• Friday, 29 March 2024
logo

دولة ( أمر واقع ) صغيرة ورئيس عظيم..لم يعد تأسيس دولة كوردستان خارج التوقعات

دولة ( أمر واقع ) صغيرة ورئيس عظيم..لم يعد تأسيس دولة كوردستان خارج التوقعات
لسنا نحن مواطني كوردستان من يعتبرون الرئيس مسعود بارزاني رئيساً لدولة كوردستان المستقلة من منطلق المحبة و التعاطف، بل هو المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، الذي يوجه الدعوة للبارزاني كرئيس عظيم، إلى جانب اللاعبين الكبار في سياسة الشرق الأوسط، و يعتمد توجهاته بشأن مستقبل الشرق الأوسط، ولسنا نحن من يقولون أنّ دولة البارزاني تتعامل بصورة مستقلة مع مشكلات و قضايا الشرق الأوسط المعقدة، وتقرأ المسائل السياسية من منطلق المصالح العليا لشعب كوردستان، بل يجتمع كلها في اسئلة وجهها منتدى دافوس ل ( رئيس دولة كوردستان ) و تقول أنتم ككيان سياسي صغير، كيف تمكنتم من ضمان اختلاف مواقفكم مع مواقف كل من تركيا و العراق و ايران، وكيف تجنبتم الوقوع تحت طائلة سلطات تلك الدول و بالأخص العراق وايران اللتين تختلف مواقفهما ازاء سوريا عن موقف اقليم كوردستان منها .. وهم ليسوا برلمانيي كوردستان الذين يقولون لنا : البارزاني أبلغنا بأن " دولة كوردستان " لا تعتبر خارج التوقعات بل هي البرلمانية الأوربية السيدة : ( آناكوميز ) التي حضرت الندوة التي اقيمت للبارزاني في بروكسل و قال لهم فيها بكل وضوح : لقد أراد البارزاني أن يوضح لنا عدم جواز بقاء استقلال كوردستان خارج التوقعات بعد الآن،غير أنّ ذلك يتحقق فقط بشكل سلمي، أي إجراء الحوار مع سائر أطراف المنطقة و الواضح أن ذلك أيضاً هو طريق آخر لمراعاة الأوروبيين لأهمية إقليم كوردستان، وأوضح لنا البارزاني أنّ كل الخيارات مفتوحة "
خريطة سايكس بيكو جعلت من الشرق الأوسط منطقة للإرهابيين
في كلمة ألقاها السيد ريتشارد هاس الرئيس السابق لهيئة التخطيط السياسي في وزارة الخارجية الأمريكية،إبان الولاية الرئاسية الثانية للرئيس بيل كلنتون في منتدى دافوس الاقتصادي الذي حضره بدعوة رسمية، تحدث عن السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية بشأن سوريا و اعترف فيه بصراحة بحقيقة مهمة و قال لقد بذلت الولايات المتحدة مساعي حثيثة لتضمن تأثيره على الشأن السوري، ولكن دون نتيجة،إن إشارة هاس هذه تحمل معاني عميقة يعيد فيها حقيقة عدم تمكن الولايات المتحدة بعد الآن من ايلاء اهتمامها بالشرق الأوسط، ونوه إلى هذه الحقيقة في كتابه الأخير الذي ألفه أواخر عام 2013 بعنوان ( السياسة الخارجية تبدأ من الداخل ) و يؤكد فيه أنّ السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية لا تقتصر على منطقة الشرق الأوسط فحسب،لتخصص كل امكانياتها لهذه المنطقة،بل يجب أن يكون هناك داخل السياسة الخارجية تلك نوع من التوازن و إيلاء الاهتمام بباقي أنحاء العالم أيضاً بحيث لا يكون لها تأثيرها المباشر على سياستها الداخلية : أي أن ّ ريتشارد هاس قد أبلغنا ان جهود الولايات المتحدة لن تكون مجدية حتى و إن أولت المزيد من الاهتمام لمشكلات الشرق الأوسط، ولكن لماذا ؟ و قد استنبطت الرد على هذا التساؤل في محاضرة ألقاها دينس روس ( مساعد وزير الخارجية الامريكية في ادارات الرؤساء رونالد ريكان و جورج دبليو بوش و كلينتن و جورج بوش الابن ) يوم 19 آب 2013 في جامعة شيكاغو بعنوان (الدبلوماسية و الشرق الأوسط ) و أكد فيها أن من الأهمية بمكان، عندما نتحدث عن الدبلوماسية و تحديد أهدافنا منها، ما يؤكد أهمية وضع خريطة دول الشرق الأوسط نصب أعيننا ونحن نتحدث عن الدبلوماسية، وندرك منطلقات تلك الخريطة، وهي بلا شك نتاج معاهدة سايكس-بيكو لتوزيع و تقاسم هذه المنطقة بين فرنسا وبريطانيا . و ليس هدفاً لبناء دول جديدة مستقلة لشعوبها و قومياتها ، بل هي من معطيات الحرب و دون أن يحسب أي حساب للخلافات الآثنية أو الدينية أو المذهبية فيها، ما يؤكد حقيقة أنّه عندما نقوم بصياغة دبلوماسية معنية لها إنما نشعر أنّها ستكون عديمة الفائدة أو لا تعمل وفق رغبتنا أي أنّ مشكلة الشرق الأوسط في عدم فاعلية خريطة دول المنطقة و عبثها، وكان ذلك السبب في أن يتحدث ديمس روس و يشير للحضور عن فيلم لورنس العرب أنّه كان يأمل لو أنّهم كانوا قد شاهدوا هذا الفيلم ليقفوا على حقيقة أن توماس الذي صاغ في محاولة له لتصحيح خريطة سايكس –بيكو، خريطة جديدة قدمت في عام 1919 الى معاهدة السلام في فرنسا ويومها لم تحصل الموافقة عليها و التي كانت تقضي بأن يصبح جزء من تركيا وايران و العراق الحالي دولة كوردستان والجزء الشيعي من العراق و الكويت و البحرين دولة شيعية و القسم السني من العراق مع العربية السعودية دولة عربية سنية .. و يضيف روس في محاضرته تلك أن دارة جورج بوش، وكانت يومها،أي في عام 2008 منشغلة بإرسال المزيد من القوات الى العراق،قد استفسرت منه عن امكانية الاستفادة من خريطة لورنس العرب في ذلك الوضع، وقلت لهم إنّ التلاعب بخريطة سايكس بيكو في عام 2008 سيتسبب في خلق مزيد من المشكلات،غير أنّهم لو وجهوا الى اليوم (1982013) ذات السؤال سوف أقول لهم أنّها تحمل استراتيجية سوقية كبيرة بالنسبة لعام 2013 لأن ذلك يؤدي إلى عدم بقاء دولة باسم سورية كما هي اليوم و أنّه لا يعاد بناء العراق كما نرغب نحن ( سيتم نشر نص المحاضرة في الكتاب الثاني لمجلة كولان في شهر آذار القادم ) و لو أمعنا النظر اليوم في السياسة الخارجية الأمريكية الحالية إزاء الشرق الأوسط من وجهة نظر ريتشارد هاس و ديمس روس لوجدنا أن عدم فائدة تلك السياسة بالنسبة للولايات المتحدة سينعكس أيضاً و بصورة أسوء بالنسبة لباقي الدول الأربع الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الدولي و الاتحاد الأوربي أيضاً، لا بل أن أي مسعى اضافي بهذا الاتجاه سيتسبب في المزيد من التعقيدات في المنطقة و تتهيأ فرص أفضل لتكون منطقة سلطة أكبر للإرهابيين ويتعرض السلام والأمن العالمي الى المخاطر على شاكلة ما تتعرض له اليوم محافظة الأنبار مروراً بسورية ولبنان و اليمن ومصر وصولاً الى اثيوبيا، هذه الحقيقة تبين أنّ المسألة أكبر من أن تعتبر خريطة سايكس بيكو المتخلفة كقضية خاصة بأمة أو دولة معينة بل إنها قد غيرت عكسياً ، سائر الأفكار التي كانت تتحدث قبل عدة سنوات عن ( الشرق الأوسط الكبرى ) و امكانية تأسيس اتحاد شرق اوسطي على غرار الاتحاد الاوربي و أن تصبح الشرق الأوسط منطقة وقوة اقتصادية كبرى في العالم .. فقد كان من حق الدول آنذاك،رفض التلاعب بالخريطة المتردية لسايكس بيكو فيما تشير معطيات الوقت الحاضر، حيث تكاد منطقة الشرق الأوسط تصبح منطقة انطلاق للإرهاب تحت اشراف تنظيم القاعدة و تقوم كل دولة بإنشاء فرع للقاعدة فيها باسمها، ما يعني عدم امكانية تعامل العالم دبلوماسياً مع تلك الخريطة بعد الآن
" إقليم كوردستان المحطة الأولى لحل وإلغاء سايكس –بيكو"
وجهت مجلة كولان أواسط عام 2013 سؤالاً للسيد مسعود بارزاني رئيس اقليم كوردستان : يكمن احد أهم طموحاتك و آمالك الكبرى في تأسيس دولة كوردستان و حق تقرير المصير، فهل ترون الوضع الدولي مناسباً لتنفيذ هذا المطمح ؟ فرد علينا الرئيس البارزاني : أنا مؤمن بحق تقرير المصير هذا، فالأمة الكوردية لا تقل أهمية عن القوميات العربية و الفارسية و التركية في الشرق الأوسط، و سيأتي ذلك اليوم،بأذن الله، الذي تمارس فيه الأمة الكوردية هذا الحق و تقرر مصيرها،غير أن من الضروري أن يتم ذلك بشكل سلمي و عبر الحوار و ليس عن طريق الحرب والعنف .. أي أن تفكير الرئيس البارزاني لإلغاء معاهدة سايكس بيكو لم يكن مجرد حلم يراودنا منذ أمد بعيد، بل كان تفكيراً في إيجاد آلية لتفعيل هذا التفكير و كانت الخطوة الأولى لإلغاء تلك الخريطة، ذلك القرار التاريخي الوطني الذي أصدره أواخر تسعينيات القرن الماضي لرفع علم كوردستان بشكل رسمي وهي مناسبة يستذكرها المواطنون الكورد في الداخل و الخارج كل عام وهو اليوم الذي أعلنه برلمان كوردستان العراق فيما بعد يوماً لرفع علم كوردستان، و في مدار امكانية اتخاذ هذا القرار كخطوة أولى لإلغاء خريطة سايكس بيكو فإن من الأهمية بمكان استبيان كيفية ترقب أعداء الكورد لهذه الخطوة، وليس نحن من منطلق عاطفي و الأهم من ذلك التوقف إزاء مواقف هؤلاء الأعداء و الحاقدين، ضد هذا القرار، هنا من الضروري الإشارة إلى مواقف اكاديمي عميل لأحدى الدول المجاورة و هو باحث في الشأن الكوردي و الذي استضافه الكونكريس الأمريكي مرات عديدة لاستطلاع توجهاته و هو خبير في الشأن الكوردي في معهد ( أمريكان أنتر برايس ) و يدعى مايكل روبن .. وقد وجه ذلك الباحث هذا السؤال في عام 2007 و أمام الكونكريس ( هل تعلمون أنّ مسعود بارزاني قد رفع علم جمهورية كوردستان، وبشكل رسمي في إقليم كوردستان ؟ و أنّه رمز للكورد في الأجزاء الأربعة و هم يعتبرونه رمزاً قومياً لهم ؟ و أن اسم جنوب كوردستان يطلق في إعلام إقليم البارزاني، على إقليم كوردستان العراق ؟ ما يعني أنّ جزءاً من تركيا يسمى شمال كوردستان و من ايران شرق كوردستان من سوريا و غرب كوردستان ؟ و أنّه يغير كامل خريطة الشرق الأوسط وأنّه يتم الأن طبع خريطة كوردستان الكبرى في مطابع الإقليم و تباع بصورة علنية ؟ و هو عميل معروف في الإعلام الكوردستاني فقد اتخذ في عام 2008 سبيلاً آخر في معاداة المشروع القومي للرئيس البارزاني بعد أن تبين له أنّ التحولات التي يشهدها العالم لا تحول دون تحقيق أفكار البارزاني هذه و لابد من تأسيس دولة كوردستان، وحول خطابه الى الشارع الكوردي بدل توجيهه الى الكونكريس و سعى للاختلاط في السياسة الداخلية لإقليم كوردستان ، و يقدم إليه بعض إعلاميي كوردستان، الذين يعتبرون أنفسهم ضمن المعارضة، خدمات طوعية مجانية باستمرار و يقومون ليس فقط بترجمة مقالاته الى اللغة الكوردية لبعض الأعلام المحلي الكوردي، بل يقوم هو بدوره بنشرها باللغة الكوردية على موقع معهده و هي حصراً المقالات التي كتبت ضد العملية القومية للرئيس البارزاني، إنّ ايراد هذا النموذج هو مفيد من ناحيتين و تتلخص الأولى في أنّ مايكل روبن قد أبلغ الكونكريس بأسلوب أكاديمي مرموق،بأنّ الرئيس البارزاني قد باشر خطواته لإلغاء سايكس بيكو و الثانية تبين لنا أسلوب معاداة الحاقدين على أمتنا و على العملية القومية للرئيس البارزاني و كان مردها أنّ بعض الأحزاب التي تعتبر أنفسها أحزاب معارضة،قد تخندقت في مواقع معاداة العملية القومية لأمتهم و يروجون لمؤامرة يصيغُها الحاقدون و أعداء أمتنا ضد مشروعنا القومي .
"بناء دولة لا إعادة بنائها "
نشر البروفيسور أنطوني داماتو، أستاذ القانون الدولي في جامعة شيكاغو و مستشار القانون الدولي عن كوسوفو، نشر في عام 2008، عندما كانت الحكومتان العراقية و الأمريكية بصدد وضع خطة زمنية لانسحاب القوات الأمريكية من العراق، مقالاً بعنوان (ترى هل ينسون الكورد؟) و توجه فيه للإدارة الأمريكية قائلاً :هل تسعون للانسحاب من العراق قبل أن تصبح كوردستان دولة مستقلة ؟ و هل تدركون أنكم بذلك ترتكبون أي عمل لا أخلاقي ؟ لأن دوماتو كان قد توقع أن العراق يستقر أمنياً بعد انسحاب تلك القوات و يتعرض إقليم كوردستان إلى التهديد و قد اتصلنا به في مجلة كولان بعد نشر ذلك و سألناه : ها أن الولايات المتحدة الأمريكية لا تفعل ذلك، فما هو الواجب علينا ؟ فأخبرنا قائلاً : عليكم السعي ذاتياً و من الناحية القانونية، لتأسيس دولتكم وعندها سوف يحترم العالم ارادتكم و تصبحون أصحاب سيادة ..يدرك المهتمون بمسألة الدولة مدى صعوبة تأسيس دولة وذلك ليس بسبب صعوبة هذا الأمر فحسب، بل لأنّ السياسة الدولية لا تقبل تأسيس دول جديدة إلا في بعض الحالات الخاصة و الأصعب من ذلك هو أن تأسيس دولة جديدة يحمّل المجتمع الدولي واجباً صعباً إلى أن تستقر بشكلها القانوني و تكسب عضوية الأمم المتحدة و يبين لنا بعض المستجدات في تأسيس الدول الحديثة مثل تيمور الشرقية و كوسوفو حيث تأسست الأولى وفق اتفاق مع البرتغال و الاستعمار البرتغالي في شرق آسيا،و تحولت إلى دولة بانتهاء فترة استعمار البرتغال لها و خضوعها لوصاية الأمم المتحدة لفترة من الزمن كما أنّ دولة كوسوفو، كما يعلم الجميع، قد بقيت لفترة طويلة تحت مراقبة الأمم المتحدة قبل اجراء انتخابات عامة فيها، ما يعني أنّ تأسيس الدولة هو ليس بناء دولة لأن إعادة البناء تأتي مع وجود دولة بالأساس إلا أنها ليست دولة مؤسساتية و ديمقراطية، أي أنّ بناء الدولة يعني إعادة بناء المؤسسات، و يحتم عندها بقاء الدولة حتى و إن لم تكن عملية إعادة البناء ناجحة ومن جانب آخر، و لأن السياسة الدولية بعد تأسيس الأمم المتحدة، في أعقاب الحرب العالمية الثانية، قد اعتبرت تأسيس الدولة نوعاً من النموذجية و الترف ؛ فإن فكرة بناء الدولة لم تكن معروفة ومتداولة في أدبيات العلوم السياسية، وكانت فقط محط اهتمام الاكاديميين في العلوم السياسية، و الذين تم استخدامهم كمستشارين في عملية بنائها، أي ما معناه في هذه الحالة أنّ عملية بناء الدولة هي عملية مواجهة أمة مع قدرها المأساوي، أو الفشل في عملية بناء الدولة أي أنّ أمة بذاتها قد فشلت في صياغة هويتها القومية و بقيت دونها في هذا العالم، وكما قال هيكل :الدولة هي باني قوة الأمة على الأرض و أن أيّة أمة ليس لها دولتها،فإنه ليس لها وجود على الخريطة السياسية للعالم . ولو أمعنا النظر في إقليم كوردستان ضمن هذا الإطار المعقد، وعدنا إلى انتفاضته في ربيع عام 1991 لوجدنا بحق أنّ كوردستان كانت أرضاً و بلداً منسياً،فهي لم تكن مجرد (دولة ما بعد الحرب ) بل أنّها بمجملها،باستثناء مراكز المدن الكبرى (السليمانية و دهوك وأربيل ) كانت مناطق محرمة خارج الشارع الستيني في السليمانية و ال100م في أربيل، وقد عشنا ذلك بوضوح عندما أصبح مئات آلاف الناس،إبان الهجرة المليونية لشعب كوردستان في نيسان من عام 1991،ضحايا بشرية لأنه لم يكن هناك أي عمران وصولاً إلى الحدود الدولية، ما دفع وزير الخارجية الأمريكي آنذاك جيمس بيكر شخصياً أن يزور اللاجئين، واقترحت فرنسا إنشاء منطقة حظر طيران إنسانية للحيلولة دون حدوث كارثة إنسانية في إقليم كوردستان .. وأمام هذه البنى التحتية المدمرة و المأساة الكبرى التي تعرض لها الكورد لابد من التساؤل : ترى كيف كان السيد مسعود بارزاني يفكر آنذاك، في مستقبل كوردستان ؟ و كان في تلك الأيام يتولى رئاسة الجبهة الكوردستانية وللرد على هذا التساؤل،نعود،إلى الكلمة التي ألقاها سيادته،في جماهير قضاء كويسنجق المنتفضة و قال فيها : لابد من عودة السلطة للشعب، وأن يكون الشعب هو مصدر السلطات و اجراء الانتخابات و تأسيس دولة القانون، و لكن لابد من التساؤل هل كانت هناك سابقة مماثلة في العالم آنذاك، عندما أبلغ البارزاني هذه الرسالة الى شعب كوردستان ؟ ويبلغنا التاريخ السياسي المعاصر في ذلك أن أول منطقة حظر طيران اعتمدت عقب الحرب العالمية الثانية كانت في كوردستان، وهو لم يكن قراراً سياسياً للقيادة الكوردستانية في إنشاء دولة أو استقلال كوردستان، أو قراراً سياسياً دولياً لإنشاء دولة مستقلة للكورد،بل إنّ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 688 لإنشاء منطقة آمنة،كان قراراً سياسياً الغاية منه فقط كانت إنقاذ أمة من كارثة إنسانية كبرى . و لابد هنا من ملاحظة أنّ السيد مسعود بارزاني عندما قرر بناء دولة قانون في تلك المنطقة الآمنة،إنما كان يفتقد أية تجربة عالمية مماثلة كما أن الاتحاد السوفيتي كان قائماً آنذاك(تفكك أواخر عام 1991) لكي يقال بأن ذلك كان ضمن مدى فاعلية الدول الحديثة ما بعد الاتحاد السوفيتي السابق، بل كانت فكرة شخصية من مسعود بارزاني الذي أراد تأمين هوية قومية لتلك الأمة التي تعرضت لكارثة الإبادة الجماعية للأنفال و القصف الكيماوي، وبدأ ذلك من أرض محروقة، دمر فيها كل شيء حتى أنّ الحكومة المركزية العراقية كانت قد أهملت كوردستان العراق منذ عدة سنوات و لم يكن هناك أيّة بنى اقتصادية و كانت البنى الزراعية في القرى قد دمرت هي الأخرى . أي أنّ أول تجربة لبناء دولة بعد انتهاء الحرب الباردة كانت تجربة إقليم كوردستان في ظل حكم الرئيس مسعود بارزاني و يكمن نجاحها في أن معهداً عالمياً مثل معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى كان قد عين العام الماضي فريقاً خاصاً لزيارة الأقليم و إعداد تقرير باسم ( 25 عاماً بعد الإبادة الجماعية – الجينو سايد – للكورد) و كان الهدف من ذلك التقرير كما أعلمنا البروفيسور مايكل نايت أثناء زيارته للإقليم،هو اتخاذ تجربة الحكم في إقليم كوردستان نموذجاً عالمياً و النظر اليها في الأوساط الأكاديمية كعملية وتجربة ناجحة في العالم و الاستفادة منها في مسألة بناء الدولة في بقاء أنحاء العالم .
"قصة نجاح الحكم في كوردستان هي إبراز لأفكار و مبادئ البارزاني "
بسبب نجاح دولة سنغافورا و انتصارها في عملية اعادة البناء وعملية التنمية فإن الرئيس السابق لتلك الدولة الصغيرة، وذات العدد المحدود من النفوس الذي لا يتجاوز ال (5)ملايين نسمة، وهو (لي كوان يو )لا يزال يعتبر و ينظر اليه كرئيس استفاد العالم أجمع من تجربته ،و يوجه له سؤال معين في الأوساط العالمية : تُرى كيف كان ( يو ) يتصرف،لو كان رئيساً للعربية السعودية أو الهند أو جمهورية الصين الشعبية ؟ و الأهم من ذلك أن هلموت كول المستشار السابق لألمانيا و بسمارك الثاني،بصفته قد أعاد ثانية توحيد الألمانيتين قد كتب في مؤلفاته (قصة نجاح سنغافورا – سنغافورا من الثالث الى الأول ) علينا جميعاً أن نقرأ قصة نجاح سنغافورا لأن زعيمها (لي كوان يو )قد علم العالم درساً جديداً في إدارة الدولة . ولو كانت هذه الظاهرة في القرن العشرين خاصة بالزعيم يو ، فإن العالم في القرن الحادي و العشرين يرغب في الاستماع الى السيد مسعود البارزاني ليرد عليه و هذا في الواقع ليس مجرد قول أو إشادة به، بل هو واقع يبرز عندما توجه الاسئلة للرئيس البارزاني خلال زيارات لمختلف دول العالم فعلى سبيل المثال وجه مارتن آنديك الذي يعتبر أحد أكبر الدبلوماسيين الأمريكيين و تولى منصب سفير بلاده في اسرائيل و مساعد وزير الخارجية الأمريكية لعدة مرات،سؤاله الى الرئيس البارزاني خلال ندوة أقامها لسيادته معهد بروكينكز المعروف قائلاً : سيادة الرئيس البارزاني : لقد أقمتم علاقات متوازنة مع جمهورية ايران الاسلامية فهل بالإمكان أن تعلمنا،كيف تمكنتم من ذلك ؟ فيما قال البروفيسور كينس بولاك في معرض تعريفه للرئيس البارزاني في ذات الندوة : مسعود بارزاني هو بيشمركه ومن الصعوبة بمكان أن أتمكن من وصف هذه البيشمركه لأناس لا يعرفونه، ما يدفعني للقول : إنّ مسعود بارزاني بالنسبة للشرق الأوسط،هو بمثابة باريس لفرنسا فكل الطرق تلتقي عنده .. والأهم من ذلك على مستوى الاتحاد الأوروبي،أنّ البرلماني السكوتلاندي ضمن الاتحاد ستوران ستينفنسن قد كرر أن الفرق بين إقليم كوردستان و العراق،هو فقط مسعود بارزاني، أي ما معناه أن مسعود بارزاني،لو كان رئيساً منتخباً للعراق لكان الآخر يماثل اقليم كوردستان الآن ..و قد واجهته اسئلة مشابهة هذه المرة أثناء حضوره الرسمي لملتقيات المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس السويسرية في كيفية تأمين سيادته موقفاً في الاقليم بشأن مشكلة كبرى مثل سوريا ، يغاير و يختلف عن موقف العراق رغم بقاء الاقليم حتى الآن جزءاً من العراق و الأهم أيضاً أنّ البرلمانيين في الاتحاد الاوروبي خلال حضور البارزاني اجتماعاته بصورة رسمية، كانوا يوجهون اليه أسئلتهم بكل اهتمام وقد أبلغوا مجلة كولان أنهم يتفهمون جيداً أهمية إقليم كوردستان الحالية بالنسبة لكامل منطقة الشرق الأوسط .هذه الحوارات إنما تؤدي بنا الى نتيجة أنه صحيح أنّ الاقليم الذي يترأسه السيد مسعود بارزاني هو مجرد اقليم فدرالي صغير و مازال يفتقر الى دولته ذات السيادة أي أن تكون عضواً في الأمم المتحدة،فقد أوصل موقع الرئيس البارزاني و سموه هذا الاقليم مصاف أن يُستقبَل سيادته كرئيس دولة على مستوى المحافل الدولية، وعندما يتحدث إنما يستمع اليه العالم بكل اهتمام .
ترجمة: دارا صديق نورجان
Top