نتائج الانتخابات و مستقبل العراق – سيكون المالكي ممثلاً فاشلاً في سيناريو الأغلبية السياسية .
1- قد يكون الناخب الكوردستاني صوت لطرف كوردستاني أكثر من طرف كوردستاني آخر، ولكن، لم يبلغ حداً يخرج معه في إطار المكونات الكوردستانية و النظر الى عملية الانتخابات على أساس أهمية برامج تلك الأطراف من كوردية و سنية و شيعية .
2- و كان السائد بالنسبة للطرفين العربيين الشيعي و السنّي، و قليلاً ما صوّت الشيعة للطرف السني أو بالعكس و كان ذلك على أسس غير مقبولة فقد يكون بعض السنة قد صوتوا لقائمة المالكي على أساس شراء الأصوات لا لاعتدال قائمة أكثر من غيرها، وبالمقابل لم يصوت الشيعة للطرف السني رغم تقاسم أصواتهم بين قوائم المالكي و الحكيم و الصدر و الفضيلة ... الخ
إن هذه التوليفة المستقاة من النتائج الأولية للانتخابات الحالية و معطيات الانتخابات السابقة في العراق تبين لنا حقيقة عدم وجود أي حزب سياسي فعال في العراق و يصوت له العراقيون دون أي تمييز مذهبي أو قومي و لا يتوقع ظهور مثل هذا الحزب في القريب المنظور ..هذا لا يعني بطبيعة الحال عدم وجود حزب سياسي عراقي لا بل له وجوده و خير مثال هو الحزب الشيوعي العراقي .. إلا أن كل تجارب الانتخابات بينت أن هذا الحزب لا يحظى وسط العملية السياسية والبرلمانية بموقع مؤثر على المستقبل السياسي للبلاد .. و أن أي تجاوز لهذه الحقيقة، و من أي طرف كان، يعني اللجوء الى استخدام سلطات الدولة لتحقيق أعلى الأصوات في منع الأكثرية السياسية للتداول السلمي للسلطة . و هو مسار – فضلاً عن كونه سبباً لتهميش المكونات الرئيسية – يهيئ أرضية فعالة لظهور دكتاتورية أخرى .
(( تقدم توحيد البيت الداخلي للمكونات الرئيسية على الأكثرية السياسية )) .
لو أمعنا النظر في خطوات المكونات الرئيسية الثلاثة ((الكورد و الشيعة و السنة )) لوجدنا أنها جميعاً سائرة نحو إعادة تنظيم بيتها الداخلي، أي بمعنى آخر أن الطرف الكوردستاني يسعى لدخول المفاوضات كطرف كوردستاني و تمثيل الحقوق الدستورية لشعب كوردستان، وكذلك الحال بالنسبة للطرف السني في مسعاهم لدخول المباحثات كمكون رئيسي للعرب السنة و المطالبة بحقوقهم، و ما تبقى من هذه المعادلة هو محاولات قائمة دولة القانون برئاسة المالكي الساعية لاحتكار السلطة عن طريق الحديث عن أكثرية سياسية مع علمها ليس بعدم تمكن ادراكها لهذه الأكثرية في الرحلة الراهنة فحسب، بل و حتى لو تحقق لها ذلك و بتعاون بعض الأطراف السنية، فإن ذلك يعني أن مصير العراق سيماثل مصير يوغسلافية السابقة و مصير رئيس وزرائها كمصير " سلوبودان ميلوسوفيج "، و الغرض من هذه المقارنة هو احترام و الاهتمام بالخريطة التي تفرزها الانتخابات في الدول متعددة القوميات و الديانات و المذاهب على غرار احترام نتائج الانتخابات عادة و قد بينت انتخابات يوغسلافيا السابقة بالفعل لتلك الخريطة السياسية، بأن المكونات اليوغسلافية المختلفة لا تتمكن أكثر من ذلك بتعريف أنفسهم كمواطنين يوغسلاف، ففقد صوتوا لمكوناتهم القومية و الدينية و ليس لمسألة المواطنة اليوغسلافية، ما يبين لنا عندما عمدت تلك الأطراف الى تهميش هذه الخريطة السياسية فإنه لم يبق على خريطة العالم دولة باسم يوغسلافيا .
للمكون الشيعي خصوصياته المختلفة .
المكون الشيعي، حتى لو كان مشتتاً من الناحية السياسية و غيرها و غير موحد ؛ فإن المرجعية الشيعية ستجمعهم في النهاية بشكل من الأشكال .. أو ألا ترفض المرجعية رئيس الوزراء الذي يتم تحديده منهم ، وبصدد الموقع الراهن لحزب الدعوة وقائمة دولة القانون لدى المرجعيات الشيعية، فإن الشيخ بشير النجيفي، وهو أحد المرجعيات الشيعية العليا الخمس، قد رفض علنا قبل الانتخابات اختيار المالكي لدورة ثالثة (رئاسة مجلس الوزراء ) و دعا الناخبين لعدم التصويت لقائمته، كما أن المرجع الشيعي الأول آية الله علي السيستاني قد اختار الصمت و يشير تقرير نشرته صحيفة ( الحياة ) اللندنية في عددها ليوم 7 أيار إلى أن المالكي قد أرسل، بواسطة مرشد حزب الدعوة الشيخ عبد الحكيم الزهيري، رسالة لآية الله علي السيستاني يشكره فيها على حياديته إلا أن الشيخ بشير النجيفي قد رفض لقاء الشيخ الزهيري خلال تلك الزيارة كما أن السيستاني لم يستقبل الشيخ عبد الحليم الزهيري بحجة ( غلق الباب ) بوجه السياسيين و لم يتسلم رسالة المالكي أيضاً، ما يعني عدم قبول المرجعية الشيعية العليا لإعادة تحديد المالكي لولاية ثالثة بسهولة، و المعلوم أن لوجهات نظر المرجعيات الشيعية أهميتها و وزنها على المستوى الإقليمي و بالأخص في الجمهورية الاسلامية في ايران، و يرى بعض المراقبين المقربين من سياسة الشيعة أن الجمهورية الاسلامية الايرانية تحترم فتاوى و توجهات المرجعيات، لذلك فإن موقف آية الله النجيفي الرافض للولاية الثالثة للمالكي و صمت السيستاني إزاء تفاصيل العملية السياسية يعتبر موقفاً للمرجعية و ستكون وجهة نظر أي من المرجعيات الشيعية الخمس، في حال صمت آية الله السيستاني بمثابة موقف موحد للمرجعية، ولكن لابد من التساؤل : هل بإمكان المالكي و حزب الدعوة اهمال موقع و رفعة المرجعية الشيعية و الخروج من إطار التحالف الشيعي، و البحث عن نوع آخر من التحالف الذي سماه هو ب(تحالف الأكثرية السياسية ) ؟ و لكن نتساءل أيضاً أي طرف أو تحالف يتمكن من عزل المالكي في هذا السياق و إبقائه وحيداً تلافياً للسير بالبلاد نحو الهاوية .. و لا يشترط هنا أن تتحقق الأكثرية السياسية على يدي المالكي فحسب و لابد لنا من توضيح بعض النقاط :
المهم في المسألة السياسية العراقية هو حسم مسألة كون الشيعة هم الأكثرية و من حقهم تولي منصب رئيس مجلس الوزراء، سواء كان من حزب الدعوة أم التيار الصدري أو المجلس الأعلى أو الفضيلة و مسألة التشيع تعني تمثيل المكون الشيعي لا أن تكون على أساس الهوية فحسب على غرار السيد إياد علاوي الذي هو شيعي و يمثل قسما من المكون السني و الأهم أن تصادق المرجعية على الشخص الذي يمثل سياسة المكون الشيعي
لقد أظهرت النتائج الرسمية لانتخابات 30 نيسان الماضي أن قائمة دولة القانون قد فازت بأصوات أكثر من التيار الصدري و المجلس الأعلى الإسلامي إلا أن هذه الزيادة لا تماثل ما حققته قائمة المالكي في انتخابات عام 2010 و التي فازت آنذاك ب(89) مقعداً برلمانياً أي 50+1 % من أصوات التحالف الشيعي أما في هذه المرة، وفضلاً عن أن التيار الصدري قد حقق أصواته السابقة تقريباً ؛ فإن أصوات قائمة المجلس الأعلى المسماة (كتلة المواطن )قد ارتفعت من 8 مقاعد الى أكثر من (40) مقعداً و الجعفري من مقعد واحد الى (10)مقاعد . ما يعني أنه إذا ما توحدت و تحالفت الأطراف السياسية داخل التحالف الشيعي فإنه،فضلاً عن أن أصواتها سوف تتجاوز الأصوات التي حققتها قائمة المالكي فإنها سوف تكون أكبر كتلة برلمانية داخل مجلس النواب إذ أن هناك احتمالاً كبيراً بأن يتوصل الكوردستاني و قسم كبير من المكون السني الى تحالفات مع الصدر و المجلس الأعلى و ليس مع (دولة القانون ).
3- كما حسمت المحكمة الاتحادية المسألة بعد انتخاب عام 2010 ؛ فإن الجهة التي حازت أكبر عدد من مقاعد البرلمان هي التي من حقها تشكيل الحكومة و ليس القائمة التي حقت أعداداً أكبر و المثال أن قائمة د. العلاوي التي فازت ب (91)مقعداً لم تتمكن من تشكيل الحكومة إزاء ما حققه التحالف الوطني الشيعي بجمعه (168) مقعداً ؛ فإن المسألة ستكون كذلك في هذه المرة أيضاً،لذلك نقول لو أراد طرفا التيار الصدري و المجلس الأعلى تشكيل أكثرية سياسية فإنهما سيتمكنان بسهولة، من تكوين أكثرية سياسية بالتحالف مع قائمة المطلك و طرفين سياسيين كورديين (عدا الحزب الديمقراطي الكوردستاني ) ذلك الرهان الذي سماه عبد الجبار شبوط في صحيفة الصباح بأنه ( أضغاث أحلام ) و سيكون رهاناً على فرس خاسر و من الصعب جداً أن يتمكن المالكي و قائمته من تقسيم و تفريق و حدة البيت الكوردي و ارضاء طرف أو طرفين كورديين للمشاركة في أكثريته السياسية و لن يكون مصير المالكي أحسن من مصير من سبقوه في هذا المضمار ..
4- و هناك مسألة أخرى مهمة بالنسبة للبيت الشيعي و هي وحدة ذلك البيت . الذي كان معرضاً للانهيار في انتخابات عام 2010 دون قائمة المالكي التي كانت تشكل الأكثرية آنذاك داخل التحالف الشيعي . إلا أنها هذه المرة، و رغم كونها الأكثرية داخل التحالف الشيعي، هي ليست أغلبية التوجهات ما يعني إمكانية أن يمثل التحالف الشيعي سياسياً هذا المكون حتى دون تحالف المالكي و الأهم من ذلك هو أنه ليس بمقدور حزب الدعوة معاداة البيت الشيعي و عدم احترام المرجعية الشيعية لأنه في هذه الحالة سيتعرض إلى انتحار سياسي .
( الدور الأمريكي في تشكيل الحكومة القادمة في العراق )
في القتال الدائم في الأنبار و الفلوجة مؤخراً، أدركت الولايات المتحدة حقيقة أن الحكومة العراقية سوف تفشل في محاربة الإرهاب مهما أوتيت من قوات عسكرية أو التكنولوجيا العسكرية الحديثة مالم تحصل على مساندة المواطنين العراقيين و إذا ما كانت قد سيرت الأمور باتجاه تهدئة الأوضاع و تأجيل أي تغيير في العراق لحين إجراء انتخابات 30 نيسان، سيما في الخريطة السياسية للبلاد ؛ فإن على الولايات المتحدة بعد الانتخابات، أن تغير سياستها في عملية تشكيل الحكومة القادمة في العراق، و إلا فإنها سوف تصبح جزءاً من الأستراتيجية التي نوه اليها أيمن الظواهري فيما يتعلق بفرع العراق من تنظيم القاعدة مؤخراً، و دعا أعضاءه للانسحاب من سوريا و العودة الى العراق و معاداة حكومة المالكي بأشد صور المعاداة، من هذا المنطلق يمكن استنباط عدة نقاط من رسالة الظواهري تلك منها :
1- أيمن الظواهري يدرك جيداً ان سياسة الولايات المتحدة مع الحكومة العراقية تتناغم حالياً في إطار الحرب ضد الارهاب، و بالتالي فإن معاداة القاعدة لحكومة المالكي يعني مساندة الولايات المتحدة للمالكي في البقاء على سدة الحكم .
و يدرك أيضاً أن أنسب بيئة لانتصار الإرهاب هي سيادة الإحباط و اليأس في أعماق الناس، وتبين لها ذلك بصورة عملية في المحافظات العربية السنية في العراق التي يئست من المالكي حيث تمكن الإرهاب من احتلال محط قدم و و العديد من المناطق فيها ومنها مدينة الفلوجة التي يسيطر عليها التنظيم في الوقت الراهن . ما يعني أن بقاء المالكي في منصب رئيس مجلس الوزراء سيسبب في حلول المزيد من الاحباط، ليس في الأنبار و الفلوجة فحسب ؛ بل و يمتد نحو ديالى و تكريت و الحويجة و دوز خورماتو و من هناك الى الكيارة و الشرقاط و نينوى، وتتشكل بذلك مساحة واسعة لتنظيم القاعدة لإقامة ملاذ آمن في سوريا و ربطه بالعراق .
3- و يتفهم الظواهري جيداً أن الأكثرية العظمى من الخبراء و المفكرين الذين يتابعون الوضع العراقي و تنظيم القاعدة لم يزوروا العراق و لم يروه، إلا عبر أشرطة الفيديو و ليست لديهم أية خبرة بجغرافيته من الناحية العملية، فقد زار الرئيس الأمريكي اوباما، على سبيل المثال،العراق مرة واحدة فقط خلال دورتيه الرئاسيتين و كان ذلك قبل أن يؤدي اليمين الدستورية بصورة رسمية و فيها قد زار محافظة الأنبار فقط تقديراً لعملية نجاح الزيادة السريعة لقوات بلاده فيها . إلا أنه لم يراع خلال الدورتين الأولى و الثانية حقيقة أنه لولا الدعم اللوجستي الأمريكي و تشكيل قوات الصحوة و قيادة عمليات بغداد التي انطيت مسؤوليتها المباشرة بالجنرال بتريوس ؛ ولما تحقق ذلك الانتصار في عملية إعادة انتشار القوات السريع غير أن اوباما، قد خسر نتاج ذلك، حسب المراقبين و مراكز البحوث، بسبب اهماله لهذا الجانب المهم أي تشكيل الصحوة و قوات عمليات بغداد المساندة للقوات الأمريكية .. أي أن هذه القراءة الملية لرسالة أيمن الظواهري لمعاداة المالكي و حكومته هي محاولة تهدف الى اصرار الولايات المتحدة الأمريكية على بقاء المالكي ..و لكن السؤال الأهم هو : هل أن الولايات المتحدة ستقع هذه المرة أيضاً صيداً سهلاً لخطة القاعدة، وتساند بعناد بقاء المالكي في منصبه ؟ و لا بد من القول في ذلك بأهمية قراءة استراتيجية لأخبار العراق في الإعلام الأمريكي و بحوث مراكزها المختصة، و التي تشير الى حقيقة أنّ إدارة الرئيس أوباما لن تنظر الى العراق هذه المرة نظرتها اليه في عام 2010 و السبب هو أنها قد توصلت إلى قناعة أن بقاء المالكي في منصبه سيؤدي بالعراق الى التفكك و التشتت، و إذا ما كانت الولايات المتحدة قد بذلت كل مساعيها حتى الآن لإبقاء الأوضاع على حالها لتحقق فيه شرعية توظف نفوذها بصورة سلمية، فإن المتوقع أن تغير أسياستها اتماماً بعد الانتخابات و أداء دور أكثر ايجابية و هي مسألة من السهل تحقيقها لأن :
* في عام 2010ساندت الولايات المتحدة أكثرية تحالف الكتلة البرلمانية، أي أن يكون لأية كتلة برلمانية تحقق الأكثرية حق تشكيل الحكومة ما يؤكد عدم أهمية ادعاءات المالكي بأن قائمته (دولة القانون ) هي الأولى بل هي مجرد فقاعة على سطح الماء . و تبين للولايات المتحدة عجز المالكي عن ادارة عملية الحكم المشترك الحقيقي في العراق . فقد فشل خلال السنوات الأربع الأخيرة في المصادقة على عدة مناصب وزارية و كان قد وقع عليها بموجب اتفاق اربيل أو تلبية مطالب المواطنين السنّة في نينوى، و ديالى و الأنبار، ما يعني عدم تمكن المالكي من تحقيق حكومة المشاركة الوطنية التي تؤكد عليها الولايات المتحدة و سيكون عليها في هذه الحالة الاختيار بين المالكي و مستقبل العراق،ما يبين أن من لديهم قراءات ذكية للسياسة الأمريكية يؤكدون أنها لا تبدل مصالحها بأي شيء و التي هي اليوم أن يكون مستقبل العراق موحداً و هو ما ينسفه بقاء المالكي نسفاً .
* إن ما لا يحقق فرص المالكي في الانتخابات الحالية على عكس انتخابات عام 2010 هو أن مصالح الجمهورية الاسلامية في ايران والولايات المتحدة تلتقي في عدة توجهات لإزاحة المالكي، فإذا كانت المصالح الأمريكية تتجسد في تهيئة أرضية مناسبة لإحياء العملية السياسية في العراق ثانية و انقاذه من التقسيم فإن إزالة المالكي بالنسبة لإيران تعني وحدة البيت الشيعي و يتولى أصدقاؤها الحكم في العراق، كما أنه لو كانت مصلحة الولايات المتحدة في إزالة المالكي تتجسد في إيجاد طريقة للانتصار على القاعدة فإنها تكون ذات الهدف الذي تتوخاه ايران الاسلامية ما يعني أن ما يكون ضربة قاضية بوجه المالكي و ازالته هو الذي يوحدهما في التوجه هذا و كان ذلك الموقف الحاسم لإعادة تنصيبه رئيساً للوزراء في عام 2010
* و هناك نقطة أخرى ليست لصالح المالكي و هي تطلع بعض الدول الصديقة للولايات المتحدة مثل قطر و السعودية و تركيا في منح العرب السنّة في العراق حقوقهم و يكونوا مشاركين حقيقيين في الحكومة، ما يبين أن إزاحة المالكي و استخدام الولايات المتحدة لنفوذها لتعديل مسار العملية السياسية ستحول دون استمرار تلك الدول في انتقاداتها للسياسة الأمريكية إزاء العراق بل تساندها بشكل أكبر ما يتسبب في حلول بيئة التعاون و التقارب في البلاد بدل انتظار حلول عدم الاستقرار و العنف ما يعني أننا بمراعاة هذه النقاط نتوصل الى نتيجة أن السياسة الأمريكية ستتحول هذه المرة من مساندة المالكي للبقاء في منصبه الى الضغط على حزب الدعوة و التحالف الوطني الشيعي لإبعاده عنه
" إقليم كوردستان الرقم الصعب في المعادلات السياسية "
لقد اتخذت رئاسة إقليم كوردستان عدة مبادئ خلال السنوات ال(10) الماضية إزاء مشكلات العراق و سبل مشاركة الكورد في العملية السياسية العراقية، وهي ذاتها الأسس الراسخة لكيفية تعامل الطرف الكوردستاني مع مشكلات العراق أساساً لسبل مشاركة التحالف الكوردستاني في العملية السياسية و هي:
1- يشارك التحالف الكوردستاني، في إطار دستور عام 2005 في العملية السياسية في العراق و الذي يكون العراق بموجبه دولة ديمقراطية و برلمانية و تعددية و فدرالية، و على من يؤدون اليمين الرسمية لتولي المناصب السيادية و الوزارية الدفاع عن هذا المبدأ.
يتكون العراق من قوميتين رئيسيتين، وهما العرب و الكورد، ما يفرض ان يكون أحد المنصبين الرئيسين، رئيس الجمهورية، أو رئيس مجلس الوزراء من حصة الكورد
3- إقليم كوردستان الفدرالي هو إقليم له جغرافيته، صحيح أنه جزء من العراق، إلا أن جغرافية الإقليم كجزء من العراق تحدد الحدود الجغرافية لإقليم كوردستان داخل دولة العراق الفدرالية أي ما معناه عودة جميع المناطق الكوردستانية خارج إدارة الإقليم الحالية إلى إدارة إقليم كوردستان .
4- كانت قوات بيشمركة كوردستان، قبل سقوط النظام السابق في العراق،جزءاً من التحالف الدولي لتحرير العراق، هذه القوة التي تمكنت بسهولة من تحرير الجبهة الشمالية أي المحافظات الثلاث ديالى و نينوى و كركوك و بالتالي لا يجوز عدم اعتبار قوات بيشمركة كوردستان جزءاً من منظومة الدفاع العراقية بل اعتبارها كنواة للنظام الدفاعي العراقي الحر و تكون حراس حماية لإقليم كوردستان ..
5- اعتبار النفط و الغاز ملكاً لكل العراقيين بموجب الدستور العراقي و تقسيم ايرادات هذه الثروة الطبيعية على العراقيين بصورة عادلة كما أن الدستور الدائم قد سمح للأقاليم الفدرالية بالمشاركة في إدارة حقول النفط و الغاز المستثمرة بعد عام 2003 لذلك فإن الطرف الكوردستاني يمارس هذا الحق الدستوري و على حكومة بغداد أن تحترم الحقوق الدستورية لإقليم كوردستان.
6- لكي يكون الجيش و الأجهزة الأمنية من المؤسسات الوطنية و يعتبرها جميع المواطنين ملكاً لهم فإن المفروض أن تكون انعكاساً لمختلف المكونات العراقية و مشاركة الجميع فيها حسب النسب السكانية و ليس استغلالها لمصلحة حزب أو مكون معين .
7 - في العراق الجديد تعتبر مشاركة المكونات في الحكم مشاركة حقيقية في الحكم و صنع القرار. أما إن كان ذلك بشكل صوري عندها سيكون الطرف الكوردستاني في غنى عن المشاركة الكارتونية و يرفضها، إنّ ما نوهنا إليه هو ليس مطلباً لحزب أو جهة سياسية معينة لكي يتم التفاوض عليه، بل هو جملة عوامل و مبادئ للتعايش بين قوميتين، وهو عقد مشترك يضمن بقاء العراق موحداً، لذلك فإن الطرف الذي يهدف الى حماية وحدة الأراضي العراقية، عليه أن يقبل مسبقاً بهذه النقاط، لكي تستمر عملية التفاوض لتشكيل الحكومة الجديدة و العملية السياسية في العراق بصورة عامة، ولكن يبدو أن السيد نوري المالكي ومن يتحدثون باسمه مازالوا يجهلون الأسس التي بني عليها العراق الجديد و كيف أن الكورد قبلوا بأن يكونوا جزءاً من العراق في حين أنهم كانوا على مدى (12)عاماً مستقلين من الناحية العملية و يديرون شؤونهم بأنفسهم، و مردنا لعدم فهمه هذه الحقيقة، هو الفقرات الخفية في آخر خطاب اسبوعي حين يقول: لقد مارس من صوتوا في عام 2005 للدستور العراقي حقهم في تقرير المصير ) و هي كلمات لا تحتمل سوى التعجب لأنه قد تم في تلك السنة التصويت للدستور الذي اعترف بما ذكرناه أعلاه بل اتخذه مبادئ و عوامل لبقاء الكورد مع العراق و متى ما احترم العراق تلك المبادئ، سواء كان المالكي أم غيره رئيساً لمجلس الوزراء فيه، فإن الكورد سيكونون مستعدين أن يكونوا شركاء حقيقيين في الحكومة الاتحادية، إلا أنه عندما يريد المالكي شخصياً خرق تلك المبادئ فإن عليه أن ينتظر هباء العقد الذي يربط الكورد بالعراق و يسمى الدستور العراقي، ما يعني ألا يتحدث عن الدستور من لا يحترمه . و يشير المالكي في جانب آخر من حديثه الى الحكومة الفدرالية و حكومة مركزية قوية في ذات الوقت، و أكثر من ذلك يتحدث عن قانون النفط و الغاز في العراق، ذلك القانون الذي يدرج كل صلاحيات سياسة النفط و الغاز ضمن الصلاحيات الحصرية للحكومة المركزية و هو الآخر محل تعجب و ازدراء لأن تفسير المالكي للدستور هو عودة العراق الى الدكتاتورية و ليس بناء دولة فدرالية و كالآتي :
* يكون العراق الجديد وفق الدستور دولة فدرالية .
* يتم في هذه الدولة الفدرالية تقاسم السلطات على مستوى رئاسات مجلس النواب و الحكومة و رئيس الجمهورية و السلطة القضائية و يكون جميع المكونات العراقية شركاء حقيقيين في السلطة .
يتم تقاسم السلطات بين الحكومة الفدرالية و الحكومات الفدرالية للأقاليم و تكون صلاحيات الحكومة الفدرالية محدودة مع سلطات أوسع للأقاليم كنوع من الحيلولة دون إعادة ظهور الدكتاتورية في البلاد
* الهدف من الدستور العراقي هو حماية الأقلية و ليس السماح بدكتاتورية الأكثرية لذلك فقد ورد في الدستور أنه لا يتم تعديل الدستور إذا ما رفض التعديل ثلثا سكان (3)محافظات لذلك فإن الدستور العراقي هو أساس و خيمة لحماية جميع المكونات .. و من هذا المنطلق فقد عرض السيد مسعود بارزاني رئيس إقليم كوردستان شرط التحالف الكوردستاني للمشاركة في الحكومة القادمة في العراق كأساس وطني لجميع الأحزاب السياسية الكوردستانية، ما يفرض أن ينسى المالكي إمكانية التلاعب بالدستور بوجه التحالف الكوردستاني لأن الدستور قد أصبح بالنسبة لجميع الأطراف السياسية الكوردستانية مبدأً وطنياً و تجمع على حتمية تنفيذه بل أكثر من ذلك أن التحالف الكوردستاني يدافع بصوت واحد عن الحقوق الكوردستانية لمواطنيه لذلك فإن من الأفضل ألا يلجأ الى اللعبة السياسية و ادراك حقيقة أن الكورد إما يضع العملية السياسية في مسارها الصحيح أو أن يكون العراق الذي يحكمه المالكي جاراً لكوردستان .
ترجمة : دارا صديق نورجان