• Monday, 23 December 2024
logo

قبل أربعين عاماً اندلعت الثورة الإيرانية

قبل أربعين عاماً اندلعت الثورة الإيرانية
في نظر محمد حسن شريفي زاده الذي كان طفلاً في ذلك الحين، بدأت الثورة التي أطاحت بآخر شاه في ايران قبل أربعين عاماً تماماً بحادث غير اعتيادي وقع في مسجد في مدينة قم.

ففي 18 دي 1357 في التقويم الفارسي الموافق للثامن من كانون الثاني/يناير 1978، "كان عمري ثماني سنوات" حسبما يقول شريفي زاده، و"كنا نحضر مراسم دينية".

ويضيف بائع الحلويات في باحة مدفن فاطمة معصومة في قم، إحدى المدن الكبرى في إيران، أن الملا "نزع عمامته وألقاها أرضاً، وهو يؤكد أن مصدر وحينا (آية الله روح الله الخميني) اهين".

وهذه الخطوة التي أقدم عليها الملا والقاضية بنزع أحد الرموز المقدسة، تعكس غضباً شديداً لا يمكن تبريره إلا بإهانة أكثر شدة، والواقع أن الإهانة في ذلك اليوم كانت جسيمة.

فكانت الصحيفة الحكومية "اطلاعات" نشرت عشية ذلك اليوم مقالاً بعنوان "إيران والاستعمار الأحمر والأسود" كان مهيناً جداً لآية الله الخميني المعارض للشاه محمد رضا بهلوي والمنفي منذ 1964.

اتهم المقال الرجل الذي أصبح مؤسس جمهورية إيران الإسلامية بأنه عميل لبريطانيا وألمح إلى أنه ليس إيرانيا فعلاً وأنه يتآمر مع الشيوعيين، ساعياً للتشكيك بسلطته الدينية.

نشر المقال صباحاً في طهران لكن الصحيفة لم تصل إلى قم التي تقع على بعد 120 كيلومتراً جنوباً، سوى بعد الظهر، ويذكر آية الله سيد حسين مولوي تبريزي (70 عاماً) الذي يدرس في واحدة من الحوزات العلمية، كيف علم بهذا المقال.
"استفزاز"
يقول هذا النائب العام السابق الذي انتخب نائبا مرتين قبل ان يعود للتدريس في قم، في تصريح صحفي "كانت الساعة حوالى 19,00 وجاءني اثنان أو ثلاثة من طلابي غاضبين وجلبوا لي الصحيفة لاقرأ المقال".

ويتابع ان المقال "كان القشة التي قصمت ظهر البعير"، ويضيف أن "اهانته (الخميني) بهذا الشكل عبر القول إنه خادم للانكليز يشكل إهانة لكل رجال الدين، انه استفزاز".

ونظم الرد بسرعة ففي مساء اليوم نفسه، جمع آية الله تبريزي نحو عشرة من رجال الدين، و"تقرر وقف الدروس في اليوم التالي تعبيرا عن الاحتجاج" في إجراء نادر و"ادانة المقال في اليوم التالي خلال الدروس والتعبير عن الدعم للإمام الخميني".

في الثامن من كانون الثاني/يناير، رافقت اضراب الطلاب تظاهرات وصدامات لم تكن خطيرة مع الشرطة، وفي التاسع من الشهر نفسه كما يتذكر آية الله تبريزي، اتسع نطاق الاحتجاجات مع انضمام تجار البازار إلى الإضراب.

وردد آلاف الأشخاص في الشارع هتافات معادية للحكومة والشاه الذي كانت سلطته تهتز بسبب برنامج اصلاحات وتحديث أثار استياء شعبياً كبيراً، وكذلك تحالفه مع الولايات المتحدة، في ظل تفاقم التفاوت الاجتماعي مع انتشار الفساد والحكم الاستبدادي.
"اطلقوا النار"
كان رجل الدين أبو الفضل سليماني يبلغ من العمر 24 عاما، ويروي "كنت مشاركاً في التظاهرات بدأت الشرطة إطلاق النار أولاً في الهواء على ما اعتقد، ثم على الناس، على رجال الدين وغيرهم وتجار البازار وسقط قتلى وجرحى".

ويقول الكاتب والمؤرخ البريطاني مايكل اكسوورثي في كتابه "ايران الثورية" إن "المعلومات الأولية تحدثت عن سقوط عشرين أو ثلاثين قتيلاً، لكن في الواقع لم يسقط أكثر من خمسة على الأرجح".

أياً كان ما حدث، انتشر نبأ القمع في قم وأدى إلى تظاهرات في مدن أخرى في البلاد، وفي 18 شباط/فبراير من كل سنة، تحيي إيران في 12 مدينة مراسم في ذكرى أربعينية "شهداء" قم.

في تبريز بشمال غرب إيران، تفاقم الوضع، اطلقت الشرطة النار على الحشد وقتلت 13 شخصاً على ما يبدو حسب اكسوورثي الذي تحدث عن دوامة من التظاهرات والقمع الدموي "كل أربعين يوماً ولأربع مرات"، توقفت في حزيران/يونيو على الأرجح بسبب خوف السلطات من أعمال عنف على نطاق واسع. 

لكن التاريخ لا يتوقف،  فقد شهد النصف الثاني من 1978 امتداد الاحتجاجات، ويقول آية الله تبريزي "كل نظام قمعي يحفر قبره بيده".

في 16 كانون الثاني/يناير 1979 غادر الشاه إيران ولم يعد إليها مطلقاً. وغادر آية الله الخميني فرنسا للعودة إلى طهران حيث استقبلته في الأول من شباط/فبراير حشود هائلة، وبعد عشرة أيام سقطت آخر حكومة في إيران الشاهنشاية.

وستنظم السلطات بعد عام احتفالات كبيرة في الذكرى الأربعين "لانتصار الثورة" في مؤشر إلى استمرار النظام الإسلامي على الرغم من توقعات معارضيه وحركات الاحتجاج النادرة.
Top