الموصل مدينة ميتة بلا مسيحيين والهجرة بالنسبة لهم الطريق الاقرب للاستقرار
هكذا قال ابو ديانا الذي ترك الموصل يوم السادس عشر من تموز 2014 قبل يومين من صدور فتوى تهدد المسيحيين من قبل تنظيم ما يسمى ( الدولة الاسلامية ) بتركهم المدينة .. في منزل قديم وسط مدينة القوش ( شمال الموصل 40 كم ) يعيش ابو ديانا وعائلته مع عائلتين اخريين .. ملامح الحزن وهو يتحدث عن الموصل واصدقاء العمل والجيران كانت تسبق كلماته،،، " شكرت الرب كثيرا انه بعد سقوط الموصل بيد داعش وعندما تركنا المدينة بعدها بيوم ثم بعد اسبوع علمنا ان الاوضاع جيدة وعدت للموصل – حمدت الرب انني لم اجلب عائلتي اليها ايضا ، لأنني رايت الناس والشوارع والتصرفات كلها قد تغيرت "
مضيفا " ورغم ان عناصر من داعش قد زارتني في الحي الذي اسكن فيه وقالوا حسنا فعلت بأنك عدت وأكدوا انهم مستعدين لحمايتي اذا تطلب الامر لكن الخوف كان مستمرا لدي اذ بعدها بيومين سمعت بخبر بيان التهديد فاسرعت بترك المدينة".
زوجته قطعت الحديث مسرعة "لم اكن اتصور ان يتغير الناس هكذا بسرعة، الجيران كانوا يطمئنوننا، لكن الاحداث تسارعت، وانتشرت اخبار سلب العوائل ونهب المنازل، فأحسست ان طباع الناس تغيرت ايضا ولذلك كان قرار ترك المدينة وعدم التفكير بدفع الجزية هو اشبه بقرار جماعي لأنه لو دفعنا الجزية هذا يعني اننا قبلنا بسلطة داعش الارهابية"
وتابعت ام ديانا " اشياء كثيرة خلال تلك الايام التي عدنا فيها للموصل ظهرت لنا، علمنا انه لن يكون هناك تعامل مع المسيحيين، علمنا انه ستقطع رواتبنا، علمنا ان داعش ستستولي على ايجارات واملاك المسيحيين، اخبرونا الجيران بأنه حتى كهرباء المولدة ستقطع علينا، عوضا عن قطع الحصة التموينية ولذلك كان خيار الهروب بأخف ما نستطيع حمله هو القرار الاخير ولا اتصور انه مهما تغيرت الاوضاع سيكون العودة للموصل سهلة"
قبل الاحداث الاخيرة في الموصل بأحتلالها من قبل ( داعش ) كان يوجد في الموصل اكثر من الفي عائلة بحسب احصاءات غير رسمية وقبل 2003 كانت التقديرات تشير انه يوجد في الموصل 3500 عائلة وفقا لمصادر كنسية لكن المدينة الان خالية منهم بعد سيطرة عناصر ( داعش ) عليها في العاشر من حزيران وباتت الالاف من العوائل تفكيرها الرئيس الهجرة الى الخارج .
بين العودة و الهجرة من البلد، تباينت احاديث عائلة ام ديانا ، ابنتهم الصغيرة ريما 17 عاما كانت تقول انه :حتى لو تركت داعش الموصل لايمكنني ان ارجع للمدينة التي قبلت بنهب اموالنا، شقيق ريما 20 عاما قطع الحديث وقال : اشتقت للاصدقاء في المحلة واحيانا اتصل بهم واعتقد ان مسألة العيش في هذه المدينة بات امرا مستحيلا وفقا لما اسمع منهم من احاديث.
ابوديانا عاد ليكمل الحديث وملامح الاسف على اناس يعرفهم واصدقاء يثق بهم تغيرت مواقفهم الان، ورغم انه كان يبرر مواقفهم الا انه قال "موصل بلا مسيحيين يعني مدينة ميتة ، هذا الامر يعرفها اهلها المسلمين ايضا، نكهة الموصل بمسيحييها، بأيزدييها، والشبك والتركمان، جمال الموصل باصوات اجراس الكنائس والاديرة ، هذا الامر فقط هو ما يقف عائقا في طريقي لترك البلد، عكس العائلة التي يريدون جميعا الهجرة باي شكل كان ولأي بلد كان يقر بوجودنا ويحترم ديانتنا "
احاديث الهجرة التي تعلو على اية احاديث اخرى رغم هم النزوح وترك المنازل ، قال ابو ديانا ولذلك نرى ونسمع كل يوم بأن عائلة قد قررت الهجرة واخرى عبرت الحدود وثالثة ترتب حقائبها "وتصور العيش في هذا المشهد المؤلم ".
واضاف " رغم ان الهجرة ليست الحل الا اننا لانلتمس اية بوادر لحل قريب، لذلك فان التفكير بالمستقبل هو الذي يطغي على كل حديث، بعض ساستنا رابضون في بغداد يطلقون التصريحات ولايعرفون حالنا، المنحة التي قررتها الحكومة ماذا ستسد في ظل هذا الغلاء، المدارس والجامعات ومصير الاف الطلبة المجهول لا امل بالعودة الى الوظائف،،، صدقني لا استطيع ان اردد لك كل المشاكل لأنها كثيرة ".
لكن قال ابو ديانا وبعض الحزن قد زال من محياها وكانت زوجته تتمم حديثه احيانا "فرحنا عندما اخبرنا احد الجيران انه سيهتم بامر المنزل اذ آمنناه عليه واخبرنا الجيران اننا سنتواصل معهم وراينا الحزن يلفهم واكبرهم سنا تقدم الينا قائلا :- لاتتصورا اننا فرحين ، لأن الدور عليكم اليوم وغدا سيكون على كل شخص يرفض تصرفات هؤلاء الجهلة والسراق أنهم لايمثلوننا ولايمثلون اهل الموصل ولا المسلمين".
قال ابو ديانا : وجود هكذا اناس يعطينا بعض الامل ولكن بوادر تعزيز ذلك الامل يوما بعد اخر يتأخر والحكومة في بغداد فقط تنشر الاكاذيب ولذلك الناس تقرر الهجرة لأنه القرار الاسهل والطريق الاقرب للوصول الى الاستقرار والامان.