• Monday, 23 December 2024
logo

البيشمه ركه... القوة الفاعلة داخل الستراتيجية الدولية في محاربة أرهابيي داعش

البيشمه ركه... القوة الفاعلة داخل الستراتيجية الدولية في محاربة أرهابيي داعش
عقب تلبية الولايات المتحدة ومناصرتها لأقليم كوردستان كثيرا ما يترد السؤال الآتي:
لماذا ناصرت الولايات المتحدة أقليم كوردستان دون إغاثة العراق وسوريا؟ وهل أن أسباب ذلك تكمن في أن أربيل هي أهم من بغداد و دمشق بالنسبة للولايات المتحدة أم أن المسألة هي أن لها بعض الموظفين في قنصليتها بأربيل؟ وإذا كان الأمر كذلك فإن أكبر سفارة أمريكية في العالم هي في بغداد ، ولماذا أختارت الصمت خلال الفترة من حزيران الى أب الماضي عندما أستسلمت(5) فرق عسكرية عراقية لأرهابيي داعش ؟ أم أن السبب كان أن الولايات المتحدة سعت لممارسة الضغط كي تضغط المكونات العراقية على الأئتلاف الشيعي بصورة عامة و دولة القانون على وجه الخصوص لأبعاد المالكي عن منصبه، وقد يعتبر الرد على أي من تلك التساؤلات وبصيغة ما، هو العامل لأغاثة الولايات المتحدة تلك.. ولكن الرئيس الأمريكي، وكما قال للصحفي توماس فريدمان في أول لقاء بعد قراره مباشرة لمساعدة أقليم كوردستان قد أشتعل نصف رأسه شيباً بسبب معاناته من مشكلات الشرق الأوسط إلا أنه لم يتمكن من أتخاذ ذلك القرار غير أنه قد أتخذ قراراً جرئياً عندما تعرض الأقليم للخطر..
ولو أمعنا النظر من هذا المنطلق في الأسباب والمبررات التي ذكرها أوباما لمناصرة أقليم كوردستان لوجدنا أنه قد حصلت قبل سنتين من ذلك مأساة أكبر في سوريا من تلك التي حصلت في شنكال(سنجار) لا بل أن مأساة كبرى قد ألمت بالموصل في شهر حزيران عندما أحتلها أرهابيو داعش دلالة على فداحة تلك الكوارث ولكن دون أن يتمكن أو يتخذ الرئيس أوباما قراره بهذا الشأن وكثيرا ما كانت أدارة أوباما، وكما نوه اليها خبراء السياسة الخارجية الأمريكية، ترغب في أتخاذ قرارها إلا أنه وبسبب عدم وجود قوة مثل قوات بيشمه ركه كوردستان وعلى الأرض فقد عجزت الولايات المتحدة والغرب عن أتخاذ قرارها وفي ذلك فقد نوه رئيس معهد مجلس العلاقات الخارجية ريتشارد هاس في كتابه(السياسة الخارجية تبدأ من الداخل) الى أن الولايات المتحدة لا تتمكن من أتخاذ قرارها وأنها تمارس سياسات عقيمة وأكثر من ذلك أن السفير دينس روس، الذي كان له دوربارز على مدى ربع قرن في الدبلوماسية الأمريكية، في أحدى محاضراته التي ألقاها أواخر عام 2013 لطلبة العلاقات الدولية في جامعة شيكاغو، وبكل وضوح أن مشكلات سوريا و مصر وإيران هي أكبر من أمكانيات الولايات المتحدة، أي أن كل ذلك هو أشارات الى أن الأختلاف الوحيد الذي يميز أقليم كوردستان عن باقي مناطق الشرق الأوسط هو أن كوردستان لديها قوات البيشمه ركه التي تمكنت في مواجهتها لأرهابيي داعش و(دولة الخلافة الأسلامية) من أثبات حقيقة ساطعة للعالم بإنها القوة الوحيدة التي تتمكن من مواجهة هؤلاء الأرهابيين إلا أنها تحتاج لمساعدتها في ميل ميزان القوة لصالحها على أرض الواقع.
• سياسة أوباما ضد داعش تناظر موقف،(بوش) ضد القاعدة.. إن الستراتيجية الجديدة للرئيس أوباما تقل أهمية عن موقف الرئيس الأمريكي جورج بوش الذي أعلنه عام 2001 بعد كارثة 11 سبتمبر وينتظر منها توافقها لموقف بوش في عام 2001 و مساندتها دولياً ولا تصطدم مواقف روسيا و الصين لأول مرة بموقف الولايات المتحدة والغرب مع أن العلاقة الروسية مع الولايات المتحدة تمر بأسوء مراحلها بسبب فرضها عقوبات دولية على خلفية مشكلة أوكرانيا غير أن الموقف الروسي أيجابي في مسألة مواجهة أرهابيي داعش.
ولو أمعنا النظر في أعلان الرئيس أوباما، كستراتيجية جديدة لمحاربة أرهابيي داعش لوجدناه ينوه الی أنها لا تماثل سياسة حرب العراق أو أفغانستان ويقصد بذك أنه لا يحضر هذه المرة أي تحالف دولي لشن هجوم بري على أية دولة بل أنها تكتفي بإرسال المساعدات اللوجستية وتهاجم أرهابيي داعش عن طريق الجو فقط، إلا أن السؤال الأهم هنا هو : هل يمكن أن تنتهي الحرب ضد الأرهابيين بالقوة العسكرية فحسب ويرى الخبراء في المجال العسكري في ذلك أن الهجمات العسكرية لوحدها لا تحقق أية أهداف دون وجود قوة فاعلة على الأرض، ويتساءلون ثانية:
ترى ما هي تلك القوة الفاعلة على الأرض وتتمكن من تقويم الميزان في هذه الحرب؟
وبلا شك أن القوة الفاعلة الوحيدة التي تمكنت من ذلك هي قوات بيشمەرگه كوردستان... عن ذلك فقد أجاب البروفيسور مايكل نايت مسؤول برنامج دراسات العراق وأقليم كوردستان في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى على سؤال لمجلة كولان صراحة، أن الستراتيجية الجديدة لأوباما هي نتاج أختبارات الهجمات المشتركة بين قوات البيشمةركه والقوات الجوية الأمريكية في أستعادة سد الموصل ومناطق مخمور وآمرلي والتعاون القائم في هذه المرحلة بين الجيش العراقي والقوات الجوية تلك لتحرير سد حديثة، إن صراحة البروفيسور نايت تبلغنا بإن أنتصارات قوات بيشه ركه كوردستان قد تمكنت وحدها وبالتعاون مع القوات الجوية الأمريكية من تغيير موازين القوة على أرض الواقع وتوجيه ضربات قاتلة ضد أرهابيي داعش وتغيير مسار الحرب تلك من دفاعية الى هجومية بالنسبة لها في تحرير المناطق التي سبق أن أحتلها هؤلاء الأرهابيون.
• أنتصارات البيشمه ركه في الستراتيجية الجديدة لأوباما، مع أنطلاق أولى هجمات القوات الجوية الأمريكية لضرب معاقل داعش ومقراته فقد أبلغ السيدان هوشيار زيباري وزير الخارجية العراقي السابق وفؤاد حسين رئيس ديوان رئاسة أقليم كوردستان في مؤتمر صحفي بعد ذلك ببضع ساعات أنه سوف تتم تغييرات على موازين القوة وأصبحت قوات البيشمه ركه منذ الآن من الدفاع الى المواجهة والهجوم وتحرير جميع المناطق التي أحتلها أرهابيو داعش، وتعتبر هذه البداية بالنسبة للأدارة الأمريكية أكبر نقطة تحول في سياستها الخارجية والدفاعية بعد تحرير(أحتلال) العراق في عام 2003 وكان ذلك السبب الكامن وراء ممارسة الأدارة الأمريكية الضغط على القوات العراقية لمساندة البيشمه ركه وفيما بعد في تحرير بلدة آمرلي التي كانت محاصرة منذ أكثر من شهرين وأستردادها يمساعدة القوات الجوية الأمريكية والتعاون المباشر بين قوات البيشمه ركه والقوات العراقية.
أي أن الوقائع تشير الى أن الرئيس أوباما قد تعامل خلال الفترة 2003 -2014 ومع كونه آنذاك معادياً لحرب العراق، وخلال دورتيه الرئاسيتين بمنتهى الحساسية مع التدخل العسكري والأهم من ذلك والأسوء مما أصاب الأدارة الأمريكية بالأحابط كان هجمات الناتو على نظام القذافي ورغم أسقاط ذلك النظام إلا أن الجميع قد عجزوا عن تحقيق الأستقرار في ليبيا وتسببت في تعرض السفارة الأمريكية في طرابلس للخطر و مقتل السفير الأمريكي.. والأكثر أحباطاً من ذلك أنه لم يكن هناك وجود لأية قوة على أرض الواقع آنذاك يمكن الأعتماد عليها بل أن العراق إبان حكم نوري المالكي قد عرض السياسة الأمريكية الى مزيد من الأحباط، لأن المساعدات التي تقدمها الولايات المتحدة للعراق قد كانت السبب في تعقيدات أكبر للوضع العراقي وبناء بيئة ملائمة لتنمية و توسع الأرهابيين الى أن وصل الأمر حد أحتلال الموصل و تكريت والأنبار وأجزاء واسعة من المناطق العربية السنية في العراق من قبل أرهابيي داعش، ما دفع بالولايات المتحدة، شاءت بغداد أم أبت، أن تتعاون بصورة مباشرة مع أقليم كوردستان و تسانده وأعقبت ذلك العديد من الدول الأخرى، وبالأخص ألمانيا التي لم ترسل الأسلحة والمعدات العسكرية الى أي بلد بعد الحرب العالمية الثانية إلا أنها قد أرسلتها لقوات البيشمه ركه ما يعني أن بيشمه ركه كوردستان قد أوجدت تحولات جديدة في وجهة نظر العالم أزاء الحرب ضد الأرهابيين، وفتحت مقاومة و صمود بيشمه ركه كوردستان الأبواب أمام العالم لأتخاذ الخطوات الآتية:
1- لقد توصل ستانلي ماك كريستال مع أحد خبراء جامعة هارفرد في دراسة مشتركة لهما بداية العالم الحالي الى نتيجة مفادها ضرورة الأستفادة من مستلزمات دفاع الأنسان في مواجهة الأرهاب وبمعنى أن الأرهاب يشبه الجراثيم التي توجد كميات منها في جسم كل شخص إلا أن ما يميز الصحيح والسليم من المرض هو قوة جهاز المناعة في جسم الأنسان أي أن محاربة الأرهابيين تحتاج الى جهاز مناعة في جسم كل مجتمع إلا أن أي مجتمع بإستثناء المجتمع الكوردستاني، لم يتمكن على مدى الحرب ضد الأرهاب وفي عموم الشرق الأوسط وآسيا وأفريقيا من أثبات أنه يمتلك ذلك الجهاز المناعي وقادر على منع جراثيم الأرهاب من الأضرار بجسم المجتمع وكان جهاز المناعة لدى المجتمع الكوردستاني هو قوات بيشمه ركه كوردستان.
2- ولو نظرنا الى سوريا من هذا المنطلق لوجدنا أن الرئيس أوباما قد نوه بصراحة بإنه غير متردد في شن هجمات جوية على مقرات داعش و معاقل في سوريا إلا أن مثل هذا الجهاز المناعي غير موجود في سوريا، سواء في المعارضة أم في نظام الأسد وتكون الأدارة الأمريكية والتحالف الدولي غير مستعدين لمساندتهما.
3- بالنسبة لراهن العراق، ومع تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة د. حيدر العبادي) فإن الولايات المتحدة تبذل مساعيها لممارسة تجربة قوات البيشمه ركه في ردع أرهابيي داعش وتعميمها في سائر أنحاء العراق في بناء قوة داخل المكون العربي السني مؤهلة لمواجهة أرهابيي داعش بصورة مباشرة و مارست في ذلك ضغوطها، خلال تشكيل حكومة المالكي، بإن يكون للمكون السني العربي حصة معروفة وبالنسبة للجيش العراقي أيضا والذي تمثل تكوينته المكون الشيعي وتشترط الولايات المتحدة ان تشكل الحكومة العراقية الجديدة، وفضلاً عن مساندة قوات البيشمه ركه، قوة خاصة لحماية جميع المحافظات.
إن كل التحولات التي حصلت خلال شهر واحد، إنما يعود مصدرها الى التجربة الناجحة لقوات بيشمه ركه كوردستان وهو ما دفع بالعالم أجمع الى أن يتطلع بأستمرار وبنظرة أمل الى مستقبل أقليم كوردستان.
ترجمة / دارا صديق نورجان
Top