• Monday, 23 December 2024
logo

مئة عام على سايكس ـ بيكو؟

مئة عام على سايكس ـ بيكو؟
قبل 100 عام، عمل شخصان بجدٍ ومثابرةٍ وسريةٍ تامةٍ على رسم حدودٍ جديدةٍ لمنطقة الشرق الأوسط، أو ماكان يُعرف سابقاً بمناطق نفوذ الدولة العثمانية.

الأول لإنكليزي ويدعى مارك سايكس، والثاني فرنسي يدعى جورج بيكو.

هذان الشخصان هما عرّابا اتفاقية “سايكس - بيكو” الشهيرة التي غيّرت معالم الشرق الأوسط بعد الحرب العالمية الأولى. توفي أحدهما في عمرٍ مبكر، فيما تجاوز الثاني الـ 80 عند موته.

فيما يلي، أبرز التفاصيل عن حياة الرجلين اللذان رسما خرائط تركة الدولة العثمانية من الأراضي والحقا وطننا كوردستان بدول منها استحدثت بعد الحرب العالمية الأولى:

مارك سايكس

العقيد سير مارك سايكس البارون السادس من سيلدمير (16 مارس 1879 - 16 فبراير 1919)، مستشار سياسي ودبلوماسي وعسكري ورحالة بريطاني. كان مختصاً بشؤون الشرق الأوسط ومناطق سوريا الطبيعية خلال فترة الحرب العالمية الأولى. وقّع عام 1916 على اتفاقية سايكس-بيكو عن بريطانيا والتي رسمها وخطط لها مع بيكو، عن فرنسا، لاقتسام مناطق النفوذ في أراضي الهلال الخصيب التابعة بمعظمها آنذاك للدولة العثمانية المتهاوية.
كان مارك الابن الوحيد للسير تاتون سايكس البارون الخامس من سيلدمير. عاش مارك متنقلاً بين والدته التي طلقت من والده وأقامت فيما بعد في لندن ومزرعة والده في يوركشاير الشرقية ومنزله في قصر سيلدمير. سافر كثيراً مع والده لمناطق الشرق الأوسط ضمن الدولة العثمانية في صباه بالإضافة للهند ومصر والكاريبي والمكسيك وكندا والولايات المتحدة الأمريكية. عام 1897 جرى تجنيده في السرية الثالثة ضمن كتيبة يوركشاير للمشاة. درس في جامعة كامبردج وبعمر 25 نشر 4 كتب عن العسكرية وعن رحلاته للشرق الأوسط.
أصيب العقيد سايكس بالمرض لدى عودته من سوريا، وفقاً لما ذكرته هيئة الإذاعة البريطانية BBC، وتوفي في فندقٍ بالعاصمة الفرنسية باريس أثناء حضوره مفاوضات السلام التي أعقبت الحرب العالمية الأولى في العام 1919.
عُرف سايكس بإجادته لعددٍ من اللغات، من بينها العربية والتركية والفرنسية، وألف بتلك اللغات عدداً من الكتب أشهرها كتاب “دار الإسلام” و”رحلة في الولايات العثمانية الخمس”. ولقيت مذكراته بعد وفاته رواجاً كبيراً، ولعبت دورها كتحليلٍ سياسيٍ وتاريخيٍ واجتماعيٍ وثقافيٍ لتلك الحقبة من الزمن، في رسم السياسة الخارجية لبريطانيا.

في العام 2007، سمح أحفاده للأطباء بنبش جثته وفتح كفنه لأخذ عينات من بقاياه كونه دُفن بتابوت من الرصاص، إذ يُعتقد أن هذا سيحفظ فيروسات النزلة الإسبانية - الشبيهة بإنفلونزا الطيور - بشكلٍ ملائمٍ للبحث العلمي.

جورج بيكو

أما جورج بيكو فهو:

فرانسوا ماري دينيس جورج-بيكو ولد في باريس 21 ديسمبر 1870 – وتوفي فيها في 20 يونيو 1951) محامٍ ودبلوماسي فرنسي، اشتهر بتوقيعه على اتفاقية “سايكس ـ بيكو”، وكان مسؤولاً عن إلحاق مناطق سوريا والهلال الخصيب للنفوذ الفرنسي والتأسيس للانتداب على سوريا.

حصل بيكو على شهادة البكالوريوس في القانون وأصبح محامياً في محكمة الاستئناف في باريس في العام 1893. وثم انضم للسلك الدبلوماسي في العام 1895، وعُيّن في مديرية السياسات في العام 1896.

توجه الدبلوماسي الفرنسي إلى العاصمة الصينية بكين كقنصلٍ وظلّ هناك لسنوات، قبل تعيينه في منصب القنصل العام لفرنسا في بيروت، وذلك قبل فترة وجيزة من اندلاع الحرب العالمية الأولى.

كان بيكو من المتحمسين بشدة للانتداب الفرنسي على سوريا ولبنان، وهو ماتجسد في اتفاقية “سايكس - بيكو”. تم تعيينه المفوض السامي في فلسطين وسوريا بين عامي 1917 و1919.

ابتعد عن منطقة الشرق الأوسط بعد العام 1919 وتنفيذ اتفاقية “سايكس - بيكو”، ليصبح المفوض السامي للجمهورية الفرنسية في بلغاريا في العام 1919، ثم تجوّل كدبلوماسي في عددٍ من الدول، وصولاً إلى الأرجنتين، قبل أن يتقاعد ويتوفى في باريس في العام 1951 عن عمرٍ ناهزَ 81 عاماً.
اما اتفاقية سايكس ـ بيكو فهي:
اتفاقية سايكس بيكو عام 1916، كانت اتفاقا وتفاهمًا سريًا بين فرنسا والمملكة المتحدة بمصادقة من الإمبراطورية الروسية على اقتسام منطقة الهلال الخصيب بين فرنسا وبريطانيا لتحديد مناطق النفوذ في غرب آسيا بعد تهاوي الدولة العثمانية، المسيطرة على هذه المنطقة، في الحرب العالمية الأولى.

وتم الوصول إلى هذه الاتفاقية بين نوفمبر من عام 1915 ومايو من عام 1916 بمفاوضات سرية بين الدبلوماسي الفرنسي فرانسوا جورج بيكو والبريطاني مارك سايكس، وكانت على صورة تبادل وثائق تفاهم بين وزارات خارجية فرنسا وبريطانيا وروسيا القيصرية آنذاك. ولقد تم الكشف عن الاتفاق بوصول الشيوعيين إلى سدة الحكم في روسيا عام 1917، مما أثار الشعوب التي تمسها الاتفاقية وأحرج فرنسا وبريطانيا.

ولقد تم تقسيم منطقة الهلال الخصيب بما فيها كوردستان حيث وزعت أراضيها (كوردستان ) بموجب الاتفاق على الدول الأربع تركيا وايران وسوريا والعراق اللتان استحدثتا بشكلهما الجديد، وحصلت فرنسا على الجزء الأكبر من الجناح الغربي من الهلال (سوريا ولبنان) ومنطقة الموصل. أما بريطانيا فامتدت مناطق سيطرتها من طرف بلاد الشام الجنوبي متوسعا بالإتجاه شرقا لتضم بغداد والبصرة وجميع المناطق الواقعة بين الخليج والمنطقة الفرنسية في سوريا. كما تقرر أن تقع فلسطين تحت إدارة دولية يتم الاتفاق عليها بالتشاور بين بريطانيا وفرنسا وروسيا. ولكن الاتفاق نص على منح بريطانيا مينائي حيفا وعكا على أن يكون لفرنسا حرية استخدام ميناء حيفا، ومنحت فرنسا لبريطانيا بالمقابل استخدام ميناء الاسكندرونة الذي كان سيقع في حوزتها.

لاحقاً، وتخفيفاً للإحراج الذي أصيب به الفرنسيون والبريطانيون بعد كشف هذه الاتفاقية ووعد بلفور، صدر كتاب تشرشل الأبيض سنة 1922 ليوضح بلهجة مخففة أغراض السيطرة البريطانية على فلسطين. إلا أن محتوى اتفاقية سايكس-بيكو تم التأكيد عليه مجدداً في مؤتمر سان ريمو عام 1920. بعدها، أقر مجلس عصبة الأمم وثائق الانتداب على المناطق المعنية في 24 حزيران 1922. لإرضاء مصطفى كمال أتاتورك واستكمالاً لمخطط تقسيم وإضعاف سوريا، وعقدت في 1923 اتفاقية جديدة عرفت باسم معاهدة لوزان لتعديل الحدود التي أقرت في معاهدة سيفر. وتم بموجب معاهدة لوزان التنازل عن الأقاليم السورية الشمالية لتركيا الأتاتوركية إضافة إلى بعض المناطق التي كانت قد أعطيت لليونان في المعاهدة السابقة.

· ويكيبيديا الموسوعة الحرة
Top