العسكرة وأسلحة الدمار الشامل، النفط والطاقة
تايلر دوردن
البحوث العالمية، 07 يونيو 2017
المنطقة: الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
الموضوع: العسكرة وأسلحة الدمار الشامل، النفط والطاقة
ترجمة عادل حبه
ووفقا للرواية الرسمية، فإن سبب أزمة الخليج الأخيرة التي قطع فيها ائتلاف من الدول التي تقودها السعودية علاقات دبلوماسية واقتصادية مع قطر، هو أن قطر تمول الإرهابيين. وبعد زيارة “ترامب” الأخيرة إلى المملكة العربية السعودية حث فيها على وقف الدعم المالي للإرهاب، وأيضا في أعقاب تقرير لجريدة الفاينينشال تايمز جاء فيها أن قطر قدمت مباشرة مليار دولار من التمويل لإيران وتنظيم القاعدة، مما أفقد المملكة العربية السعودية صبرها أخيراً تجاه تصرفات جارتها “المارقة”، التي قامت في السنوات الأخيرة ببث تصريحات إيديولوجية غير مقبولة تجاه كل من إيران الشيعية وروسيا.
ومع ذلك، وكما يحدث في كثير من الأحيان، فإن الرواية الرسمية عادة ما تنشر الدخان للتستر على الأسباب الكامنة وراءالتوترات الحقيقية.
وقد يكون السبب الحقيقي وراء التداعيات الدبلوماسية أبسط من ذلك بكثير، فهو ييتعلق مرة أخرى بموضوع طويل الأمد ومثير للجدل، وهو الهيمنة الإقليمية لقطر على للغاز الطبيعي.
نذكر بأن الكثيرين قد تكهنوا (بأدلة تعود إلى عام 2012) أن أحد الأسباب التي أدت إلى الحرب الطويلة الأمد بالوكالة في سوريا تتعلق بخطوط أنابيب الغاز المتنافسة، مع حرص قطر على مد خط أنابيبها، وربطها بأوروبا. إلا أن روسيا كانت قد عارضت بقوة وبعنف هذه الاستراتيجية منذ البداية، وهذا ما يوضح دعم بوتين الثابت لنظام الأسد ورغبة الكرملين في منع ” استبدال الحكومة السورية بنظام الدمى”.
لاحظ في الصورة الخط الأرجواني الذي يتتبع خط أنابيب الغاز الطبيعي بين قطر وتركيا المقترح، ولاحظ أن جميع الدول التي تم تسليط الضوء عليها باللون الأحمر هي جزء من ائتلاف جديد تم تجميعه على عجل بعد تركيا أخيرا (مقابل موافقة الناتو على حرب أردوغان ذات الدوافع السياسية مع حزب العمال الكردستاني) على السماح للولايات المتحدة للطيران بعثات قتالية ضد أهداف داعش من إنجرليك. لاحظ الآن أي بلد على طول الخط الأرجواني لا يتم تمييزه باللون الأحمر. وذلك لأن بشار الأسد لم يدعم خط الأنابيب، ونحن الآن نرى ما يحدث عندما كنت رجل قوي في الشرق الأوسط وقررت عدم دعم شيء الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية تريد الحصول على القيام به.
الآن، وفي تحليل منفصل، يلغي بلومبرغ أيضا “الرواية الرسمية” وراء أزمة الخليج، ويشير إلى أن عزل المملكة العربية السعودية لقطر ، “والنزاع الطويل في الماضي ومن المحتمل أن يستمر في المستقبل المحتمل المرجح يعود إلى الغاز الطبيعي في أفضل الأحوال”.
إن الغاز الطبيعي كمصدر للخلافات عديدة بدأت في عام 1995 “عندما بادرت الدولة الصغيرة في الهضبة الصحراوية الصغيرة إلى القيام بأول شحنة بحرية لها من الغاز الطبيعي السائل من أكبر خزان في العالم. يشار الى ان “حقل الشمال البحري الذي يوفر تقريبا كل الغاز في قطر، تتقاسمه قطر مع ايران، منافسه السعودي”.
وكانت النتيجة بالنسبة للموارد المالية التي حصلت عليها قطر مشابهة للمكاسب التي حققتها المملكة العربية السعودية من ثروتها النفطية الضخمة.
إن الثروة التي حصلت عليها لم تحولها إلى أغنى دولة في العالم فحسب، حيث بلغ دخل الفرد السنوي 130،000 دولار، ولكن أيضا إلى أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال في العالم. وكان التركيز على الغاز وضع قطر بعيدا عن جيرانه المنتجين للنفط في مجلس التعاون الخليجي وسمح لها بالتحرر من هيمنة المملكة العربية السعودية التي وصفتها في بيان الشكوى يوم الاثنين القطريين بأنهم “امتداد لأخوتهم في المملكة” في حين أنها قطعت العلاقات الدبلوماسية وأغلقت الحدود.
وباختصار، وعلى مدى العقدين الماضيين، أصبحت قطر أكبر محطة للغاز الطبيعي في المنطقة، حيث لم تتمكن سوى شركة غازبروم الروسية من تحدي تأثير قطر على صادرات الغاز الطبيعي المسال.
ومما لا شك فيه أن قطر أظهرت قدرة ملحوظة على توليف ولائها الأيديولوجي، مع التقارير التي قدمتها الفاينينشال تايمز في عام 2013، إلى أن قطر كانت في البداية مؤيدا قويا ومتمول وممول للمتمردين السوريين، المكلفين بإسقاط نظام الأسد، والتي يمكن أن تتوج بإنشاء خط الأنابيب الذي يمر عبر سوريا.
وقد أنفقت دولة قطر الصغيرة والغنية بالغاز ما يصل إلى 3 مليار دولار على مدى العامين الماضيين لدعم التمرد في سوريا، وهو ما يفوق بكثير أية حكومة أخرى، ولكن الآن أصبحت المملكة العربية السعودية الطرف المصدر الرئيسي للأسلحة للمتمردين.
إن تكلفة تدخل قطر، وهي آخر دفعة لدعم الثورة العربية، تمثل جزءا يسيراً من محفظة استثماراتها الدولية. لكن دعمها المالي للثورة التي تحولت إلى حرب أهلية مفرغة يلقي بظلاله على التأييد الغربي للمعارضة.
ومع مرور السنين، نضجت قطر لكي تفهم أن روسيا لن تسمح لخط أنابيبها باجتياز سوريا، ونتيجة لذلك تمحورت استراتيجيا في اتجاه مؤيد لروسيا، وكما أظهرنا أمس، فإن سيادة قطر على رصيدها المالي دفعها إلى الاتفاق في السنة الماضية لتوظيف 2.7 مليار دولار في شركة روسنفط الروسية، في الوقت ال1ي نستضيف فيه قطر أكبر قاعدة أمريكية في المنطقة، القيادة المركزية للولايات المتحدة. إن هذا الانعطاف المتميز أضاف المخاوف أن تتحول قطر إلى داعم فعال لمحور روسيا-ايران- سوريا في المنطقة وداعم مالي وايديولوجي لايران غير قابل للتحمل.
نتيجة للاستقلال المالي والسياسي المتنامي للبلاد، فقد أصاب جيرانها الإحباط والقلق على نحو متزايد: “لقد كانت دولة قطر ناحية من نواحي الدولة السعودية، ولكنها استخدمت الحكم الذاتي الذي خلقته ثرواتها الغازية من أجل لعب دور مستقل دور لنفسها “، كما يقول جيم كرين، الباحث في أبحاث الطاقة في معهد بيكر في جامعة رايس، نقلا عن بلومبرج.
وعلاوة على ذلك، فإن إنتاج قطر من الغاز الطبيعي “خال من التشابك” والضغط السياسي في منظمة الأوبك، وهي مالكارتل النفطي الذي تسيطر عليه المملكة العربية السعودية.
وكما يشير “ان بقية المنطقة تبحث عن فرصة لاقتطاف أجنحة قطر”.
وكما يضيف بلومبرغ:” لقد جاءت هذه الفرصة مع زيارة الرئيس الامريكى دونالد ترامب الاخيرة للسعودية عندما دعا ” جميع الدول صاحبة الضمير ” لعزل ايران. وعندما اختلفت قطر علنا، قالت الحكومة في بيان لها في وقت لاحق إنها نتاج القرصنة، وجاء القصاص الذي قادته السعودية.
ومما لا شك فيه أن ترامب نفسه صعد في تصريحاته في سلسلة التغريدات على “الرواية الرسمية”، واعترف بعزلة قطر( ربما أنه نسى أن هناك قاعدة أمريكية في هذا البلد الصغير.