عراقيون ينتظرون تحقيق العدالة بعد 15 عاماً من فضيحة "هزت العالم"
وأضافت الصحيفة أنّ العالم لم ينسَ حتى اليوم تلك الصور التي التقطها جنود أمريكيون وهم يبتسمون أثناء تعذيب ضحاياهم، هذه الصور رغم قساوتها فإنها لم تكن لتروي كامل المشهد، فالضحايا يطالبون بإنصافهم، خاصة أن هناك ضغوطاً كبيرة من أجل إغلاق ملف القضية.
وبينت أن الضحايا يمكن أن يحصلوا على حكم "تاريخي"، وذلك بعد قبول الدعوى المرفوعة ضد شركة أمنية كانت وزارة الدفاع الأمريكية متعاقدة معها إبان الفضيحة، حيث سبق أن رُفضت الدعوة التي رفعت ضدها قبل سنوات.
صلاح العجيلي، الصحفي العراقي البالغ من العمر 48 عاماً، كان أحد معتقلي سجن أبو غريب، حيث عذِّب، ما زال يعيش مع الألم الذي سببته له تلك الأيام، قال للصحيفة "حتى الآن ما زلت أفكر في ذلك، الكوابيس لا تفارقني".
وعمل العجيلي في قناة الجزيرة الفضائية بالعراق بعد 2003، حيث اعتقلته القوات الأمريكية هناك، وكشف عن سبب الاعتقال بالقول: "كنت في طريقي لحادثة تفجير بحكم عملي الصحفي عندما اقتادوني من موقع الحادث".
وبحسب الصحيفة فكثير من العراقيين مثل العجيلي ممن اعتقلتهم القوات الأمريكية في نقاط التفتيش أو بالقرب من حوادث تفجير هنا أو هناك، وبطريقة عشوائية.
وأضاف العجيلي "في الساعة الأولى لوصولي للسجن بدأت المعاملة السيئة، فقد أطلق اسم الجزيرة عليه، وصار هو الاسم الذي يُعرف به، "أخبروني أنني إما أن أخلع ملابسي أو أنهم يخلعونها بالقوة، بعد ذلك بقيت عارياً 10 ساعات، ووضع كيس أسود في رأسي".
ويقيم صلاح العجيلي حالياً في السويد، حيث حصل على اللجوء هناك، وأردف: "عندما طلبت ملابسي أعطوني ملابس نسائية، كانت السجانة الأمريكية ترمي تلك الملابس لي وهي تضحك، ثم أخذوني إلى سجن انفرادي عدة أيام، كنت خائفاً على عائلتي وعلى نفسي، خاصة وأنا أسمع صرخات تعذيب بقية المعتقلين التي كانت تصلني".
حتى قبل أن يأتي الغزو الأمريكي، كان أبو غريب مرادفاً للتعذيب في حقبة الرئيس العراقي الاسبق صدام حسين، حيث وصفته منظمة العفو الدولية بأنه مركز للتعذيب والإعدام الجماعي.
وقبل ستة عشر عاماً، غزت القوات الأمريكية العراق بهدف إزاحة صدام حسين، وبعد احتلال العراق فر السجناء، وبدلاً من إغلاقه أعادت الولايات المتحدة فتحه مرة أخرى واستخدمته كمركز لاعتقال العراقيين، وفق "الإندبندنت".
وأشار تقرير داخلي أجراه الجيش الأمريكي عام 2004 وأعده اللواء "أنطونيو تاجويا"، إلى أن الانتهاكات الإجرامية السادية والوحشية التي كان يتعرض لها المعتقلون العراقيون هي "انتهاكات غير قانونية عن قصد من قبل بعض أفراد قوات حرس الشرطة العسكرية الأمريكية".
وهذا التقرير الذي كُتب في أبريل من عام 2004، أي قبل انتشار الفضيحة، سُرِّب بعد عدة أشهر، ما أدى لأزمة في الحرب الأمريكية التي كانت مستمرة وقتذاك، وما دفع الرئيس الأمريكي، جورج دبليو بوش، إلى تقديم اعتذار علني عن الإهانات التي عانى منها السجناء العراقيون والإذلال الذي عانت منه أسرهم.
نفس الأمر ينطبق على "السي آي إيه" التي يقول المعتقلون السابقون في أبو غريب إنها كانت أيضاً مسؤولة عن عمليات التعذيب التي تعرضوا لها.
ولفت صلاح العجيلي "لقد زاد الخوف عندما علمنا أن عناصر (السي آي إيه) قادمون للتحقيق معنا، كانوا أسوأ من الجنود الأمريكيين، كانوا يحققون معنا ونحن عراة".
والدعوى التي رُفعت ضد الشركة المتعاقدة مع البنتاغون سعت طيلة 10 أعوام من أجل تعطيلها، ودفعت رِشا كبيرة، بحسب محامي الدفاع عن الضحايا، ونفت شركة "CACI" التهم الواردة بالتقرير، مؤكدة أن الادعاء الموجه ضد الشركة لم يكن مدعوماً بأي دليل وقت تقديمه، والتحقيقات اللاحقة من قبل الشركة والحكومة الأمريكية لم تؤكد ذلك.
وبعد خمسة عشر عاماً ما زالت الشركة الأمنية تؤكد أنه حين تقديم الدعوى ضدها لم يكن هناك تعذيب، وأن الصور لم تكن متوفرة كدليل على وجود عمليات التعذيب، غير أن القاضي الأمريكي، ليوني برينكما، قرر قبول الدعوى المؤلفة من 54 صفحة، حيث من المقرر إجراء المحاكمة يوم 23 أبريل المقبل، وهو القرار الذي وصفه باهر عزمي، المدير القانوني لمركز الحقوق الدستورية، بأنه "حكم تاريخي".
وختم المعتقل العراقي أنه لا يريد تصفية حسابات ولا يحمل ضغينة ضد أحد، ولكنه لا يريد أن يتكرر ما حدث، مؤكداً أن الكثير من الأبرياء الذين تعرضوا للتعذيب في السجون تحولوا إلى أناس آخرين؛ "لقد كانت السجون أفضل مكان لإنتاج أشخاص متطرفين على شاكلة داعش".
shafaaq