نظام عالمي عمره 70 سنة... هل تتخلى عنه أمريكا؟
ربما استطاع دونالد ترامب، بوصفه رجل أعمال ماهراً يتباهى بقدراته على عقد صفقات ناجحة، وبمهاراته التفاوضية على تحقيق ما عجز عنه آخرون
وكتب دوبينز في مجلة نيوزويك الأمريكية أن أمريكا استفادت أيضاً من ذلك النظام بقدر ما قدمت، ولكنها تحملت أيضاً تكلفة لقاء محافظتها عليه. ويبدو أن غالبية الأمريكيين قالوا في يوم الانتخابات الرئاسية في 8 نوفمبر( تشرين الثاني) الجاري: كفى، آن الأوان لصفقة جديدة.
ويشير الكاتب إلى أنه عند نهاية الحرب العالمية الثانية، كانت الولايات المتحدة تنتج وتستهلك قرابة نصف ثروة العالم. وبعد ربع قرن، تراجعت تلك الحصة إلى الربع، ولصالح خصوم أمريكا سابقاً، ولفائدة حلفائها الأوروبيين أيضاً.
تطور وقلق
ويلفت دوبينز لتطور حققته تلك الدول وبشكل أسرع من الولايات المتحدة، لدرجة أنه بحلول السبعينات تنامى قلق في أمريكا حيال تلك القوة الصاعدة، وخاصة ما يتعلق باليابان التي حظيت بفائض تجاري هائل ومتواصل على حساب أمريكا.
تحديات جديدة
ويقول الكاتب إنه في نهاية المطاف، تراجعت معدلات النمو الأوروبية واليابانية لتحل محلها قوى وتحديات جديدة. فقد تطور ونما، خلال العقود الأخيرة، عدد من الدول، كالصين والهند ونمور آسيوية أخرى، ومعها دول متقدمة، بشكل أسرع مما كان عليه الحال في الولايات المتحدة.
انتشار ديمقراطي
ويشير دوبينز لتخلص ملايين البشر حول العالم من الفقر، ولانتشار الديمقراطية، وانتقالها من بضعة دول تقع في شمال الأطلسي، لتصل إلى نصف العالم.
وكان للتجارة الحرة عامة، ولسهولة الوصول إلى السوق الأمريكية خاصة، الدور الأكبر في تحقق هذا النمو. وقد أمنت الالتزامات الأمنية الأمريكية في أوروبا وآسيا بقاء حالة السلم واستمراره.
أثمان السلام
ولكن، يقول الكاتب، كان على الولايات المتحدة أن تنفق الكثير من الأموال لحماية تلك المناطق، وبشكل يزيد عما أنفقه أصحابها. كما تكبدت الولايات المتحدة دماء وثروات، وذهب لها ضحايا في كوريا وفيتنام والعراق وأفغانستان، على نحو يفوق ما خسره أعضاء في تحالفات دولية شاركت في تلك الصراعات.
استدارة
وبرأي دوبينز، لم تكن الولايات المتحدة هي الدولة الوحيدة التي استدارت بعيداً عن العولمة، بل يبدو أن رد الفعل الشعبوي هذا أصبح شائعاً لدى معظم أرجاء العالم الغربي. لكن يظهر أن الولايات المتحدة هي الدولة الوحيدة التي لا يمكن للنظام العالمي أن يستمر بدونها.
فرضية
أشارت مادلين أولبرايت، وزيرة خارجية أمريكا في عهد بيل كلينتون، لأمريكا بوصفها البلد الذي لا غنى للعالم عنه. وقد قصدت بقولها إنه بفضل مساحتها وثروتها وقوتها، تلعب الولايات المتحدة دوراً فريداً، وهي حجر الأساس لنظام عالمي وبشكل لا يمكن لأي دولة أخرى أن تحل مكانها. ولكن ربما حان وقت اختبار تلك الفرضية.
مهارات تفاوضية
وبحسب دوبينز ربما استطاع دونالد ترامب، بوصفه رجل أعمال ماهراً يتباهى بقدراته على عقد صفقات ناجحة، وبمهاراته التفاوضية على تحقيق ما عجز عنه آخرون. وربما لن ينسحب ببساطة من اتفاقية التجارة الحرة لدول شمال أمريكا( نافتا)، وقد لا يفرض قيوداً على واردات صينية، أو لا يتراجع عن التزامات أمريكية تجاه الناتو أو دفاعية في آسيا. كما قد لا يعود عن تعهدات حيال تغير المناخ، أو بشأن الاتفاق النووي بين إيران وست قوى عالمية. وإنما يبدو أن الرئيس المنتخب سيسعى لعقد صفقات بشروط أفضل.
مطالب جديدة
في المقابل، يرى الكاتب أن إعادة فتح اتفاقيات يتيح لجميع الأطراف التقدم بمطالب جديدة. فهل ستكون النتائج مرضية للجميع؟
ويشير دوبينز لوجوب طرح شركاء أمريكا حول العالم ما يريدونه إذا سعى الرئيس ترامب لإعادة فتح صفقات قديمة. وربما هناك حاجة لتحديث النظام العالمي الليبرالي الذي حقق الأمن والازدهار لأعداد كبيرة من الناس، عوضاً عن التخلي عنه. ولكن، إن كان هذا ما سيحصل، فربما سيكون التفاوض عسيراً.