• Monday, 23 December 2024
logo

سوريا بعد هزيمة داعش ساحة لصراعات متعددة الجبهات والأطراف

سوريا بعد هزيمة داعش ساحة لصراعات متعددة الجبهات والأطراف
الحرب الكبرى الدائرة في سوريا اليوم ضد تنظيم الدولة الإسلامية ستنشطر إلى صراعات وحروب تصفية حسابات مفتوحة على جبهات عديدة، سيكون أبرزها الصدام بين أنقرة والأكراد، فيما يتوقع المراقبون تصعيدا بين واشنطن وطهران من أجل السيطرة على المنطقة.




بالمرصاد للأتراك

الرقة (سوريا) – يفسر سجلّ المقاتلة الكردية شين إبراهيم في مواجهة المتشددين سياسة الرئيس الأميركي دونالد ترامب التي تنطوي على تسليح أمثالها من الأكراد السوريين خلال سعيه للقضاء على تنظيم الدولة الإسلامية، لكنه يبرز أيضا المخاطر.

علّمها شقيقها كيف تستخدم بندقية كلاشنيكوف حين كان عمرها 15 عاما، وشجعتها والدتها على الكفاح من أجل حصول أكراد سوريا على الحكم الذاتي. وتقول شين إنها قتلت 50 شخصا منذ حملت السلاح في الحرب السورية الدائرة منذ ست سنوات فحاربت تنظيم القاعدة في البداية ثم عبرت إلى العراق لمساعدة الأكراد هناك في التصدي لتنظيم الدولة الإسلامية.

عمر شين الآن 26 عاما وتقود وحدة من 15 امرأة تلاحق التنظيم المتشدد في الرقة معقله الرئيسي، فتجوب شوارع كان يسيطر عليها المتشددون ذات يوم في شاحنة صغيرة بينما تمشط مقاتلات أخريات مباني متهدمة للتأكد من خلوها من أي شراك.

ونجحت قوات سوريا الديمقراطية، التي تتصدرها وحدات حماية الشعب الكردية السورية، في استعادة أجزاء عديدة من البلدة الواقعة في شمال سوريا منذ بدأت حملتها هذا الشهر.

وسيطرت قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة على المنطقة الصناعية بالرقة في يونيو في أكبر مكسب حتى اليوم في القتال ضد التنظيم في معقله بسوريا.

وقال المرصد السوري إنه إذا تمكن التنظيم من استعادة المنطقة الصناعية ستكون انتكاسة لقوات سوريا الديمقراطية. وأقرت قوات سوريا الديمقراطية في حسابها على موقع للتواصل الاجتماعي بأن المنطقة الصناعية تشهد قتالا شرسا لكنها أكدت أن المنطقة بكاملها لا تزال تحت سيطرتها وإنها أحبطت الهجوم.

أمام التقدم الذي حققته هذه القوات أعلن وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس أن واشنطن قد تسلح قوات سوريا الديمقراطية استعدادا لمعارك قادمة ضد تنظيم الدولة الإسلامية، لكنها ستسترد الأسلحة التي لم تعد هذه القوات في حاجة لها.

واشنطن لا تعرف حجم الأسلحة التي بحوزة وحدات حماية الشعب لأن بعض العرب انضموا إليها بعدما انهزمت جماعاتهم
ونقلت وكالة رويترز عن مسؤول أميركي، طلب عدم نشر اسمه، أن هذه الخطة هي أبرز أركان برنامج لم يكتمل بعد لإعادة الاستقرار لسوريا وضعته إدارة ترامب، لكن الخطر يكمن في أن تثير اضطرابا جديدا في حرب تلعب فيها قوى خارجية أدوارا أكبر من أي وقت مضى.


تركيا غاضبة

أثارت العلاقة بين الولايات المتحدة ووحدات حماية الشعب الكردية غضب تركيا جارة سوريا الشمالية وعضو حلف شمال الأطلسي، التي تقول إن الوحدات امتداد لحزب العمال الكردستاني الذي تصنفه كل من أنقرة وواشنطن جماعة إرهابية بسبب تمرده على الدولة التركية.

وأرسلت تركيا قوات إلى سوريا لأسباب منها مهاجمة الدولة الإسلامية، بالإضافة إلى منع وحدات حماية الشعب التي تسيطر على مناطق الأكراد في شمال سوريا، من دخول منطقة يسكنها العرب والتركمان مما يمنحها السيطرة على الحدود بالكامل.

وذكرت جماعات معارضة تدعمها تركيا أن أنقرة أرسلت في الآونة الأخيرة تعزيزات إلى سوريا مما أثار قلق قوات سوريا الديمقراطية من أن تكون تخطط لمهاجمة وحدات حماية الشعب الكردية. وحذرت قوات سوريا الديمقراطية من “احتمال كبير بظهور مواجهات مفتوحة وقوية”.

وأعلن مسؤول بارز بالميليشيات الكردية ناصر حاج منصور، أنهم قرّروا مواجهة الأتراك إذا ما حاولوا تجاوز الخطوط المحددة في المناطق القريبة من حلب، حيث تبادل الجانبان إطلاق النيران.

وقال ناصر إن “هناك إمكانية كبيرة لمواجهات مفتوحة وشرسة بتلك المنطقة”، فيما شدّدت شين إبراهيم وغيرها من المعارضة الكردية المسلحة قائلة إن الأكراد “سيقفون في وجه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان”. وأضافت “تركيا تحاربنا… كل من سيقاتلنا سنقاتله”.

ويقول زعماء أكراد سوريا إنهم يريدون حكما ذاتيا على غرار ما يتمتع به أكراد العراق وليس استقلالا أو تدخلا في شؤون دول الجوار. ويعتبرون التحذيرات التركية بأن أسلحة وحدات حماية الشعب قد تسقط في النهاية في أيدي حزب العمال الكردستاني غير مبررة.

ويؤكد خالد عيسى ممثل حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، وهو الجناح السياسي لوحدات حماية الشعب، في أوروبا “نحن ضحايا نموذج الدولة القومية وليست لدينا رغبة في إعادة إنتاج هذا النموذج”.

تركيا أرسلت قوات إلى سوريا لأسباب منها مهاجمة الدولة الإسلامية، بالإضافة إلى منع وحدات حماية الشعب التي تسيطر على مناطق الأكراد في شمال سوريا، من دخول منطقة يسكنها العرب والتركمان مما يمنحها السيطرة على الحدود بالكامل
وتعمل واشنطن على تهدئة التوترات بسبب علاقتها مع وحدات حماية الشعب التي تساندها روسيا أيضا. وقال الميجر جنرال روبرت جونز النائب البريطاني لقائد التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد تنظيم الدولة الإسلامية “هناك شفافية مطلقة بين تركيا والولايات المتحدة في هذا الموضوع”. لكن إذا ما أخذنا بتعليقات مقاتلي الوحدات، لن يكون نزع سلاحهم بالأمر السهل.

وقالت قناصة توجه سلاحها لمواقع الدولة الإسلامية “لن نلقي أسلحتنا”. وذكرت القناصة التي ذكرت اسمها الأول فقط وهو بركانورين “نحتاجها للدفاع عن أنفسنا”. ووافقتها الرأي مقاتلة أخرى تدعى مريم محمد وقالت “أردوغان هو عدونا الأكبر لا يمكننا تسليم أسلحتنا”. وذكر مسؤول أميركي أن واشنطن لا تعرف على وجه التحديد حجم الأسلحة التي بحوزة وحدات حماية الشعب لأن بعض العرب انضموا إليها بعدما انهزمت جماعاتهم وأخذوا معهم أسلحة كانت واشنطن قد قدمتها لهم. وأضاف المسؤول “الولاءات تتغير كما تتغير خطوط المعركة وأحيانا تتبع مسارها”.

وردا على سؤال عن استعادة الأسلحة قال ماتيس في أول تصريحات علنية له عن المسألة “سنفعل ما بوسعنا”، بينما أكد نوري محمود المتحدث باسم وحدات حماية الشعب أن الهدف هو الدولة الإسلامية قائلا “نحارب تنظيما إرهابيا عالميا”.


نصر ولكن…

أصبح النصر في ميدان المعركة أمرا قريب المنال بعد السيطرة على معظم أجزاء الموصل، أكبر معاقل التنظيم المتشدد بالعراق، لكن المسؤول الأميركي ومسؤولين آخرين أشاروا إلى عقبات تعترض سبيل الاستقرار في سوريا وتعمل الإدارة الأميركية على علاجها.

وقال المسؤولون الثلاثة إن إعادة بناء الرقة ستحتاج المليارات من الدولارات ومستوى غير مسبوق من التسويات بين جماعات تناصب بعضها العداء منذ فترة طويلة. وذكر أحدهم أن القوات الإيرانية التي تساند الرئيس السوري بشار الأسد تترقب أي عراقيل يمكن أن تنتهزها.

ويقود الأكراد الهجوم على الرقة، لكن من المزمع أن تتولى قوة يشكل العرب قوامها الرئيسي حفظ الأمن في المدينة التي يمثل العرب أغلبية سكانها بعد انتهاء الهجوم. وبينما يقاتل الأكراد والعرب جنبا إلى جنب ضد تنظيم الدولة الإسلامية، من المتوقع أن تحتدم المنافسة على الأرض مع انحسار دائرة التنظيم المتشدد. وقال واحد من المسؤولين الأميركيين “نلقي بأنفسنا في خضم فوضى أخرى لا نفهمها”.
Top