لماذا أغلب مقاعد السينما حمراء؟
وحتى نحصل على إجابة واضحة، علينا أن نعود إلى الوراء قليلاً، وتحديداً إلى القرن التاسع عشر، أي قبل ظهور السينما. وقد اشتهر هذا القرن بانتشار المسارح، بصفة مكثفة. وقد كانت المقاعد، في ذلك الوقت، تكتسي حلة حمراء. ففي تلك الحقبة، كان اللون الأحمر بمثابة تقليد يرمز إلى عالم المسرح بصفة عامة، وليس فقط من باب التجانس مع لون الستائر الحمراء.
ومن المثير للاهتمام أنه توجد علاقة وثيقة بين خاصيات اللون الأحمر وصفاء روح الممثل الذي يستمد القوة من هذا اللون ليطلق العنان لمشاعره وهو على خشبة المسرح. كذلك، يعد اللون الأحمر خياراً عملياً بما أنه مرتبط بالإضاءة.
لون ملكي
وتجدر الإشارة إلى أنه في عهد الملوك الفرنسيين، كانت المقاعد والستائر في المسرح تكتسي اللون الأزرق (يرمز للأنظمة الملكية). في المقابل، وخلال عهد الإمبراطورية الفرنسية الأولى، حبذ نابليون اللون الأحمر لأنه، حسب رأيه، يضفي على النساء مسحة من الجمال ويجعل وجناتهن متوردة.
من جانب آخر، يحظى اللون الأحمر ببعد رمزي ودلالة ثقافية، حيث يرمز إلى العشق، والترف، وأحياناً إلى خفة الظل.
الأخضر رمز الجنون
وفي الأثناء، يَنمُّ اللون الأخضر عن دلالات تتعارض تماماً مع اللون الأحمر. فعلى الرغم من أنه يرمز إلى الأمل بشكل عام، إلا أنه يبعث على التشاؤم في كل من عالم المسرح والسينما. وفي عهد الملوك الفرنسيين، كان اللون الأخضر يرمز إلى الشر والأشرار، فضلاً عن الجنون.
سبب غريب.. ومقزز!
في المقابل، هنالك تفسير آخر لاختيار اللون الأحمر، لكن هذا التفسير "حميمي" نوعاً ما. ففي ذلك الوقت، وتحت تأثير الموضة أصبحت فساتين السهرة أقل سمكاً، وبالتالي، حين تقضي المرأة وقتاً طويلاً على الكرسي في قاعة السينما، فربما قد يتسرب بعض من دم الحيض مما يترك أثراً. ومن هذا المنطلق، تم اختيار اللون الأحمر حتى يجنب النساء الإحراج.
في مطلع القرن العشرين، اكتسبت السينما زخماً كبيراً لذلك وجب توفير أماكن تستوعب العدد الهائل من محبيها. وبالتالي، تحولت عدة مسارح إلى دور للسينما مع الحفاظ على لون المقاعد الأحمر.
وعلى الرغم من أن العديد من دور العرض قد لجأت إلى ألوان مختلفة على غرار، الأزرق الداكن، والأسود والرمادي، إلا أن اللون الأحمر ما زال طاغياً.