• Thursday, 28 March 2024
logo

الأمن والسلام في بيئة الأسلحة غير المرئية (المخفية)

الأمن والسلام  في بيئة الأسلحة غير المرئية (المخفية)
(القيادة والمسؤولية في عالم الانترنيت )

تقول مديرة العمل المشترك لوكالات " سلامة الأمن " في وكالة الأمن القومي
لإدارة الرئيس الأميركي بوش، السيدة ميليسيا هاتوي بهذا الصدد :
إنّ منْ يكتب لهم البقاء، وفق نظرية دارون هم ليسوا من يفكرون بشكل أكبر، ولا الأقوياء، بل إنّ من باستطاعتهم البقاء هم من يتمكنون من الانسجام و التأقلم مع بيئتهم المتغيرة بشكل جيد، و في ذلك نحن الآن منسجمون، بكل تأكيد مع الانترنيت و التكنولوجيا، لا بل تكاد في الحقيقة تصبح جزءاً لا يتجزأ من مختلف مجالات حياتنا اليومية، و نلجأ إلى الانترنيت،بشتى الطرق، ذلك الجهاز العامل على مدار الساعة و أيام الاسبوع و المتوقع اليوم، أن هناك (2,5)مليار مشترك فيه تقل أعمار 50% منهم عن ال(25) عاماً، إلى جانب مجموعة شخصيات وجهات أخرى من المجرمين و الجواسيس و الأحداث الناشطين و تقرأ على صفحات الإعلام، وبشكل يومي، عن تعرض حساباتنا المصرفية إلى السرقة و استنساخ غير قانوني للملكية الفكرية للمثقفين، ومهاجمة بنيتنا الحسابية و الاقتصادية و من الممكن،أن تتعطل في أية لحظة، وهي رسائل نسمعها، وربما لا نعيرها أيّة أهمية ، وهي بيئة غير ملائمة، كثيراً ما يتحدث عنها السياسيون، وأصحاب الشركات،إلا أنّ قليلين هم منْ تكيفوا مع هذه البيئة الحرجة من ( الأمن المخفي )،أو يتحملون مسؤولية معالجة ذلك "
ميليسيا هاتوي :
مديرة العمل المشترك في وكالات الأمن المخفي (الالكتروني) في المخابرات الأمريكية .
لم تكن الولايات المتحدة حتى عام 2008 مقتنعة بأن الحرب الالكترونية { Cyber war fare } بإمكانها تعريض السلام والأمن في العالم إلى الخطر, غير أنه عندما أدخل في ذلك العام و عن طريق (ذاكرة الكترونية ) فيروس معاد الى أحد كومبيوترات القيادة العسكرية الأمريكية في قواعدها بالشرق الأوسط ؛ فقد نشر وليم لين النائب السابق لوزير الدفاع الأمريكي في عام 2010 مقالاً بعنوان ( الدفاع بأسلوب جديد { Defending a new Domain } ) ، وتحدث فيه بدقة عن ارسال ذلك الفيروس و أعادها إلى عمل عدائي قام به أحد أجهزة المخابرات الأجنبية،ضد الولايات المتحدة، ولكن دون معرفة الدولة التي ينتمي اليها ما يعني أن الخطورة الأولى في تلك الحرب الالكترونية تكمن في :
1 - شبكات الكومبيوتر المترابطة عاجزة عن تسجيل، أو مشاهدة هذا الفيروس، و بالتالي يتمكن بكل حرية من الانتشار عبر كل الشبكات، أي أنه سلاح مخفي لا يمكن رؤيته
2 - و يقيم هذا السلاح ( أي الفيروس ) و أمام ناظريك، جسراً بين عموم كومبيوترات الشبكة المعنية و مستخدميها،و أوامرها الخاضعة ليد أجنبية ، ويفشي كل أسرارك و أنت عاجز عن فعل أي شيء .
و لنتابع هنا مسألة الفيروس الذي أُدخِلَ في عام 2008، وعن طريق ( ذاكرة خزن - فلاش ميموري صغير )، أحد كمبيوترات قاعدة عسكرية أمريكية في الشرق الأوسط، ونرى أيّة مأساة وكارثة،قد أوجد، والدول التي شملتها نشاطاته ..
1- هناك اتصال مباشر بين كمبيوترات جميع القواعد العسكرية الأمريكية مع شبكة الكومبيوترات المركزية لوزارة الدفاع ( البنتاغون )
2- و لدى الشبكة الأخيرة ارتباط مباشر مع كمبيوترات وزارات الدفاع في الدول التي تعتبر نفسها حليفة للولايات المتحدة .و تشير البروفيسورة ميليسيا هاتوي في ذلك إلى أنّ وزارة الدفاع الأمريكية، بعد مرور ( 5 ) أعوام على تلك الحادثة التي سموها ( رصاصة يانكي – Operation Back Shot Yankee ) لا تزال عاجزة عن تقدير الخسائر التي أصابتها نتيجة ذلك، و إعلانها، وتتوقع هاتوي أن تبلغ الخسائر :
1- لقد أصبح هذا الفيروس، من الناحية الفنية، سبباً في تباطؤ كبير في أعمال شبكات الكمبيوتر تلك، وعجز قسم منها عن أداء أيّة نشاطات .
2- و فيما يتعلق ببناء هيكلة الشبكات الإلكترونية،فإن مهندسي (الأسلحة الإلكترونية ) يرون ضرورة إعادة بنائها من جديد
3- أن تضع وزارة الدفاع نظام دفاع و انذار سريع alert anomalous لكمبيوترات الشبكة التي تربط بين عموم الكمبيوترات ليحدد النظام العناصر الغريبة أو الناشزة و الحيلولة دون سرقة الوثائق المخزونة داخلها أو إخفائها

" كيف حدثت العملية "
و يضيف النائب السابق لوزير الدفاع الأمريكي في مقاله : إن عملية الدخول الإلكتروني تللك، لم تكن الأولى لدخول شبكة الكمبيوترات و الانترنيت لوزارة الدفاع ..بل شهدت السنوات ال (10)الأخيرة، مئات آلاف المحاولات اليومية لدخول تلك الشبكة عبر مئات الفيروسات، إلا أنّه قد تم إفشال تلك المحاولات، أو مسحها،ما يبين أن العملية الأخيرة لم تكن محاولة ناجحة لدخول شبكات الانترنيت و الكمبيوترات لوزارة الدفاع فحسب،بل كانت جسراً رقمياً بين عموم الكمبيوترات و أوامر تنفيذها من قبل الأعداء الذين تمكنوا من سرقة، أو اختزال آلاف الوثائق و الملفات من شبكة الكومبيوترات للولايات المتحدة و حلفائها و التي تحوي العديد من الخطط العسكرية و المراقبة والدفاع . أي أن هذه الكارثة هي نقطة تحول في استراتيجية السياسة الدفاعية لأمريكا و حلفائها بصورة خاصة و استراتيجية حماية السلام و الأمن بصورة عامة ؛ ما دفع البنتاغون لإعادة تجديد قيادة الدفاع الإلكتروني، والأهم من ذلك أنه قد تم خلط و توافق الأمن الإلكتروني باستراتيجية الأمن الأمريكي بين وزارتي الدفاع و الأمن الداخلي الأمريكيتين، وتوسيع مديات هذه السياسة مع حلفائها و أصبحت ( الأمن الإلكتروني الدولي ) و ظهور سياستها الإلكترونية الدولية لصياغة العلاقات الإلكترونية الدولية، و جاءت كل تلك المساعي بهدف الوقوف على إمكانية الاعتماد على شبكات الكومبيوتر والانترنيت، بعد تلك العملية . ورداً على هذا التساؤل يقول الكاتب الأمريكي المعروف ديفيد ايكناتوس و كاتب الزاوية في واشنطن بوست الأمريكية في أحدث مقال له بعنوان : ( حدود الفضاء الإلكتروني ) و نشرته صحيفة الشرق الأوسط مؤخراً، ويشير فيه إلا أنّه قد تم الآن وضع العديد من العراقيل والمحدوديات، التي تعيق حرية الانترنيت .. وينوه إلى مقولة أحد خبراء الدفاع، أو الحرب الإلكترونية المخفية (سايبر) الأمريكيين : ( قد نكون نحن آخر جيل،يستخدم الإنترنيت بحُرية، و ذلك بسبب المعوقات الجديدة و السياسة التحفظية المتوقع اتباعها و فرضها على الشبكة العنكبوتية (الانترنيت ) .
( سلاح غير مرئي و عدو غير معروف )
يتحدث المفكر الاجتماعي الألماني الكبير في العالم (أولرييج بيل ) في كتابه المجتمع الخطر : نحو نموذج حديث (Rick Society :Towards a new modernity) إلى أنه صحيح أنّ العولمة و التقدم التكنولوجي قد سهلا العلاقات و فتحا كل الآفاق و الحدود ؛ إلا أنهما في ذات الوقت قد تسببًا في مخاطر على المجتمع و أن مرض الإيدز، و جنون البقر يدخلان مجتمعنا بسهولة، وكذلك الحال بالنسبة للكمبيوتر و الانترنيت، فقد تسبب تقدم التكنولوجياًً في الالكترونية في تنظيم وتسهيل جانب كبير في أعمالنا اليومية، وإدارة مؤسسات الحكم إلا أنه قد أوقع و عرض بالمقابل كل تلك المجالات، وسياستنا الاقتصادية و المصرفية الى الخطر ، و الأنكى من ذلك تعريض حقوق الملكية الفكرية للخطر أيضاً، وهي مصادر مهمة لمعيشة النخبة الثقافية و الكتاب والصحفيين في العالم . أي أنه يمكن انطلاقاً من هذا التوجه،اعتبار تقدم التكنولوجية الإلكترونية،يماثل اكتشاف البارود، وقوة الذرة، وذلك باتجاه أنه صحيح،أن اكتشاف البارود قد سهل من فتح وشق الطرق في المناطق الصعبة والوعرة، إلا أنه كان هو السبب، أيضاً في إبادة مئات الملايين من البشر في العالم، و في مئات عمليات الإبادة و القتل الجماعي ( الجينوسايد )، وصحيح أن الاستخدام السلمي للطاقة الذرية، له منافع كبيرة جداً، وأكبر مصدر طاقة لإنتاج الكهرباء و متطلبات الحياة، إلا أن القوة الذرية هي التي ارتكبت مأساة هيروشيما و نكا زاكي ، و صحيح أيضاً أن التقدم العلمي هو الذي أنتج العصرنة،إلا أنه في ذات الوقت هو الذي أنهاها،كما يقول بعض مفكري المدرسة الفكرية الفرنسية، والذين أعلنوا مرحلة ما بعد الحداثة أو العصرنة، و صحيح أن التقدم العلمي ينتقذ الانسان من العبودية، و وجهه نحو الديمقراطية،إلا أنه كان السبب أيضاً في أن يصبح الانسان عبداً للتكنولوجيا و تجريده من حريته، والأهم من كل ذلك هو أن استنساخ البشر هو نتاج هذا التقدم، ولو لم يلجأ العالم إلى تحديد هذا التقدم ؛ لكانت حرية الإنسان قد انتهت الى الأبد و بالتالي انتهاء التاريخ بصورة مأساوية، وليس بالصورة التي تحدث عنها هيكل وفرنسيس فوكوياما، وقالا : نهاية التاريخ تعني الوصول ال الحرية "عن هذا الجانب يتحدث جوزيف ناي المساعد السابق لوزير الخارجية الأميركي و أستاذ العلاقات الدولية في جامعة هارفرد في ندوة أقامها معهد (جاتام هاوس) الملكي البريطاني، وبكل صراحة عن مخاطر انتشار تلك القوة التي يمنحها الكومبيوتر لمختلف الشخصيات غير الدولية و يؤكدان أن ارسال فيروس واحد إلى شبكة الكومبيوتر و الإنترنيت لدائرة الكهرباء في لندن، مثلاً سيتسبب في سيادة ظلام دامس في العاصمة البريطانية، وقد يكون السبب وراء تلك العملية شخصاً واحداً، أو مجموعة، أو دولة واحدة . إلا أنّ السؤال هو: في حال عدم معرفة موقع العدو و هويته، أين يوجه الصاروخ البالستي، ثم كيف نتمكن من قطع الطريق أمام هذا الفايروس، عندما لا تشعر به، وهو يهاجمك كسلاح و يأخذ كل شيء، كما يقول ويليام لين، أمام ناظريك و تقف عاجزاً أمامه .
(اقليم كوردستان و التكيف مع هذه البيئة المتقلبة )
لو وضعنا احتمال، أو تصورنا إقليم كوردستان كياناً صغيراً، و ليس مشابهاً للدول الكبرى في العالم بحيث تتم محاربته عن طريق (الحرب الإلكترونية أو الخفية) و نعتبره بمنأى عن هذا الخطر ؛ و هو ليس كذلك، و تحدثنا فقط،عن آمال كل فرد كوردستاني في بناء حكومة إقليم كوردستان، كحكومة إلكترونية (E. Government) وإدارة أعمالها و تنظيمها عن طريق الكومبيوتر و الإنترنيت، وهي كذلك الآن إلى حد جيد، ولكنها لا تزال دون مستوى حكومة إلكترونية، إلا أننا نتطلع ونتوجه لأداء حكم كهذا، وهو أحد آمالنا المرجوة، من هنا، لو لاحظنا مخاطر الأمن الإلكتروني،فإن البنى التحتية للإقليم في سائر المجالات من ماء وكهرباء و طاقة و مصارف و وزارات سوف تقع في مدى تلك البيئة الخطرة و المتقلبة، و إنّ ما يحقق الخطر بصورة أكبر على الأمن الوطني لإقليم كوردستان، هو أنّ بناء كيان ديمقراطي للإقليم هو بحد ذاته خطر على أعداء إقليم كوردستان،ما يعني أننا لو كنا، من ناحية القوة عالمياً، قوة صغيرة، ولا تشكل أيّة مخاطر ؛ فإنها تعتبر على المستوى السياسي و الإقليمي (أي هذا الكيان الديمقراطي والوطني ) أحد مصادر الخطر و يكون هناك باستمرار مساع لتعطيل عملية التنمية في الإقليم عن طريق حرب إلكترونية، ولو أشرنا في ذلك إلى الإعلام فقط ؛ باعتباره معرضّاً لحرب إلكترونية، دون غيره إلى عدة سنوات خلت،و هناك اليوم عدة دول تبذل مساعيها المستمرة لتعطيل المواقع الإلكترونية لإقليم كوردستان بصورة عامة، ومواقع الحزب الديمقراطي الكوردستاني بصورة خاصة، ما يعني أننا قد توافقنا و تداخلنا مع الإنترنيت فقط عن طريق الإعلام و الكلمة و تواجهنا مع الحرب الإلكترونية ..
و نتساءل هنا : ما العمل لو واجهت عموم مؤسسات حكمنا ومصارفنا و القطاع الخاص تلك المعضلة ؟
وهي بلا شك ستكون أضراراً تصيب اقتصاد الإقليم أكبر وأشد مما لحق بمواقعنا و إعلامنا .. أي أن بالإمكان القول نحن لم نتعرض إلى ضرر كبير أو ملحوظ في الحرب الإلكترونية الإعلامية .. أما لو لم نحمل تلك المخاطر على محمل الجد، سيما و أن الإقليم هو الآن في مرحلة إعادة البناء و التطور و سائر نحو التنمية المستديمة ؛ فقد يكون كل مطامع الأعداء و الحاقدين لإيقاف هذه العملية أو تعطيلها .. و قد لا يتمكنون من تنفيذن لك عن طريق اتباع الوسائل العسكرية التقليدية، بل يلجؤون إلى محاربتنا عن طريق هجوم إلكتروني ، ولا بد من التساؤل، هل يمكن أن نتخلى عن ممارسة حكومة إلكترونية، بسبب شعورنا المتزايد بتلك المخاطر ؟ و نقول لا شك في أن العالم قاطبة، وليس نحن فقط، لا يمكنه أن يستغني عن هذا التقدم الكبير و يبتعد عن استخدام الكومبيوتر و الانترنيت ..بل من الأهمية بمكان أن نتكيف بصورة جيدة ودائمة مع هذه البيئة المتقلبة و نسعى لاعتبار الأمن الإلكتروني جزءاً من الأمن الو طني و نعمد إلى الاستثمار البشري في هذا المجال و تهيئة شبابنا وفق علوم هذه التكنولوجيا المتطورة و المهمة ليكون لنا جيش قوي في هذا الاتجاه يتمكن من الدفاع عن المؤسسات الحكومية ومجموع مؤسسات الحكم .
والفنلنك واكثر لمجلة كولان :
يجب النظر إلى الأمن الإلكتروني كمسؤولية دولية و أممية مثل الناتو و الاتحاد الأوربي ..
البروفيسور والفنلنك واكنر هو أستاذ الأمن الدولي في جامعة أمستردام الهولندية و باحث أقدم في مركز السلام – فرانكفورت، وقد حدثنا عن مسألة الأمن الإلكتروني و مخاطره .
إنّ تأمين الأمن الإلكتروني هو مسـألة صعبة، وبرأيي أنّ أفضل استراتيجية هي عبارة عن تطوير النظام الأمني من الناحية الفنية، والعمل على ضمان صعوبة هجمة الإنترنيت هذه (Cyber attack ) ،بل،و استمالتها و إعادة البنى التحتية للبلد، بحيث تتعرض إل أقل ضعف حيالها .. هذه في الواقع سياسة أكثر أملاً من محاولة إيقاف المهاجمين بهجمة انتقامية واسعة، ما يحتم النظر إلى الأمن الإلكتروني كمسؤولية للدول و المنظمات الدولية، مثل حلف شمال الأطلسي (الناتو) و الاتحاد الأوربي، التي يضمن تحديها الأكبر في ايجاد حل فني تقني يضمن لك صعوبة مهاجمة نظام الكومبيوتر و تخريبه و تدميره، كما أن بإمكان الأمم المتحدة تنظيم هذا التحول بأفضل صورة على أساس الإبداع التكنولوجي وتكمن قوة مجلس الأمن الدولي في أنه يجيز استخدام الطرق الاضطرارية وحتى استخدام القوة، الا أن ذلك غير ضروري في الوقت الراهن لمواجهة هجمة الأنترنت وأنا على اطلاع بأن حلف شمال الأطلسي ( الناتو ) يتابع الأن هذه المسألة وهناك بعض الاختلاف بشأن احتمالات سريان التزامات الحلف على هجمة الأنترنت ( CYBER ATTACK ) وهي بنظري ليس توجهاً صحيحاً بهذا الصدد ... لأنك لو تابعت مكمن الإواء الجيد لتحالفات، وشمال الأطلسي نموذج لها في حقبة الحرب الباردة، في أمكانية تراجع أي مهاجم في شن هجوم عسكري على بلد معين، الا أنه لن يكون مفيداً في تراجع وحصر أي مهاجم لغلق المواقع الإلكترونية لأية دولة . لا يشترط أن يقوم هو بتمثيلها أو العمل نيابة عنها ... ما يعني أن طبيعة الهجوم الانترنيتي متقلبة ومتغيرة ومن الصعوبة جداً معرفة مصدره ... أي أنه لا يمكن تطبيق السياق التقليدي على هذا السيناريو ... وتعتبر حرب الإرهاب أحد تحديات الأمن الدولي في القرن الحادي والعشرين إلا أن بودي هنا أن أضيف أن ذلك هو تحدا أكثر مرونة قياساً بالحروب الكبرى التي اندلعت بين الدول في حقبة القرن العشرين، مع كونه خطراً بالنسبة لبعض المناطق بسبب خطورة ضحايا الأعمال الإرهابية، إلا أننا اليوم نحيي ذكرى الحرب العالمية الثانية التي قتل (16) مليوناً من البشر جراءها وهو مستوى يختلف عن مجريات تحديات الإرهاب الذي نواجهه اليوم في القرن الحادي والعشرين، ما شكل نقل القوات من هذه الناحية، مشكلة كبيرة، وجديدة إلا أن الخبر المفرح هو إلى غياب المشكلات التي عمت القرن العشرين في هذا القرن .
دانيلا أيريرا تتحدث لمجلة كولان :
" إذا ما أخفق النظام العالمي الجديد في السيطرة على الحدود غير المرئية للأنترنيت ؛ فأنه يعجز عن أبعاد نتائجه السيئة أيضا : دانيلا أيريرا هي أستاذة العلوم السياسية في جامعة كتانيا الإيطالية وخبيرة ومختصة في مجال المجتمع المدني والسياسة الدولية و المنظمات غير الحكومية والنشاطات الإنسانية ومهمات السلام والأمن والدفاع للاتحاد الأوربي والإرهاب وتأثيراته على السياسة العالمية وكتبت لنا عن مخاطر هجمة الأنترنت في عصرنا الراهن وتحولات مصادر القوة ونقلها من الأتجاه الدولي الى غير الدولي وصولاً الى حدوث المخاطر بسبب الإنترنيت : إبان عملية انتقال القوة من الشخصية الدولية الى غير الدولية قد استجدت بأن العقود الماضية ويقيني أن تلك الشخصيات وأعني بها المنظمات غير الحكومية والمجتمعات والمجموعات الخيرية وتأثيراتها، هي جزء من مسألة أوسع هي عبارة عن المشاركة بأسلوب من الأسفل أو الأدنى إلى الأعلى . مع دمقرطة ممارسة السياسة على مستوى العالم وهي مسائل بدأت بمواضيع محدودة – التنمية والمساعدة – والتي تلقي بتأثيراتها اليوم على جميع المجالات الكبرى للسياسة، وحتى في أدقها مثل أدارة الأزمات والعمل الأنساني التي لا تتمكن من البقاء بمنأى عن تعاونهم، و صحيح أيضاً أن الشخصيات غير الدولية،إنما تمثل مرجعيات الناس و متطلباتهم،إلا أنّ من الصعوبة بمكان أن نستمر في هذا العمل لآنهم منقطعون بالكامل عن الدول،أو يعملون بالضد منها،أنا هنا أتحدث عن النقل الحقيقي للقوة في هذه المسألة، لا بل عوضاً عن ذلك فإن أساليب من الأعلى إلى الأدنى، تختلط مع عكسها في سائر الميادين و تشارك في صياغة السياسة، وهو أمر يؤدي إلى التنمية و التطور، وهناك بالمقابل شخصيات غير دولية أخرى، وهي المجموعات و المنظمات الإرهابية، ومغزاها أنه تكون لها تأثيرات فاعلة وهدامة في صياغتها، وقد تتطلب سياسات مواجهة الإرهاب تكاليف باهظة غير محدودة ووقتاً مفتوحاً و مع ذلك فهي سياسات ضرورية و تحتاج إلى التكيف و الانسجام مع المسار السريع الذي ينمو الإرهابيون وفقه فهم يجتازون أوضاعاً انتقالية و نمائية، ما يتطلب ممارسة سياسة متلائمة و مدروسة للتفوق على الفارق بين الأمن الخارجي و الداخلي، ولو عبرنا عن ذلك بنسبة 16 فإنّ المسألة تتطلب، وقد شهدت خطورة أكبر تتمثل في الأمن الإلكتروني، ممارسة الأمن الجماعي و هو نظام أسسته الأمم المتحدة في عام 1945 مروراً بعملية تحولات و تكييف طويلة وواجه العديد من التهديدات فمسألة أمن الإنترنيت هي موضوع يحمل مزيداً من الصراع و الجدل لأنّه يتعامل مع اتجاه غير وارد و يصعب التفوق عليه، و يبدو أنّ نظام الأمم المتحدة هو نظام مطالب بتطوير هذه الإمكانية كونه نظاماً دولياً و لا يمكن بالمقابل أن يكون النظام الوحيد، بل يجب أن يكون مترادفاً مع المنظمات الإقليمية مثل الاتحاد الأوروبي الذي مارس و طور خبرة محدودة بهذا الشأن، كما أن الانترنيت ( Cyber) هو الآخر مسار بإمكان مختلف المجموعات الهدامة أن تؤدي فيه نشاطاتها وتزايد نتائجها و توسيعها، وبالإمكان تطبيق ذلك على الشخصيات الأخرى، كجرائم منظمة، من الصعب جداً تأشير حدودها و احتواء تأثيراتها، ما يعني حتمية أن تكون السياسات الأمنية والدولية، سياسات متعددة التوجهات و تضم جميع الشخصيات السياسية البارزة، ومع ذلك من المهم أن نتذكر أن المجموعات الإرهابية هي شخصيات بارزة ولها دوافعها و استراتيجياتها و أهدافها و تتمكن من الاستفادة من بيئة وأوضاع الإنترنيت في الأمن الإلكتروني، ولكن من الصعوبة أن نحدد إن كان الإنترنيت هو الذي يقف وراء ظهورهم، و إذا ما أخفقت النظم الحكومية في العالم أن تبسط سلطانها على الحدود غير المرئية للإنترنيت ؛ فإنه يتعذر عليها أيضا ان تفهمها أو تحول دون بروز نتائجها .
يتحدث لمجلة كولان ... توم سوريل : الأمن الإلكتروني هو أكبر تهديد ومن الصعب جداً تأمينه .
" البروفيسور توم سوربل هو أستاذ العلوم السياسية و الفلسفة في جامعة وارويك بيرمنكهام البريطانية و مختص و خبير في المعطيات السياسية على مستوى العالم و أحد المشاركين في مشروع تكنولوجيا المعلومات (PF7ICT) و قد أثرنا معه في مجلة كولان مسألة الأمن القومي و قال: "باعتقادي أن ما يسمى الأمن الإلكتروني (CYBERCECURITY ) هو أصعب أنواع الأمن الذي يمكن تأمينه، أو توفيره لأن بمقدور شخص واحد أن تكون لديه قوة فاعلة في عالم الإنترنيت، ولا أدري هل أنتم مطلعون على تفاصيل الرواية السويدية و تم فيما بعد إنتاجها كفلم مشهور بطلته فتاة صغيرة تحمل علامة تنين، وهي في منتهى الخبرة في استخدام الانترنيت لمختلف الأهداف، تعتبر، بطلة من قبل ممارسي قطع المواقع الإلكترونية، و رمز لمدى قوة فتاة صغيرة عندما تتمتع بخبرات كبيرة و قابلية بارزة في الأمن الإلكتروني لأنها تكون السبب في تقوية قدرات الأفراد و الذين يؤمن لهم التوصل إلى العديد من المصادر، وتوفر لهم أيضاً إمكانية تدمير تلك المصادر أيضاً .. ؟ أي أن علينا أن نحدد من القوي ومن الضعيف على ضوء القدرات الإلكترونية التي يتمتعون بها، سيما في مجال الكمبيوتر، وبقناعتي أن هذه هي في الواقع تحول ثوري، في كيفية كون الكومبيوتر سبباً في تغيير الأمن الإلكتروني أو التحول الأمني ..نعم أنا أوافقكم الرأي تماماً أنّ الأمن الألكتروني سينجم بالكامل مستقبلاً على الأرض بصورة عامة و هي مشكلة قد حددت في الغرب و حسمت في أن الناس يحملون فكرة ليبرالية ازاء حرية التعبير ومسائل أخرى عديدة من الصعب تطبيقها أو ممارستها و فرضها على عالم الإنترنيت ففي هذا النظام تطور واضح،يبين أنه قد لا يكون تحديد حرية التعبير بشكل كامل و لا أدري هل سمعت قصة المرأة البريطانية التي أقنعت الحكومة بوضع صورة امرأة على عملة البلاد ؟
أي أنها أقنعت الحكومة البريطانية بوضع صورة روائية معروفة على عملتها، وتعرضت نتيجة ذلك إلى هجوم واسع على الإنترنيت و هاجموها بهدف قتلها و هددها بعضهم بالقتل أو بالإضرار بها لمجرد أنّها حاولت وضع صورة امرأة على العملة و كان من الصعب على أجهزة الشرطة أن تفعل شيئاً إزاء تلك التهديدات .لأنها كانت حادثة و فكرة غير مسبوقة لديهم في مهاجمة مثل هذه المرأة في حين أن ذلك إنما هو نموذج لتطور جديد من الممكن تنفيذه بسبب وجود الإعلام الاجتماعي مثل التويتر، أو من الممكن إجراؤها من الناحية الفنية أيضاً، أي إعادة استخدام ذات التقنيات التي يستخدمها ممارسو القطع الإلكتروني ضد الحكومات و ضدهم أنفسهم و هو إنما يعتبر جزءاً من مشكلة التكنولوجية،إلا أنها على العموم مشكلة سياسية، وفيما يتعلق بمستخدمي القطع الإلكتروني (هاك) فإن لديهم نظرتهم في كيفية حماية الانترنيت، وليس إزاء نوع السياسة الاعتيادية في عدم وجود بديل غير إجراء حوار و التفاوض معهم، و الجانب الآخر من المسألة هو جرائم الإنترنيت و إرهابه ( CYBER TERRORiSIM) غير أن هناك العديد من الأمثلة، فيما يتعلق بجرائم الإنترنيت، وهي جرائم عادية، غير أنني لا أملك أية أمثلة في قيام الإرهابيين بقتل الناس عن طريق الإنترنيت ؛لأن ذلك هو إرهاب بحت، وليس سرقة، بل هو تعذيب الناس و قتلهم، ورغم أن ذلك قليل الحدوث في الآونة الأخيرة بما يحدث القتل و المهاجمة نوعاً من ضرورة ؛ إيلاء حماية أكبر لنظام الإنترنيت (Cyber System ) ، أكثر مما هو الآن .
ستيفن بيدل المختص في السياسة الدفاعية للولايات المتحدة الأمريكية لمجلة كولان:
هناك الآن حرب داخلية مذهبية بين الشيعة والسنة في العراق و سوريا و قد تنجم عن كارثة إنسانية .
" البروفيسور ستيفن بيدل باحث أقدم في معهد العلاقات الخارجية و السياسة الدفاعية الأمريكية و عمل بصورة ميدانية مستشاراً للجنرال باتريوس إبان قرار الولايات المتحدة بزيادة أعداد جنودها في العراق بعدها عمل في أفغانستان مع الجنرال ستانلي ماك كريستال و هو أحد الباحثين الذين تستشيرهم الحكومة الأميركية، وقد حدثنا عن موقف الغرب إزاء سورية و الشرق الأوسط بصورة عامة و كان هذا الحوار :
* إلى أي مدى ترون أن المجتمع الدولي والغرب بصورة خاصة يختار الصمت إزاء أحداث سوريا ؟
- برأيي أن المجتمع الدولي الغربي ينأى بنفسه عن التدخل العسكري و يختصرون أعمالهم في المساعدات الإنسانية و إطلاق التصريحات السياسية، والدبلوماسية لفترة أخرى على الأقل،فيما تدخلت القوات الأخرى بصورة أوضح مثل السعودية و قطر وإيران و روسيا، و سيستمر الغرب على موقفه هذا لفترة أطول . وفيما يتعلق بالحرب الداخلية،فإنّ الأكاديميين يعتبرون سوريا في حرب داخلية، وكذلك مصر و العراق و هي ماضية في التوسع و يعود قسم منها بالنسبة لمصر وسوريا دون العراق، إلى ما يسمى الربيع العربي
و من تأثيرات الربيع العربي و تداعياته، الانقسام الخطر بين الشيعة و السنة، في الشرق الأوسط، وتحوله إلى انقسام متطرف و حرب حقيقية،في بلد مثل سوريا و تزايد احتمالات الحرب الحقيقية القائمة في العراق بسبب المشكلات التي سبقت الربيع العربي و بالنسبة لمسألة حرب الإرهابيين فإن أدبيات التمرد و مواجهته تبلغنا أنه إذا ما كان هناك ملاذ للإرهابيين خارج البلد الذي يحاربون فيه فإن ذلك سيزيد من احتمالات انتصارهم ، أي أنّه لو كان للميليشيات في سوريا معسكرات في العراق فإنّ ذلك سيزيد من قدراتها و لكن ليس لانتصارهم بالكامل و بالتالي انتشار المآسي الانسانية في كل من العراق و سوريا و من الممكن أن تسير نحو الأسوأ، وسيكون تورط الأطراف الأخرى فيها محط كارثة حقيقية لمن يهتمون بحقوق الإنسان، وبالنسبة للمصريين فإن استمرار الحرب فيها سيعود عليهم بالخطر المحتدم، ولوكان الإخوان المسلمون قد تغاضوا عن الانقلاب و تداعياته لما اندلع الاقتتال الداخلي، و كذلك بالنسبة لعدم حدوث الانقلاب أي أن هناك في مصر طريان متناقضي الأهداف و غير متسامحين فيما بينهما، ومستعدان للجوء إلى العنف بدل معالجة خلافاتهما، بصورة سلمية، وقد يكون الإخوان و الجنرالات هم السبب في ذلك، وأن ما يحدث هناك هو فشل العملية السياسية لحسم المصالح المتباينة، وكان الأفضل، لو تم ذلك دون الاقتتال إلا أن ذلك يبدو صعب المنال
* ما مدى تصوركم لاستمرار الاستقرار و التنمية في إقليم كوردستان ؟
- سيكون من الصعب على الإقليم أن ينأي بنفسه عن الاقتتال بين الشيعة والسنة في العراق، عندما يشتد ذلك، ويكمن جانب من المشكلة في أنّ القاعدة متسلطة في منطقة قريبة من إقليم كوردستان أي في شمال العراق، فضلاً عن مصلحة طرف أو أطراف معينة في توسيع رقعة الحرب، ما يبين أن المصلحة الحقيقية للكورد في حدوث حل حقيقي للخلاف بين المالكي والشيعة بدل العودة إلى أجواء القتال في عام 2006، كما أن السبب الحقيقي لاهتمام الغرب بمنطقة الشرق الأوسط بعد الحرب العالمية الثانية كان أهمية الطاقة في هذه المنطقة بالنسبة للاقتصاد العالمي و أن ضعف هذا الاقتصاد قد زاد من أهميتها، ومنها قلق الغرب في انجرار الكويت مثلاً إلى أجواء العنف و الحرب في المنطقة فهو اعتبار كبير في سياسة الغرب، وستبقى كذلك تحافظ على هذه الأهمية .



ترجمة دارا صديق نور جان
Top