سيناريوهات مقلقة بعد مقتل السفير الروسي بتركيا
سارعت بعض كبريات الصحف الأميركية بتناول خبر اغتيال السفير الروسي لدى تركيا أندريه كارلوف أمس الاثنين في أنقرة بالتحليل والتعليق رغم مرور ساعات قليلة على وقوعه.
فقد أحصت مجلة (فورين بوليسي) خمسة "سيناريوهات تصعيدية ينبغي أخذها في الحسبان" لأنها تثير القلق في أعقاب مقتل السفير الروسي.
وأول تلك السيناريوهات هو أن القراصنة الروس قد يشنون حربا إلكترونية على تركيا على غرار ما واجهته الولايات المتحدة مؤخرا وذلك لكشف مزيد من الأسرار "غير المستحبة" عن الأشخاص في دائرة الرئيس رجب طيب أردوغان.
وثاني السيناريوهات هو أن تنفصم عُرى العلاقة "الهشة أصلا" بين روسيا وتركيا مما قد يؤدي إلى تجدد الضغوط الاقتصادية على أنقرة.
وربما يستغل الاغتيال كذريعة لمزيد من القمع على الديمقراطية في كل من تركيا وروسيا، ويشير السيناريو الرابع إلى إمكانية انهيار اتفاق وقف إطلاق النار في حلب.
أما خامس تلك السيناريوهات فهو أن تلعب روسيا بالبطاقة الكردية، فروسيا قد تستغل علاقتها التاريخية مع الأكراد في تركيا مع احتمال تقديمها الدعم للمليشيات المسلحة لكي تزيد من وتيرة الهجمات الكردية في تركيا.
السفير الروسي ملقى على الأرض بعد أن أرداه المهاجم برصاص مسدسه (رويترز)
تداعيات أكبر
من جهتها، رأت صحيفة نيويورك تايمز أن مقتل كارلوف نبه إلى خطر عالمي وأثار جملة من الأسئلة بشأن ما سيسفر عنه من تداعيات أكبر.
وفي وسائل التواصل الاجتماعي عقد كثيرون مقارنة بين حدث أمس الاثنين واغتيال وريث العرش النمساوي الأرشيدوق فرانز فرديناند، الحادثة التي أطلقت شرارة الحرب العالمية الأولى، وهي مقارنة يرفضها المحللون حسبما ذكر الصحفي ماكس فيشر في عموده بصحيفة نيويورك تايمز.
ولم تتبن أية جماعة حتى الآن المسؤولية عن مقتل السفير الروسي على يد أحد رجال الشرطة التركية الذي كان يردد عبارة "الله أكبر" باللغة العربية ثم "لا تنسوا حلب، لا تنسوا سوريا" باللغة التركية.
وقال فيشر في عموده الصحفي إن تلك العبارات تشي بالدافع الذي حدا بالقاتل لكي يفعل فعلته، وهو أن القوات الجوية الروسية كان لها القدح المعلى في "الهجوم الناجح" الذي شنته الحكومة السورية على المناطق التي كانت تخضع للمعارضة المسلحة في حلب الذي استهدف بشكل واسع المدنيين هناك.
واستبعد الكاتب أن يفضي هذا الحادث إلى صراع بين تركيا وروسيا، إذ ينشغل البلدان حاليا بإدارة الوضع وإرسال إشارات تؤكد المضي في التعاون القائم بينهما بعد أن تحولا من حالة العداء إلى الشراكة لا سيما بعد تبني أنقرة مؤخرا "إستراتيجية أكثر اعتدالا" تجاه الأزمة السورية.
وخلص إلى أن الدولتين استقرتا -فيما يبدو- على نوع من التوافق غير الرسمي بينهما الذي يقضي بأن تتخلى تركيا عن دعمها لمجموعات سورية معارضة بعينها تهدد المصالح الروسية، مقابل أن تنأى روسيا بنفسها عن تأييد الجماعات الكردية السورية وأن تسمح للقوات التركية والمليشيات المتحالفة معها "باحتلال أراض على الحدود السورية كانت تخضع في السابق لسيطرة الأكراد وتنظيم الدولة الإسلامية".
بدورها، ذكرت صحيفة واشنطن بوست أن تركيا انخرطت مؤخرا في تعاون وثيق مع روسيا من أجل إيجاد حل لأوضاع المدنيين العالقين في مدينة حلب، لكنها قالت إن ذلك لا يعني أن كل الأتراك يتقبلون الدور الروسي في الصراع المندلع على أعتاب دولتهم.
وأشارت إلى أن المحللين حذروا من المخاوف التي يثيرها "مرجفون" من انهيار العلاقات الدبلوماسية بين أنقرة وموسكو.
ونقلت تغريدة نشرها كاتب الأعمدة التركي مصطفى أكيول جاء فيها "لا، هذه ليست سراييفو عام 1914"، في إشارة منه إلى حادثة اغتيال ولي عهد النمسا فرانز فرديناند التي سبقت اندلاع الحرب العالمية الأولى.
وأضاف أن "أنقرة وموسكو لن تشنا حربا، بل بالعكس فهما قد تتقاربان أكثر".
المصدر : نيويورك تايمز,واشنطن بوست,فورين بوليسي