مسعود البارزاني.. بدأ مقاتلاً في صفوف البيشمركة وعادَ إليها
ووافق برلمان إقليم كوردستان، من خلال تصويت 70 نائباً، على مشروع قرار يتضمن توزيع سلطات رئيس إقليم كوردستان على مؤسسات الإقليم العامة، وذلك في الجلسة التي عُقدت يوم الأحد 29/10/2017، بحضور نواب كلٍ من الحزب الديمقراطي الكوردستاني، الاتحاد الوطني الكوردستاني، حركة التغيير، الاتحاد الإسلامي الكوردستاني، الحركة الإسلامية في كوردستان، وأحزاب وكتل برلمانية أخرى.
وأعلن الحزب الديمقراطي الكوردستاني، أن "مسعود البارزاني، سيبقى بيشمركة كوردستان، وسيستمر في خدمة كوردستان، وسيبقى مع قوات البيشمركة كأحد أفرادها، وليطمئن شعب كوردستان، حيث سيستمر جنباً إلى جنب مع شعبه حتى تحقيق الانتصار الكامل".
وقال رئيس كتلة الحزب الديمقراطي الكوردستاني في برلمان كوردستان، أوميد خوشناو، إن "مسعود البارزاني سيستمر في نضاله لتحقيق 3 أهداف، فالبارزاني سيبقة واحداً من بيشمركة كوردستان، وسيخصص وقته بالكامل لخدمة البيشمركة في الجبهات، ودعم إرادتها ومعنوياتها".
وأضاف خوشناو: "كما أن الرئيس البارزاني يزداد حماساً وإصراراً على مكافحة ومحاربة التطرف والإرهاب، إلى أن يتم بناء وطنٍ آمنٍ وخالٍ من الإرهاب والفكر المتطرف".
وتابع القول: "من أجل دعم الديمقراطية في كوردستان وتمتين أسسها، ومن أجل الدفاع عن مكتسبات شعبنا، واستمرار وتقدم المؤسسات الشرعية في كوردستان، كان وما زال البارزاني مستمراً في العمل والنضال".
تأجيل الانتخابات
كان من المقرر إجراء انتخابات رئاسة وبرلمان إقليم كوردستان، في يوم 1 نوفمبر/تشرين الثاني 2017، إلا أن برلمان كوردستان قرر في جلسته التي عُقدت يوم 24/10/2017، تأجيل انتخابات رئاسة وبرلمان إقليم كوردستان لمدة 8 أشهر، وتقرر إجراؤها في شهر يونيو/حزيران من عام 2018.
وبعث رئيس إقليم كوردستان، مسعود البارزاني، رسالةً إلى برلمان الإقليم، قال فيها: "أنا أرفض الاستمرار في منصب رئيس إقليم كوردستان اعتباراً من 1/11/2017، ولا يجوز تغيير قانون الرئاسة، أو تمديد فترة الرئاسة، ومن الضروري عقد اجتماع عاجل لكي لا يحدث فراغ سياسي في واجبات وسلطات رئيس إقليم كوردستان، ومن أجل حلِّ هذه المسألة".
وأضاف البارزاني: "أنا، البيشمركة مسعود البارزاني، سأستمر بالنضال بين جماهير شعبنا والبيشمركة الأعزاء، لإحقاق الحقوق المشروعة لشعبنا، والدفاع عن مكتسباته".
الاتحاد الوطني الكوردستاني: قرار البارزاني "صائب"
أكد رئيس كتلة الاتحاد الوطني الكوردستاني في برلمان كوردستان، دلير ماوتي، لشبكة رووداو الإعلامية، أن "رسالة السيد مسعود البارزاني (في محلها)، ونحن نتوجه إليه بالشكر، فقد أزال العقبات أمام تفعيل البرلمان، وقد حان الوقت لتغيير قانون الرئاسة، وأن تشارك الأطراف السياسية في البرلمان بالاجتماعات لحلِّ هذه المسألة".
وأضاف دلير ماوتي، أن "السيد البارزاني ساهم من خلال موقفه في تهدئة الوضع، وعلى البرلمان تشكيل لجان خاصة، وأن تبدأ حكومة إقليم كوردستان بالمفاوضات مع حكومة بغداد من أجل حلِّ المشاكل على أساس الدستور".
لم تنتهِ مهمة البارزاني بعد
وتحدث السياسي الكوردي، محمود عثمان، الذي يُعرف بقربه من عائلة البارزاني، كما أن علاقته مع مسعود البارزاني بدأت قبل 54 عاماً، لشبكة رووداو الإعلامية قائلاً: "لقد أقدم البارزاني على خطوة جيدة، كما أن توزيع سُلطات البارزاني قرار مهم في المرحلة التي تمر بها كوردستان، ولن ينتهِ دور البارزاني هنا، فهو رئيس أكبر حزب بإقليم كوردستان، كما أنه أوضح خلال رسالته أنه سيستمر بالنضال، وهذه فرصة جيدة للأطراف السياسية، فطالما أن هذه المشكلة حُلت، فلتبدأ الأطراف السياسية بالاجتماعات والحوار من أجل حلِّ المشاكل".
أزمة الرئاسة
وفقاً للقانون رقم 1 بتاريخ 12 مايو/أيار 2005، انتخب برلمان إقليم كوردستان عام 2005، مسعود البارزاني، أولَ رئيسٍ لإقليم كوردستان، وأدى البارزاني اليمين الدستورية، وبعد تعديل قانون رئاسة إقليم كوردستان، حيث نصَّ التعديل على أن يُنتخب الرئيس من قبل الشعب، حصل مسعود البارزاني في انتخابات 25 يوليو/تموز 2009 على مليون و266 ألف و397 صوتاً، أي ما نسبته 69.60%، وأصبح رئيساً لإقليم كوردستان من جديد، وأدى اليمين الدستورية في 20 آب/أغسطس 2009.
بعد الاتفاق المتعلق بانتخابات رئاسة الإقليم، والذي أُبرم بين الحزب الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني الكوردستاني، مددَ برلمان إقليم كوردستان فترة رئاسة مسعود البارزاني لعامين إضافيين في 30 يونيو/حزيران 2013، وبعد ذلك طالب وفد مشترك من الحزب الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني الكوردستاني بسنِّ هذا القانون الجديد، إلا أن البارزاني لم يوقع عليه، ولم يرفضه أيضاً.
انتهت فترة رئاسة مسعود البارزاني في 20 آب/أغسطس 2015، إلا أن الأطراف السياسية في إقليم كوردستان لم تتفق على تعديل قانون رئاسة الإقليم، لذلك قرر مجلس شورى إقليم كوردستان بتاريخ 17 آب/أغسطس 2015، أي قبل انتهاء فترة رئاسة البارزاني بثلاثة أيام، أن يستمر البارزاني رئيساً للإقليم بكافة الصلاحيات الممنوحة، إلى حين إجراء انتخابات رئاسية.
وتباينت ردود الفعل في إقليم كوردستان بخصوص هذا القرار، إلا أن المجتمع الدولي ظلَّ يتعامل مع مسعود البارزاني بصفته رئيساً لإقليم كوردستان.
وسبق للبارزاني أن قال في العديد من الاجتماعات الكبيرة والمؤتمرات الصحفية والمقابلات، إن "شغلَ كرسي رئاسة إقليم كوردستان كان الخطأ الأكبر في حياتي، وكان عليَّ ألا أقبل بهذه المهمة".
كركوك كانت ستتعرض للهجوم بكل الأحوال
أوضح البارزاني خلال رسالة له بتاريخ 29 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أنه بعد تطبيق الدستور عقدوا لقاءات ومشاورات مع بغداد ودول العالم، ولكن دون أي نتائج تُذكر.
وقال البارزاني: "ناقشنا هذا الموضوع مع التحالف الدولي مراراً، وأخبرناهم بأن الأوضاع تتجه نحو التأزم، وأننا متخوفون من إراقة الدماء إذا استمر الوضع على ما هو عليه، فتعالوا لنعقد شراكة حقيقية، فإذا لم تكونوا قادرين على ذلك، فلنكن جارين جيدين متعاونين، وفي ذلك الحين كان موقفهم إيجابياً للغاية، إلا أن أولئك الذين أبدوا لنا حسن النية آنذاك، حالياً يحاربون الشعب الكوردي والبيشمركة بدبابات (أبرامز)".
وأضاف البارزاني أنه "لولا قوات البيشمركة، لما استطاع العراق تحرير الموصل من تنظيم داعش بسهولة، وكنا نعتقد بأن المجتمع الدولي سيدعم الشعب الكوردي والبيشمركة، وسيحترم دماء شهدائنا، كما كنا نعتقد بأن الحكومة العراقية ستكون وفيةً لتضحياتنا وما قدمناه لهم، ولكن من المؤسف أنهم كانوا يخططون للهجوم منذ ذلك الحين، فاستفتاء كوردستان لم يكن سبباً للهجوم، وكانوا سيهجمون على كركوك بكل الأحوال، ويبدو أنهم أجلوا معركة الحويجة بهدف جمع هذه القوات كلها والهجوم على كركوك".
خيانة كركوك
تحدث الرئيس مسعود البارزاني في رسالته عن الهجوم الذي تعرضت له كركوك أيضاً، وقال: "لم نكن نتوقع أبداً ولا حتى في خيالنا أن تتعرض كركوك لخيانة قومية، كما حصل في ليلة 15/16 أكتوبر، لقد تم تسليم كركوك، وطعنوا الشعب الكوردي والبيشمركة بخنجر مسموم من الخلف، ووضعوا أصوات 3 ملايين مواطن كوردستاني في مأزق كبير، إلا أن هذه الأصوات كتبت تاريخاً لن يستطيع أحد أن يمحيه، ولولا تلك الخيانة لكان وضع كوردستان مختلفاً الآن".
كما أكد البارزاني أنهم "كانوا قد وضعوا خطة دفاعية لكافة المناطق، ومن ضمنها كركوك، لأنهم كانوا يتوقعون بأن يهجموا على كوردستان، ولكن مع الأسف، تلك الخيانة أثرت سلباً على قوات البيشمركة، وعلى الخطة الدفاعية أيضاً".
وبخصوص موقف وصمت الولايات المتحدة الأمريكية حيال الهجوم الذي تعرضت له كركوك، قال الرئيس البارزاني: "الشيء الآخر الذي لم نكن نصدق أن يحدث، هو أن تلك القوة التي تعتبرها أمريكا إرهابية، شنت هجوماً على كوردستان باستخدام دبابات (أبرامز)، وأمام أعين الولايات المتحدة الأمريكية التي اكتفت بالتفرج، الأمر الذي جعل الشعب الكوردستاني يطرح السؤال التالي: ترى هل كانت أمريكا راضية عن تلك الخطة، وهل وافقت على شنّ هجوم على كوردستان؟، فإذا كان الأمر كذلك، بأن يعاقبوا شعب كوردستان، فهل يكون العقاب بهذه الطريقة، من خلال ارتكاب إبادة جماعية بحق شعب كوردستان؟".
لن نسمح بمسِّ كرامتنا
أوضح مسعود البارزاني أن قوات البيشمركة انسحبت من بعض المناطق حقناً للدماء، إلا أن قوات الحشد الشعبي والجيش العراقي مستمرون بشنِّ الهجمات، وقال البارزاني إن "الأماكن التي انسحبت منها قوات البيشمركة، دخل الحشد الشعبي إليها، إلا أن الحشد لم يتمكن من التقدم في الأماكن التي شهدت قتالاً".
وأكد البارزاني، أن "المسألة لا تتعلق بالدستور، بل إنهم يسعون لكسر هيبة شعب كوردستان ومسِّ كرامته، لذلك اتخذوا من الاستفتاء ذريعةً لهم، ترى هل أجرينا استفتاءً خلال جرائم الأنفال، حلبجة، سنجار، وغيرها من الجرائم التي ارتكبوها بحقنا؟، والحقيقة هي أن المسألة تتعلق بذهنيتهم، فهم لا يرون هذا الحق مشروعاً للشعب الكوردستاني، ونحن لا نريد أن يحدث قتال وتُراق الدماء، ولكن إذا كانت غايتهم هي مسُّ كرامة الشعب الكوردستاني وكسر إرادته، فإنني أؤكد لكم أن هناك آلاف الأطفال في هذا الوطن، إلى جانب مقاتلي البيشمركة، مستعدون للدفاع عن تراب كوردستان حتى آخر نقطة دماء في عروقهم، فنحن نختار الموت على أن تُمسَّ كرامتنا".
البيشمركة أهم من أي منصب
مسعود البارزاني هو نجل الجنرال الراحل مصطفى البارزاني، ومنذ عام 1962 يلعب دوراً بارزاً ومهماً داخل حركة التحرر الكوردية، حيث بدأ مقاتلاً فتياً في صفوف البيشمركة، ثم أصبح رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني، وبدأ البارزاني نضاله من أجل تحرير كوردستان كمقاتل في البيشمركة، وعندما تنحى عن منصبه رئيساً لإقليم كوردستان، قال في أول كلمة له: "سأظلُّ مقاتلاً في صفوف البيشمركة".
في 11 مارس/آذار من عام 1970، كان مسعود البارزاني عضواً في وفد قيادة ثورة أيلول للتفاوض مع بغداد، وبعد قمع الثورة عام 1975، أسس مع شقيقه إدريس البارزاني وعدد من الكوادر الفتية في الحزب الديمقراطي الكوردستاني، قيادةً مؤقتة للحزب.
في 26 مايو/أيار 1976، قاد مسعود البارزاني ثورة كولان، وفي 4 أكتوبر/تشرين الأول 1979، عقد المؤتمر التاسع للحزب الديمقراطي الكوردستاني في قرية "زيفه" بمنطقة "ميركفر" التابعة لمدينة "أورمية" بكوردستان إيران، وخلال المؤتمر تم انتخاب البارزاني رئيساً للحزب بغالبية الأصوات، ومنذ ذلك الحين وإلى يومنا هذا، يتم انتخابه رئيساً للحزب الديمقراطي الكوردستاني.
بعد توقف الحرب العراقية الإيرانية في شهر آب/أغسطس من عام 1988، تعرضت ثورة كوردستان للقمع مجدداً، وبقيت قوات البيشمركة تدافع فقط في المثلث الحدودي بين العراق، إيران، وتركيا، بالإضافة إلى منطقة "خواكورك"، وتمكنت من مقاومة الجيش العراقي طيلة 45 يوماً، والتي عُرفت بـ"ملحمة خواكورك"، وكان البارزاني يقودها بنفسه.
بعد انتفاضة عام 1991، اقترح البارزاني خلال كلمة له أمام أهالي "كويه"، إجراء انتخابات في كوردستان، وفي مايو/أيار من عام 1992، أجريت انتخابات برلمان كوردستان.
بعد سقوط نظام البعث في العراق، ظلَّ مسعود البارزاني وجلال الطالباني في بغداد لفترة طويلة، وكان لهما دور في كتابة الدستور العراقي، وفي ذلك الحين كانت الولايات المتحدة الأمريكية قد عينت، بول بريمر، حاكماً مدنياً في العراق، والذي تحدث في كتابه عن دفاع البارزاني المستميت من أجل تحصيل حقوق الشعب الكوردي في الدستور العراقي.
قادَ مسعود البارزاني الحرب على تنظيم داعش عندما شنَّ التنظيم هجوماً على كوردستان، وظلَّ في جبهات القتال لفترة طويلة، وكان يجري لقاءاته السياسية أيضاً في جبهات القتال، إلا أن تم تحرير القسم الأكبر من أراضي كوردستان.
خلال فترة رئاسة مسعود البارزاني، بلغت العلاقات الدبلوماسية لإقليم كوردستان مستويات رفيعة جداً، وزار كوردستان رؤساء وكبار مسؤولي الدول، كما شارك البارزاني في عدد من المؤتمرات الدولية المهمة للغاية.
ولد مسعود البارزاني في مدينة مهاباد خلال تأسيس جمهورية كوردستان فيها، وخلال فترة رئاسته كان يعمل على تأسيس دولة كوردستان الجديدة التي كان قرار إجراء استفتاء استقلال إقليم كوردستان أهم خطواتها، حيث ألهب الاستفتاء مشاعر وحماسة الكوردستانيين في الأجزاء الأربعة، فعلى الرغم من تهديدات تركيا، إيران، والعراق، وكذلك مطالبات أمريكا وأوروبا، أُجري استفتاء استقلال كوردستان في يوم 25 سبتمبر/أيلول الماضي، وصوت أكثر من 92% لصالح استقلال كوردستان.
كان مسعود البارزاني يطالب طيلة السنوات الأربعة الأخيرة بإجراء انتخابات رئاسية في إقليم كوردستان، أو أن تتفق الأطراف السياسية على شخص لتولي هذا المنصب إلى حين إجراء الانتخابات، كما أعلن خلال خطاباته الأخيرة أنه لن يرشح نفسه، وأكد أن البيشمركة أهم من أي منصب بالنسبة له.