• Saturday, 29 June 2024
logo

كوردستان ..النموذج الجديد لبناء الدولة في الشرق الاوسط

كوردستان ..النموذج الجديد لبناء الدولة في الشرق الاوسط
"قلق ايران وتركيا والسعودية على نعش سايكس بيكو
"لقد تمكنت فرنسا وبريطانيا أن تنجحا في تخطيط حدود مصطنعة للدول الحديثة ضمن أتفاقية ـ سايكس بيكو ـ إلا أنهما لم تتمكنا من بناء دولة "معقولة ومقبولة "في أطار تلك الحدود وأنشاء مؤسسات نشطة وهويات وطنية مشتركة بين الحكومات المختلفة لتلك الامم ..صحيح أن لدى ايران وتركيا والسعودية الان خططها و وجهات نظرها لاعادة تنظيم المنطقة .إلا أن هناك اليوم جملة عوامل أخرى ،مثل الاوضاع الداخلية للمنطقة والدولة والشخصيات غير الدولية والتي تؤدي بمجموعها دورها الحاسم في اعادة تنظيم خارطتها وليس السعودية وايران وتركيا "

مارينا أوتاما ـ الباحثة القدمى في
شؤون الشرق الاوسط بمعهد ودرو ويلسن..
*أنتهاء دولتي العراق وسوريا وظهور عوامل غير دولية لاعادة تنظيم المنطقة :
تؤكد البروفيسورة مارينا أوتاوا في مستهل بحثها الجديد الذي نشرته في شهر نوفمبر من العام الماضي في مركز ودرو ويلسن بعنوان (لنتعلم من سايكس بيكو )، تؤكد صراحة أن العراق وسوريا قد أنتهيا بالفعل كدولتين مركزيتين تشمل فيهما السلطة المركزية عموم أراضيهما ،وأستجدت تزامنا مع ذلك مجموعة عوامل غير دولية توجه التوقعات نحو حقيقة أننا عندما نفكر في دول شرق البحر الابيض المتوسط (Levant)،فأننا على الاقل نتوصل الى نتيجه مفادها أن قسمأ من الدول ما بعد الحرب العالمية الاولى ضمن ما يسمى أتفاقية سايكس بيكو قد أنتهت ،ما يعني أن الاتفاقية ذاتها قد أنتهت ،ذلك نجد أن من الصعوبة بمكان أن نتوقع أعادة تنظيم بعض تلك الدول مرة أخرى كدول قائمة بذاتها ،وبالاخص العراق وسوريا... إن ما أكدت عليه البروفيسورة أوتاوا في بحثها هذا هو أن العوامل غير الدولية هي التي تحسم مستقبل الشرق الاوسط وليس القوى الاقليمية الكبرى مثل ايران والسعودية وتركيا .أو بمعنى أخر هو أن أي طرف دولي أخر رغب في أداء دور بارز في مستقبل الشرق الاوسط ،عليه أن يتعامل بصورة مباشرة مع تلك العوامل غير الدولية التي تؤدي دورأ أيجابيأ وحاسما في دحر أرهابيي داعش وفي عمليه بناء دولة جديدة تضم وتحظى بأمكانية انشاء دولة مناسبة من شأنها بناء مؤسسات نشطة وهوية وطنية مشتركة يمكنها من توفير الاستقرار والامان في تلك الدولة التي من المفروض أن تكون عاملا للسلام والوئام على المستويين الاقليمي والدولي أي أن هذا التوجة الجديد من إمعان النظر في الشرق الاوسط وكيفية اعادة تنظيم هذه المنطقة إنما يتجسد في عدة نقاط يمكن التوقف أزاءها كما يأتي :
1ـ نتيجة الصراع المحتدم القائم بين الاطراف الثلاثة ،تركيا وايران والسعودية حول الشرق الاوسط ومحاولاتها لاعادة تنظيم المنطقة في أطار مخططاتها هي وأهدافها ،قد أصبحت السبب الرئيس في ظهور مجموعات جديدة كعناصر غير دولية في كل من سوريا والعراق ومن بينها مجموعة داعش الارهابية التي تحتل ثلث أراضي الدولتين والتي تسعى لاعادة نموذج الدولة الى عهود الوحشية الدامية .
2ـ ولم تكن تركيا أتاتورك التي نشأت على ميراث الدولة العثمانية جزءأ من خريطة سايكس ـ بيكو ،بل أن اتاتورك قد خاض حربأ صعبة بعد حل الامبراطورية العثمانية من أجل أبقاء الدولة التركية موحدة على غرار الدولة العثمانية ،وإعادة بنائها خارج خريطة سايكس بيكو.. لذلك عندما يجري الحديث عن أنتهاء الاتفاقية هذه وإعادة صياغة خريطة الشرق الاوسط بصورة عامة وبالاخص في تأسيس دولة كوردستان ،إنما تتخوف تركيا من أن تفشل هذه المرة "أيضأ كما حصل في اعقاب الحرب العالمية الاولى ،في أن تنأى بنفسها عن المتغيرات والتحولات وكما أبقى أتاتورك بلاده خارج خريطة سايكس بيكو ،وتكون كل مساعيها في هذه الحالة في أبقاء تلك الخريطة على حالها أوكما هي كي تبقى تركيا ثانية خارج أحتمالات اعادة صياغة خريطة المنطقة من جهة وأن يرد على الدفاع عن طريق الهجوم ،بل وأنها تبذل مساعيها لاعادة أحياء مفهوم الخلافة ويحث التوجه الديني والمذهبي السني كي يصبح هو العامل الرئيس في اعادة صياغة خريطة الشرق الاوسط من جهة أخرى وأن تتولى الاطراف الاسلامية التي تتلائم توجهاتها الفكرية أكثر مع تيار الاخوان المسلمين ومفهوم دولة الخلافة ،ما يبين من هذه الوجهة أن تركيا عندما تقف بشدة ضد أنتهاء سايكس بيكو ،إنما هناك محاولات أخرى في ذات الوقت أن تحل الخلافة الاسلامية ،على غرار الخلافة العثمانية ،محل تلك الاتفاقية ما يؤثر على القوى العظمي وبالاخص روسيا التي فقدت من جراء سقوط الحكم القيصري في عام 1917 الكثير من الامتيازات في الشرق الاوسط إذا أن الرئيس الروسي لايرغب في أن تتكرر عليه ذات السيناريو في خريطة الشرق الاوسط الجديد.
3ـ كما أن العربية السعودية الحالية ،والتي هي أيضأ نتاج سايكس بيكو ما بعد الحرب العالمية الاولى ،وليست الدولة التي أقترحتها بريطانيا للشريف حسين في نص الاتفاقية الاصليه بأن تؤسس له دولة في الحجاز ،بل أن السعودية الراهنة التي تضم أكثرية شبه الجزيرة العربية قد ألت الى أسرة أل سعود التي لاتزال تحكم المملكة السعودية ،إنما تتخوف هذه الاسرة أيضا من اعادة صياغة الخريطة الجديدة للشرق الاوسط بأن تجري تغيرات جديدة على خارطتها وحدودها ،سيما وقد أصبحت ايران حاليا ،كجمهورية ايران الاسلامية ،دولة دينية مذهبية شعبية ولم تبق تلك الدولة التي سادت إبان الشاهنشاه والتي كان همها حماية المصالح الغربية بل أنها تهدف الى توسيع المدالشيعي وتراجع المملكة العربية السعودية لذلك نجد أن عموم مساعي السعودية تنصب في انهاء الهلال والطوق الشيعي الذي تنوي ايران أحاطتها به .وبذلت كل المساعي عقب خريطة سايكس بيكو لما بعد الحرب ،ومنذ عام 1925 وحتى اليوم لاحتواء ايران بسبب تسلط وتزايد نفوذ بريطانيا وفرنسا وأمريكا لاحقأ ألا أن احتواء النفوذ الايراني قد أصبح بعد أنتفاضات شتاء عام 2011 في الدوله العربية وتصاعد مد التيار الاسلامي بصورة عامة والاخوان المسلمين خاضة ،أمرأ صعبأ ماحدا بالعربية السعودية في هذه الحالة أن تساند جميع المساعي للحفاظ على واقع سايكس بيكو ودعم جميع الاطراف التي تقف ضد التيار الاسلامي والاخوان المسلمين وكما أقدمت على مساندة عبدالفتاح السيسي بكل قوة في أنهاءحكم الاخوان في مصر .وهو ذاته السبب الرئيس لاختلاف توجه السعودية والامارات ضد تركيا وقطر في المشكلة السياسية الراهنة في الشرق الاوسط .
4ـ أن ايران كدولة لغاية عام 1979 لم تعد جمهورية ايران الاسلامية بعد عام 1979 فقد كانت ايران شاهنشاه تسمى حتى عام 1979 ب(شرطي الغرب )في الخليج .إلا أن ايران وبعد مجئ الجمهورية الاسلامية فيها ،وعلى مدى ال(36) سنة الماضية قد أصبحت أكبر خطر على الغرب والحلفاء التقليدين للولايات المتحدة والغرب في المنطقة فاليقين أن ايران إبان حكم الشاه لم تكن قط جزءأ من التحولات في الشرق الاوسط وذلك لان ذريعة فرنسا وبريطانيا لاحتلال القسم العربي من الامبراطورية العثمانية كانت أن العرب غير قادرين على حكم أنفسهم بأنفسهم ،ماحدا بفرنسا وبريطانيا ،قبل أحتلال القسم العربي من الامبراطورية أن تبذلا قصارى مساعيهما لحث وتشجيع الشعور القومي العربي للانتفاضة ضد العثمانين وبذات الذريعة قامتا بأحتلال دول العراق وسوريا ولبنان والسعودية وشرق الاردن وفلسطين ، إلا أنه بسبب كون ايران في زمن الشاه دولة قادرة على أدارة شؤونها ،فقد تم التعامل معها على الاكثر عن طريقه الاتفاقات والتحالفات والاحرى أن ايران كانت حتى عام 1979 تمتلك دولتها وجسدت نفسها كدولة للقومية الفارسية بينما عرفت ايران ما بعد 1979 نفسها كدولة أسلامية مذهبية شيعية وهو توجه لم تخفه حتى الان في تصدير الثورة للمناطق ذات الاكثرية أو الوجود الشيعي ..وقد كانت تلك المخاوف السبب الرئيس الذي دفع بصدام حسين لخوض الحرب ضد ايران لمدة (8) سنوات وبالتالي أن تقوم عموم دول الخليج والدول العربية السنية والغرب بمساندة صدام في الحرب العراقية الايرانية ،لذلك نجد أن ايران ما بعد 1979 تطمح بشكل أختياري في أن تكون جزءأ من تحولات الشرق الاوسط .وأعادة تنظيم هذه المنطقة بحيث تلتقى مع توجهات دولة ايران الشيعية ،ولو نظرنا من هذا المنطلق الى أستقطاب القوى وبما فيها القوى الدولية وغير الدولية ،ومن خليج العقبة والى ميناء باب المندب لوجدنا أن الاستقطاب هذا قد أنقسم تمامأ بين المذهبين الشيعي والسني ،و وصلت الامور حدأ أخذت فيه أطراف معينة مثل حزب الله اللبناني وعصائب أهل الحق العراقية تقول بكل صراحة أن القتال في العراق و سوريا هو ليس لحماية نظامي دمشق وبغداد بل هو قتال من أجل حماية الشيعة ..
5ـ وبالنسبة لروسيا في المشكلة الجديدة للشرق الاوسط ،والتي عرضت نفسها صراحة كمحور (موسكوـ طهران ـ بغدادـ دمشق ) فأن المسألة لاتنحصر في أن الرئيس الروسي فلادمير بوتين هو أحد أيات الله الشيعيين ويساند المد الشيعي ضد السنة ،لا بل أن المسألة تعود الى تهميش دور روسيا ما بعد الحرب العالمية الاولى وسقوط قيصر وأنتصار الثورة البلشفية وأعلان الاتحاد السوفيتي كمعسكر أشتراكي ضد المعسكر الغربي سما بعد أنتصار الثورة البلشفية حيث قامت بريطانيا بتغيير البند القائم في أتفاقية سايكس بيكو والذي كان ينص على أن تكون فلسطين وشرق الاردن منطقة تتم ادارتها من قبل قوات دولية (فرنسا وبريطانيا وروسيا )غير أن بريطانيا قامت وحدها ،بعد أنتصار تلك الثورة بالسيطرة عليها وحرمان فرنسا وروسيا منها ،وقد بقي تهميش الدور الروسي وفيما بعد (الاتحاد السوفيتي ) في الشرق الاوسط على حاله بعد الحرب العالمية الثانية ،ولم تكن على الاقل مثل شرق أسيا ،حيث تم فيها بشكل من الاشكال تعديل توازن الاتحاد السوفيتي هناك ،وتم خلال الحرب الباردة تهميش ذلك الدور بشكل أكبر وأشمل ،وبالاخص بعد وفاة جمال عبدالناصر ومجي أنور الاسادات وتوقيع أتفاقية (كامب ديفيد)للسلام بين مصر وأسرائيل ،وقد تسبب هذا الاشكال السياسي في الشرق الاوسط إبان عهود الحرب الباردة وحتى الان في أن تكون الانظمة العربية حلفاء تقليديين للولايات المتحدة والغرب ودفعت بروسيا ،بغية أحيا الدور الروسي في المنطقة ،أن تتحالف مع الاطراف التي تعادي بصورة تقليدية الولايات المتحدة والغرب ،وقد لاحظنا خلال إعمال قمة مجموعة 20 Gالتي عقدت أخر أجتماعاتها في تركيا ،عندما أكد الرئيس الامريكي أوباما على أن روسيا هي حليف شرعي للولايات المتحدة في الحرب ضد داعش ،وهي مسألة يعترض عليها الجمهوريون بشدة وتعتبر خطأ كبيرأ في سياسة أوباما بالمنطقة .
6ـ وبالنسبة لدول الناتو والاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة والتي تعتبر أنفسها ،صاحبة الشرق الاوسط والوصية عليها بصورة شرعية غير مباشرة إنما ينطلق أصرارها على بقاء الحدود المصطبعة لسايكس بيكو ما بعد الحرب من مخاوفها من حلول ذات المأساة التي حلت ب( كوربا تشوف) أو عملية اعلان الانفتاح (كلاسنوست )وذلك لان هدف كوربا تشوف في تلك العملية كان إعادة تنظيم الاتحاد السوفيتي مجددأ غير أن تلك العملية قد أدت الى حل وتفكك الاتحاد الوفيتي وأنهيار وسقوط جدار برلين وظهور خريطة سياسية جديدة في المنطقة .والاسوء من ذلك هو أن الناتو والاتحاد الاوروبي والويات المتحدة قد توصلت حاليأ الى قناعة أن العوامل التي سيكون لها دور رئيس وفاعل في هذه التحولات هي ليست الدول التقليدية السابقة ،بل أن العوامل غير الدولية والتي هي الان عبارة عن الحرب الرئيسة بين مجموعة داعش الارهابية وكذلك مجوعات جبهة النصرة ومايسمى الجيش السوري الحر وكتائب الشيعة السورية وحزب الله اللبناني والحشد الشعبي الشيعي العراقي ،هذه كلها جماعات غير دولية (أي من غير دول ) وتقوم بتحديد أتجاه القتال وهناك في خضم هذه المسالة أو الاشكالية أقليم ديمقراطي هو جنوب كوردستان ،صحيح أن هذا الاقليم قد أكتسب جميع صفات دولة الامر الواقع ،غير أنه مايزال يعتبر عنصرأ غير دولي في هذه الحرب ،وهو العامل الوحيد الذي تمكن حتى الان من اعادة تنظيم أتجاه هذه الحرب لصالح العالم الحر والتحالف الدولي ضد أرهابيي داعش ،وفي هذه الحالة نلاحظ أن توجه وجهة نظر الناتو والاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة يكاد تيغير نحو أهمية تحول أقليم كوردستان في العراق وقبل أي شئ أخر الى دولة مستقلة كي تكون الموقع والمحط الرئيس لتحالف الناتو الجديد مع أمريكا والاتحاد الاوروبي .كي تتوجه منطقة الشرق الاوسط الجديد نحو الدميقراطية والتعددية والتسامح على الاقل وليس تلك الشرق الاوسط التي تفكر فيها دول السعودية وايران وتركيا .
* خريطة سايكس بيكو التي فرضتها نتائج الحرب العالمية الاولى :لقد كان الهدف من الخريطة الاصلية لسايكس بيكو والتي أتفق عليها 1916 الدبلوماسيان المعروفان مارك سايكس البريطاني وفرانسو جورج بيكو الفرنسي بالاساس هو تقاسم ميراث الدولة العثمانية وبما فيها تركيا الحالية ،إلا أنه قد جرت عليها تحولات كبرى مع أندلاع الحرب أي أن تركيا أتاتورك قد أصبحت دولة خارج خريطة تلك الاتفاقية كما أن فرنسا وبريطانيا عندما كانتاتخططان لاحتلال سوريا والعراق والحجاز وتخوضان تلك الحرب فعلا ،فقد أعلنت مصر أستقلالها هذا مع أن قناة السويس قد بقي تحت نفوذ فرنسا وبريطانيا لغاية عام 1956 لذلك فقد شهدت المنطقة ما بعد أستسلام الامبراطورية العثمانية (1918 ـ 1925 ) عهدأ من المفاوضات وتوقيع التحالفات والمعاهدات بشأن تفاصيل خريطة سايكس بيكو ما بعد الحرب لقد أكدت البروفيسورة مارينا أو تاوا في بحثها المعنون (لنتعلم من سايكس بيكو )على :بعد أن وضعت مسألة سقوط الامبراطورية العثمانية أو زارها وزوال غمارها على العوامل التي تم تناسيها وبينت أن هذه الخريطة غير مناسبة للمنطقة ونوهت الى :
1ـ لقد تسببت بريطانيا وفرنسا في إثارة التعاطف القومي العربي في المنطقة للانتفاضة ضد الامبراطورية العثمانية ولم يكن هدف الدولتين في ذلك تأسيس دولة مستقلة للعرب ،بل كان الهدف تأسيس مجموعة دول تحافظ بالوكالة على المصالح البريطانية والفرنسية ما يعني أنهما كانتأ تسعيأن لحماية مصالحها أكثر من سعيهما للوقوف على ردود أفعال العرب بعد أثارة شعورهم القومي ضد الاحتلال الفرنسي والبريطاني
2ـ وطرف اخر سئ من خريطة سايكس بيكو وكما فرضته نتائج الحرب العالمية الاولى وليس الخريطة الاصلية التي صاغها فرانسيوا بيكو وماركس سايكس هو أن الخريطة ما بعد الحرب قد أصبحت أتفاقية دولية وليس خريطة أستعمارية يعودون بأنتهاء الاستعمار الى الاصلية للمنطقة ،والقول لوتم بالفعل تنفيذ الاصلية فأنهم كانوا يعودون مع أنهاء الامبريالية وأستقلال الدول الى الخريطة الطبيعية للدول .
3ـ كما أن أنتصار ونجاح كمال أتاتورك في تأسيس تركيا الحديثة وحل الخلافة الاسلامية بصورة رسمية في أعوام العشرينيات من القرن الماضي وتغير أتجاه تركيا نحو نظام وفي مقدمة كل ذلك قبول بريطانيا وفرنسا بالدولة الجديدة كدولة خارج خريطة سايكس بيكو ،ومن ثم تحول تركيا الى صديق للغرب وأنهاء العداء بين العثمانيين والغرب ،قد تسبب في أنهاء النسخة الاصلية للخريطة .
4ـ وتم التعامل مع روسيا القيصرية في النسخة أو الخريطة الاصلية لسايكس بيكو كحليف في الحرب لذلك وفضلا عن المناطق التي حدث لفرنسا وبريطانيا فقد تم تحديد بعض المناطق لتقع تحت رعاية أو وصاية دولية ومنها فلسطين على سبيل المثال .غير أن روسيا بعد سقوط قيصر وأنتصار الثورة البلشفية قد تحولت من حليف الى عدو للغرب ،كذلك فقد أحتلت بريطانيا المناطق التي كان من المقرر أن تقع تحت رعاية دولية .
5ـ وبعد أنتهاء الحرب فقد تعرضت فرنسا وبريطانيا لازمة أقتصادية كبيرة ،وأضطرت السحب قواتها ودمج عناصر ها مع الحياة المدنية ،ما حدا ب( وينستن تشرشل) الذي كان يومها وزيرأ لشؤون المستعمرات في بريطانيا لابقاء قوة محدودة في المنطقة والاعتماد أكثر على القوة الجوية (ذات السياسة التي تمارسها الولايات المتحدة الان في العراق )ما تسبب في عجز بريطانيا عن تحقيق الاستقرار في العراق وإعاده بناء مؤسسات الدولة بحيث تشكل هوية وطنية مشتركة.
6ـ بعد أنتهاء الحرب العالمية الاولى وتأسيس جمعية عصبة الامم ودخول الولايات المتحدة لتنفيذ بنود العصبة فقد تحولت المناطق الخاضعة للسلطات الفرنسية والبريطانية الى منطقة وصاية أو أنتداب لهما في أطار بنود الصعبة وكان على الدولتين وفقها أن تراعي بصورة مباشرة الدول تلك الى أن يتعلم سكانها ادارة شؤونهم بأنفسهم ،الا أنه بسبب كون الثقافة السائدة في الموروث الاستعماري الفرنسي والبريطاني ادارة تلك الدول بقوة محدودة ومصاريف قليلة ما تسبب في عدم التمكن من بناء مؤسسات في تلك البلدان بحيث تتمكن من ممارسة حكم جيد فيها ،ما تسبب في تعقيد الاوضاع ولجأوا الى السلطات العسكرية لتحقيق الاستقرار.
7ـ وقد كانت الحدود المصطنعة لتلك الدول الحديثة قدأتبعت نوعأ من التعددية الدينية والقومية معأ ،وبذلت فرنسا وبريطانيا ضمن تلك الحدود مساعيها لأتباع أسلوب لتنظيم تلك التعددية والتاكيد أكثر على السلطة المركزية وفرض الاستقرار عن طريق القوة والعنف \، وهو ذاته الذي تسبب في أن يكون موروث الدولتين لدول الشرق الاوسط هو ذلك الجيش القوي الذي قمع شعبة ،على غرار ممارسات جيوش صدام وحافظ الاسد والان جيش بشار الاسد ..ولو ألقينا نظرة سريعة على النقاط التي أشارت اليها البروفيسورة أوتاوا في بحثها ،لوجدنا أن القوى الدولية لاتزال تحاول نسيان جميع العوامل والعناصر التي ستصبح بالنتيجة عاملأ للاستقرار والسلام في المنطقة ..ولكن يبدو الان ،ولان أوضاع الشرق الاوسط قد أصبحت تهديدا على السلام والامن الدوليين وتحول عناصر أخرى ـ داخل أو ربا لاعبين ضمن العملية ،أنهم لايتمكنون هذه المرة من نسيان تلك العناصر الرئيسه في أستقرار الشرق الاوسط الجديد وبالاخص تأسيس دولة كوردستان والذي هو الطريق الوحيد لاعادة الاستقرار للمنطقة مجددأ.
*دولة كوردستان ...نموذج حديث لبناء الدولة في الشرق الاوسط :لو أرادت القوى الدولية العظمي الان إعادة الاستقرار للشرق الاوسط عن طريق عقد العلاقات والتحالف مع دول المنطقة :فهي الان عبارة عن دول (ايران وتركيا والسعودية )ولكل واحدة من هذه الدول الثلاث خططها وبرامجها لمستقبل الشرق الاوسط ما يعني أن التحالف مع أي منها سوف يودي بالمنطقة نحو مزيد من الفوضى ،ونجد في ذلك أن القوى الكبرى تواصل مساعيها لجعل تلك الدول الثلاث الكبرى تفكر كدولة واحدة وتتفرغ لحدودها التقليدية لا أن تنفذ خططها وبرامجها لاجراء التحولات في المنطقة ألا أن طموحات القوى العظمي وتطلعاتها ،وبما فيها الولايات المتحدة تقول شيئأ أخر على أرض الواقع في أن الدول الرئيسة الثلاث في الشرق الاوسط عازفة على تنفيذ خططها وأدت كل واحدة منها دورها في تلك الاوضاع بصيغة الحرب بالوكالة ..كذلك نرى أن الاوضاع المضطربة في المنطقة قد تفتتت وضاعت بين أيها هي الحليف أو العدو فيها ...ويحتمل هنا عندما تقرأ هذه السطور أن يبادر السؤال الاتي الى الذهن :ترى لماذا لا تتمكن القوى العظمي من أن تتحالف في هذه الاشكالية مع أسرائيل لاعادة تنظيم المنطقة ؟ونقول :صحيح أن أسرائيل هي دولة قوية جدأ من الناحية العسكرية وتتمكن من تغيير الاشكاليات العسكرية بسهولة ،غير أن دورها سوف تعقد المسألة على المستوى السياسي ومساعي الحل السلمي واعادة الاستقرار الى المنطقة بطريقة دبلوماسية وسياسية ،أي أنه لا يمكن معالجة مشكلة الشرق الاوسط بالقوة والتدخل العسكري بل يجب تأسيس وتحقيق دولة في الشرق الاوسط تختلف توصياتها ومساعيها للشٍرق الاوسط عن العناصر الرئيسة الموجودة الان في المنطقة .والحقيقة أن تجربة أقليم كوردستان في خضم الوضع المعقدللمنطقة ،كدولة حديثة في الشرق الاوسط ،ستكون دولة تلتقى توجهاتها مع قيم العالم الحر والنظرة العامة البعيدة عن سياسات ادارة الدولة وهي فقط دولة الامر الواقع التي يرأسها الان مسعود بارزاني رئيس أقليم كوردستان والغاية هنا هي أسلوب أدارة تلك الدولة دون أن تكون حدودها أو موقعها الجغرافي أو بصورة أوضح يجب أن تكون هناك دولة في الوجود قبل تحديد حدود أرضها بالكامل والضروري اليوم أن تكون لكوردستان دولة أمر واقع بتلك المواصفات ويمكن بعد نجاح هذا النموذج للدولة وترسيخ موقعها أن يتم الحديث عن الحدود الحقيقية لها عن طريق الحوار وبصورة سليمة ..إلا أن ما يشكل ضرورة حقيقية لراهن العالم هو ولادة هذا النموذج ،ولو أمعنا النظر في أسلوب ادارة الدولة في دولة مسعود بارزاني ،ولوجدنا أنها تضم معأ النقاط الاتية :
ـ كوردستان هي دولة الامر الواقع الوحيدة بين عموم دول الشرق الاوسط ،وبما فيها تركيا والسعودية وايران ،والتي تخوض الحرب ضد أرهابيي داعش بكل جدية وأن ثقافتها لا تشكل البيئة لتربية محلية للارهابيين لا على أسس مذهبية ولاقومية .
ـ ودولة كوردستان للامر الواقع هي على المستوى الاقليمي الدولة الوحيدة التي ترتبط بعلاقات متكافئة مع القوى الثلاث العظمي في الشرق الاوسط (تركيا وايران والسعودية )ما يعني أن لهذه الدولة وجودها الان وترتبط بمصالح مشتركة مع تلك الدول على أساس الاحترام المتبادل ومراعاة المصالح القومية العليا وتصب العلاقات الدولية الكوردستانية في المصلحة العليا المشتركة القومية لهذه الدول ...
ـ ليست لدى دولة وردستان للامر الواقع أية مشكلات أوخلافات مع أية ديانه سماوية أو وضعيه في المنطقة وتحترم كل الديانات والمذاهب والمكونات ضمن حدودها السياسية ولا مع أية قيم أوثقافة ديمقراطية والعالم الحر قاطبة .
ـ لقد تمكنت دولة كوردستان للامر الواقع ،وبقدراتها الذاتية فقط من ترسيخ بنى تحتية قوية للاستقلال الاقتصادي وتسير اليوم ،وبالتعاون مع الحلفاء بمرحلة بناء بنية قوية لبناء جيش قادر على حماية أرضها من الارهابيين وجمع كل أسس ومبادئ الديمقراطية والتعايش والتسامح معأ هذه وغير ها هي الاسس التي مكنت قوات بيشمه ركة كوردستان من الحاق خسائر كبرى بأرهابيي داعش في ميادين الحرب وهيأت أرضية مناسبة تمهد لمساعي العالم في الاستفادة من أخطاء سايكس بيكو لاعادة صياغة خريطة جديدة للشرق الاوسط وإعادة الاستقرار والؤئام الى المنطقة وبدء الخطوة الاولى من عملية تأسيس دولة كوردستان .
تلميحات حول أستقلال كوردستان
ـ وجاءت هذه المرة بقلم أليزا ملركوس من موقع بعنوان the dailyٍ beast :لقد ولت وأنقضت المبررات المعادية لاستقلال كوردستان وتشير فيها الى عدم جدوي مناقشة أحقية الكورد في أن تكون لهم دولة مستقلة كون (40) مليون من الكورد يعيشون في تركيا والعراق وايران وسوريا كونهم أكبر مجموعة أتنية لم تمارس حقها في تقرير المصير رغم نضالها الطويل من أجل الحرية والاستقلال مع معاداة الدول التي يتعايشون فيها لهذا المطمح القومي المشروع ،وكذلك معاداة الدول الغربية لها بسبب قلقها في أن يكون الكورد سببأ في عدم ثبات الاستقرار الهش للشرق الاوسط والحق أن يتعامل العالم مع تحقيق هذا المطمح وفق ما يحققه الكورد في العراق وسوريا وتأسيس المجموعات الكوردية دولهم الخاصة بهم ودون أن ينتظروا الاذن من أحد وقد برهنوا أنهم ،وحتى بمعزل عن أقامة علاقات دبلوماسية كاملة مع الامم المتحدة أو أستحصال الاعتراف الدولي بدولتهم للامر الواقع ،قادرون على أدارة شؤونهم بأنفسهم وبصيغة متطورة وتساءل :هل الولايات المتحدة وغير ها من الدول تتقبل الادارة الذاتية للكورد وهي الان مسألة عاجلة جدأ بمراعاة أهمية الكورد في العراق وسوريا في الحرب ضد "الدولة الاسلامية ـ داعش"


ترجمة :دارا صديق نورجان
Top