محطات في حياة الرئيس الامريكي السابق جورج بوش (الاب)
ولد جورج هربرت ووكر بوش في الـ 12 من تموز / يوليو 1912 في بلدة ميلتون بولاية ماساشوسيتس، وكان والده مصرفيا اصبح لاحقا عضوا في مجلس الشيوخ.
وبعد قبوله في جامعة ييل، تطوع في سلاح البحرية وتدرب كطيار بحري قبل ان يتم ارساله للمشاركة في الحرب ضد اليابان في المحيط الهادئ ابان الحرب العالمية الثانية.
اسقطت طائرته في ايلول / سبتمبر 1944 عندما كانت تشارك في غارة جوية، وكان بوش الناجي الوحيد من طاقمها، إذ استقل قارب نجاة حتى عثرت عليه غواصة امريكية.
وبعد تسريحه من سلاح البحرية في عام 1945، اقترن بوش بباربارا بيرس، وولد ابنهما البكر جورج ووكر بوش في تموز / يوليو 1946.
كان بوش قبل في جامعة ييل قبل تطوعه في البحرية، وعاد الى صفوف الدراسة في عام 1945 وحصل على شهادة بكلوريوس آداب من الجامعة المذكورة.
بعد ذلك، انتقل بوش واسرته الى ولاية تكساس حيث، وبفضل علاقات والده التجارية، حصل على وظيفة في القطاع النفطي. وفي السنوات العشر التالية، تمكن من تأسيس شركته الخاصة واصبح من المليونيرات بحلول اوائل ستينيات القرن الماضي.
تحول عندذاك اهتمامه الى السياسة، وبعد ان تولى منصب امين عام الفرع المحلي للحزب الجمهوري، خطا خطوة كبيرة إذ ترشح لمقعد ولاية تكساس في مجلس الشيوخ.
جاب بوش انحاء البلاد داعيا لسياساته المحافظة المعتدلة، واصبح في اوائل عام 1980 المنافس الرئيس لرونالد ريغان.
ولكن فاته ان يستوعب عندما ولج سباق الرئاسة ان ماضيه المبني على الحظوة قد يكون تأثيره سلبيا على حظوظه.
تساءل بوش وقتها "وما الضير في التميز ؟ ما الضير في امتلاك الفرد تعليما جيدا ؟ ما الخطأ في اني كنت متميزا في حياتي وسفيرا جيدا لدي الصين او الامم المتحدة، او اني قدمت اداء استثنائيا في وكالة المخابرات المركزية ؟ هذه كلها انجازاتي. اعرف ان هذا القول قد يخلو من التواضع، ولكن هذا هو سجلي."
ورغم خسارته امام ريغان في الانتخابات الرئاسية، كان في ذلك ترضية الى حد ما، إذ حصل على منصب نائب الرئيس مما اتاح له ان يتمرن على مسروليات الرئاسة لسنوات ثماني.
وبعد حملة انتخابية اتسمت بالعدائية المفرطة، اصبح بوش اول نائب رئيس ما زال في منصبه يفوز بالرئاسة منذ عام 1836.
كان الزمن زمن تغيير كبير شهد انهيار الستارة الحديدية (التي كانت تفصل بين اوروبا الشرقية الاشتراكية واوروبا الغربية الرأسمالية) وتفكك الاتحاد السوفييتي في سلسلة من الاحداث المتسارعة لم تكن من صنع الولايات المتحدة.
ولم يكن بامكان بوش الا محاولة اللحاق بهذه الاحداث عن طريق عقد القمم مع نظيره السوفييتي ميخائيل غورباتشوف.
اما الاختبار الحقيقي الذي واجهه، فكان الغزو والاحتلال العراقي للكويت في اغسطس / آب 1990، والذي اخذ الولايات المتحدة على حين غرة.
ولكن بوش تصرف بسرعة لتشكيل تحالف دولي انهى الاحتلال العراقي واسس لوجود عسكري امريكي في السعودية وهو انجاز ذو منافع استراتيجية.
مشاكل اقتصادية
مثلت حرب الكويت نصرا كبيرا للقدرة العسكرية الامريكية وعززت الى حد كبير معنويات البلاد، ففي اللحظة التي اصبحت عنوان رئاسة بوش، تمكنت الولايات المتحدة وحليفاتها من دحر الجبش العراقي الغازي في غضون 100 ساعة فقط.
عزز ذلك النصر موقع بوش رغم القرار الذي اتخذ حينئذ بعدم التوجه الى بغداد مما سمح للرئيس العراقي صدام حسين بالبقاء في الحكم.
ورغم حصوله على شعبية تجاوزت الـ 90 بالمئة عقب الحرب، كان قرار بوش التركيز على العلاقات الخارجية على حساب الشأن الداخلي سببا لتعرضه لانتقادات بأنه يهمل الوضع الاقتصادي المتردي وعلى وجه التحديد اسوأ ركود واجهه الاقتصاد الامريكي منذ الحرب العالمية الثانية.
ولكن بوش، الذي كانت حريته في التصرف مقيدة بكونغرس يسيطر عليه الديمقراطيون، بقي مصرا على ان الازمة الاقتصادية قد بلغت ذروتها وان الأمر آيل للتحسن إذ قال آنذاك "سننقذ هذه الامة من الصعوبات، بوصة ببوصة ويوما بيوم، واولى باولئك الذي يسعون الى ايقافنا ان ينأوا بأنفسهم."
لكن الناخبين لم يصدقوه، وما زاد الطين بلة ان بوش اتخذ الخطوة التي كان قال إنه لن يتخذها مطلقا: قام برفع الضرائب المفروضة على كاهل الامريكيين.
كانت حملة الانتخابات الرئاسية لعام 1992 كارثية بالنسبة لبوش، فقد خذله القائمون على حملته الانتخابية وكان عليه التصدي لتحد قوي من السياسي المحافظ بات بيوكانان للفوز بترشيح الحزب الجمهوري.
يقال ان العلاقة بين الرئيسين بوش اتسمت بالحدة والتشنج
لم يتمكن بوش من مجاراة عنفوان منافسه الشاب، المرشح الديمقراطي بيل كلينتون حاكم ولاية اركنساو الذي عبر عن نظرة جديدة لامريكا اعترف بوش بعجزه عن التعبير عنها.
مني بوش بخسارة كبيرة في الانتخابات امام كلينتون الذي مضى للفوز بفترتين رئاسيتين.
وقضى بوش السنوات الاخيرة في السفر حول العالم ضمن دور الحكيم السياسي الذي اتخذه لنفسه. ورغم غبطته لفوز ابنه جورج بالرئاسة، يقال إن العلاقة بين الاب وابنه تتسم بالتشنج.
وفي الفترة الاخيرة، لم يظهر بوش في المناسبات العامة الا نادرا، واجبر على استخدام الكرسي النقال بعد اصابته بشكل من اشكال مرض الرعاش الذي اقعده تماما.
ولم يتمكن بوش من حضور حفل تنصيب الرئيس الحالي دونالد ترامب، إذ ادخل المستشفى لاصابته بالتهاب صدري.
كان جورح هربرت ووكر بوش يالاساس رجلا متحضرا، ولم يشعر بالارتياح ابدا مع الصراعات والمؤامرات التي تتسم بها الحياة السياسية.
قال مرة "لمجرد اننا نتنافس مع بعضنا البعض لا يعني اننا اعداء. لا ينبغي للسياسة ان تكون مفتقرة للكياسة واللطف."
بي بي سي