• Wednesday, 08 May 2024
logo

السنة من الطبقة الوسطى في بغداد يفضلون المسلحين على المالكي

السنة من الطبقة الوسطى في بغداد يفضلون المسلحين على المالكي
يبدو أن المصلين السنة الذين يرتادون المسجد الرئيس في هذا الحي الراقي نسبيا في غرب بغداد بعيدون كل البعد عن المتطرفين. ويقول إمام المسجد عدي موسى: «نحن مثقفون»، في إشارة إلى مجموعة تتضمن أطباء وأساتذة جامعة، وعلى وجه خاص أعضاء سابقين في جيش صدام حسين وأجهزته الأمنية.

وأكد المصلون وسكان آخرون من السنة في بغداد أنهم لا يجدون تشابها كبيرا بينهم وبين تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) الذي هزم القوات العراقية الشهر الماضي وأعلن «الخلافة» في مناطق شاسعة من البلاد. لكن هؤلاء المثقفين وأصحاب المهن لم يتركوا مجالا للشك في أنهم يتعاطفون مع المسلحين. وقال موسى: «إنها ثورة ضد القمع. ونعلم أنه ستكون هناك ساعة صفر في بغداد قريبا. ولا شيء يمكن أن يخسره السنة».

ويرجع السبب الرئيس وراء استيلاء المسلحين على السلطة في المحافظات التي تقطنها أغلبية سنية إلى التأييد الذي يأتي من هؤلاء السنة الآخرين. كان ذلك تحالفا غير مرجح، ولكنه نشأ عن شعور بالإحباط أعرب عنه في بغداد رجال مثل موسى وجيرانه – مما يلقي بظلاله على مستقبل العراق لفترة طويلة.

وفي العاصمة التي تشهد انقسامات، وترفرف رايات شيعية فوق نقاط تفتيش تابعة للجيش، يهمهم الجميع من كلتا الطائفتين عن ساعة الصفر، أي اللحظة التي من المتوقع أن يقتحم فيها المسلحون السنة من الشمال والغرب بغداد. وقال موظف يعمل منذ 33 عاما في الحكومة في حي العامرية ذي الأغلبية السنية في غرب بغداد: «نتعاطف كثيرا مع الثوار. وفي الوقت ذاته، نخشى من رد فعل الحكومة».

كان الموظف الحكومي من بين العشرات من سكان بغداد، الذين كان من بينهم عناصر في الجيش السابق، تحدثوا بحماس مدهش في حوارات معهم على مدار الأسبوع الماضي عن حقيقة تفضيلهم للمسلحين على الحكومة الشيعية التي عملت على تهميشهم. وطلب الموظف الحكومي الإشارة إليه بـ«أبو مريم»، لأنه يخشى من أن تعتقله الميليشيات الشيعية وقوات الأمن التي يقول هو وزوجته إنها تطوف ليلا في الحي وتقبض على الشباب وتفتش المنازل بحثا عن أسلحة.

وبدأت الجثث تظهر في شوارع بغداد يوميا، في مشاهد تذكر بأعمال القتل الطائفية التي اجتاحت البلاد في عامي 2006 و2007. وتقول زوجة «أبو مريم» إن «رجال الميليشيات أمسكوا بشابين من مسجد قريب قبل الفجر بفترة قصيرة، ولا أحد يعلم ماذا حدث لهما».

وفي الأيام الأخيرة، تضمنت قائمة الضحايا رجلا في منتصف العمر، أصيب بطلق ناري في الرأس في حي الشباب الشيعي، وأصيب شاب آخر بطلق ناري في الرأس أيضا في حي الغزالية السني، بينما قتلت سيدة وولدها في منزلهما في منطقة بغداد الجديدة الشيعية.

وأوضح بعض السنة الذين أجرت معهم مقابلات أنهم يكرهون مسلحي «الدولة الإسلامية»، لكن مشاعرهم تجاه المكاسب الميدانية التي حققها التنظيم أكثر تعقيدا. وقال جراح قلب في اليرموك اشترط عدم ذكر اسمه خوفا من عمليات الانتقام: «إنهم ليسوا مسلمين. الحل الذي لديهم هو القطع والقتل وذلك ليس من الإسلام». لكنه أضاف أنه يتفق مع المسلحين على وجوب هزيمة حكومة المالكي – على الرغم من أنه صرح بأنه يفضل أن يكون ذلك على يد رجال القبائل السنية الذين يقاتلون إلى جانب المتطرفين.

يذكر أن بعض بوادر الانقسام بين المسلحين ظهرت في مناطق خاضعة لسيطرة «داعش»، من بينها معارك متفرقة بين المسلحين والبعثيين السابقين الأكثر علمانية في محافظة صلاح الدين في وسط العراق. كما أعلنت الأمم المتحدة أن 13 رجل دين سنيا أعدموا الشهر الماضي في الموصل بسبب رفضهم إعلان البيعة للمسلحين. وصرح أسامة النجيفي، السني الذي كان حتى وقت قريب رئيسا للبرلمان، إن «مزيدا من الانقسامات في الموصل أثارها خطف المسلحين لقادة سابقين في الجيش العراقي في الموصل».

لكن النجيفي وآخرين صرحوا بأن الانقسامات الطائفية أعمق من أن تستطيع حكومة جديدة أن تغير مسارها. وقال نبيل يونس، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد، إنه يجب إعادة هيكلة الحكومة الشيعية وقواتها الأمنية للسماح لمزيد من السنة – حتى هؤلاء الذين خاب أملهم في المالكي – بالانضمام إلى بغداد ومحاربة المسلحين. وأضاف: «عندما يشعر الناس بأن الحكومة وطنية تعمل لصالح جميع العراقيين بدلا من فئة منهم، سيقاتلون معها».

قبل سبع سنوات، دعمت القوات الأميركية في العراق ما كان يعرف باسم حركات الصحوة من خلال العمل مع زعماء القبائل السنية من أجل محاربة تنظيم القاعدة في العراق، وهو الكيان السابق لـ«الدولة الإسلامية». وبعد أن سلم الجيش الأميركي إدارة البرنامج إلى الحكومة العراقية، سقطت الصحوة في الفوضى، وهو الانهيار الذي حمل النقاد مسؤوليته لحكومة المالكي.

وأوضح النجيفي السبب قائلا: «لم يدفعوا لهم رواتبهم أو يعطوهم سلاحا، بل على النقيض كانوا يعتقلونهم ويتهمونهم بالإرهاب». وأشار النجيفي وآخرون إلى أن العراق كان من الممكن أن يتجنب الأزمة الراهنة لو كان المالكي اختار مسارا آخر.

في الوقت ذاته تترقب بغداد مزيدا من إراقة الدماء. ويقول يونس: «إذا لم تعمل الأطراف المختلفة معا في أقرب وقت ممكن، أعتقد أن الوضع سيكون شديد الخطورة». وشبه العاصمة بالبركان الكامن، «إذا وقع أي انفجار، سيكون من الصعب إيقافه».

خدمة «واشنطن بوست» صحيفة «الشرق الأوسط»
Top