• Wednesday, 17 July 2024
logo

تقرير أمريكي: معداتنا العسكرية وقعت في يد مستخدمين غير مخولين

تقرير أمريكي: معداتنا العسكرية وقعت في يد مستخدمين غير مخولين
تقول القوات الأمريكية المشاركة في التحالف الدولي للقضاء على داعش، في تقرير حول العراق، إن استفتاء 25 أيلول الماضي في كوردستان وما تبعه، كان له تأثير مباشر على جهود أمريكا في مجال التصدي لداعش في العراق. ويقول التقرير إن نفوذ الحشد الشعبي والنفوذ الإيراني في العراق سيؤثران على استقرار العراق بعد داعش.

وقد دأبت القوات الأمريكية المشاركة في التحالف الدولي للقضاء على داعش على رفع تقريرها الفصلي مرة كل ثلاثة أشهر، حول نشاطاتها ومعوقات عملها، إلى الكونغرس الأمريكي. وكان تقريرها الأخير متعلقاً بمجريات الأحداث منذ الأول من تشرين الأول لغاية 31 كانون الأول 2017، ويركز التقرير على ثلاث مناطق: العراق، سوريا والفلبين. وهنا سنركز على عرض المسائل المتعلقة بالعراق.

ويتطرق تقرير (OIR) إلى خمس مجالات تعرف بأنها ستراتيجية، وهي: الأمن، الحكم والمجتمع المدني، جهود إعادة الاستقرار، دعم القوات والمساعدات الإنسانية.

وحسب التقرير، فإن عدد "ضحايا الإرهاب من المدنيين" في الربع الأخير من العام 2017 انخفض إلى 300 شخص، وأن نسبة العنف والتفجيرات قد تراجعت في بغداد والمدن الكبيرة. ومن بين الأسباب الرئيسة لهذا التراجع، زيادة عدد القوات الأمنية التي يقول عنها التقرير أنها "أدت إلى استياء" الناس، فمثلاً "يشكو سكان الفلوجة من أن الاجراءات الأمنية جعلت حياتهم صعبة وتجعلهم يشعرون بأن حكومة الأغلبية الشيعية في العراق تنتهج سياسة إقصاء السنة".

وحسب تقرير (OIR)، أدى استفتاء إقليم كوردستان، ثم هجمات 16 أكتوبر من جانب الحشد الشعبي والجيش العراقي على المناطق المتنازع عليها "كانت لها آثار سلبية على جهود القضاء على داعش". لأنها غيرت اتجاه نشاط تلك القوات وجهود الحلفاء.

وأكد تقرير (OIR) على أنه بالرغم من استمرار التخطيط للتصدي لداعش، إلا أن أحداث أكتوبر الماضي دفعت كبار مسؤولي الحكومة الأمريكية لـ"تكريس أوقاتهم للوساطة بين المسؤولين العراقيين والكورد، بدلاً من التفرغ للتخطيط لمواجهة داعش".

أعلن رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي في التاسع من كانون الأول 2017 النصر النهائي على داعش في العراق، لكن المسؤولين الأمريكيين عندما كانوا يهنئونه، كانوا يؤكدون على أن داعش مازال يشكل تهديداً للعراق وللمنطقة. وتتوقع وزارة الدفاع الأمريكية أن يكون داعش منهمكاً الآن بالتدريب على السلاح وصنع ونقل الأسلحة والتخطيط للهجوم، في صحارى الأنبار.

ومع أن العام 2017 اعتبر عام إسقاط خلافة داعش، لكن الأوضاع الأمنية قي كثير من أنحاء العراق بقيت هشة في الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام الماضي. ويكشف التقرير عن أن القوات الأمنية العراقية قد اكتشفت خلال تشرين الأول الماضي وحده أكثر من 880 مفخخة، 3500 قذيفة مدفع، 140 حزاماً ناسفاً، 15 معملاً لصنع لمفخخات، 143 هاون وعشرين نفقاً وأعطبتها".

وخلال الربع الأخير من العام 2017، قتل داعش 170 عنصراً أمنياً عراقياً في المناطق المحررة من داعش وجرح 129 آخرون. هذا إضافة إلى المدنيين الذين قتلوا من جراء الهجمات الانتحارية والعبوات المفخخة. ويقول التقرير إن خلايا داعش النائمة نشيطة في كل أنحاء العراق.

تمثل قوات الحشد الشعبي وسيلة تعزيز النفوذ الإيراني في المؤسسات الحكومية العراقية. وأقوى قوات الحشد الشعبي هي تلك التي ترتبط بعلاقة تاريخية عميقة وقوية مع إيران. وأشار تقرير (OIR) إلى أنه بالرغم من أن قوات الحشد الشعبي تأتمر بأوامر العبادي على الورق، فإن لهذه القوات ارتباطات بإيران وتعمل بالتنسيق مع فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني. ويقول التقرير: "وحدات الحشد الشعبي التي تعمل خارج إطار القنوات الرسمية للحكومة العراقية تمثل عائقاً كبيراً في وجه سلطة الحكومة العراقية".

ويقول أيضاً: "كان جزء من مساعي تعزيز قدرات القوات الأمنية العراقية مخصصاً لمساعدتها في التصدي للتدخلات الخارجية، من قبيل النفوذ الإيراني".

يشير قسم آخر من التقرير إلى أن أمريكا مستمرة في تدريب القوات العراقية وقوات البيشمركة، لكن نوعية التدريب تحولت من تدريب قوات قتالية إلى تدريب قوات "حمايوية"، والسبب في هذا التحول هو أن "داعش لم يعد تمسك بأية أرض" ويجب أن تنصب الجهود على حماية الاستقرار والحفاظ على المناطق المحررة.

وحسب التقرير، تم خلال السنوات الثلاثة الماضية تدريب أكثر من 127500 عنصر من القوات الأمنية العراقية، من بينهم 26 ألفاً من عناصر البيشمركة. وعلى مدى الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام الماضي، تم تدريب 4055 عنصراً من القوات الأمنية العراقية، من بينهم 1838 من البيشمركة.

انتهت مدة الاتفاق على تقديم الدعم المالي الأمريكي لقوات البيشمركة في تموز الماضي، وحسب تقرير (OIR) فإن وزارة الدفاع الأمريكية قد طلبت تخصيص 365 مليون دولار من موازنة العام 2018 لدعم قوات البيشمركة، وإذا ما سمح باستمرار هذه النفقات فإن وزارة الدفاع ستواصل تقديم الدعم المادي للبيشمركة. وأكدت البنتاغون على أن توقف المساعدة المادية لم يؤثر على برنامج تدريب البيشمركة.

بعد مرور أسبوعين على هجمات 16 أكتوبر، أعلن العبادي: "سنتمكن في القريب العاجل من صرف رواتب البيشمركة وموظفي إقليم كوردستان"، لكن التقرير الأمريكي يؤكد أن العبادي لم يف بوعده.

ولتقييم قدرات الجيش العراقي، اعتمد تقرير (OIR) على بيانات المؤسسات العسكرية العراقية، لذا فقد عجز معدو التقرير عن الحصول على مصادر مستقلة لهذا الغرض. ومع ذلك فإن وزارة الدفاع الأمريكية تعتبر القوات الأمنية العراقية قوات "مجربة في ميدان المعارك وجاهزة للقتال".

وأشار التقرير إلى أن البنتاغون استدل بهجمات 16 أكتوبر على أن القوات العراقية تستطيع بدون دعم الحلفاء "أن تخطط وتنسق وتنفذ تحركات ومناورات عسكرية". لكن تقرير (OIR) وبالاعتماد على التقارير الإعلامية يفند تقييم البنتاغون هذا وبؤكد أن "البيشمركة لم يقاوموا زحف القوات الأمنية العراقية".

وتم تقسيم مسألة الحكم والمجتمع المدني في الربع الأخير من العام الماضي، إلى ثلاثة محاور رئيسة أولها التوترات بين أربيل وبغداد، والثاني نفوذ الحشد الشعبي والثالث انتخابات مجلس النواب ومجالس المحافظات العراقية.

منذ إسقاط النظام السابق، باتت مسألة تقسيم السلطة بين المركز وخارجه المشكلة المزمنة للحكم في العراق، وقد ظهرت هذه المشكلة بصورة أوضح بعد استفتاء 25 أيلول وهجمات 16 أكتوبر. وبينما تصر بغداد على فرض سلطة مركزية أكثر على إقليم كوردستان، من خلال إغلاق الحدود الإيرانية مع الإقليم بطلب من الحكومة المركزية وحظر الرحلات الجوية الدولية إلى مطارات الإقليم وتضييق مناطق نفوذ حكومة الإقليم في إطار حدود ما قبل 2003، بالإضافة إلى ملف إدارة عائدات النفط الذي لايزال مفتوحاً بين أربيل وبغداد. ويقول تقرير (OIR) إن البنتاغون حاولت جاهدة إيجاد حل سلمي وحوار بين حكومتي بغداد وأربيل، لكن الحوار بين الجانبين، حتى نهاية العام الماضي، ظل في إطار فرق العمل.

وتثير قوات الحشد الشعبي قلق الحكومة الأمريكية من جانبين، الأول وجود تلك القوات في المناطق السنية، حيث أنها حسب تقرير (OIR) تمثل تحدياً كبيراً للسلم الوطني في العراق و"تثير المشاكل". وتخطط الحكومة العراقية إحلال قوات أمنية رسمية حكومية ومحلية، محل الحشد الشعبي، لكن التقرير يتوقع أن تجري هذه العملية ببطء لأن القوات الأمنية الرسمية لاتزال منشغلة بمواجهة داعش. كما أن قوات الحشد الشعبي تستطيع خلق مشاكل لانتخابات مجلس النواب ومجالس المحافظات في أيار القادم، ومشاركة قيادات الحشد في تلك الانتخابات ستمهد لبسط الحشد سيطرته على كل العراق، وستمهد حسب الدفاع الأمريكية لتشكيل جبهة جديدة للخلافات في العراق حين تتعارض مصالح الأطراف الشيعية مع بعضها.

طلب الرئيس الأمريكي 639 مليار دولار كميزانية دفاعية، منها 64.6 مليار دولار للعمليات الخارجية وسيخصص 13 مليار دولار من هذا المبلغ لمحاربة داعش من جانب أمريكا، ومن هذا المبلغ الأخير سيتم تخصيص 1.8 مليار دولار لتدريب وتسليح الحلفاء المحليين ونفقات 5765 جندياً أمريكياً في العراق وسوريا.

لم تخصص الولايات المتحدة في موازنة العام 2018 أي مبلغ للعراق بينما كانت في السابق تودع مبلغاً في صندوق يستطيع العراق الاستدانة منه لدعم الحرب على داعش. وحسب تقرير (OIR) استخدمت الحكومة العراقية خلال العامين الماضيين 3.8 مليار دولار من ذلك الصندوق لشراء معدات عسكرية وتعزيز قواته.

ويقول تقرير (OIR) إن وزارة الدفاع أقرت بأن قسماً من المعدات العسكرية الأمريكية التي زود العراق بها قد ذهب إلى "مستخدمين غير مصرح لهم" باستخدامها. وجاء في التقرير: "في الريع الأخير من العام الماضي، تحدثت وسائل الإعلام عن حصول قوات الحشد الشعبي على تسع دبابات (أبرامز M1)".

ويقول التقرير إن أمريكت زودت الجيش العراقي بهذه الدبابات. وأشارت وزارة الدفاع الأمريكية إلى أن الحكومة العراقية كانت تعمل في الربع الأخير من العام الماضي على استعادة الدبابات من الحشد الشعبي. وقد ذكرت قوات البيشمركة أن الحشد الشعبي استخدم أسلحة أمريكية، ومنها دبابات أبرامز، في الهجوم على المناطق المتنازع عليها.

وقد أكدت وزارة الدفاع الأمريكية في الربع الأخير من 2017 على ضرورة التزام العراق بتعهداتها المنصوص عليها في اتفاقية شراء تلك الأسلحة وأن تكون تلك الأسلحة في يد القوات المشار إليها في الاتفاقية حصراً.

وعن مسألة النازحين، يقول تقرير (OIR) إن عدد النازحين والمهجرين في الريع الأخير من العام الماضي كان 2.3 مليون نازح ومهجر، وعبر عن قلقه من "قيام الحكومة العراقية بإجبار النازحين قسراً على العودة إلى مناطقهم".

ويكشف التقرير أن التوترات التي تلت هجمات 16 أكتوبر تسببت في خلق عوائق في طريق المساعدات الإنسانية وباتت المنظمات الانسانية لا تستطيع الوصول إلى المرحلين والمهجرين بسهولة، خاصة مع إقامة العديد من نقاط التفتيش في المناطق القريبة من كركوك والموصل، ومع الحظر المفروض على الرحلات الدولية إلى مطارات كوردستان، إضافة إلى أن تلك الأحداث تسببت في نزوج 150 ألف شخص من المناطق التي تعرضت لهجمات 16 أكتوبر عن ديارهم
Top