• Tuesday, 24 December 2024
logo

هل التهديد التركي باجتياح شرق الفرات ناجم عن «مقايضة جديدة» بين أنقرة وموسكو؟

 هل التهديد التركي باجتياح شرق الفرات ناجم عن «مقايضة جديدة» بين أنقرة وموسكو؟
بعد تهديد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ببدء عملية عسكرية تستهدف مناطق سيطرة الوحدات الكوردية في غربي كوردستان (كوردستان سوريا) وشرق الفرات، وتحديد مهلة زمنية بـ «عدة أيام» لبدء العملية، سلط تقرير صحفي، عن احتمال وجود «مقايضة جديدة» بين تركيا وروسيا، بحيث تسيطر القوات الحكومية السورية على جنوب إدلب، مقابل توغل الجيش التركي بشرق الفرات.

ويشير التقرير الذي نشرته صحيفة ‹الشرق الأوسط› إلى أن موسكو ليست راضية على سرعة التزام أنقرة في تنفيذ اتفاق سوتشي الخاص بإدلب، بينما أنقرة ليست راضية على إيقاع تنفيذ واشنطن لـ «خريطة طريق» خاصة بمنبج، ويتساءل فيما إذا كان هذا الواقع سيؤدي إلى «مقايضة تتضمن دخول تركيا إلى مناطق شمال سوريا مقابل دخول قوات الحكومة السورية مناطق جنوب إدلب؟».

وقال الرئيس التركي في كلمة له، : «سنبدأ العملية لتطهير منطقة شرق الفرات من الإرهابيين الانفصاليين (في إشارة إلى الوحدات الكوردية) خلال بضعة أيام. هدفنا لن يكون أبداً الجنود الأميركيين».

وقال أردوغان: «ترون اليوم حدودنا الجنوبية شمالي سوريا. إنهم يسعون لإنشاء ممر إرهابي هناك. وعندما نقول إن (هؤلاء إرهابيون) يقول حلفاؤنا الاستراتيجيون وفي مقدمتهم أمريكا إن (هؤلاء ليسوا إرهابيين)».

ولم يذكر أردوغان تفاصيل العملية العسكرية، لكن مسؤولين في «الجيش الوطني»، وهو تحالف لفصائل معارضة موالية لأنقرة، توقعوا أن تشمل العملية «كل المنطقة، من منبج إلى تل أبيض من دون استثناء». وقال أحدهم: «فصائل الجيش الوطني تبلغت منذ زمن بالعملية، ومن قبل أن نبلغ نُعد العدة، لدينا معسكرات تدريب فتحت لكافة الفيالق العسكرية، أخضعت العناصر لدوريات تدريب، وانتدب إلى المعسكرات خيرة الضباط والمدربين» ذلك أن «ضباطا أتراكا يشرفون على التدريبات التي يقوم بها ضباط منشقون عن النظام».

واستبعد مصدر مسؤول في ‹الإدارة المدنية الديمقراطية› بغربي كوردستان وشمال سوريا، والمدعومة من قوات التحالف الدولي التي تقودها الولايات المتحدة الأمريكية، الأربعاء، أن تكون تركيا قد حصلت على «ضوء أخضر» من أمريكا لمهاجمة شرق الفرات.

وقال المصدر الذي رفض الإفصاح عن هويته إن «روسيا هي المستفيدة من الوضع وتريد توريط تركيا في شرق الفرات وتوسيع هوة الخلاف بين تركيا وأمريكا»، لافتاً إلى أن «موقف التحالف الدولي سوف يكون صارماً من أي تدخل تركي في شرق الفرات، وتجربة حقل كونيكا هي خير دليل».

ويرجع التقرير التصعيد العسكري التركي إلى سلسلة تراكمات، تتمثل بما يلي:

1- خلاف تركي - أميركي على تنفيذ خريطة طريق خاصة بمنبج في شمال شرقي حلب، حيث أنجزت خريطة الطريق في مايو / أيار لتهدئة التوتر، نصت خصوصاً على انسحاب الوحدات الكوردية من منبج وتسيير دوريات أميركية - تركية مشتركة بدأت في نوفمبر / تشرين الثاني، لكن الأتراك صعدوا في الأيام الأخيرة ضد مدى التزام واشنطن بالتنفيذ.

2 - اعتراض تركي سابق على تسليح واشنطن للوحدات الكوردية. ولم تعبر أنقرة عن ثقتها بتطمينات أميركية إزاء وقف تقديم السلاح الثقيل للوحدات في الحرب ضد داعش.

3 - زيادة القلق التركي في الأيام الأخيرة، بسبب إعلان واشنطن نيتها تدريب 35 - 40 ألف عنصر محلي لتوفير الاستقرار شمال شرقي سوريا وحديث عن منطقة حظر جوي وعدم رضا أنقرة على سرعة إعطاء دور للعرب في تركيبة قوات سوريا الديمقراطية.

4 - إعلان واشنطن بدء إقامة مراكز مراقبة على حدود سوريا لمنع أي احتكاك بين الجيش التركي والوحدات الكوردية. وأعلن متحدث باسم البنتاغون الثلاثاء أن مراكز المراقبة أقيمت «في المنطقة الحدودية في شمال شرقي سوريا بهدف تبديد القلق الأمني لتركيا». لكن أردوغان رد أمس: «من المؤكد أن الغاية من الرادارات ومراكز المراقبة التي أقامتها الولايات المتحدة ليست حماية بلادنا من الإرهابيين بل حماية إرهابيي تركيا».

5 - اعتراض أنقرة على عدم الفصل بين الوحدات الكوردية وحزب العمال الكوردستاني الذي تعتبره تركيا «تنظيما إرهابيا».

وكان الجيش التركي قصف مناطق الوحدات الكوردي شمال سوريا قبل أسبوعين، لكن واشنطن ردت بنشر نقاط مراقبة وزيارات عسكرية لطمأنة حلفائها في قوات سوريا الديمقراطية في معركتهم الأخيرة ضد داعش شرق الفرات.

ويذهب التقرير إلى أن الحشود الحالية، من الجيش التركي والفصائل السورية، تدل على دخول العملية العسكرية التركية مرحلة جديدة. وتشير التوقعات إلى احتمالين:

الأول، حصول مقايضة بين جنوب إدلب وشمال الرقة. ويلفت التقرير إلى أنه في نهاية 2016، جرت مقايضة بحيث استعادت دمشق السيطرة على شرق حلب مقابل دخول الجيش التركي وحلفائه منطقة ‹درع الفرات› بين الباب وجرابلس شمال حلب. أدى هذا الجيب إلى منع ربط مناطق ذات غالبية كوردية شرقي نهر الفرات بغرب النهر.

كما ذكرت أنه في بداية 2018، حصلت «مقايضة ما» إذ استعادت دمشق غوطتها والجنوب السوري وريف حمص فيما دخل الجيش التركي وفصائل معارضة إلى عفرين بغربي كوردستان. هذا أدى إلى منع حصول أي ربط بين مناطق كوردية والبحر المتوسط. وفي هذا مصلحة ثلاثية.

وكانت روسيا قد أعلنت عن عدم رضاها عن تنفيذ اتفاق إدلب، حيث تريد تسريع محاربة ‹الإرهابيين› وإخراجهم من «المنطقة العازلة» شمال سوريا. بينما تركيا أعربت عن عدم رضاها على الدعم الأميركي للوحدات الكوردية شمال سوريا وفي منبج.

ويرى التقرير أن موسكو ستكون راضية في حال قام الجيش التركي بتوغل يحرج الأميركيين شرق الفرات، خصوصا في ضوء التصعيد الروسي ضد الوجود الأميركي «غير الشرعي» شرق سوريا. وإيران التي تحشد ميليشياتها جنوب نهر الفرات، لن تعرقل التوغل التركي، في منطقة تريدها واشنطن ساحة لأضعاف نفوذها في سوريا.

أما الاحتمال الثاني، فهو حصول أنقرة على تنازلات عميقة من واشنطن إزاء دعمها للوحدات، بحيث تشمل: أولاً، إبعاد القياديين في حزب العمال الكوردستاني. هناك حديث عن وجود 50 قيادياً من PKK في الوحدات. ثانياً، تسريع تنفيذ خريطة منبج وإخراج الوحدات وتشكيل المجلس المحلي. ثالثاً، تخفيف تسليح الوحدات بسلاح ثقيل. رابعاً، إجراءات سريعة في تركيبة الوحدات الكوردية. خامساً، حصول أنقرة على صلاحية ملاحقة «مسلحين» في شريط حدودي على طول الحدود السورية - التركية.

ويعتقد المبعوث الأميركي الجديد جيمس جيفري الذي كان عمل سفيرا لبلاده في أنقرة، أحد المدافعين عن تحسين العلاقة مع تركيا أنه «لا يمكن لاستراتيجية أميركا في سوريا أن تنجح دون تركيا»، خصوصاً ما يتعلق بهزيمة داعش وتقليص نفوذ إيران والدفع لحل سياسي».

وكان مقرراً أن يزور جيفري شمال شرقي سوريا الأسبوع المقبل ويدفع باتجاه تنازلات وتفاهمات. ويبقى السؤال إذا كانت ستكون كافية لتهدئة أنقرة أم أن عطلة الميلاد ورأس السنة ستشهد عمليتين عسكريتين: الأولى، هجوم بدعم أنقرة نحو شمال سوريا. الثانية، هجوم بدعم دمشق نحو خان شيخون ومعرة النعمان في جنوب إدلب؟.






basnews
Top