• Monday, 23 December 2024
logo

حقائق تاريخية وجغرافية حول كركوك

حقائق تاريخية وجغرافية حول كركوك
بقلم / رشيـــد فتحــي خنســي

1- المقدمة:
هناك مثل كوردي يقول ((كلما بقيت المياه راكدة زادتها جيفة)) فالخلافات والصراعات اذا تأخرت الأطراف السياسية والمجتمعات وتلكأت في حلها ستصبح هذه الصراعات اكثر مستعصية وستكون نتايجها وخيمة فالخلافات والنزاعات اذا وسد امرها للحكماء والعقلاء فسيكون بشير خير وإذا تدخل فيها المتطرفون والمغالون ستكون نذير شر.
لذا فالقضية الكردية أصبحت قضية قرون وليست عقود بسبب الأطماعالدولية والإقليمية وربما لرغبتهم الدفينة واستمرارية هذه الرغبة وانتقالها جيل عن جيل الى الورثة بالظلم لهذا الشعب المنكوب فالكورد كبقية شعوب الارض يطمحون بالحقوق المشروعة وحسب شرائع السماء والقوانين الانسانية واغتصاب هذا الحق منهم دون سواهم إنكار لارادة الله واغتصاب لهذه الحقوق لان الله عز وجل حرم الظلم بين البشر والقوانين البشرية المتمثلة بمثاق الامة المتحدة اكدت ذلك.

2- العلاقات الكوردية مع الاقوام الاقليمية وخاصة العرب:
قدم الكورد تضحيات كبيرة للإسلام وخدمات جليلة للعرب وبقية الشعوب وبكل أمانة وإخلاص فالعلاقات بينهم وبين العرب ذات جذور عميقة تربطها روابط تاريخية بالإضافة الى أسهام العلماء الكورد في أغناء الثقافة والعلوم العربية في القرون الماضية فبالرغم من قيام الأنظمة في السابق وفي الدول الإقليمية أيضا بإلحاق أبشع أنواع الظلم من تهجير قسري لمناطق سكناهم وابادتهم جماعيا باستعمال الأسلحة الكيمياوية وحتى المعتقلين والأسرى استخدموهم حقولا للتجارب الكيمياوية في المختبرات كذلك دفنهم احياء دون الرفق بالشيوخ والنساء والأطفال كل هذا خلافا لقيم السماء والأعراف الدولية والإنسانية وأثناء انهيار النظام السابق استسلم حوالي (70) الف من افراد الجيش العراقي للبيشمركة وتم معاملتهم معاملة مثالية كأنهم ضيوف لدى العوائل الكردية متناسين ما اقترفت ايادي هؤلاء الجنود بحقهم.

3- الحقائق التاريخية حول كوردستان وكركوك:
لو نستعرض أراء المؤرخين والمستشرقين وفق المصادر التاريخية يتبين ان اجداد الكورد اول من سكنوا هذه المنطقة فمنذ حوالي (60) الف سنة عاشوا في كهوف (شانيدر ـ وزرى ـ هزار مرد) ويقول المؤرخ توماس بورا في كتابه تاريخ الكورد ان وطن الكورد يشمل جبال (زاكروس ـ طوروس ـ جودي ـ نمرود باغ ـ سييبان ـ بيره سكرون ....الخ). والانهر (نهر دجلة ـ نهر الفرات ــ مراد سو ـ الزاب الكبير والصغير ـ ديالى ـ سيروان ـ بحيرة اورمية).
واكد المؤلف الروسي مينورسكي بالاضافة الى ما تقدم من جغرافية كوردستان بان ملك الكوتيين وهم اجداد الكورد عاصروا الملك الاشوري اسرحدون (كما يروى في تاريخ كمبردج القديم) وان كركوك عاصمة الكوتيين وسماها ارابخا ثم تعاقب المدنيون.
والكوتيين سماها ب كورا كورا وقبلها سماها السومريون كاركوك. وفي جميع الحقب الماضية كانت كركوك مدينة كوردية وحسب شهادات والآراء للمؤرخين والمستشرقين ونستعرض آراهم منهم.
1- زار المهندس الروسي (يوسف جيرنيك) مدينة كركوك عام 1872ونشر نتائج زيارته في نشرة قسم القوقاز للجمعية الجغرافية للملكية الروسية (المجلد الرابع)بان جميع سكان كركوك والبالغ (15) الف من الكورد باستثناء (40) عائلة مسيحية بالإضافة الى منتسبي الحامية والاداريين الاتراك ولا وجود للعرب و التركمان ضمن السكان الأصليين.
- هناك احصاء للموسوعة العثمانية نشر في قاموس الاعلام للمؤرخ والرحالة التركي (شمس الدين سامي) زار كركوك اواخر القرن التاسع عشر وفي الصفحة (3843) بان نسية الكورد في كركوك اكثر من 3/4 من سكان المدينة وان اقل من 1/4 من بقية القوميات وأضاف بان مدينة كركوك مدينة كوردية تقع في قلب كوردستان.
جـ- يؤكد المستشرق الجورجي (البرت منيشا شفيلي) ان العوائل الارستقراطية في كركوك في الأصل كوردية وبسبب الامتيازات العثمانية لهم وحفاظا على أملاكهم من الترك تخلوا عن قوميتهم مثل عوائل (النفطجي ـ اوجي ـ القيردار) وغيرهم بالإضافة الى السواد الأعظم من سكان المدينة.
د- حددت دائرة المعارف العثمانية عدد سكان كركوك ل (30) الف نسمة وكانت في اواخر القرن التاسع عشر وان (22.5) الف يتكلمون اللغة الكردية والبقية من التركمان والعرب والمسيحين واليهود .ومنهم الكورد الذين يعملون في الوظائف.
هـ- الرحالة الفرنسي (اوليفيه لونكريك) يذكر في كتابة (اربعة قرون في تاريخ العراق الحديث) بان سكان مدينة كركوك في بداية القرن التاسع عشر (10) الاف نسمة جميعهم يتكلمون الكوردية باستثناء الجالية التركية من الحامية والاداريين.
و- المصادر التركية القديمة منها (سياحتنامة) للرحالة التركي (اوليا جبلى) صفحة (74 ـ 75) الجزء الرابع يذكر بان كوردستان تسع ولايات (في حينه) من ضمنها ولاية شهرزور ومركزها كركوك.
ز- السجل الامبراطوري العثماني (الدفتر الخاقاني) لمؤلف (علي عينيافندي) يذكر فيه بان ولاية شهرزور (20) سنجقا وتظم جميع كوردستان الجنوبية ومركزها مدينة كركوك.

- التغيير الديموغرافي في كركوك:
بدأ التغير الديموغرافي في كركوك في عدة مراحل منها
أ/ مرحلة تريك مدينة كركوك – حيث قام العثمانيون باسكان افراد الحامية التركية والجندرما وكذلك الاداريين ومنحهم الاراضي لبناء الدور وكذلك الاراضي الزراعية وبمرور الزمن اصبحت لهم موطىء قدم كما قام العثمانيون باستخدام التجار للسيطرة على السوق والمدينة بالاضافة الى اكراه العوائل الارستقراطية الكوردية كما ذكر سابقا لتغيير لغتهم مقابل الامتيازات وحفاظاَ على حقوقهم.


ب/ تعريب كركوك:
بعد تاسيس الدولة العراقية وفي ظل الاحتلال الانكليزي بدوا باسكان الاداريين العرب وجلبهم من مدن اخرى وبعــــــد اكتشاف كميات كبيرة من النفط قاموا ايضا باستخدام عمال العرب للعمل في حقول النفط واسكانهم جمبا الى جنب مع الاداريين السابقين والتي كانت الخطوات الاولى لتعريب المدينة وفي عهد الملك غازي والفترة التي تلتها من العقد الرابع من القرن الماضي وخاصة فترة حكومة ياسين الهاشمي قاموا ياسكان عشائر الجبور والعبيد في الحويجة والحاقها بولاية كركوك وكان هدف الانكليز والحكومة ايجاد توازن سكاني للمدينة ضد صالح الكورد وبعد هذا الاجراء الديموغرافي ذكر الانكليز في وثائقهم بان نفوس مدينة كركوك اصبحت (90) الف اكثر من 51% من الكورد والنسبة الباقية من التركمـان والعرب والمسيحيين وغيرهم وبسبب النزاع حول ولاية الموصل قبل هذه الفترة قدمت كل من بريطانيا والعراق وتركيا احصائيات حسب مصادرها للامم المتحدة وكانت كالاتي :
الاحصاء العراق القومية النفوس الاحصاء التركي القومية النفوس
الكورد 241437 الكورد 281830
التركمان 38653 التركمان 146960
العرب 166941 العرب 43210
المسيحيون 61336
اليهود 11897
(السلطات العرب انحازت للعرب في احصائهم) (انحياز الاتراك للتركمان في احصائهم)

الاحصاء البريطاني القومية النفوس
الكورد 454721
العرب 185726
التركمان 65859
(البريطانيون كانوا حياديين)
وبالرغم من محاولات الاطراف في زيادة سكان الطرف الذي يمثلهم ألا ان السكان الكورد كانوا الاغلبية وبعد فصل كركوك عن ولاية الموصل واستقدام العرب اليها اجري احصاء عام في 1957 وكان بعد جلب (20) الف عربي

القومية النفوس
الكورد 187520
العرب 109620 بعد استخدام (20) الف من العرب
التركمان 83771

علما بان الكورد في القرى والارياف كانوا يتجنبون الاحصاء بسبب الخدمة العسكرية او هربا من الضرائب وفي الاعوام الستينات والسبعينات استمرت الانظمة العراقية بتعريب المدينة بشكل مكثف بالرغم من الاتفاق المبرم بين الحكومة العراقية المتمثل باتفاقية (11) اذار واقترحت القيادة الكوردية في حينه بأجراء الإحصاء الا ان الحكومة العراقية رفضت الاقتراح وتنصلت من الاتفاقية واستمرت الحكومة في تهجير المواطنين الكورد استقدام العرب مــــــن المحافظـات الجنوبية وبناء احياء مثل (صدام ـ العرب ـ القادسية) وعدة احياء اخرى.

5- تعطيل المادة (140) وتداعياتها على الوضع العراقي.
بسبب مظلومية الشعب الكوردي وما لاقوه من المأسي والويلات على يد خصومه وخاصة بعد اتفاقية (6) اذار عام 1974 الخيانية في الجزائر حيث ان عدالة السماء ولعنة الكورد لم تدع هؤلاء المتامرون ولا زال ان ينعموا بالاتفاقة حيث جميع المشاركين دفعوا ثمن ظلمهم وغدرهم بالكورد اضعاف الخسائر المادية والبشرية لذا فان استمرار المواقف الغير العادلة ستكون نتائجها وخيمة على المعنيين بالقضية الكوردية ان يكفوا عن ايذاء الكورد.
لان عدالة السماء والعقوبة الالهية ستطال الجميع كما فعل بالسلف من الانظمة والظالمين لان العراقيين من الكورد والعرب قدموا الكثير من الضحايا بسبب السياسات الخاطئة وخاصة الكورد وان مطالبهم العادلة في الفدرالية وضمن المناطق الاغلبية الكوردية وحسم الخلاف في المناطق المتنازعة وفق المادة (140) من الدستور الا اجراء عادل والية صحيحة لانها الحكم والفصل في حل المشاكل بالطرق السلمية وبهذه الاجراءات السلمية الدستورية ستحقن الدماء وتحفظ الاموال وهذا هو الانتصار الحقيقي للشعب العراقي وان الامام علي (عليه السلام) قال: (ظلم المرء يصرعه) وان لاندع مجلا للفئات التي تبحث عن الامجاد والانتصارات الوهمية على حساب جماجم الاخرين وان نتعظ وتعتبر من السياسات الخاطئة وما آلت إليه من الكوارث وان لاندع مجالا للابواق الشوفينية والمتطرفة من التحريض على الغير وانشر بذور الأحقاد والشر بين الشعب الواحد وان تلجاْ كافة الاطياف العراقية الى طاولة المفاوضات مع التمسك بالصبر والنفس الطويل بالطرق الحضارية مع عدم هضم حقوق الاخرين لان الحق سيعلوا والظالم سيندم على افعاله وان ننهج الطرق الديمقراطية والعصرية وان نستفيق من الغفلات ونتعامل مع المشاكل برؤى عصرية وان نصدر قراراتنا بالشكل الذي يخدم الوطن والشعب بعيدا عن تاثيرات والوصايا الإقليمية.


المصادر

1) أصل الكورد / د . حمه رشيد / مجلة كولان العربي / العدد 81
2) الصراع على كردستان / ترجمة أحمد عثمان ابوبكر
3) حقوق الإنسان و التنوع ألاثني لسكان كركوك / د . منذر الفضل / كولان العربي / العدد 87
4) كردستان الجنوبية / د . سعدي عثمان حسين
5) كركوك و توابعها حكم التاريخ و الضمير / د . كمال مظهر
6) كركوك قرن و نصف من التتريك و التعريب / د . جبار قادر / مجلة كولان العربي / العدد 80
7) كتاب مشكلة الموصل / د . فاضل حسين .
8) مصادر أخرى.
9) ولاية الموصل ( يقصد بالولاية التي تتبعها محافظات الموصل – اربيل – كركوك و السليمانية قبل تشكيل ولاية شهرزور).
10) ملاحظات و تعليقات شخصية .
Top