لاتزال الصور المأساوية لنازحي سنجار المنكوبة تتواصل ولايزالوا يتوافدون الى اقليم كوردستان بالالاف ينقلون معهم مشاهد من الموت المؤكد، يتحدثون عن الموت المؤجل، لايعرفون كيف يصفون الذي حدث ولما حد ومن يقف وراءه لأن رائحة الموت تعلو جبالها.



الالاف الذين وصولا خلال الايام الثلاثة الماضية من المحاصرين في جبل سنجار وانت تراهم تتصور انهم قادمون من عالم اخر ، تتصور انهم في مشهد فليم خيالي، " لا احد يستطيع ان يتحمل ما تحمله اهل سنجار في الجبل، لا احد يستطيع ان ينقل صور المأساة كلها " هكذا قال خديدا رشو – 56 عاما - القادم من بلدة ( كرزرك ) جنوب سنجار 25 كم الذي بقي محاصرا في الجبل ثمانية ايام وعندما استراح قليلا بعد وصوله الى بلدة شاريا جنوب دهوك ليسترد انفاسه ويخبرنا ببعض المشاهد والصور قال " صدقوني انا لا استطيع ان اذكر كل الصور والمشاهد، لا اقدر ان انقل ما رأيته سواءا من لحظة خروجي من البلدة بعد سيطرة داعش عليها بسبب فشل قوات البيشمركة في حمايتها او ما عانيناه في الجبل حيث كنا نتقاشم كل شيء ،، حتى الموت تقاسمناه"



اجهش خديدا رشو بالبكاء وقال "تركت العديد من اقربائي لا اعلم شيئا عنهم، لقد جاؤنا كالوحوش الكاسرة التي نراها في الافلام ولم اكن اتصور انه يوجد نوع من البشر بهذا الشكل "



خديدا وصل الى بلدة شاريا في محافظة دهوك باقليم كوردستان مع عائلته ومجموعة كبيرة من العوائل نقلتهم شاحنة كبيرة من مدينة ديرك في غرب كوردستان لينظموا الى اكثر من ثلاثين الف نسمة تستضيفهم البلدة التي يبذل مجموعة من المتطوعين جهودا كبيرة لتوفير المأوى لهم والمسكن والطعام .



لكن لـ خديدا هم اخر الذي قال : الناس هنا لم يقصروا ، ولم اكن اتصور ان ارى شبابا بهذه الروحية يقدمون خدماتهم طوعيا لنا، يتعبون كثيرا و نحن ايضا نضغط عليهم كثيرا وما يفرحني انهم دائما يقولون ،،، لاتتردوا في طلب اي شيء وان كانت غير موجودة ايضا فانهم يطمئنوننا بانهم سيوفرونها ولكن المهم من بقي في الجبل متى وكيف سيتم اجلائهم جميعا.



يشهد اقليم كوردستان عموما و محافظة دهوك بشكل خاص وصول اكثر من مئتي وخمسين الف نازح من سنجار التي وصفها خديدا بانها :باتت مدينة منكوبة وكانت كذلك منذ عشرات السنوات، عندما رايت الحياة هنا شعرت فعلا ان سنجار كانت منسية منذ سنين طوال، ولا احد يستطيع ان يرد لها عافيتها لأنه حتى هوائها بات ملوثا برائحة موتاها الذين غدرت بهم داعش ولم تسمح لنا بان ندفنهم ايضا ،،،، لقد ارتكبوا جرائم بشعة وقتلوا المئات من منطقتي من الاطفال والرجال من كلا الجنسين ومات العشرات في الجبل جوعا وعطشا ولا يزال هناك الالاف محاصرين لا يستطيعون الوصول الى المناطق الامنة .



رشو الذي كان يفترش الارض وهو فرح بعض الشيء تذكر اقربائه وقال يا ريت كنت اعلم ماذا جرى لأقربائي؟ ،، اخاف على الاطفال وعلى كبار السن من النساء والرجال ،،، وتسائل ،، "هل تتصور ان يتركوهم احياء؟"



بعدما اردت ان اترك خديدا مع عائلته قليلا قال : ستسمعون قصص كثيرة منا ولن تصدقوننا، ستتعرفون على ما ارتكبته هذه العصابات بحق الايزيدية وستتعرفون على كل الذين وقفوا او كانوا سببا في تعرض سنجار الى هذه الماساة التي لن تنسى، ولايمكن ان تذهب دون عقوبة دولية .