مشاورات مكثفة حيال مصير رئيس الوزراء مع تواصل الاحتجاجات في العراق
وفيما تتكثف المشاورات منذ أن بدا المعسكر المقرب من إيران متردداً حيال الدعوات إلى إقالة عبد المهدي، سقط صاروخ كاتيوشا قرب السفارة الأميركية في المنطقة الخضراء، ما أسفر عن مقتل عسكري عراقي وجرح ثلاثة آخرين، بحسب مصادر أمنية.
وهذا الهجوم الذي لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عنه، جاء بعد يومين من سقوط قذيفتي هاون على قاعدة التاجي العسكرية، حيث يتمركز جنود أميركيون شمال بغداد.
وباحتشادهم في ساحة التحرير في بغداد وفي مدن جنوبية عدة، كسر العراقيون على مدى الليلتين الماضيتين حظر التجول، وهم يراقبون المناورات السياسية، مؤكدين في الوقت نفسه بأنهم لن يقبلوا بأقل من رحيل جميع المسؤولين.
وكان رجل الدين الشيعي البارز مقتدى الصدر وزعيم منظمة "بدر" رئيس كتلة قدامى مقاتلي الحشد الشعبي في البرلمان هادي العامري، الشريكان الرئيسيان لعبد المهدي، اتفقا ليلة الثلاثاء الاربعاء على أنهما سيتعاونان لـ"سحب الثقة" من رئيس الحكومة المستقل الذي يطالب الشارع بإسقاطه منذ مطلع تشرين الأول/أكتوبر.
لكن الصدر عاد الأربعاء ليشدد للعامري على وجوب التحرك، لأن التأخير "سيجعل من العراق سوريا واليمن"، حيث تحولت ثورتا شعبي البلدين إلى حرب أهلية.
- جلسة برلمانية الخميس -
جاء ذلك بعدما أشار الصدر إلى أن العامري، الذي اجتمع برئيس الجمهورية برهم صالح ورئيس البرلمان محمد الحلبوسي، قال خلال الاجتماع أن استقالة رئيس الحكومة "تعمق الأزمة.
وأعلن مرشد الجمهورية الإيرانية علي خامنئي الأربعاء أنّه "عندما تنهار الأطر القانونية في بلد ما، لا يمكن القيام بأي عمل".
لكن رئيس الوزراء السابق أياد علاوي اعتبر في تغريدة على تويتر أن "التخوف من عدم وجود بديل للحكومة الحالية حجة واهية لتسويف المطالب الجماهيرية".
وأصبح مصير عبد المهدي بين يدي البرلمان الذي لا تزال جلساته مفتوحة حتى إشعار آخر.
وقال النائب الصدري سلام هادي إن نواب كتلة "سائرون" قد جمعوا "65 توقيعاً لاستجواب رئيس الوزراء"، مضيفاً "نأمل حضور رئيس الوزراء في جلسة الغد (الخميس)".
ولكن أثير مالك الذي جاء من الديوانية (200 كلم جنوب بغداد) للانضمام إلى المتظاهرين في ساحة التحرير، اعتبر أن "الشعب هو مصدر السلطات! هو من أتى بكل هؤلاء إلى السلطة".
وأضاف هذا العراقي البالغ من العمر 39 عاماً "يريدون استبدال عبد المهدي بشخص من حزب آخر سيكون مثله".
أما حسين نوري، وهو متظاهر آخر يبلغ من العمر 55 عاماً، فقال "نريد استعادة بلدنا الذي سرقوه منا".
ولفت علاء خير (63 عاماً) إلى أنه "بسببهم لدينا نقص في المدارس والمستشفيات، لذا عليهم أن يستقيلوا جميعهم وأن تتشكل حكومة إنقاذ وطني".
وقامت ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في العراق بزيارة إلى ساحة التحرير الأربعاء.
- "إستراحة"؟ -
ويفصل جسر الجمهورية بين المنطقة الخضراء حيث المقار الحكومية، وساحة التحرير التي صارت مركزاً للحراك. وهناك تمطر القوات الأمنية المتظاهرين بين الفينة والأخرى بالغاز المسيل للدموع، لثنيهم عن التقدم.
ومنذ بداية الحراك الشعبي في الأول من تشرين الأول/أكتوبر في العراق احتجاجا على غياب الخدمات الأساسية وتفشي البطالة وعجز السلطات السياسية عن إيجاد حلول للأزمات المعيشية، قتل 240 شخصا وأصيب أكثر من ثمانية آلاف بجروح، عدد كبير منهم بالرصاص الحي.
وشهدت التظاهرات المطلبية أيضاَ سابقة في العنف بالتعاطي معها، إذ سقط 157 قتيلاً في الموجة الأولى منها بين الأول والسادس من تشرين الأول/أكتوبر، و83 قتيلاً حتى الآن في الجولة الثانية التي بدأت مساء الخميس.
ويرى مراقبون أن عبد المهدي المستقل غير المدعوم حزبياً أو شعبياً، لا يزال رهينة زعماء الأحزاب الذين أتوا به إلى السلطة. والتهم الموجهة الى الطبقة السياسية في العراق هي التقصير في توفير الوظائف والخدمات، وملء جيوب المسؤولين بأموال الفساد الذي كان سبب تبخّر أكثر من 450 مليار دولار في 16 عاماً، بحسب أرقام رسمية.
وقالت الباحثة في معهد الأزمات الدولية ماريا فانتابي إن استقالة أو إقالة عبد المهدي "سينظر إليها كنقطة تحول من قبل المتظاهرين".
لكن ذلك قد يؤدي إلى "استراحة" للحراك أكثر منه "نهاية للحراك"، وفق فانتابي، إذ أنه باحتلال الساحات في المدن الكبيرة من البلاد، "يؤكد العراقيون وجودهم" في وجه مسؤوليهم.
وشددت الباحثة نفسها على أن "انتخابات مقبلة وفق القانون الانتخابي نفسه، ستأتي بنفس الوجوه إلى البرلمان وستؤدي إلى التحالفات نفسها (...) لإيجاد رئيس للوزراء"، في برلمان منقسم حيث يتبادل أعضاؤه الاتهامات بالولاء لإيران أو للولايات المتحدة، والسعودية، وتركيا.
rudaw