• Sunday, 28 April 2024
logo

عراق منهار داخل نفق مظلم من يتباكى على وحدة العراق عليه احترام الدستور

عراق منهار داخل نفق مظلم من يتباكى على وحدة العراق عليه احترام الدستور

ترجمة/ بهاءالدين جلال



الجنرال بيتر منصور الذي كان ضابطاً متنفذاً مع الجنرال ثتريوس بين عامي 2007 و 2008 في العراق،اشار في تصريح له الأسبوع المصرم الى انّ جورج دبليو بوش كان ينظر الى العراق كنظرته الى كوريا الجنوبية، وهذا يعني انّه كان يعتزم ابقاء قواته في العراق لستين سنة قادمة، و يخطو العراق نحو الأستقرار كما حدث في كوريا الجنوبية، ولكن لم يتم ذلك حيث أن العراق تحول الى فيتنام أخر و أنّ أوباما حاول الأنسحاب من العراق بأي ثمن.
يمكن تفسير تصريح بيتر منصور بأن ادارة اوباما كانت تنظر الى الحرب العراقية على انها خاسرة، لذا نرى ان القوات الأمريكية غادرت العراق عام 2011 كما أمر ريجارد نيكسون بأنسحاب قواته من فيتنام. ومن المعلوم أنه بعد انسحاب امريكا من فيتنام الجنوبية، حدثت وحدة بين شطري فيتنام( الشمالي و الجنوبي) في المعسكر الأشتراكي ضد أمريكا، و في العراق نجد المالكي انه حاول بكل ما اوتي من قوة تحطيم هيبة قادة العرب السنة، من خلال مطاردة نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي اعقبه اعتقال وزير المالية رافع العيساوي، و بنى سجناً لتعذيب العرب السنة في معسكر اشرف و ارغامهم على الأعتراف بتورطهم في الأعمال الأرهابية.
لقد نجح المالكي في بغداد الى حد ما في تنفيذ هذا السيناريو، ولذا حاول مرة أخرى احتواء صلاحيات العرب السنة في العملية السياسية، من خلال تشكيل قيادة عمليات دجلة ليجرب حظه مع الكورد، ولكنه فشل في محاولته بعد ان وضعت قوات بيشمركة حداَ له.
ولكن السؤال هو هل أنّ المالكي تخلى عن فكرته الخاطئة بأن ما حدث في فيتنام عام 1973 سيتكرر في العراق عام 2014؟ وللأجابة عن هذا السؤال فأنّ تصرفات المالكي تشير الى أنّ تهميش العراق ضمن السياسات الأمريكية جعلت المالكي يفكر باستمرار هذه الحرب و ينفذ ذات السيناريو الذي استخدمه ضد السنة و نجح فيه و يأتي لينفذه مع الكورد.
لقد نشر البروفيسور دانيال بايمن كبير الباحثين الأميركان في عام 2005 بحثاً بأسم( خمسة خيارات سيئة للعراق Five Bad Options for Iraq)، وحسب رأي بايمن كانت الخيارات كالأتي:
1- البقاء على ذات النهج و الأتجاه السياسي و مستوى القوات الموجودة في العراق.
2- توسيع آليات القوات الأمركية مع وجود حلفائها.
3- توسيع قليل، مع تحول كبير في محاربة المتمردين.
4- وضع برنامج لبقاء قوات قليلة ، و لكن مع تحديد مهام تلك القوات.
5- الأنسحاب الكامل من العراق.
وحذر البروفيسور دانيال بايمن في بحثه مسبقاً بأن اللجوء الى أي من تلك الخيارات يتطلب ستراتيجية و بعدنظر كبير، لأن أي من الخيارات يعتبر سيئاً و يحتاج الى التعامل معه بحكمة.
ول تمعننا ادراة بوش بين اعوام 2005- 2009 لوجدنا أنها تعاملت بمنتهى الحذر مع اربعة من الخيارات الخمسة، و على سبيل المثال:
* في عام 2005-2006 استمرت على نفس السياسة و مستوى قواتها في العراق.
* في عام 2007 وفي اطار عملية الزيادة السريعة للقوات ، تزايدت قواتها بشكل دراماتيكي.
* وبعد نجاحها في العملية ، خفّضت قواتها داخل المدن و حدّدت مهام القوات الأمريكية.
* احدثت تحولاً في صيغة مواجهة المتمردين، من خلال تشكيل قوات الصحوات.
ولكن بعد مجيء أوباما الى البيت الأبيض، حدث تغيير جذري للرؤية الأمريكية الى العراق، لقد تخلت ادارة اوباما عن الخيارات الأربعة السيئة، و لجأت الى الأسوء وهو انسحاب القوات من العراق.
وقد أدى الأختيار الخامس الذي اتبعته امريكا الى نشوء دكتاتورية وخاصة بعد انسحاب القوات من العراق و بالنتيجة ادى الى تشتت عموم المكونات العراقية حتى بين الشيعة.
لو تسائلنا لماذا لم تتم الأشارة الى الخيار السادس في بحث بايمن وهو اعادة ظهور الدكتاتورية و الفردية؟ هل هذا يعود الى عدم توقع ظهور الدكتاتورية مرة أخرى في العراق؟ ألم يضع المفكرون و السياسيون الأميركان في حساباتهم تفرد المالكي في حكم العراق؟
قد تحتاج الأجابة عن هذا السؤال الى توجيه سؤال آخر، وهو أن الولايات المتحدة الأمريكية التي قدمت كل هذه التضحيات و أنفقت المبالغ الطائلة من اجل اسقاط دكتاتورية البعث و صدام حسين تحت المظلة الدولية، ماذا يعني لها نشوء دكتاتورية أخرى؟ و هل أن أمريكا التي قدمت كل هذه التضحيات لتحرير العراق، جعلت في قاموسها السياسي معنى التحرير هو تغيير دكتاتورية سنية الى دكتاتورية شيعية؟
هذه الأسئلة تتبعها أخرى و التي اذهلتنا و حتى مراكز البحوث على مستوى العالم، والمقصود منها هو عدم اطلاع الرأي العام الأمريكي على هدر اكثر من 6 ترليونات من الدولارات و مقتل و جرح عشرات الألاف من الجنود، وقد جرى وضع تعتيم اعلامي بعد عام 2011 على الأوضاع في العراق بين وسائل الأعلام الأمريكية.
ولكن السؤال الأهم هو في حال اخفاء هذا الهدر عن الرأي العام الأمريكي و تفككت الدكتاتورية العراقية و انتشرت شظايا نيرانها في المناطق الأخرى ،اذاَ كيف سيكون الوضع الجديد؟
قبل الأجابة عن هذا السؤال من قبل العراقيين، على الأدارة الأمريكية اجابتها، لأن الأنسحاب الأمريكي في 2011 و تهميش الأدارة الأمريكية للعراق في غضون 3 سنوات الماضية هي التي اوصلت العراق الى هذا الخيار، أي عراق كدولة منهارة، وهي آخر و أسوء حالة للدولة الفاشلة.
كثير من الدول تصل الى حافة الأنهيار و لكنها لن تنتهي، ولكن المهم هو انقاذ الدولة من حالة الأنهيار وعدم الأنتقال الى وضعية ضعيفة و هشة، بل تكون وفق خارطة طريق و هي تجاوز الدولة لمرحلة الأنهيار و التوجه نحو دولة قوية.
و بالنسبة للعراق وهو يعيش الآن مرحلة ما بعد الأنتخابات و بدء الحوارات بين المكونات لتشكيل حكومة جديدة حيث أظهرت نتائج الأنتخابات أن نوري المالكي و قائمته هما في الطليعة ومن المتوقع الوصول الى 200 مقعد برلماني بالتحالف مع كتل صغيرة أخرى، كما أن هناك دستوراً الذي ينص على أن العراق الجديد بني على اساس أنه دولة فدرالية ديمقراطية تعددية و برلمانية، اذاً لو تم دعم العراقيين فأن تحرير العراق سوف لن يكون صعباً، ولكن المهم هو أنّ هذه الخطوة تهدف الى انقاذ العراق من مرحلة دولة فاشلة و التخطي الى دولة قوية، ولكن ليس بمعناها الكلاسيكي للقرن العشرين، بل بمعناها الجديد للدولة الحديثة للقرن الواحد و العشرين، أي انها تستطيع احترام المكونات القومية و الدينية و توفير الأمن و الأستقرار و الخدمات الأساسية.
انّ هذا التفهم و بهذا الأتجاه لأنقاذ العراق من حالة الدولة المنهارة، يوضح لنا بكل صراحة على أنّ مشكلة العراق الحالية لاتعني التهديد لوحدة العراق، وانما تهدد الدستور العراقي و رئيس الوزراء نوري المالكي ينتهك الدستور الذي يأّمن وحدة العراق.
وفي هذا الأطار بدلاَ من الحديث عن النتائج التي سميت بتفكك العراق فمن الأفضل الأشارة الى كيفية تنفيذ الدستور الذي يمنع تفكك العراق، وفي كلتا الحالتين على واشنطن دعم العراقيين لتنفيذ الدستور ولا تسمح لظهور الدكتاتورية من جديد و تهميش العراق كما فعلته في السنوات الأخيرة، ولو توقفنا على الحالتين معاً و شرحناهما كفرضيتين توصلنا الى ما يأتي:
1- لو فرضنا أنّ امريكا ساعدت العراقيين على تنفيذ الدستور، فأنها تتحول الى دولة المركبة في خارطة سايكس بيكو، وبما انّ كل الأمم متداخلة ضمن خارطة سايكس بيكو دون مراعاة الهوية و حق تقرير المصير، لذا فإن العراق يتحول الى دولة فدرالية أي ذات اقاليم فدرالية و صاحبة ادارة شبه مستقلة الصلاحيات الواسعة، عند ذلك تحصل الولايات المتحدة على مفتاح وهو أنّ الأزمة السورية و الدول الأخرى يمكن حلها من دون اللجوء الى القتال.
2- لو فرضنا انّ امريكا استمرت في تهميش العراق و تهيئة الأجواء لأنتهاك الدستور، واستمرت على سياستها هذه، فإن أوضاع سامراء و بغداد و ديالى و فلوجة و الأنبار و الموصل سوف تبقى على حالها و تتجه الى الأسوء يوماً بعد يوم، والدليل على ذلك هو محاولة الأرهابيين السيطرة الكاملة على مناطق أوسع من العراق. وبما أنّ المكون العربي السني تم تهميشه من قبل الحكومة العراقية الحالية و يتم التعامل مع متطلباتهم في اطار الحرب ضد الأرهاب وحتى لو لن يتعاونوا مع الأرهاب و ارهابيي (داعش) فأنهم لايتعاونون مع الحكومة العراقية.
ان اقليم كوردستان العراق في اطار قرارمجلس الأمن الدولي 688 لم يكن جزءاَ من عراق دكتاتوري و قد منحه المجتمع هذا الحق وفق قرار مجلس الأمن الدولي، كتقدير للهجرة التأريخية لعام 1991 و الذي كان بمثابة استفتاء لأختيار الموت أو الأنفصال عن الدكتاتورية.
على امتداد السنوات 1991-2003 اعرب المجتمع الدولي و الأمم المتحدة عن تقديرهما لخصوصية اقليم كوردستان ، حتى بعد صدور قرار مجلس الأمن المرقم 986 المعروف بـ ( النفط مقابل الغذاء) حيث كانت حصة الأقليم 13% و كان يتم صرفها مباشرة من قبل الأمم المتحدة.

الأكاديمي و الدبلوماسي الأمريكي مايكل ديش ل (كولان):
معظم السياسيين الأميركان توصلوا الى القناعة بأنه من المستحيل انقاذ دولة فاشلة مثل العراق
البروفيسور مايكل سي ديش استاذ و رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة نورث داما و مؤسس و مدير معهد سكرةكرافتا للشؤون الدولية و عمل خلال 2004-2008 في كلية بوش للشؤون الحكومية ، تحدث عن الدولة الفاشلة و المنهارة في عالم اليوم من خلال اجابته عن اسئلة كولان:
* المشكلة الرئيسة في القرن21 هي وجود دول فاشلة و ضعيفة، والتي تحولت الى بيئة للتوترات و الأضطرابات و عدم الأستقرار و أوكار للأرهابيين، حيث يؤثر ذلك على أمن و استقرار المنطقة و العالم، اذاً كيف يمكن التعامل مع الدول الفاشلة في هذا القرن؟
- من المعلوم ان الولايات المتحدة الأمريكية تعاملت مع الدول الفاشلة لفترة طويلة، وبالتحديد بعد انتهاء الحرب الباردة، حيث تحولت هذه المشكلة الى الأجندات السياسية العالمية، وخاصة في سنوات الحرب العراقية و الأفعانية، التي كانت واشنطن حاضرة على الساحة للرد على مشكلات الدول الفاشلة، من خلال مشروع بناء الأمة، وكما أشرتم سابقاُ فإنّ الأنهيار يؤدي الى ظهور عدم الأستقرار و اعمال العنف في هذه المنطقة المهمة، و في الواقع ما لاحظناه في ظل ادارة اوباما كان اعتماد حل ممميز سواء في سوريا أم في ليبيا ، وكان هذا الحل هو الأحتواء كما هو الحال في سوريا أو التدخل غير المباشر كما حدث في ليبيا.
* يجري الحديث بشأن الأضطرايات و التوترات التي عمت دول الشرق الأوسط و بالنتيجة تحولت الى أوكار و ساحات للأرهابيين، الى أي حد يشكل هذا الوضع تهديداً على الأمن و السلم العالميين؟
- السياسيون الأميركان يؤكدون على بيان اهمية التصدي للتهديدات الموجهة من الأوضاع السورية للمصالح الأمريكية، ولكن ماتم تغييره هو اننا كنا نعول كثيراً في التسعينيات و بداية الحرب العراقية على التعامل المباشر مع المشكلات، و بتعبير آخر البدء بعملية بناء الأمة لحل الدول الفاشلة، السؤال هو كيف يمكننا التعامل مع تلك المشكلات، والذي يمكن قوله في هذا الصدد هو ان تفكيرنا اخذ اتجاهاً آخر و يعني مشاركتنا بشكل غير مباشر في بناء العراق، وعلى سبيل المثال ما نقوم به في افريقيا، و يتضمن احتواء المشكلة، وهذا ما سوف نعمله في سوريا ايضاً.
* تعاني دول الشرق الأوسط و التي تمر بمرحلة التغيير وكذلك الدول النامية بصورة عامة تعاني من مشكلات دينية و عرقية و هناك دول فاشلة و مؤسسات هشة و ضعيفة ولاتستطيع ادارة أمورها، برايكم هل من الممكن حل الخلافات العرقية أو الدينية في الدول الفاشلة و كذلك بناء مؤسسات قوية لأحتواء هذه الأوضاع المأساوية؟
- هذا صعب جداً، ما يمكن قوله هو أنّ وجود نظام مستقر و حكم رشيد هما شرطين اساسيين مسبقين للديمقراطية و نظام سياسي فاعل، ولكن في بعض الدول هناك مؤسسات سياسية ضعيفة و جرى تقسيم البلاد على الأساس العرقي أو الديني و لا تتوفر أي فرصة لبناء حكم فاعل فيها، و خير مثال على ذلك هو العراق لأننا بنينا بعض المؤسسات، والجيش العراقي اقوى الآن مقارنة بأعوام 2004 و 2005، ولكن العراق يعاني من انقسام عرقي أو ديني.
* كيف يمكن حل المشكلات العرقية و الدينية في الدول الفاشلة؟
- لايمكن ابداً حل مثل هذه المشكلات الاّ اذا لجأنا الى الحلول الجذرية، كالتقسيم، فالمشكلة الكوردية في العراق تعتبر أقل صعوبة من مشكلات السنة و الشيعة، والجزء الأكبر من ذلك يعود الى الأدارة الذاتية التي يتمتع بها اقليم كوردستان.
* التجارب في العراق أظهرت أنّ المشكلات العرقية و الدينية لايمكن حلها من خلال اسقاط أو دحر الأنظمة الدكتاتورية و بناء نظام سياسي جديد، أي أنّ المسألة ليست سهلة، السؤال هو اذا لم تستطع الولايات المتحدة كقوة عظمى حل مشكلات الدول الفاشلة، اذاً لماذا لاتسمح لقوميات تلك الدول تقرير مصيرها بنفسها، وعلى سبيل المثال الكورد الذين يريدون الأستقلال؟
- اذا كان السؤال هو لماذا لا تتعاون امريكا على التقسيم؟ الجواب هو أنّ التقسيم ليس حلاَ نهائياً، لأنه ينجح على مدى قصير، ولكن احياناَ يؤدي الى مشكلات خطرة على مدى البعيد، و نشير هنا الى تقسيم الهند و باكستان، السبب الآخر هو أنّ مفهوم وحدة الآراضي مثبت في القوانين الدولية.
* النظر الى الأوضاع في سوريا يوضح انّ العالم لايزال غير قادر على القيام بعمل ما في هذا البلد، وسوريا مجزأ الآن، هناك مناطق تحت سيطرة الأسد و الأخرى بيد المجاميع الأرهابية، القتل و سفك الدماء و الدمار مستمرة، اكثر من نصف السكان مشردون، هل يتحرك العالم بأتجاه وضع حد لهذه الكارثة المأساوية؟
- المشكلة في سوريا على وجه الخصوص حلها غير هين، لأن نظام الأسد تعامل بشكل اجرامي و تسلطي مع الأحداث من جهة، و المعارضة تضم عدة مجاميع لا نريدها تتسلم زمام الحكم في البلاد من جهة أخرى.

Top