فقد دون نائب حاكم كردستان للشؤون السياسية والأمنية، رضا أشناجار، 89 نوعًا من السلع الاستهلاكية التي يحملونها، بما في ذلك الشاي، والمواد الغذائية المعبأة، وأجهزة التلفزيون، ووحدات تكييف الهواء، والمنسوجات، والأحذية، والملابس، وأدوات المطبخ، ومنتجات الجمال والصحة، وإطارات السيارات، والهواتف المحمولة، وأحيانا السجائر.

وكقاعدة عامة، لا ينقل "كولبر" المشروبات الكحولية على الرغم من أنها تجلب ثمنا باهظا لأنها غير قانونية في طهران، كما أن نقلها صعب ويمكن أن يؤدي إلى غرامات باهظة وحتى السجن.

المخاطر التي يتعرضون لها

يقول مهدي خسروي، الذي يعمل "كولبر"، في تصريحات لموقع "Iranwire": "أمام عيني، تم إطلاق النار على عدد منا من قبل حرس الحدود الإيراني، بعضهم قتل والبعض الآخر أًصيب بإعاقة دائمة"، وأضاف أن "بعضهم يموت بسبب البرد الشديد أو السقوط من على الجبال، أو بسبب الألغام".

بالإضافة إلى ذلك فهم معرضون للضرب والقبض عليهم والحكم بالسجن أو الغرامة، لمجرد أنهم يحملون بضائع مملوكة لشخص آخر.

ويقول "كولبر" آخر، إن "حرس الحدود وقوات الأمن الإيرانية يعتبرون أن حياتهم لا قيمة لها وأنهم يطلقون النار عليهم في الرأس والصدر"، متسائلا لماذا لا تطلق قوات الأمن النار في الهواء كتحذير لإيقافهم، بدلاً من قتلهم؟

ويشير إلى أنهم "لا يقتلون البشر فقط بل يقتلون حيواناتهم التي تساعدهم في حمل البضائع، من بغال وخيول أيضاً"، مؤكداً أن "الأمر لا يقتصر على جريمة قتل الحيوانات البريئة، بل هو سلب عائلات مصدر دخلهم الوحيد، كما حدث في مذبحة الخيول التي نفذتها القوات الإيرانية في آيار 2018 في مقاطعة أذربيجان الغربية، حين ذبحت 90 حصانا من خيول الكولبر".

لماذا يمارسون هذه المهنة؟

بالرغم من خطورة هذه المهنة، إلا أن أصحابها ليس لديهم خيار آخر لكسب قوت يومهم، وحماية ذويهم من الجوع، فالمناطق الكردية الإيرانية من أشد المناطق فقراً وجوعاً في إيران، ولا توجد بها أي خدمات أو بنى تحتية.

وتعاني هذه المقاطعات من البطالة والتضخم، فوفقًا للإحصاءات التي نشرها المركز الإحصائي الإيراني والبنك المركزي الإيراني، بلغ متوسط معدل البطالة في هذه المحافظات في صيف 2019 أكثر من 38 % ، وبلغ متوسط معدل التضخم في هذه المقاطعات 35.28%.

وغالبًا ما يكون التهريب عملاً مربحًا للتجار ، إلا أن هذا لا ينطبق على "الكولبر"، لأنه يحصل على أقل من 1 % من قيمة البضائع التي يحملها، ما يعني أنه من بين كل 100 دولار يحصل على دولار واحد.

أما عن تأثيره في الاقتصاد الإيراني، فيقول رسول خزاري، إن "99.5 % من البضائع المهربة تدخل إيران عبر البحر، في حين أن حصة التهريب عبر كولبر لا تشكل إلا نصفا في المئة".

ويضيف أن "هذا يعني أن التهريب الذي يقوم به الكولبر" يغذي سوقاً صغيراً، ولا يلعب أي دور في الاقتصاد الإيراني".

وضع كولبر في القانون الإيراني

يعتقد بعض المسؤولين الإيرانيين أن "عمل الكولبر غير قانوني، لأن البضائع التي يحملونها لم يتم استيرادها عبر الطرق القانونية، ولم تتسلم مصلحة الجمارك رسوم استيراد البضائع".

وأكد محامون أنه "توجد رسالة من مكتب المرشد الأعلى تنص بوضوح على أنه لا يمكن معاقبة حرس الحدود لأنه قتل أي كولبر أو أصابه".

بينما يرى الحقوقيون أن "هؤلاء الأشخاص محرمون من الحقوق وامتيازات الجنسية، وأن الحق في الحصول على وظيفة ودرء الجوع، له الأسبقية على القيود القانونية المفروضة على استيراد البضائع ودفع الرسوم الجمركية".

ويشيرون إلى أن "كولبر الذي جٌرد من حقوق المواطنة ليس مُلزما بمراعاة القوانين".






زاكروس
Top