ترجمه بتصرف: طارق كاريزي

قس ايطالي من اتباع كنيسة الدومنيكان، قدم الى الشرق للتبشير بالديانة المسيحية ضمن حدود الامبراطورية العثمانية. مكث لمدة طويلة في كوردستان ألف خلالها اول كتاب عن قواعد اللغة الكوردية وقاموس كوردي ايطالي، وطبع الكتاب في العاصمة روما.
انه القس ماوريتسيو غارزوني (1734- 1804) الذي كان رجل دين مغمور ضمن البعثات التبشيرية، الا ان تأليفه لهذا الكتاب عن قواعد اللغة الكوردية والقاموس الملحق به، قد منحه شهرة كبيرة في البلدان الاوربية كونه قد اصدر اول كتاب عن لغة احد الامم الشرقية التي لم يكن الكثيرين من الاوربيين مطلعون على لغتها وثقافتها.
صدر الكتاب بـ(288) صفحة شرح فيها المؤلف قواعد اللغة الكوردية مدعومة بالامثلة اضافة الى قاموس من 4500 كلمة كوردية مع معانيها باللغة الايطالية. ومازالت مخطوطة هذا الكتاب محفوظة في مكتبة جامعة اكسفورد.
وصلت نسخ من هذا الكتاب الى كبريات مدن الشرق آنذاك، مثل اسطنبول وبغداد ودياربكر. وبحسب المصادر التأريخية فان كتاب "قواعد وكلمات اللغة الكوردية" لمؤلفه الايطالي غارزوني يعد كتابا علميا حول اللغة الكوردية وقواعدها، ويعد وثيقة مهمة للتعريف بامة اخرى من امم الشرق تختلف عن الترك والعرب والفرس، هذا في الوقت الذي درج مؤلفو هذه الامم الثلاث على اعتبار الكورد وتأريخهم جزءا من تأريخ اممهم، معتبرين الكورد قبائل متخلفة تابعة لهم، في مسعى استعماري لادامة السيطرة على كوردستان ونهب خيراتها.
لا جدل ان الغرض الاساس من تأليف هذا الكتاب من قبل قس مبشر هو لتسهيل مهمة اللاحقين من الرهبان والقسس لنشر الديانة المسيحية في اعماق الشرق، وهو في ذات الوقت يعد وثيقة تأريخية مهمة للتعريف بالهوية الكوردية المميزة عن الامم المجاورة لهم. وحقيقة فان فرق التبشير التي قدمت الى كوردستان بعد ذلك قد استفادت كثيرا من هذا الكتاب حيث توفر لاعضاءها الالمام باللغة الكوردية.
لقد امضى غارزوني 25 عاما في مناطق كوردستان الوسطى، حيث وصل عام 1762 الى الموصل ومنها توجه الى عمق الاراضي الكوردية ليقوم بالتبشير للديانة المسيحية حتى عام 1778. ولعل الراهب الايطالي كامباليني يعد من اول المستفيدين من كتاب قواعد وكلمات اللغة الكوردية، حيث جاء الى كوردستان كمبشر ذو المام باللغة الكوردية وطبيعة حياة الكورد وظرفهم الاجتماعي واوضاعهم الاقتصادية والسياسية.
يعد غارزوني واضع حجر علم الكوردلوجيا وقواعد اللغة الكوردية كونه مؤلف اول كتاب اوربي حول قواعد هذه اللغة، بل ان المؤلفين واللغويون الكورد بحد ذاتهم لم يؤلفوا كتابا عن قواعد لغتهم يجاري في علميته كتاب غارزوني الا بعد قرن من رحيله.
امضى غارزوني بقية حياته راهبا في الفاتيكان وتوفي عام 1804 عن عمر بلغ السبعين.


(وشة نيت)