عندما تُخلط السياحة بالدين .. هل يحقق العراق موارد مالية من الزيارات المليونية ؟
ودخل العراق منذ أكثر من أسبوعين، نحو 3 ملايين زائر من دول عديدة، معظمهم إيرانيين لأداء مراسم زيارة أربعينية الإمام الحسين في محافظة كربلاء ، وتبلغ تأشيرة الدخول لكافة الجنسيات للعراق لغرض السياحة الدينية 40 دولاراً.
ولكن العدد الأكبر من التاشيرات والخاصة بالزائرين الايرانيين، كانت مجانية، وفقاً لما توصل اليه الجانبان العراقي والايراني في وقت سابق من تفاهمات تقضي بالغاء الرسوم المترتبة على الزائرين الايرانيين.
اووقع رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي ، والرئيس الإيراني حسن روحاني ، في مارس / آذار الماضي مذكرة تفاهم بشأن إلغاء رسوم تأشيرات الدخول لجميع الزائرين من مواطني كلا البلدين ، إلا أن أعضاء في مجلس النواب انتقدوا القرار كونه يصب في مصلحة إيران أكثر، نظراً لتفاوت الأعداد بين الزائرين الايرانيين الداخلين للعراق، مقارنة بأعداد العراقيين الداخلين إلى إيران لأجل السياحية الدينية.
وقال النائب احمد رشيد، عضو اللجنة المالية في البرلمان العراقي، إن "الإجراء يصب في مصلحة إيران فقط ، نظراً لدخول أكثر من 7 ملايين إيراني البلاد سنوياً، لزيارة العتبات المقدسة في محافظات بغداد، وصلاح الدين، وكربلاء ، والنجف، وسط البلاد".
وأضاف أن "هناك أيضا سائحين عراقيين يزورون إيران ، لكن عددهم لا يصل إلى ربع عدد الإيرانيين القادمين إلى بلدنا".
وأعلن رئيس هيئة المنافذ الحدودية العراقية كاظم العقابي عن دخول مليونين وأربعمائة ألف زائر عبر كافة المنافذ الحدودية قاصدين زيارة محافظة كربلاء لأداء مراسم أربعينية الإمام الحسين".
وكان العقابي توقع في تصريحه ، أن "يبلغ عدد الوافدين للزيارة أكثر من(4) ملايين زائر نتيجة التفاهمات في رفع الرسوم وقيود الدخول واعتماد الوثيقة المتفق عليها بدل جواز السفر".
بدوره يرى المحلل الاقتصادي، هشام جميل ، أن " العراق لا يحقق أي عوائد مادية ، أومكاسب اقتصادية ، جرّاء الزيارات الدينية ، إذ تقدم الدولة ، والمواطنون الخدمات للزوار، دون أي مقابل، وهذا يعود إلى طبيعة المجتمع العراقي، لكن الدولة، لا يجب أن تخلط القضايا الدينية، في المسائل المالية، والسياحية".
عندما تُخلط السياحة بالدين .. هل يحقق العراق موارد مالية من الزيارات المليونية ؟
وأضاف في تصريح لـ(باسنيوز) أن "القائمين على وزارة النقل مثلاً يسيّرون كل عام مئات الحافلات من المحافظات باتجاه كربلاء ، بشكل مجاني ، وهذا لا يحدث في أي من دول العالم ، إذ يجب استحصال مبالغ جرّاء هذه الخدمة ، التي تقدمها الدولة ، وليس القطاع الخاص ، وإبعاد الدين، عن قطاع السياحة، فالموارد العراقية، لا تخص شريحة معينة أو مذهب، وإنما توزع على كافة ابناء الشعب بدياناتهم ومذاهبهم المختلفة".
ولفت ، إلى أن " توجه الحكومة نحو هذا المسار، يأتي بسبب أن الكثير من الوزراء والمدراء العامين المسؤولين ، هم من أحزاب دينية، وبالتالي تنعكس قراراتهم على مستقبل الدولة من حيث لا يشعرون".
وتقدر المبالغ التي خسرها العراق خلال شهري محرم وصفر من العام الحالي بـ200 مليون دولار، نظراً لدخول ملايين الإيرانيين، ومواطني الجنسيات الأخرى، إلى العراق منذ بدء شهر محرم وحتى موعد الزيارة الاربعينية في 20 من شهر صفر.
وفضلا عن إلغاء رسوم تأشيرة الدخول، فإن الاسواق والفنادق العراقية، لن تنتفع كثيراً من أموال الزائرين في مواسم الزيارات الدينية الضخمة كما في الزيارة الأربعينية ، حيث يوزع الطعام والشراب مجاناً في الشوارع ، وعلى طول الطرق المؤدية إلى كربلاء، فضلاً عن فتح العراقيين أبواب منازلهم للزائرين ليبيتوا فيها مجاناً.
وأبدت النائبة في البرلمان العراقي انعام الخزاعي استغرابها من "تفريط الحكومة باتفاقياتها الجديدة بمبالغ رسوم تأشيرات الدخول بالنسبة للإيرانيين، فضلا عن دخول الزوار الإيرانيين بدون إنفاق فعلي؛ لأنهم يجلبون كل احتياجاتهم معهم ولا ينفقون في أسواقنا المحلية ، لاسيما بعد انهيار التومان (العملة المحلية الإيرانية)".
وتساءلت الخزاعي في تصريح سابق : " أين رؤية الحكومة في تعظيم الإيرادات والمحافظة على المال العام ؟ ألم يكن الأجدر بالحكومة أن توظف الأموال التي تنازلت عنها لخدمة فئات الشعب العراقي التي تعاني من نقص الخدمات الحقيقية اللازمة للعيش الكريم أو لسد المديونية الخارجية".
ويعاني العراق من صعوبات اقتصادية وسط اعتماد 90% من الميزانية على إيرادات بيع النفط ، فضلا عن تراكم الديون المترتبة عليه، واستشراء الفساد في مفاصل الدولة العراقية وهدر الأموال ، مما أفرز مشاكل كبيرة منها العجز عن توفير الخدمات وتوظيف الشباب ، الأمر الذي دفع إلى خروج آلاف المحتجين للمطالبة بتحسين الواقع الاقتصادي، وتوفير فرص العمل.
ورجحت اللجنة المالية بمجلس النواب أن يواجه العراق عجزا مالياً في موازنة العام المقبل قد يصل إلى أكثر من 30 مليار دولار، على خلاف العام الحالي الذي وصل فيه العجز إلى 23 ملياراً، وهو الأسوأ منذ نحو 16 عاماً في ظل تراجع الموارد، وارتفاع كلف الديون والحرب.
basnews