أقلية في خمس دول.. تاريخ الكورد
فمن هم الكورد؟
ظل الكورد بلا دولة عندما قسمت بريطانيا وفرنسا، القوتان المنتصرتان في الحرب العالمية الأولى، الإمبراطورية العثمانية.
وظل حوالي 30 مليون كوردي بالمنطقة منتشرين في جنوب شرق تركيا، وشمال شرق سوريا، وشمال العراق، وشمال غرب إيران، وجنوب غرب أرمينيا.
بعد الحرب العالمية الأولى، نصت معاهدة "سيفر" على تفكيك الإمبراطورية العثمانية وإنشاء دولة "كوردستان" التي تتمتع بحكم ذاتي.
لكن بعد ثلاث سنوات من انتهاء الحرب تخلى الحلفاء الغربيون المنتصرون عن إقامة دولة كوردية مستقلة، ففي عام 1923 تم توقيع معاهدة "لوزان" التي رسمت حدود تركيا الحديثة، وخلت المعاهدة عن أي إشارة لدولة كوردية.
في الدول الأربع، عانى الكورد من الاضطهاد وكثيرا ما حرموا من الحق في التحدث بلغتهم. في عهد صدام حسين، واجه الكورد حملات عسكرية لاقتلاعهم من مناطقهم وهجوم بالأسلحة الكيمياوية.
في تركيا، كان يشار إليهم باسم "الأتراك الجبليين" حيث منعوا من ارتداء ملابسهم التقليدية أو التحدث بلغتهم، ولم تعترف بهم أنقرة باعتبارهم أقلية، ورغم أنهم يمثلون نحو ربع سكان تركيا.
تاريخهم في سوريا وعلاقتهم بالحكومة السورية
اضطهد النظام السوري الكورد بشكل منهجي قبل الحرب الأخيرة رغم أنهم يمثلون نحو 7 في المئة من سكان البلاد.
عاش الكورد السوريون في ظل نظام الأسد والحكومات التي سبقته في ظروف إنسانية وسياسية صعبة.
وبدأت مأساتهم في العصر الحديث في عشرينات وثلاثينات القرن العشرين، حيث اتهموا بعبور الحدود السورية التركية بشكل غير مشروع، ووصل الأمر في ستينيات القرن الماضي إلى تجريد نحو 120 ألف منهم من الجنسية السورية.
ومنع كورد سوريا من ممارسة أبسط حقوقهم ومنها التعلم بلغتهم الأم، وتعرضوا إلى مختلف أنواع التنكيل وصولا إلى عام 2011 حيث اندلعت الأزمة الحالية، فوجد كورد سوريا أنفسهم من بين محركي الاحتجاجات في مناطقهم وغيرها، وكان من بين أسباب مشاركتهم في تلك الاحتجاجات شعورهم بالحاجة لحماية أنفسهم متأثرين كورد إقليم كوردستان العراق.
ومنذ بداية الأزمة السورية، قدم إقليم كوردستان الدعم السياسي والعسكري كورد سوريا، بهدف ملء أي فراغ قد يحصل في حال إطاحة نظام بشار الأسد.
وأصبح كورد في سوريا يميلون إلى الأخذ بزمام أمورهم بأنفسهم، ساعين إلى إنشاء حكم ذاتي كوردي يشبه إلى حد كبير الحكم الذي يتمتع به الكورد في العراق.
كيف ظهر الكورد باعتبارهم قوة؟
بدأ حزب الاتحاد الديمقراطي، وهو الحزب الكوردي الرئيسي في سوريا، في اكتساب موطئ قدم في الشمال في بداية الحرب السورية بعد انسحاب القوات الحكومية لإخماد الاحتجاجات المناهضة للرئيس السوري في أماكن أخرى. وقامت وحدات حماية الشعب التابعة للحزب بتأمين المنطقة.
وفي بداية الصراع، تركزت سيطرتها على ثلاث مناطق يغلب عليها الكورد ويقطنها نحو مليوني كوردي. وجرى تشكيل هيئات حاكمة بقيادة الكورد.
وتوسعت منطقة نفوذ وحدات حماية الشعب الكوردية بعد انضمامها للتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد تنظيم داعش لتصبح الوحدات بعد ذلك المكون الرئيسي لقوات سوريا الديمقراطية "قسد" التي تتكون من خمس مجموعات رئيسية يبلغ عدد عناصرها بحسب بعض الإحصاءات إلى 100 ألف مقاتل.
الصراع ضد داعش
بين عامي 2013 و2014، سيطر تنظيم داعش على مناطق كوردية في العراق وشمال شرق سوريا، فأعلن الكورد في هذه المناطق المقاومة. واستطاعات قوات البيشمركة في كوردستان العراق والكورد ضمن تحالف "قسد"، بمساعدة من التحالف الدولي طرد مسلحي داعش من الأراضي التي سيطروا عليها.
وفي أكتوبر 2017، أعلنت قوات "قسد" السيطرة على الرقة، عاصمة داعش في سوريا، وتقدموا جنوبا إلى محافظة دير الزور المجاورة، التي كانت معقل المتشددين.
وفي مارس 2019، سيطرت القوات على قرية الباغوز، آخر جيوب داعش في سوريا، وتم إنهاء "دولة الخلافة" لكن ظلت هناك مخاوف دائما من الخلايا النائمة للتنظيم.
في مارس 2016، كان كورد سوريا قد أعلنوا تأسيس "نظام فيدرالي" يضم بشكل أساسي المناطق العربية والتركمانية التي تم الاستيلاء عليها من داعش، لكن الحكومة السورية والمعارضة السورية وتركيا والولايات المتحدة أعلنت جميعها رفضها لهذا الإعلان.
ويقول حزب الاتحاد الديمقراطي إنه لا يسعى إلى الاستقلال، لكنه يصر على أن أي تسوية سياسية لإنهاء النزاع في سوريا يجب أن تقر بحقوق الكورد في الحكم الذاتي.
تمثل الأراضي الخاضعة لسيطرة دمشق والكورد معظم أراضي سوريا، لكن على الرغم من هزيمة مسلحي المعارضة في معظم أنحاء سوريا على أيدي الحكومة وحلفائها، ما زال لهم موطئ قدم يمتد في الشمال الغربي من إدلب إلى عفرين وحتى جرابلس.
ولدى تركيا قوات على الأرض في هذه المنطقة. ويضم مسلحو المعارضة جماعات تابعة للجيش السوري الحر المدعوم من تركيا علاوة على المتشددين. ويشتد العداء بين قوات حماية الشعب الكردية وهذه الجماعات.
لماذا ترى تركيا الكورد تهديدا؟
يتأثر حزب الاتحاد الديمقراطي بشدة بأفكار الزعيم الكوردي عبد الله أوجلان، وهو أحد الأعضاء المؤسسين لحزب العمال الكوردستاني.
وتدرج تركيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي حزب العمال الكوردستاني على قائمة المنظمات "الإرهابية". وتقول تركيا إن الحزب لا يمكن تمييزه عن حزب الاتحاد الديمقراطي ووحدات حماية الشعب الكوردية.
ولدى تركيا أقلية كوردية تمثل ما بين 15 إلى 20 في المئة من سكانها ويعيش أغلبية الكورد في المناطق الشرقية والجنوبية الشرقية المحاذية لسوريا. وتشعر تركيا بالقلق من النزعة الانفصالية إذ تعتبر وجود حزب الاتحاد الديمقراطي في سوريا تهديدا لأمنها القومي.
ولا تخفي الجماعات الكوردية الرئيسية في سوريا تأثير أوجلان إذ نظمت انتخابات لإنشاء نظام سياسي قائم على أفكاره. بحسب تقرير للحرة
وقبل العملية الأخيرة، شنت تركيا بالفعل عمليتين عسكريتين عبر الحدود في شمال سوريا لمواجهة وحدات حماية الشعب الكوردية.
ما سبب الهجوم التركي الآن؟
أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب في يناير الماضي أن الولايات المتحدة ستبدأ سحب قواتها من سوريا. في ذلك الوقت، ما أثار مخاوف الكورد السوريين من أن تستخدم تركيا الانسحاب لشن هجوم.
وبعد إعلان ترامب ليلة الأحد الماضي تنفيذ هذا الوعد، تحققت بالفعل هذه المخاوف.
وأكد بيان للبيت الأبيض أن "تركيا ستمضي قدما في عمليتها المخططة منذ فترة طويلة في شمال سوريا"، مشيرا إلى أن القوات الأميركية لن تنخرط بأي شكل في أي عملية تركية، بعد أن هزمت داعش.
شفق نيوز