العراق .. شارع مصمم على التغيير وطبقة سياسية عاجزة عن التوافق
ويبدو أن يومي الأحد، بالنسبة لتسمية مرشح لرئاسة الحكومة الجديدة، والاثنين، بالنسبة لإقرار قانون الانتخابات، سيكونان حاسمين من أجل التوصل إلى حل لإنهاء أزمة المظاهرات التي دخلت يومها الخامس والخمسين على التوالي.
وأجلت الكتل السياسية تسمية مرشح لرئاسة الحكومة إلى الأحد إثر انقضاء المهلة الدستورية اول أمس الخميس ، فيما أجل البرلمان إلى الاثنين إقرار قانون الانتخابات الجديد بعد فشل تمريره في جلسته السابقة يوم الأربعاء الماضي.
ودعا المرجع الشيعي الأعلى العراقي علي السيستاني إلى إجراء انتخابات نيابية مبكرة ، لإخراج البلاد من الأزمة التي تعصف به بين شارع مصمم على التغيير وطبقة سياسية عاجزة عن التوافق.
وقال السيستاني في خطبة الجمعة التي ألقاها ممثله عبد المهدي الكربلائي في مدينة كربلاء جنوب بغداد: «إن أقرب الطرق وأسلمها للخروج من الأزمة الراهنة وتفادي الذهاب إلى المجهول أو الفوضى أو الاقتتال الداخلي، هو الرجوع إلى الشعب بإجراء انتخابات مبكرة»، معتبراً أنها الحل الوحيد.
وأضاف: «إن الانتخابات يجب أن تأتي بعد تشريع قانون منصف لها، وتشكيل مفوضية مستقلة لإجرائها، ووضع آلية مراقبة فاعلة على جميع مراحل عملها تسمح باستعادة الثقة بالعملية الانتخابية».
والبرلمان الحالي هو الأكثر انقساماً في تاريخ العراق الحديث ، وقد فشل النواب يوم الأربعاء الماضي، في الاتفاق على إعادة صياغة قانون الانتخابات، وهو الإصلاح الأكبر الذي قدمته السلطات إلى المحتجين، ورفعوا الجلسة حتى بعد غد الاثنين.
وفيما ينتظر العراق رئيس حكومة جديداً، بعدما تخطى العراقيون أمس الأول المهلة الدستورية لتسمية مرشح، أعربت المرجعية عن أملها «أن لا يتأخر طويلاً تشكيل الحكومة الجديدة، التي لا بد من أن تكون حكومة غير جدلية، تستجيب لاستحقاقات المرحلة الراهنة، وتتمكن من استعادة هيبة الدولة وتهدئة الأوضاع، وإجراء الانتخابات المقبلة في أجواء مطمئنة بعيدة عن التأثيرات الجانبية للمال أو السلاح غير القانوني وعن التدخلات الخارجية».
وفي غياب اتفاق بين الكتل البرلمانية على الشخصية التي ستوكل إليها المهمة ، قال مصدر في رئاسة الجمهورية : « إنّ السلطات اتفقت على تأجيل المهلة حتى يوم الأحد نظراً إلى أنّ الجمعة والسبت يوما العطلة الأسبوعية في العراق».
ووصل المتظاهرون إلى ساحة التحرير والخلاني والسنك والوثبة ببغداد وساحات التظاهر في محافظات البصرة والناصرية والمثنى والديوانية وواسط وكربلاء والنجف والحلة والديوانية وهم يحملون أعلام العراق ويهتفون بشعارات تدين المشاورات التي تجريها الكتل السياسية ورئاسة الجمهورية لتسمية مرشح لتشكيل الحكومة الجديدة فضلاً عن إخفاق البرلمان العراقي في حسم إقرار قانون الانتخابات الجديد.
وأفاد شهود عيان بأن المتظاهرين خضعوا للتفتيش قبيل دخولهم من قبل متطوعين لضمان أمن ساحات التظاهر فيما تحيط القوات العراقية ساحات التظاهر من مسافات بعيدة».
وأوضحوا أن المتظاهرين نشروا خلال الأيام الماضية أسماء جميع الأشخاص الذين أعلنت الكتل السياسية ترشيحهم لمنصب رئيس الحكومة، معلنين رفضهم جميعاً، وأكدوا مطالبهم بأن يكون المرشح مستقل وغير منتمي إلى الأحزاب أو مقرب منها وأن لا يكون قد تسلم منصب سابقاً أو مزدوج الجنسية.
ولم يتمكن البرلمان عند منتصف ليل الخميس من منح الثقة إلى شخصية جديدة لرئاسة الوزراء، فيما ينص الدستور على أن يقوم رئيس الجمهورية برهم صالح مقام الرئيس المستقيل، لمدة 15 يوماً.
في هذه الأثناء ، تستمر موجة الاغتيالات في صفوف الناشطين العراقيين، على يد مسلحين مجهولين، وآخرهم كان الناشط علي العصمي، وسط الناصرية بمحافظة ذي قار.
وأكد مصدر أمني عراقي اغتيال الناشط الشاب علي العصمي، الذي قتل داخل سيارة شقيقه، ظناً من القتلة أنه سلام العصمي، وفقاً لبعض الروايات على وسائل التواصل الاجتماعي.
ونعى شقيقه الأكبر، سلام العصمي ، أخاه ، في منشور على موقع فيس بوك: «هذا الذي قتلوه أخي الأصغر وليس أنا، وحفل زفافه بعد أشهر من اليوم».
وقال المصدر الأمني: «إن القوات الأمنية طوّقت مكان الحادث، ونقلت الجثة إلى دائرة الطب العدلي».
وتأتي عملية اغتيال علي العصمي، التي قد تكون بالخطأ، لتكمل سلسلة الاغتيالات البشعة للناشطين العراقيين على يد مسلحين مجهولين.
وهؤلاء الناشطون تم تحييدهم من المشهد العراقي، من بين أكثر من 500 قتيل، ونحو عشرين ألف جريح، منذ اندلاع الاحتجاجات الشعبية في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي .
ويقول ناشطون إن الهدف من موجة الاغتيالات إسكات أصواتهم عن المطالبة بمحاربة الفساد ومنعم من التعبير عن رفض التدخل الأجنبي في شؤون بلدهم.
ويشهد العراق حملة خطف وتخويف وترويع، تنفذها جهات مجهولة، وكيانات مسلحة وخارجين عن القانون، حسب ما تقول جهات دولية، فيما تحوم الشبهات حول فصائل مدعومة من الخارج.
إلى ذلك، حمّل رئيس المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق، عقيل جاسم الموسوي، أمس، الأجهزة الأمنية مسؤولية حماية المتظاهرين وساحات التظاهر في بغداد وعدد من المحافظات ووضع حد لجرائم الاغتيالات والخطف بحق المتظاهرين والناشطين والإعلاميين وملاحقة الجناة.
باسنيوز