الحياة عبر العدسة ... نوزاد محمد عاشق جبال كوردستان
انه احد المصورين المحترفين في كوردستان. تخصص في تصوير الشاهقات من جبال وطنه. فمنذ كان بيشمركة في صفوف ثورة كوردستان التحررية، قد عاش بين احضان هامات الجبال التي تناطح قممها السحاب وتعانق السماء ايام الصحو. في تلك الطبيعة الساحرة حد الوجد، هذا القادم من كركوك حيث الجغرافية المتموجة من كوردستان، ولع بتوثيق هذا الجمال الذي ابهره تماما.
لقد وجد هذا المصور الثائر علاقة جدلية بين طبيعة الجبال الكوردستانية والبيئة الاجتماعية لسكانها. فالقرويون من اهالي مناطق العمق الكوردستاني ربما اكتسبوا الكثير من خصال انفتاحهم على الحياة والعفوية في تصرفاتهم الرزنة والثقة المطلقة بالذات من طبيعتهم المعطاء المتجددة دوما، وقد ترسخت التقاليد والاعراف ومراسم العمل والانتاج لدى سكان هذه المناطق من خلال تناغمهم العجيب مع ايقاع الطبيعة.
نوزاد ظل وفيا للبيئة التي احتضنته ايام النضال العسيرة، وهذا الوفاء هو رهن عشق عميق وولع واسع بتلك الجغرافية القاسية والرؤفة في ذات الوقت. وخلال العقود الماضية برهن على حرفيته العالية وفطنته في التقاط مشاهد بصرية تلخص سحر الطبيعة ومفاتنها الخفية والمعلنة. سلسلة من المعارض التي افتتحها في العديد من مدن كوردستان (آخرها المعرض الذي اقامه مطلع العام الحالي في المركز الثقافي في مدينة كركوك)، قدم خلالها مجموعات كبيرة من الصور التي تنقل المشاهدين من رواد ومحبي فني التصوير الفوتوغرافي الى تفاصيل دقيقة عن البيئة الطبيعية والبشرية لسكان الجبال الكوردستانية، هذه التفاصيل التي ليس من السهولة مشاهدتها او الاطلاع عليها من دون تتبع وتعايش امده سنين طويلة عاشها المصور وهو في صفوف ثورة كوردستان التحررية.
ومن المفيد جدا الاشارة الى برنامج اسبوعي شهير كان يقدمه طوال السنين الماضية من خلال شاشة فضائية زاكروس التي كانت تبث برامجها آنذاك باللغة الكوردية. هذا البرنامج المتلفز كان على شكل تحقيقات وثائقية باهرة عن الحياة الاجتماعية وتقاليد مجتمع قرى جبال كوردستان الشاهقة، وكيفية التطاوع مع هذه البيئة الغناءة المعطاءة ذات الشتاء القارس حيث الثلوج تهطل بكثرة، ولا تكتفي الطبيعة باطلاء هامات الجبال وقممها ببياض الثلوج بل حتى الطرقات تغلق بين القرى من كثرة تراكم الثلوج. نحن سكنة المدن او القوريون الكوردستانيون من سكنة المناطق السهلية والمتموجة، يصعب علينا التكهن بطبيعة الحياة بين احضان مشاتي كوردستاني (وتدعى بالكوردية: كويستان او زوزان)، هناك يعيش الانسان بروح متفتحة وتلقائية واريحية وسؤدد كبير، لا يشكو قسوة الطبيعة بل بات بكينونته يشكل جزءا حيّا وحيويا من تفاصيلها اللانهائية.
كل هذه الامور وصلت جميع الكوردستانيين والكورد حيثما كانوا بفضل البرنامج الاسبوع (هةطبةي بنار) للمصور الحرفي البارع نوزاد محمد الذي اتحف الارشيف الكوردستاني بوثائق بصرية هي في غاية الاهمية من حيث المضمون والاخراج، وقد دعم حلقات هذا البرامج المصور بموسيقى تصويرية انسجمت مع مضمون الخطاب البصري للبرنامج وفحواها بشكل فائق، وذلك بالاعتماد على ارشيف الغناء الكوردستاني من خلال اصوات واغاني كبار ومشاهير المطربين والمغنين الكورد.
(ملاحظة): يرجى كتابة كلمتي (هةطبةي بنار) باحرف الاملاء الكوردي، مع جزيل الشكر.