• Saturday, 29 June 2024
logo

بعد الأنخفاض غير المتوقع لأسعار النفط..يتم التعامل الازمات بروح وطنية وليس بالحقد والبغضاء

بعد الأنخفاض غير المتوقع لأسعار النفط..يتم التعامل الازمات بروح وطنية وليس بالحقد والبغضاء
"إنه من المبكر جدأ أن نعمد الى كتابة وتوثيق تأريخ تدهور أسعار النفط بعد عام 2014 .ولكن مع ذلك فقد أستجدت الان وتوضحت بعض النتائج المترتبة على ذلك ،فقد ظهرت الولايات المتحدة ثانية كدولة عظمى منتجة للنفط في العالم ،ليس بأعتبارها سببأ لتدني أسعار النفط فحسب ،بل كعامل توازن في السوق وذلك كونها تملك قدرة كبيرة للرد على المنتجين التقليديين ،وهناك العديد من الدول النفطية تشعر وتشعر أكثر بمعاناة الأقتصاد وتواجه احتمالات التذبذب وعدم الأستقرار والتي من شأنها أن تنجم عن نتائج أقليمية بل وحتى عالمية واسعة ،وفي النهاية فأنه من الضروري أن يذكر تدهور أسعار النفط السياسيين حقيقة أستمرار تلك السياسية التي من شأنها أبداء التسهيلات للتحول نحو مصادر الطاقة التي تخلق كميات أقل من الكاربون وتهيئ فرصة نادرة لتنفيذ الأصلاحات المتعلقة بمسائل تأمين الطاقة التي تكون سببأ لتطور النمو الاقتصادي والتقليل من أستخدام الطاقة أيضا ومع كل المخلفات التي تنجم عن ذلك ،ثم أن الفهم الامثل حول أسباب تدهور اسعار النفط ونتائجه قد يتسبب في أتخاذ الخطوات الضرورية ذات العلاقة بأدارة التحديات والانتفاع من الفرص السانحة ..
المصدر ( Middle East the grat unraveling )
بقلم ،جيسن بوردوف وأكوس لوز
*اقليم كوردستان وأزمة أنخفاض أسعار النفط من الواضح لم يكن في السابق يمتلك إيرادات مستقلة ،بل كان يعتمد على الأيرادات التي كانت الحكومة المركزية تؤمنها له ،ورغم أن ذلك لم يكن صدقة تقدم للاقليم ،بل كان حقه المشروع والدستوري ،إلا أنه كان الشعور يراودنا بأن الحكومة المركزية العراقية غير راغبة بالالتزام بتلك الحقوق كما ينبغي ،وعندما ظهرت النوايا السيئة لتلك الحكومة بتهديدها المستمر بقطع تلك الحصة من موازنة الدولة ،فان أقليم كوردستان قام بدوره بتفعيل مساعيه لممارسة حقوقه الدستورية وتطوير قطاع النفط والغاز في الاقليم والتخلص من التبعية الاقتصادية طريقا نحو الاستقلال السياسي ،وكان أن تم وضع وتنفيذ خطة أنتاج النفط وتصديره .
إلا أن أقليم كوردستان قد أصبح اليوم ،وعلى غرار الدول التي تعتمد الى حد كبير على ايرادات النفط ،تحت طائلة وضغوط تدهور أسعار النفط والذي تسبب الى حد كبير في تذبذب أقتصاده ،وعرضة لوضع أقتصادي صعب ،صحيح أن أتباع تطوير السياسة ذات العلاقة بانتاج وتصدير النفط كان في محلة ،ولكن كان من الضروري أن يكون بالتزامن مع تنمية القطاعات المهمة الاخرى ،تحقيقأ لسياسة وستراتيجية تنويع الاقتصاد في الاقليم ،والتي كان من شأنها الأن التقليل من تأثيرات أنخفاض أسعار النفط ،فرغم حدوث أزمة أقتصادية صعبة وعسيرة ،فأنها في الواقع هي فرصة سانحة لمراجعة وتحقيق الاصلاحات والتي رغم أن تطوير صناعات النفط والغاز هو ضرورة ملحة ،ولكن ذلك لا يمكن ان يكون ،ليس على حساب المجالات المهمة الاخرى فحسب ،بل ومن الاهمية بمكان في المستقبل ـ أي في حالة أرتفاع أسعار النفط ،وضع قسم من ايراداته في خدمة الاستثمار في القطاعات الاخرى ،وتخصيص قسم منها أيضأ من أجل تطوير وتنمية الثروة البشرية التي من شأنها ضمان أقتصاد مستقر وتنمية طويلة الامد.
*أزمة أقتصادية كبيرة وكيفية التعامل معها :
إن أسلوب التعامل السليم مع أية مشكلة أو أزمة أقتصادية أو سياسية إنما يبدأ من الوقوف على كيفية الازمة كما هي وطرحها بصورة صحيحة وسليمة ومن ثم توحيد وتنظيم المساعي لأيجاد الحلول المناسبة لها ،إن الازمة الراهنة التي شملت عدة بلدان ،وبما فيها أقليم كوردستان إنما تبدأ من حقيقة :هل صحيح أن أقليم كوردستان يمر بأزمة أقتصادية صعبة ؟إن الرد على هذا التساؤل وبروح من الوطنية والاخلاص لشعبنا ،هو بداية لفتح بوابة جديدة والتي كما يقولون "كثيرأ ما تكون ظهور أو حدوث أزمة ما بداية لأيجاد فرص سانحة والتفكير في كيفية تجاوزها أو تمريرها ويعني ذلك أن تعترف جميع الاطراف والاحزاب السياسية الكوردستانية ،وبما فيها المشاركة أو غير المشاركة في حكومة أقليم كوردستان ،صراحة بحقيقة أن الاقليم يمر اليوم بأزمة أقتصادية حادة ،والاصح أن الايرادات التي تحققها الحكومة من تسويق وتصدير النفط هي أقل بكثير عن المصاريف التي على حكومة الاقليم أن تؤمنها فقط لدفع رواتب الموظفين هذا فضلا عن المصاريف التشغيلية والاستثمارية ،وهو واقع ولم تخفه حكومة الاقليم ،إلا أن خطورة مواجهة هذه الازمة تمكن وتنطلق وتثقل كاهل المواطنين ،من أن بعض الاحزاب السياسية وتحقيقأ لمصالحها الضيقة والأنتفاع من مأسي ومعاناة الناس لترويج وتوسيع مكاسبها الحزبية إنما تغير هذا الواقع العصيب وتنكروجود هذه الازمة ..وفي خضم هذا الوضع الذي يخوض فيه أقليم كوردستان وعلى طول 1100 كم حربأ ضروسأ ضد تنظيم داعش الارهابيي مع أيواء أكثر من 1,8 مليون لاجئ ونازح والذي يساوي ثلث سكان الاقليم ،ومع هذا الانخفاض الحاد في أسعار النفط وبنسبة غير متوقعة والى مستوى 30 دولارأ للبرميل الواحد وأضطرار الاقليم لبيع نفطه بأقل من السوق العالمية بسبب نوعيته وتكاليفه ،وأعتماد مايزيد على 90%من موازنته على ايراداته النفطية وعدم امتلاكه لدولته المستقلة كي يتمكن من الحصول على ديون خارجية من الدول أو من البنك الدولي وأنكار حركة (كوران) وأحزاب أخرىلوجود أية أزمة أقتصادية فيه وادعائها بأنها أزمة مصطنعة إنما لاتخدم البته مسيرة معالجة الازمة عدا تشويه الرأي العام و وضع العراقيل أمام مسار التعاون بين الحكومة والمواطنين ،وهي أزمة ذات علاقة بالحياة المعيشية لكل المجتمع الكوردستاني ،وفي هذه الحالة فأن تلك الاطراف إنما تستخف بمعاناة شعب كوردستان وألامه ،وتهيئ في ذات الوقت الارضية لتشويه أمن الأقليم وأستقراره والتلاعب بالامن الوطني الكوردستاني حيث المواطن الكوردستاني على دراية تامة بأن أرهابيي داعش هم على مقربة 40 كم فقط من عاصمة أقليم كوردستان ،وهو مسار بعيد كل البعد عن روح المنافسة الحزبية السليمة ومبدأ العمل لمشترك في حكومة وطنية واحدة ،لذلك فأن الوضع هذا يتطلب تداول هذه المسالة ،وبكل صراحة ،مع مختلف شرائح وقطاعات شعب كوردستان وأن نعمل جميعأ من أجل تدارك هذه الأزمة وتجاوزها بفخروأعتزاز كما أن شعب كوردستان قدبرهن على مدى التأريخ حقيقة أنه قد تجاوز أزمات ومعضلات أكبر من هذه وبأمكانه اليوم ،وبالتعاون مع حكومته،تجاوز هذه الازمة أيضأ .
*حكومة أقليم كوردستان وصياغة خطة محكمة لأدارة الازمة :
إن المشكلة الرئيسة لمواطني أقليم كوردستان اليوم هي كيفية معالجة هذه الازمة وتجاوزها بأقل الخسائر ،لذلك فان المسالة هنا هي ليست في كيف كان على حكومة أقليم كوردستان أن تتصرف في السابق ،وهي مسألة تتحمل الكثير من الانتقاد والتداول ،فهي تأتي دون فائدة بل يجب تداول أفضل الطرق لتجاوزها والتخفيف من أعباء المواطنين والموظفين بل أن ذلك النهج هو في الحقيقة محاولة للتنصل عن مسؤولية كيفية المعالجة ،ولا نعني بذلك بطبيعة الحال أنه لم تكن لحكومة الاقليم أية حالات سلبية في صياغة سياستها الاقتصادية وانشاء بنى أقتصادية راسخة بل نقوم في ذلك اليوم بالتغاضي عن الماضي بأن حكومة أقليم كوردستان تواجه أكبر أزمة أو تحد في ذلك البناء حاليا ومستقبلأ .ولأنها لم تكن حكومة في أطار دولة مستقلة ،فأن الحكومة المركزية قد قامت بأرسال حصة الاقليم من الموازنة العامة والبالغة 17% منها والتي لم تصل يومأ عتبة نسبة 10% قد ارسلتها لغاية عام 2013 وهي لم تكن أساسا مبلغأ من المال مودعأ في المصارف كي تتمكن حكومة الاقليم من صياغة سياسة أقتصادية سليمة وفق ذلك بل على العكس من ذلك فأن الحكومة المركزية كانت تقوم لغاية عام 2013 بأرسال مبلغ محدود منها في كل مرة وصرفها وفق ذلك أيضأ .وحتى لو فرضنا بأن حكومة الاقليم أرادت أداء نوع من الأدخار لمواجهة ظروف كهذه ،فأن ذلك الأدخار كان يعود الى الحكومة المركزية على شكل (مبالغ مدورة ) وأستقطاعه من حصة العام القادم ودون أن يستفيد منه الأقليم قطعأ ،ما حدا بحكومة الأقليم للأعتماد في بناء البنى التحتية للخدمات مثل الماء والكهرباء والرعاية الصحية وغيرها ،وقد حققت نجاحات جيدة في تلك المجالات إلا أنها لم تبلغ مستوى يمكن الأعتماد عليه ولأسباب لا يسع المجال لأيضأحها ،إلا أنه ونظرأ لأن حكومة الاقليم قد أتخت خطوات سليمة في انشاء البنى الأقتصادية في الأقليم ،فأنه كان من المتوقع (إذا ما بقيت أسعار النفط كما في عامي 2013 و 2014 أن يصبح الأقليم ويمتلك أقتصادأ نفطيأ مستقلأ ،وأستخدام النفط كثروة وطنية لأيجاد مصادر أيرادات أخرى ،عليه وبمجرد ظهور دلائل نجاح هذه الستراتيجية السليمة وأسس أقتصاد مستقل للأقليم فأن حكومة بغداد ،قامت في عام 2014 ،ودون مصادقة الموازنة العامة للدولة ،وبقرار شخصي من رئيس الوزراء أنذاك نوري المالكي بقطع حصة أقليم كوردستان من الموازنة العامة ،والتنكر أيضأ عن التزام الحكومة المركزية المالي أزاء الشركات النفطية العاملة في الاقليم على طريق تقسيم ايرادات الأقليم بصورة عادلة ،كما هي الايرادات المركزية ،وحاولت تعطيل جميع المشاريع في الاقليم عن طريق قطع الموازنة ...ورغم أن حكومة أقليم كوردستان قد أتفقت في شهر تشرين من عام 2014 مع حكومة د. حيدر العبادي وتم تحديد حصة الأقليم ورواتب البيشمه ركة ضمن موازنة عام 2015 إلا أن الاخيرة لم تلتزم بذلك بحلول عام 2015 لا بل أن المبالغ التي كانت ترسلها للاقليم من الموازنة العراقية لقاء بيع 550 ألف برميل من نفط الاقليم يوميأ ،كانت أقل من مستحقات رواتب موظفي أقليم كوردستان وبعجز شهري بلغ 200 مليون دولار من تلك الرواتب ،ما أضطر حكومة الاقليم لبيع نفطها بصورة مباشرة وكان من شأن ذلك وبمراعاة أسعار النفط أنذاك في الاسواق العالمية أن تنقل الوضع الاقتصادي للاقليم الى مرحلة أخرى تضمن ليس دفع رواتب الموظفين فحسب بل وأستمرار الموازنة الاستثماية والمشاريع الخدمية بشكل طبيعي ،إلا أن ما تسبب في تعرض حكومة الاقليم لهذه الازمة المالية كان الأنخفاض الكبير وغير المتوقع لأسعار النفط وهي حالة تسببت في تأزم الوضع المالي ليس لأقليم كوردستان فقط ،بل ولسائر الدول المنتجة للنفط ومن بينها العراق أيضأ بحيث أكدت التوقعات في كثير من الحالات بأن الحكومة العراقية هي الاخرى ليست بأحسن حال من أقليم كوردستان إلا أن الاختلاف بينهما هو أن العراق دولة مستقلة فيما لا يزال الاقليم يعتبرجزءأ من العراق مع أمكانية الحكومة العراقية في أتخاذ خطوات أخرى ،كونها دولة مستقلة مثل تسلم وطلب الديون الخارجية وأستخدام احتياطيها النقدي والاسوء من ذلك قد أتخذت موقفأ سيئأ جدا وفي هذه الظروف الحرجة والمعقدة أزاء أقليم كوردستان وحتى المناطق التي لاتزال تتبع الحكومة المركزية إداريأ والتي تم أحتلالها من قبل تنظيم داعش الارهابي بعد حزيران 2014 وأعيد تحريرها لا حقأ من قبل قوات بيشمه ركة كوردستان لابل أنها لاتعتبر من لجأوا الى أقليم كوردستان هربأ من وحشية داعش ،كمواطنين عراقيين ،ويتجسد أستخدامها لهم كوسيلة ضغط على الاقليم وشعبه في انشاء العراقيل أمام أستقلال أقليم كوردستان....و وفق ذلك والواقع الراهن فأن حكومة الاقليم بحاجة الى أتخاذ خطوات مختلفة ،وبالاعتماد على مواطني أقليم كوردستان وتتوافق مع الواقع السياسي الراهن للاقليم ،وتجاوز هذه الازمة بأقل الخسائر والواقع أن حكومة الاقليم أخذت في هذا الاطار تتحمل المسؤولية وتتداول حجم الازمة ،وبكل صراحة ،مع شعبها ،وتسعى معه لأيجاد حلول مقنعة تمكنها من مواجهة هذه الازمة ،وقررت قبل كل شئ أيضاح مبالغ ايراداتها النفطية لشعب الاقليم ،وبكل شفافية وعن طريق لجنة عليا على مستوى مجلس الوزراء .و وضع برنامج شفاف وفق ذلك لتوزيع رواتب الموظفين وادارة الأعمال الخدمية والاكثر من ذلك العمل على تقليل المصروفات وأتباع برنامج أصلاحي وبذل المساعي الجادة لأيجاد مصادر ايرادات جديدة كجزء من البرنامج الجكومي لتجاوز الازمة والمهم هنا في تغيير مساعي حكومة الاقليم لتغيير هذه الأزمة الى فرصة سانحة لمراجعة أدائها واجراء اصلاحات جذرية فيه وفضلا عن صمود ومقاومة الموظفين والعاملين فأن العملية تحتاج الى مشاركة حقيقية و وطنية من وسائل الاعلام الحزبية أو المستقلة لشرح الازمة وأبعادها للمواطنين على حقيقتها وأستمرار مساعيها مع الشعب من أجل أيجاد حلول مناسبة ومقنعة لمواجهة هذه الازمة الاقتصادية الحادة ... وليس في أيجاد حالة من الاحباط وبناء بيئة من عدم الثقة والتي تكون سببأ وتداعيأ سيئأ للفوضى وعدم الاستقرار في الاقليم ،كما أن المسالة تفرض على الاحزاب السياسية الكوردستانية أن تناى بالأزمة خارج أطار الصراعات السياسية على حساب مصالح شعب كوردستان وبصراحة أكبر أن المهم في مواجهة هذه الازمة أن تتعامل الاحزاب السياسية الكوردستانية مع هذه المسالة بأن بقاء هادون حل سليم أنما يعود بالضرر الكبير عليها جميعا ،وأنه لا يمكن أن يستفيد أي منها من معاناة شعب كوردستان بل بالعكس ،فأن التعامل المسؤول مع هذه الازمة هو ضمانة لتجاوزها وتحويلها الى فرصة سانحة لمراجعة النفس في جميع المجالات .
*مواجهة الازمة من التحدي الى فرص سانحة :
لقد كانت احدى الخصال القيادية لونستن تشرشل (رئيس الوزراء البريطاني الاسبق )أنه لم يكن يسمح إبان الازمات والمصاعب بتسلط وهيمنة روح التشاؤم والاستسلام بل بالعكس من ذلك فلديه مقولة معروفة تنص على (الفرص تسنح أبان الأزمات ) لذلك لو أمعنا النظر من هذا المنطلق في تدهور أسعار النفط وتحدثنا أولأ عن المعاناة والنتائج السلبية لتلك التداعيات لوجدنا الاوضاع الصعبة التي سببها ذلك للدول التي تعتمد في ايراداتها على النفط بدرجة كبيرة لتأمين موازنتها والأخص تلك التي لا تتحكم على أحتياطات نقدية كبيرة من العملة الصعبة أو التي ليست لديها مصادر ايرادات متنوعة ماوضعها تحت رحمة تذبذب أسعار النفط في الاسواق العالمية ما جعلها تعاني من عجز شديد في الموازنة وتبرز أحتمالات ظهور عدم أستقرار سياسي أوأجتماعي فيها والذي يمتد أحيانا في أتباع سياسة خارجية شديدة وعدوانية لتلافي وتعويض أنخفاض وعجز ايرادات الدولة .أو بتعبير أخر سيكون لعدم الاستقرار والامان السياسي المحلي أنعكاس على موافق الدولة وسياستها الخارجية ،فعلى سبيل المثال :تتم الاشارة الى أن قسمأ من أسباب مهاجمة الكويت واحتلالها من قبل العراق في عام 1990 يعود الى رغبات صدام الذي كان يعتبر ذلك طريق حل لمعالجة الوضع المالي الصعب الذي ابتليت به بلاده ،ما يوضح حقيقة التداعيات الناجمة عن التطورات والفوضى السياسية الداخلية وتاثيراتها الجيوسياسية للبلاد وبالأخص عندما تحدثت تصريحات بعض المسؤولين الكبار لدولة مهمة ولهاوزنها وموقعها في المنطقة ،مثل ايران ،أن تخفيض أسعار النفط هو عملية مقصودة وبدافع من تأمر سياسي وكانوا يقصدون بذلك الصراع والمنافس السياسي المستمر لبلادهم أي السعودية ما يصعد من توجهات ومستوى التوتر الى أفاق وتعقيدات أعنف وإن لم يؤد الى مواجهة مباشرة أو صدام عسكري .
كما أنه يمكن أن تكون أزمة أنخفاض أسعار النفط هذه سببأ للمراجعة من قبل الدول التي تعتمد بشكل كبير على ايرادات النفط ،وضرورة أن يصبح ذلك محطة لمراجعة شاملة وحث الخطى نحو تنويع أقتصاد البلد والذي لدينا في المنطقة نماذج ناجحة منه فعلى سبيل المثال نجد أن بلدأ مثل الامارات العربية قد عمل بشكل جدي كي لا يكون ضحية لمثل هذه الحالات الضارة والحيلولة دون تعرضه للازمات مع أرتفاع أو أنخفاض أسعار النفط وتمكنت الامارات أن تنأى بنفسها ،والى حد بعيد ،من تأثيراتها وألا تبقى أسيرة للأسواق النفطية وأطماعها ،كما أن هذه الازمة تذكرنا مرة أخرى بتلك الستراتيجية الناجحة والسليمة في أن أحسن أنواع الاستثمار هو التنمية البشرية والاستثمار فيها ،في ضرورة وضع قسم من ايرادات النفط في خدمة ذلك الاستثمار وبالاخص عندما نلاحظ أن الابداع والتطورات المستجدة في مجال التكنولوجيا قد غيرت مستويات معيشتهم بشكل كبير وغير متوقع وحققوا تغيرات كبيرة في الحياة الأنسانية فقد أصبحوا في ذات الوقت مصدرأ كبيرأ لأيرادات بلادهم ،وما دفعها لتحقيق أستثمارات أكبر من أجل تطوير القدرات البشرية كي لا يتخلفوا عن ركب التنافس والأبداع في سائر المجالات .
د.كوفه ند شيرواني المختص في مجال النفط لمجلة كولان :
سوف تنخفض أسعار النفط أكثر ما لم تعمد دول الاوبك الى خفض أنتاجها ...وقد تناول شيرواني في هذا اللقاء عن مستقبل القطاع النفطي في العراق والمنطقة بصورة عامة والأزمة المالية التي تواجه أقليم كوردستان وسبل التعامل معها وقال: لقد وصلت معدلات أنخفاض أسعار النفط الى مستويات غير متوقعة قيأسأ بالاعوام السابقة فقد وصلت أسعار النفط موخرأ الى 30 دولارأ للبرميل الواحد وقد تنخفض أكثر أي بمعدل 70%من سعره في ظرف سنة ونصف السنة ،فقد كان السعر أواسط عام 2014 بحدود 115 دولارأ إلا أنه قد أنخفض الى مادون 30 دولارأ في شهرك 2016 بل والى 28 دوارأ أيضا ماعاد بتاثيرات سلبية على أقتصاديات الدول المنتجة وحتى المستهلكة منها وبتأثيرات كبيرة على المنتجة منها ما دفعها لمراجعة ايراداتها ،كما أن بعض الدول التي تعتبر غنية مثل السعودية قد تعرضت هي الاخرى الى عجز سنوي يقدر ب (98) مليار دولار فيما كان المفروض أن يكون لها فائض مالي في ايراداتها لهذا العام ،كما أن موازنة العراق سوف تتعرض الى عجز كبير بمقدار 30% إذاما وصلت أسعار النفط 30 دولارأ حيث تم تقديرها وفق سعر (45) دولارأ للبرميل الواحد وبما يبلغ 30 مليار دولار من العجز المالي ما يؤثر سلبأ على جميع مجالات الصرف وحتى على مسالة رواتب موظفي الدولة ،ولكن علينا ألاننسى أن الحكومة العراقية قد تمكنت من تجاوز العجز في عام 2015 بينما يبقى الاصعب أمامها هو سنة 2016 بالنسبة للعراق ولأقليم كوردستان أيضأ وضرورة أتباعهما طرقأ أخرى فقد كان وزير النفط العراقي عادل عبدالمهدي يقول أن سقف الانتاج النفطي للعراق قد تجاوز مستوى 3,6مليون برميل يوميأ وعلى أعتاب (4) ملايين برميل تقريبأ .وقد يؤدي زيادة الانتاج الى أنخفاض السعر وبالعكس مع وجود العديد من المخاطر ومنها رفع الحصار المفروض على ايران بعد توقيعها على الاتفاق النووي في حزيران الماضي و توقعات برفع كامل العقوبات عنها خلال الشهر الحالي ،مايزيد أحتمالات زيادة أنتاجها النفطي اليومي بمعدل نصف مليون برميل ما دفع بالأسواق العالمية لأستغلال ذلك منذ الان وخفض أسعار النفط مع ملاحظة الأوضاع الاقتصادية المتذبذبة وخارج كل المعدلات العالمية في البلدان التي تتعرض للحروب ويشمل ذلك العراق وسوريا وليبيا أيضأ حيث تضررت فيها المؤسسات النفطية والمفروض رفع الاسعار النفطية إلا أن ما حصل هو أن الدول الاخرى قامت بزيادة أنتاجها وعوضت عن ذلك النقص ،ونجم ذلك عن زيادة وبنسبة 2 الى 3 ملايين يوميأ من تدفق النفط في الاسواق وبالتالي خفظ الاسعار بصورة مباشرة إلا أن عدم أتفاق دول الاوبك يزيد الشكوك في عدم أداء هذه المنظمة لواجباتها كما ينبغي ولبواعث عديدة فخفضها لأنتاجها اليومي بشكل نسبي قد يؤدي الى زيادة الاسعار مع أسباب أخرى وعدم أتفاق دول الخليج فيما بينها بهذا الصدد فضلأ عن تأثيرات الصراعات السياسية كما يحدث بين السعودية وايران والجلي أن التأثير الاكبر لخفض أسعار النفط يكون على (3) دول بالدرجة الاولى وهي السعودية وروسيا وفنزويلا وبعض من دول الاوبك مثل العراق ومن منطلقات حصد مكتسبات سياسية وستراتيجية على حساب الاضرار الاقتصادية وعمومأ مازالت الاسواق عرضة ،ولاسيما الايرانية منها ، لزيادة أنتاجها إلا أن تلك الزيادة لاتخدمها .والبديهي أن العراق كان المتضرر الاكبر من بين تلك الدول لأن 90% من ايراداته تعتمد على النفط بل هو مصدر ايراداته الوحيد إلا أنه كان من شأن تنويع مصادر ايراداته مثل الزراعة والصناعة والسياحة ونظام ضرائبي محكم تقليل أضراره بينما أخذت دول الخليج الأن مثل السعودية والكويت والامارات تطور مجالات أخرى وكان عليها أن تحسب للأوضاع غير الاعتيادية حسابها وليس الاعتماد الكلي على مورده الاقتصاديه الاول .وعلينا إن أردنا الوقوف على حقيقة العجز بنسبة 30% من الموازنة علينا أن ندرك أن خفض أو عجز الموازنة هو في التشغيلية أو الاستثمارية لأن 80% منها هي تشغيلية من حيث صرف الرواتب و مصاريف البنى التحتية وأستخدامات الدوائر والمؤسسات الحكومية وبمعدل 30% للاستثمار أو بمعنى أدق توقف قسم من الاستثمار وبالتالي العجز في المصاريف التشغيلية ألا إذالجأ العراق الى ديون مالية والحل الانجع يكمن في حل خط الموازنة وإعادة صياغته من جديد وذلك بالتقليل من مجالات عديدة من أوجه الصرف فيها ما يعطل بالتالي الموازنة الاستثمارية في ظل الاسعار الحالية وتعتمد فقط على الموازنة التشغيلية إلا أنه يصار في حالات عديدة الى نشر بعض المسائل التشاؤمية في أن الحكومة العراقية مثلأ تتمكن من صرف رواتب الموظفين لغاية شهر نيسان القادم فقط غير أن مستجدات أخرى قد تحول دون الاعتماد على تلك التوقعات السلبية وبصدد أحتمالات تصاعد أسعار النفط يقول د. كوفه ند شيرواني :قد تجد دول الاوبك خلال أجتماعها لقادم والمنتظر في شهر حزيران من هذا العام بعض الحل لهذا التدهور إذاما أتفقت على أيقاف أنتاجهما المتزايد وهي بعمومها أسعار غير ثابتة وقد تؤثر عليها حتى التقلبات الجوية ما يجعلنا نتوقع أرتفاع أسعار النفط الى 40 دولارأ أواسط العام الحالي ،حتى أن بعض الشركات العالمية النفطية تتوقع أرتفاع الاسعار الى 50 دولارأ للبرميل الواحد بحلول نهاية العام الحالي ،وقد تصل الى 60 ـ 70 دولارأ في عام 2020 وهي رقام تعتمد في الحقيقة على مستخرجات أرقام علمية ،كما أن مباشرة الولايات المتحدة ببيع خزينها النفطي قد أثرت هي الاخرى على أنخفاض الاسعار كونها تلعب مع تذبذب الاسعار النفطية وذلك وفق قرار أمريكي صدر هذا العام ينص على السماح ببيع نفطها بعد أن حققت بعد (40) عامأ ،أكتفاء ذاتيأ في هذا المجال وهو دليل أخر على وجود فائض نفطي عالمي مخزون ،هذا فضلأ عن ورود منتج أخر للاسواق وهو (النفط الصخري ) وبمعدل يومي بلغ (3) ملايين برميل ما أثر سلبأ على الاسعار رغم كثرة كلفتها التي تبلغ 40ـ 50 دولارأ للبرميل الواحد ما يفرض على الشركات المعنية أيقاف الانتاج لحين وصول الاسعار الى 40 دولارأ أو أكثر ما جعل بعض الشركات المحلية الامريكية تتضرر من هذه المسألة ،والتي تؤدي مع زيادة الأضرار الى البحث عن مصادر أخرى للطاقة مثل الكهرباء والطاقة النووية ذات التكلفة العالية جدأ وضمن توصياته أضاف د. شيرواني :هناك أسباب عديدة لمعالجة هذه المشكلة منها المدى قصيرة ومنها طويلة الامد أو تحتاج الى مزيد من الوقت ،وتتلخص الاسباب قصيرة الامد في تقليل المصاريف والحيلولة دون هدر الموازنه وأجتثاث الفساد والثانية هي ما تقوم بها حكومة بغداد حاليأ بأصدار سندات حكومية وهي عبارة عن نوع من الدعم المالي إلا أن الاهم هو اعادة النظر في السياسة الاقتصادية والبحث عن مصادر أقتصادية بديلة وذلك لأن أقليم كوردستان هو بلد زراعي وبالأمكان أنجاز مشاريع صناعية وسياحية مهمة فيه أيضأ تزامنأ مع تفعيل النظام الضريبي المتلكئ حاليا فضلا عن قلة ومحدودية نسبته مقارنة بالدول الاخرى ،والتي تخدم بعمومها الموازنة العامة للبلاد .....

****************************************************

ترجمة: دارا صديق نورجان


Top