الرمز الذي أنشأ من الخصوصيات القومية إرادة راسخة لتحقيق الحرية لشعبه
بنيامين لادنر :رئيس جامعة امريكا-واشنطن 1994- 2005 .
إن استذكار يوم ميلاد رمز الأمة هو ليس استذكاراً لميلاد شخص أو زعيم فحسب، كما هو رفع العلم الذي هو ليس رفع قطعة قماش ملون فحسب، بل كما أن العلم هو رمز لإرادة أمة تحتضن جميع قدراتها، وخصوصيتها، وتبرزها كأمة حرة، فإن إحياء ذكرى ميلاد رمز للأمة هو الأخر إحياء لذلك الضمير الذي يهز من الأعماق أي فرد من هذه الأمة، و يستذكر الخصوصيات التي كانت نبراس هذا الرمز الذي أنار لنا طريق الحرية و علمنا أن لا نرضى بأقل منها، ونستذكر أيضاً تلك الإرادة التي تحتم علينا أن نتخذ من العلم هوية لحرية أمة و كيفية حماية هذه الحرية و ديمومتها، ما يبلغنا أن احياء ذكرى ميلاد رمز الأمة هو ليس سرداً للتاريخ، بل استذكار لفكره الوهاج لندرك كيف يوجهنا في حاضرنا .. أي أنه بالنسبة للأمة عودة إلى التاريخ و في ذات الوقت، تجاوز لذلك التاريخ لنتمكن من ربط الماضي بالحاضر و الراهن بالمستقبل، ما يعني أن الأمة لا تتحدث عن رمزها انطلاقاً من يوم ميلاده و تاريخه و كفاءته فحسب بل هو عودة للنهج التاريخي ويستمع في تاريخ الأمة الى الرسالة التي تضعنا في صورة ما، تخبرنا به روح الرمز القومي للحاضر، ويعيد تعليمنا التعامل المشترك بين الثقافة و التاريخ و الفكر القومي و سائر المصادر الانسانية أو البشرية للأمة و الذي يبني لنا الحرية و يحميها و يحقق استمراريتها و يقدمها للأجيال القادمة .
( عندما يعلن رمز الأمة الإرادة الحقيقية )
لو عدنا الى تاريخ جميع القادة و الزعماء الذين تعتبرهم الأمة في تاريخها رموزاً لها ؛ فإن تاريخ سائر أمم العالم يقول لنا : ليست هناك أمة تمنح لقب (الرمز ) لأي زعيم كان، بل فقط للزعيم الذي كما يقول نيتشه : إلى الأسفل كما الشمس،لتنير أوجه سكان الجنوب أو جنوب الكرة الأرضية و تغدق عليهم بالدفء و الأمان، أي أن ما يميز الرمز عن أي زعيم أو قائد، هو أن الرمز سيعود فرداً اعتيادياً للأمة في أعماق الشعور الذي يحمله أي فرد للحرية، و يربط بين خصوصيات الأمة و يفعلها فيما بينها و ينتج منها بالتالي شعار تاريخ الأمة الذي سوف يصبح، بعد أن تسود الأرضية الثورية المناسبة شعاراً للثورة القومية، أو ثورة الأمة لتحقيق الحرية و الانعتاق .. و في ذلك فإن الكاتب عباس محمود العقاد يشير في كتابه (فلسفة الثورة في الميزان ) إلى أن شعار أية ثورة إنما هو انعكاس لإرادة الأمة في مرحلة معينة و أنه ليس لأية حملة أن تتحول إلى شعار ما لم تكن نتاج الربط ما بين خصوصيات الأمة و ثقافتها و تراثها و تاريخها) و لو أمعنا النظر من هذا المنطلق في فكر البارزاني مصطفى، إنما نشعر أنه، و قبل أن تمنحه الأمة لقب ( الرمز ) قد عرف الحرية لأمته ضمن تلك الخصوصيات و الثقافة و التاريخ القومي، و لكن ليس تعريفاً أو لقباً مشتقاً أو مطالباً، بل لقباً يعادل سمو الثقافة و التاريخ و مجموع الخصوصيات، هنا لا بد أن نعود الى بدايات الثورة القومية الكوردستانية بقيادة مصطفى البارزاني و التي تمثلت خطوتها الأولى بثورة قومية شاملة في تاريخ النضال التحرري الوطني الكوردستاني، ولنسأل أنفسنا : كيف أوجد البارزاني مصطفى تعريف الحرية انطلاقاً من تاريخ الأمة و ثقافتها وخصوصيتها ؟ بودنا هنا و استئناساً بتاريخ أمتنا أن نرد على هذا التساؤل كالآتي :
• البارزاني مصطفى أثار ثورة بارزان الثانية في عام 1943، و الحرب العالمية الثانية في أوجها .. و لم يكن لأحد أن يتكهن لمن يكون النصر فيها للحلفاء أم لدول المحور ..؟ مع أنها لم تكن حرب هذه الدول فقط بل كانت تتوجه نحو إبادة هذه الشعوب و ليس الجيوش المتحاربة فقط، و قد أعلن البارزاني مصطفى للعالم في هذا الوقت تعريفه للحرية، وفق خصوصيات أمته كون الحرية تعني التعايش السلمي بين شعوب العالم و أممها، وتأتي هذه الروحية و ترد صراحة في الرسالة التي بعثها البارزاني، الى عبد الرحمن عزام باشا الذي تولى فيما بعد رئاسة الجامعة العربية و كتب فيها : ( الكورد لا يحاربون الأمة العربية، بل يحاربون الأنظمة التي تضطهد الأمتين الكوردية و العربية و تتسبب في اقتتالهما، هنا تبدو عظمة البارزاني و فكره في رسالته تلك، أنه قد كتبها عندما كان هتلر يحاصر مدينة (ستالينكراد) بهدف تحقيق موت جماعي للشعب الروسي في تلك المدينة، و بالمقابل كان ستالين يقصف العاصمة الألمانية برلين و كأن كل ألماني هو هتلر بذاته إلا أن البارزاني في تلك الظروف العصيبة كان يربط الحرية بالتعايش السلمي بين أمم العالم و شعوبه .
• و لو عدنا و ألقينا نظرة انتقادية الى تلك الرسالة التي وجهها مصطفى البارزاني في عام 1943 إلى الرأي العام العربي ؛ و تساءلنا : ترى هل هذا يمثل تفكيره و ثقته و إيمانه بتعريف الحرية أم كان مناورة سياسية لضمان نجاح ثورته و انتصارها، و الرد هنا يأتي من تاريخ أمتنا بأن ذلك التعريف كان نتاج عموم الثقافة و الفكر و التاريخ و الخصوصيات للأمة الكوردية،كأمة مضطهدة و محتَلة و محبة للسلام . ما دفع البارزاني لتفعيل ذلك التعريف في المناطق المحررة للثورة قبل غيرها ..هذه كانت لغة ثورته التي بثها في اذاعة الثورة و وجهها بمعظم لغات قوميات كوردستان و العالم
• ما يودي بنا الى الوقوف على حقيقة أن الحرية في تعريف البارزاني لم تكن أسلوباً واحداً، بل وليدة الربط بين سائر الألوان و الأطياف، وهي لغة مشتركة تفهم الأمة الكوردية وفقها و دون مترجمين، لغات القوميات التركمانية و العربية و (الكلدانية و الآشورية) و التركية و الفارسية، وهم بالمقابل يفهمون الكورد وفقها دون مترجمين أي أن البارزاني مصطفى يقول لنا أن الحرية تتحدث بلغة واحدة و التي هي لغة مشتركة بين سائر أمم العالم، وبالتالي أبلغ جميع الكوردستانيين في البداية و من ثم العرب و الترك و الفرس والعالم أجمع،أن فهم ثقافة الكورد و تراثهم و تاريخهم لمعنى الحرية هي اللغة التي عليكم أن تتعلموها لتفهمونا لأن لغة الأحرار هي واحدة و لا يمكن أن يفهمها من لم يكن محباً للحرية .
• و السؤال الآخر لهذا الفهم العميق للغة و معنى الحرية هو : ترى هل فهم أحد خارج الأمة الكوردية لغة الكورد هذه و تعبيرهم للحرية ؟ .. وهو سؤال يرد عليه تاريخ أمتنا بالقول : نعم فعلى مستوى العراق رفض سماحة آية الله السيد محسن الحكيم رحمه الله أن يصدر أي فتوى ضد الكورد و أطلق عليه شاعر العرب الأكبر الجواهري اسم ( مصطفى الأمين )، و لم يتخل عن لبس طاقيته التي نقش عليها عبارة ( كوردستان ) ما يعني أنّه كان يقرأ فيها كل معاني الحرية ما دفع به للبسها بكل اعتزاز . كابن بار للأمة العربية ، و على العرب الآخرين أن يفهموا انطلاقاً من كوردستان (المنقوشة ) على طاقية الجواهري أن البارزاني قد ساوى بين اسم كوردستان و بين تعريف الحرية، ليس بالنسبة للأمة الكوردية أو الكوردستانيين فحسب ، بل بالنسبة للإنسانية جمعاء .
• لو عدنا و تساءلنا ثانية : هل أن هذا التعريف كان يصح لزمن البارزاني مصطفى حيث يعيش معنا فكره و تعريفه حياً حتى الآن ؟ و يرد علينا تاريخ أمتنا : أنه تنظيم للثقافة و الأدب و التاريخ و الإدارة القومية لمعنى الحرية و تعريفها، غير أن هذا التفاعل و الترابط هو الذي تم بموجبه تعريف الحرية و نظم رمز الأمة و أظهر للعالم وجهها البديع ، ما يعني أن أي قائد أو زعيم يعود تاريخ أمته و ثقافته و يسعى على غرار البارزاني إنما يعيد ذات الصياغة و التعريف للحرية و يفهمها العالم أجمع عندما يعرفها بلغته الأم و أحدث نموذج لدينا هو التعريف الراهن للرئيس مسعود بارزاني كمريد وطالب للبارزاني مصطفى في طلب الحرية و قد عايشنا جميعاً تعريفه للحرية بالنسبة للأمة الكوردية و التركية معاً، و الذي أطلقه باللغة الكوردية عند مشاركته في مؤتمر حزب الحرية و العدالة التركي بمدينة آمد حيث أبلغ طالب البارزاني مصطفى أعضاء الحزب الحاكم في تركيا داخل بلادهم أن الحرية تعني تعايش الأمة الكوردية بصورة سلمية، كما أبلغ الرئيس البارزاني هذه الرسالة، وباللغة الكوردية أيضاً، لسائر ممثلي دول الاتحاد الأوربي و التي تختلف لغوياً فيما بينها غير أن ممثل الاتحاد الأوربي أبلغنا، فيما يتعلق بتعريف مسعود البارزاني للحرية : ( إن جميع دول الاتحاد الأوربي مدينة لمساعي مسعود بارزاني ) .
( بصمة البارزاني داخل تاريخ أمتنا )
في خضم مراسيم افتتاح مركز مصطفى البارزاني للسلام في جامعة أمريكا بواشنطن، سأل كاتب هذه السطور، وكان يومها عضو تحرير صحيفة "برايه تي " سأل المفكر الكوردي الكبير الأستاذ مسعود محمد : ما هي نظرتك للبارزاني مصطفى ؟ فرد علينا قائلا : البارزاني هو قدر و غدا زعيماً للأمة رغم عدم منحه صوتي الشخصي، و رمز لإرادة الأمة قبل أن تكون ارادتي في ذلك .. ولو أمعنا النظر في هذه المقولة الكبيرة للمفكر الكوردي الكبير مسعود محمد لشعرنا بوضوح بما عبر عنه الاستاذ في هذا السطر ما يعني أن مصطفى البارزاني قد أصبح رمزاً في ضمائر أمة كاملة حيث ينظر كل فرد من الأمة الى ارادته عبر ارادة البارزاني لأنه لم يصبح رمزاً بسبب كونه بيشمركه شجاعاً، بل بالعكس فمن الجائز أن يكون قد حارب كما حارب البيشمركه الذين رافقوه، كما أنه لم يكن ثرياً فاجتمع الناس حوله طمعاً بثرائه أو رئيس قبيلة قام بالثورة عن طريقها ثم اجتمع الناس حوله، ولنتساءل هنا : لو كان البارزاني أحد هؤلاء، هل كان يصبح رمزاً قومياً ؟ و من المحتمل أن يقيم له أحدى هذه الصفات شهرة على المستوى المحلي : إلا أنه قد تم النظر اليه، دون أن تكون له أية خصوصيات، كرمز قومي في ضمير أمة مجزأة و في أجزاء كوردستان الأربعة و اعترف العالم أن البارزاني مصطفى هو رمز الأمة الكوردية في العالم أجمع و كثيراً ما ردد القادة الذين استصغروا أنفسهم أمام البارزاني من الحاقدين عليه ما الذي حدا بكم لتكبروا من شأن البارزاني و اكتفوا بالقول نحن لم نكبر من شأنه بل تربى و ترعرع لاجئاً في الاتحاد السوفيتي، كتبت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية قائلة : ( الملاذ و الكفية الحمراء تهدد ايران الشاهنشاه و تحتلها ) فانظروا هنا الى رد أعداء البارزاني و الحاقدين عليه و الذين لا يرغبون في الاعتراف بأنه ضمير الأمة التي رعت من شأن زعيمها و الأهم من ذلك لو عدنا إلى مسألة رموز جميع أمم العالم لوجدنا إن إرادة الأمريكيين هي التي جعلت من جورج واشنطن أباً و رمزاً لهم، و هي إرادة الألمان التي جعلت من بسمارك أباً و رمزاً، وإرادة الهنود هي التي جعلت غاندي الأب و الرمز القومي، و لكن دعونا نسترجع تاريخ جميع أمم العالم و نتساءل : هل يمكن أن يتكون الرمز و الأب خارج إرادة الأمة ؟ و يكون الرد وفق معناه لدى هيكل : نعم و لكن لفترة قصيرة و مؤقتة غير أنه يقضي بعد ذلك و يموت في ضمير الأمة و خير مثال على من يحاولون الظهور كرموز قومية وفق (حيلة التاريخ ) إلا أن اكتشاف تلك الحيلة، فإن الجيل الحالي يدمر هياكل ماضيهم أي أنه يتم اتخاذهم رموزاً بالقوة طالما كانوا في السلطة ..إلا أن ضمير الأمة يلفظهم بمجرد خروجهم من السلطة و يعود السبب في ذلك إلى عجز هذه الرموز المصطنعة، ضمن التفاعل الثقافي و الفكري التاريخي و ارادة الأمة، صياغة و نقش الحرية داخل تاريخ الأمة، بل يقومون بترسيم مبادئهم المحدودة داخل هذا التاريخ و باسم الحرية، والذي لا يمكن أن يتقبل ضمير الأمة هذا المبدأ الغريب حتى النهاية، غير أن أناساً مثل جورج واشنطن الذي رسخ في حفل شاي أقيم على شواطئ بوسطن، صورة الحرية في تاريخ الأمريكيين، أو مثل غاندي الذي رسخ صورة الحرية في تاريخ الهند و الباكستان و بنغلادش الحالية بمسيرته المعروفة و على ذات الشاكلة بالنسبة للبارزاني مصطفى الذي عاد من السليمانية الى بارزان و صاغ بأول ثورة قومية كامل الصورة للحرية في تاريخ الأمة الكوردية ..و هؤلاء الزعماء هم الذين يصبحون (رموزاً قومية و آباء ) و تنظر اليهم الأمة على اختلاف دياناتها و لغاتها و مبادئها كأب و رمز قومي و تفتخر بتلك الصورة التي نقشها و صاغها في تاريخ الأمة ذلك الأب و الرمز القومي، ما يبرر أننا عندما نعود إلى التاريخ إنما نتبين تلك الروح الحية له في ضمير أمته أو تذكره الأمة للأجيال اللاحقة التي لم تعايشه إلا أنها تعتبره بصورة فطرية أنه قائم في ضمائرها أيضاً .. هنا بودنا أن نذكر نموذجاً حياً عايشناه قبل سنة أو سنتين و هو رحيل السيدة الجليلة
( حمايل خان ) قرينة البارزاني مصطفى، تلك التي لم تكن معروفة على المستوى الشعبي كما ينبغي ؛ و رأينا كيف أن الجيل ما بعد البارزاني بل و حتى الجيل الحالي قد هب واقفاً كئيباً، متأثراً لرحيلها كما أن ما أبلغنا به رحيل السيدة ( حمايل خان ) هو : أن كل كوردي في كوردستان قد أقام مجلس عزاء لوالدته إلا أن رحيل هذه الجليلة، قد أصبح من جديد منطلقاً لوحدة الشعب و فتح آفاق الحوار و التقارب بين سائر الأطراف السياسية الكوردستانية .. و أن ما عايشناه في مراسيم رحيلها هو خارج امكانية أي حزب سياسي أو إرادته في تنظيم مثل هذه المراسيم المهيبة، بل لا أعتقد أن أحداً قد تصور أن عموم شعب كوردستان تقيم 6 أيام مجلس عزاء السيدة حمايل خان، مجلس عزاء لأمهاتها أي ان تلك التعزية كانت مخرجاً لنفهم المقولة الرائعة للأستاذ مسعود محمد بأن البارزاني مصطفى هو ذلك القدر الذي له وجوده الفطري في ضمير كل فرد كوردستاني كرمز و أب للأمة و أن قرينته كانت الأم لكل فرد من الأمة .
( فكر البارزاني مصطفى لواقعنا الراهن )
لا نبالغ إن قلنا إن مجلس عزاء السيدة حمايل خان قد أبلغنا أن شعب كوردستان في الأجزاء الأربعة و على اختلاف قومياته و دياناته و مبادئه السياسية لا يزال سائراً يطلب البارزاني مصطفى ليقوم بعبوره ثانية على نهر آراس القرن الحادي و العشرين و يبحث مشتاقاً عن البارزاني مصطفى الذي صاغ في عام 1949 من مدينة (باكو ) اعلان جمهورية كوردستان الديمقراطية في مهاباد، أو نظم بجدار الإرادة الراسخة لشعب كوردستان رغم اختلافاته الدينية و القومية و السياسية، عن ذلك البارزاني مصطفى الذي زرع الأمان و السعادة لشعب كوردستان في خضم قصف المدفعية و الطيران، في المناطق المحررة، إن البارزاني مصطفى الذي نبحث عنه جميعاً بلهفة و شوق هو تلك الفكرة التي صاغت صورة و ملامح تعريف ( الحرية في تاريخ أمتنا )و هي فكرة ستظل حية ولها وجودها في ضمير كل فرد من الأمة لأن ما انتجته إرادة البارزاني كان الأنتاج الجمعي لإرادة أفراد الأمة التي تفاعلت مع خصوصياتها و ثقافتها و تاريخها، ما يجعل من الأهمية بمكان بالنسبة لحاضرنا أن نتساءل: أيّة صورة وجدانية ينتجها فكر البارزاني مصطفى لحاضر أمتنا و مستقبلها و تاريخها، وليس تلك التي خطها في الماضي .. و لو أجرينا قراءة للتاريخ فيما يخص هذا التساؤل، و بوضعه المستمر كما يقول فوكوياما؛ فإن الجواب سيكون : إن فكر البارزاني سيبقى حياً في تاريخ كوردستان و الأمة الكوردية الى أن نحقق الحرية و الانعتاق، إلا أنهما تبلغاننا، وفق فهم فكر البارزاني، بأن تعود الإرادة الحقيقية للمواطن الكوردستاني داخل حرية كوردستان و انعتاقها، ويشعر بأن البارزاني مصطفى ما يزال هو الذي يقودنا كما كان بالأمس، ما يعني لو نظرنا الى الرئيس مسعود بارزاني الذي وضعته ارادة شعب كوردستان موضع البارزاني مصطفى، فإن الواقع و الظروف الحساسة التي تمر بها كوردستان تبلغنا وتؤكد لنا أن الرئيس مسعود بارزاني يدرك جيداً ما الذي ينتظره مواطنو كوردستان من خليفة البارزاني و هو أن عموم شعب كوردستان ينتظرون منه الحرية و الانعتاق النهائي، وهو كما يقول لنا فكر مصطفى البارزاني: حماية هذه الحرية و حث الخطى نحو الأمام .
ترجمة : دارا صديق نورجان