• Thursday, 28 March 2024
logo

التحالف لتشكيل الحكومة بين توزيع الحقائب وأستقرار النظام الديمقراطي

التحالف لتشكيل الحكومة بين توزيع الحقائب وأستقرار النظام الديمقراطي
هنا نتحدث عن شكل من أنواع تشكيل الحكومة البرلمانية والديمقراطية التي لا يحظى فيها أي حزب بمفرده نصف مجموع مقاعد البرلمان.. إن السيناريو المتبع لتشكيل الحكومة هذا لهو عمل جيد ما جعل بناء التحالف بصورة طبيعية أسلوباً لتشكيل الحكومة وقد ظهر في دراسة أجريت عام 2004 أن حزباً واحداً فقط من 20 عملية أنتخابات ومن أصل 313 عملية أنتخابية جرت في 11 دولة أوربية خلال الفترة_1945-1997) ينال أكثر من نصف المقاعد البرلمانية وأكثر من ذلك هو أن الحكومة الأئتلافية تختلف عن ذلك وتنم عن أساليب متنوعة، وكما تبين في دراسة أخرى أجريت حول (15) دولة ديمقراطية أوربية ما بعد الحرب العالمية الثانية أن 35% من التحالفات التي عقدت لتشكيل الحكومة كان يشكل الجانب الأقل من الأكثرية أي(50%+1) و 36% منه كان في تحالفات بلغت أقل من 50% والتي كلفت لتشكيل الحكومة ومن ثم تم التصويت لتلك الحكومة بالأكثرية البرلمانية.. بينما كانت نسبة 29% فقط من التحالفات بأكثرية الأصوات وكان عدد مقاعد ذلك التحالف يزيد كثيراً عما تتلطبه عملية تشكيل الحكومة.
سيدهارتا بانديو بادي
جامعة بيرمنكهام
(حكومة التحالف في الديمقراطية البرلمانية)


لقد أوجدت المباحثات لتشكيل الحكومة الجديدة لأقليم كوردستان
* في تشكيلتها الثامنة- مرحلة جديدة لبناء التحالفات لتشكيل الحكومة كون أن التشكيلات السبع الماضية كانت إما أن الحزب الديمقراطي الكوردستاني والأتحاد الوطني الكوردستاني قد تحالفا كحزبين رئيسيين و شكلا الحكومة، أو أنهما كانا حليفين قبل أجراء الأنتخابات ونالا أكثرية مقاعد برلمان كوردستان العراق، أما بالنسبة للأنتخابات البرلمانية في 21 أيلول 2013 فقد خاضتها جميع الأحزاب الكوردستانية بقوائم مستقلة ولم يحقق أي منها أكثر من نصف المقاعد البرلمان ما أدى الى تأخير عملية أنتخاب رئاسة البرلمان وتكليف المرشح لرئاسة الحكومة بصورة رسمية من قبل رئيس أقليم كوردستان.. ما أضطر الحزب الديمقراطي الكوردستاني في أجتماع قيادته، بإعتباره قد نال النسبة الأعلى من الأصوات والمقاعد وبالتالي أن بتولى رئاسة الحكومة أو تشكيلها، وأن يعلن السيد نيجيرفان بارزاني مرشحه لهذا المنصب. وقام أكثرمن ذلك بتشكيل لجنة للتفاوض السياسي تجتمع مع سائر الأطراف السياسية(التي حصلت على مقاعد برلمانية) لأعداد خريطة طريق وأنعقاد الأجتماع الثاني للبرلمان وأنتخاب هيئة رئاسته وأن يحدد البرلمان، وبصورة رسمية المرشح المكلف بتشكيل الحكومة، ويقوم رئيس أقليم كوردستان لاحقاً بتكليفه لتقديم تشكيلة الحكومة الى البرلمان في ظرف شهر واحد لنيل الثقة البرلمانية.

(مباحثات الديمقراطي الكوردستاني والأحزاب السياسية لصياغة خريطة الطريق..)

لقد صادق الحزب الديمقراطي الكوردستاني، في أول رسالة له عقب أعلان نتائج الأنتخابات ونجاح العملية الأنتخابية، بإعتباره الجهة التي حازت على أكثرية الأصوات والتي تكلف بتشكيل الحكومة، صادق على أسلوب(الحكومة ذات القاعدة (الواسعة) لتشارك جميع الأطراف التي نالت مقاعد (ولو بمقعد واحد) في الأنتخابات البرلمانية، في تشكيل الحكومة، إلا أن الأسلوب الذي حدده البارتي لا يمكن له أن ينفذه لوحده، لأن تشكيل حكومة ذات قاعدة عريضة يتطلب توافق وتفاهم جميع تلك الأطراف أثناء التفاوض لتشكيل تلك الحكومة مع أبداء المرونة الضرورية. ما يعني بدرجة أوضح أن يتمخض البرنامج الذي تتفق عليه لتشكيل الحكومة ذات القاعدة العريضة، عن تشكيل حكومة قوية و متمكنة تكون رداً لتحديات المرحلة وعندمستوى مسؤولية هذه المرحلة التي يرى فيها العالم أقليم كوردستان والمسألة الكوردية في الشرق الأوسط وهو يحث الخطى نحو الأمام..
ويعتبرون الأقليم أنه قد أقترب تماماً من مرحلة الأستقلال هاتان المهمتان- مواجهة التحديات وجمع كل الأمكانيات لأعتماد خطى أكبر، إنما تحددان خصوصية الحكومة القادمة، وهو ذات النهج الذي يميز أسلوب تشكيل حكومة أقليم كوردستان ذات القاعدة العريضة عن لبعض البلدان الأخرى، والتي تلجأ اليها بصورة أضطرارية بهدف إبعاد البلاد عن أزمة سياسية كبيرة، و يسمونها(حكومة أنقاذ وطني) أي حكومة تنقذ البلاد من أزمتها، فيما نرى أوضاع أقليم كوردستان اليوم، كونه لا يعاني من أية أزمة بل يتطلع الى المستقبل بآمال عريضة و تناضل الأطراف الأخرى فيه كافة على أمل تقدمه وتطوره والتوصل الى تشكيل الحكومة بأسرع وقت.
هنا، ورغم أستمرار مفاوضات البارتي مع سائر الأطراف والقوميات الكوردستانية الأخرى لتشكيل الحكومة، إلا أن تأريخ تشكيل التحالفات بين الأحزاب السياسية في الأنظمة الديمقراطية البرلمانية وعندما لا يحصل أي طرف أو أئتلاف على أكثر من نصف مقاعد البرلمان، إنما يبلغنا (أن أجراء المفاوضات بين الأطراف السياسية داخل النظام البرلماني لتشكيل الحكومة هو ليس بالأمر الهين و يستغرق في كثير من الأحيان، فترة أكبر مما كان متوقعاً)، ومع كوننا نتطلع الى اكتمال هذه المفاوضات لبناء التشكيلة الحكومة الثامنة، إلا أن الملاحظ أن عملية بناء التحالفات لتشكيل الحكومة، في بلد ديمقراطي وفدرالي مثل بلجيكا، قد أستغرقت (541) يوماً كما أوردتها وكالة أسوشيتد برس يوم (6-12-2011) ومثلها أستغرقت المفاوضات في العراق عقب أنتخابات عام 2010 زهاء(10) أشهر قبل أن يتم تشكيل الحكومة فيه والتي لم تكن مع ذلك ناجحة.... إن الأشارة الى الحالتين البلجيكية والعراقية أعلاه لا تعني ان المفاوضات بشأن تشكيل حكومة الأقليم تستغرق كل تلك الفترة أو أن ذلك أعتيادي، بل نعني بها أن الهدف من تشكيل حكومة ذات قاعدة عريضة في الأقليم يختلف عن مثيلها العراقي أو البلجيكي، فلو عدنا الى عام 2011 في بلجيكا للتصريحات التي اطلقت آنذاك بشأن البيئة السياسية لتشكيل الحكومة، لوجدنا أن تلك البلاد قد شكلت الحكومة من 13 وزارة من أصل 15 وهي لم تتعرض لمثل هذه المعضلة السياسية منذ أنتهاء الحرب العالمية الثانية.. وذات الوضعية بالنسبة للعراق حيث لم تبلغ الأوضاع السياسية والأمنية منذ عام 2010 هذا المبلغ.. إلا أننا لو أمعنا النظر في الأهداف وراء تشكيل حكومة ذات قاعدة عريضة في أقليم كوردستان إنما نشعر أن الأوضاع فيه تختلف تماماً عن ذلك ما يعني أختلاف خصوصية هذه الحكومة عن تلك و مراعاة الواقع الآتي:
1- إن الوضع السياسي الراهن في أقليم كوردستان هو فريد لا نظير له في تأريخ الحركة التحررية الكوردستانية وأداء نهج تعددي سياسي نظير لمستوى التعددية والتنوع السياسي في الدول الديمقراطية المتطورة.
2- لقد نجحت الديمقراطية في أقليم كوردستان حداً يقبل فيه جميع الأطراف السياسية نتائج الأنتخابات وأن المسار الوحيد الذي لم نتمكن فيه من تجاوز موانعنا النفسية هو أن الأطراف الأخرى لم تهنئ الطرف الفائز فيها على غرار ما يجري في الغرب .
3- حظى أقليم كوردستان اليوم، كموقع سياسي، بتأثير جيد في مسار حل القضية الكوردية في باقي أجزاء كوردستان، بل يعتبر الأقليم شريكاً لتلك الدول التي تحث الخطى لمعالجة القضية الكوردية فيها، ما يعني أن الأقليم ليس مستقراً من الوجهة السياسية والأمنية فحسب، بل هو عامل مساعد للسلام والأمن الأقليمي الذي يشكل جانباً من السلام والأمن العالمي أيضاً.
4- هناك اختلافات جذرية بين الأحزاب والأطراف السياسية الكوردستانية ويتم عرضها بمنتهى الحرية مع وجود روابط مشتركة بين أكثرية تلك الأطراف أزاء المسائل المصيرية فضلاً عن وجود وحدة مواقف عند الضرورة، وقد يعجز أحد تلك الأطراف فقط عن أقامة هذا الرابط أحياناً وبنائه في حالات أخرى، و بمراعاة هذه النقاط والوضع الأعتيادي والأستقرار في أقليم كوردستان إنما نتوصل الى نتيجة أن الغاية من تشكيل حكومة ذات قاعدة عريضة هي غاية خاصة و مسألة معينة في سياق الخصوصيات الجمعية لأقليم كوردستان ما يعني أحتمال ألا يكون بناء تحالف من أجل تشكيل الحكومة أمراً صعباً أو عدم تركيز طرق الحل كافة في تلك الحكومة أما إذا ماسعت جميع الأطراف في هذه المرحلة لتوحيد القدرات لتكون عند مستوى مسؤولية المرحلة، فإن تركيز جميع القدرات في إطار حكومة ذات قاعدة عريضة سيؤدي الى نتائج أفضل.

(أقليم كوردستان وخصوصية الحكومة ذات القاعدة العريضة)

بالنسبة لراهن أقليم كوردستان الذي لم يبلغ دولة مستقلة حتى الأن، فإن أهمية المؤسسات الحكومية والأستقرار الحكومي تفوق أستقرار الدولة وعموم النظام السياسي أهمية، والأكثر أن أوضاع الأقليم ومجمل القضية الكوردية على مستوى الشرق الأوسط هي أوضاع تأريخية في غاية الأهمية وتتطلب ليس وحدة جنوب كوردستان فحسب، بل الى وحدة توجهات و مواقف سائر الأطراف السياسية داخل الحركة التحررية الكوردستانية وأن تلتقى أهداف الجميع عند ضرورة حماية المكتسبات التي تحققت لها حتى الآن نحو تأمين مكتسبات أوفر ويكمن أهم مكسب بالنسبة للكورد جميعاً في أجزاء كوردستان الأربعة في حماية الكيان السياسي لأقليم كوردستان و بناء حكومة قوية متمكنة في هذا الكيان لقدم نموذجا أفضل وتمهد الأرضية لتحقيق المزيد من المكتسبات والتي تصب لصالح جميع الكورد في أجزاء كوردستان الأربعة. أي أن السعى لتشكيل حكومة أقليم كوردستان في تشكليتها الثامنة كحكومة ذات قاعدة عريضة لا يأتي بسبب العجز عن تشكيل تحالف على أساس(50% +1) أو تحقيق مقاعد برلمانية أكثر بل هو بهدف:
1- أن تكون التشكيلة الثامنة حكومة قوية وأن يكون شخص رئيس الوزراء، عندما يقدم برنامج حكومته، هو الشخص والمسؤول الأول عن أنجاح ذلك البرنامج وتاتي من بعده الأطراف السياسية الأخرى المشاركة في التعاون مع الحكومة لتكون عند مستوى تلبية متطلبات جماهير كوردستان وتطلعات الكورد في الأجزاء الأخرى بصورة عامة.
2- وأن تكون بيئة أداء الحكومة مستقرة وأن ينفذ الوزراء، بعد تشكيل الحكومة ومن أي طرف سياسي كانوا، البرنامج الحكومي لا برامج أجزابهم، ثم أن البيئة المستقرة لحكومة أقليم كوردستان تماثل استقرار الدولة وعموم النظام السياسي فأقليم كوردستان لا تتحمل وجود عدم أستقرار حكومي لأن ذلك يعني عدم وجود أستقرار في كامل النظام السياسي، ويكون ذلك بالنسبة للوضع الراهن في الأقليم سبباً ليس في فشل الحكومة فحسب، بل سبباً في تراجع الديمقراطية وتباطؤ عملية التنمية والتطور كما ان الوضع السياسي لأقليم كوردستان هو من الحساسية بحيث لا يساعد على البحث عن الأسباب الخفية (Terminal Event)، وراء سيادة عدم الأستقرار بل علينا تشخيصها منذ الآن وعدم تحديدها بذرائع تعجزية و حجج أيديولوجية .
3- لقد كانت البرامج الأنتخابية لعموم الأطراف السياسية لأنتخابات 21 أيلول جيدة وقد صيغت بشكل يضمن تأييد وتصويت أكثرية جماهير كوردستان عليها، ذلك فإن من الأهمية بمكان التنويه الى أن التطرق الى برامد الأحزاب هو تداول الأساليب التي تنظيم اللعبة السياسيية ومن المهم أن يلتزم بها الأطراف السياسية كافة وأن ما تمخض عن الأنتخابات السابقة هو أن مرشح الحزب الديمقراطي الكوردستانية سيتخذ خطاه بأتجاه تشكيل الحكومة على أساس برنامج الحزب للأنتخابات ويتفاوض على أساسه مع الأطراف السياسية إلا أنه برنامج قابل للأنسجام والأثراء، لذلك فإن الجهة المكلفة بتشكيل الحكومة في عملية تشكيل التحالف وصياغة برنامج الحكومة الأئتلافية البرلمانية، تلتزم بالخطوط الرئيسة لبرنامجه الأنتخابي ويفتح الباب في ذات الوقت لأثرائه من قبل برامج الأحزاب الأخرى وهي المنطلق لتسهيل القواعد الديمقراطية و مسارها في عملية التفاوض لتشكيل الحكومة.
4- في عملية التفاوض بشأن تشكيل حكومة ذات قاعدة عريضة تتم مراعاة نتائج الأنتخابات و سياسة الوضع الراهن على أساس المقاعد البرلمانية، إلا أن ذلك لا يمنع أن يكون لطرفين معينين أو أكثر تقارب أيديولوجي أو مواقف مشتركة، غير أنه من المهم أن يسعى الجميع لتوحيد كل الأمكانيات في ظل المصالح الوطنية وليس تفتتها أو شرذمتها في أطاراً لأستعدادات الجارية من قبل تلك الحكومة لتوفير مكتسبات وطنية أشمل.
5- وفي الحكومة الوطنية ذات القاعة العريضة يتغير أسلوب التنافس من المعاداة الى صراع أيجابي ، ففي هذه الحكومة، على سبيل المثال، تتقلص مديات المعارضة بل أن البرلمان سيصبح بصورة عملية كتلة وطنية واحدة ويراقب الحكومة و سيجعل هذا المنحى البرلماني من الحكومة نشطة و قوية وذات سلطات محددة أي أنه سوف تستجد حكومة قوية و نشطة إلا أن أعمالها وأداءها محدد و تتولى فقط مهمة السلطة التنفيذية ولا تتدخل في أعمال السلطات الأخرى بل تتعرض هي لمساءلة السلطتين التشريعية والقضائية..
6- ويؤمن نجاح التشكيلة الثامنة، كحكومة وطنية ذات قاعدة عريضة و بأسلوب البرلمان ذي الكتلة الوطنية الواحدة لمراقبة الحكومة والتي تكون بدورها كتلة وزارية وطنية موحدة و تنصب كل مساعيها لتحقيق رضا البرلمان وأحترام سيادة القانون، تحقق مرحلة أخرى نحو النهج الديمقراطي في أقليم كوردستان.. ما يعني أن العقل السياسي الكوردي يتقدم نحو النماء وينظر الى مؤسسات الأقليم بإن وجودها لا يعني أهداء السلطات والصلاحيات بل يعني تحديد السلطات، وعندما تستعد ثقافة السياسة الديمقراطية في أقليم كوردستان لتقبل هذا المنحى في التحديد، فإن من شأن ذلك أن يبنى، وبصورة آلية، دولة مؤسسات و سيادة القانون.

(الحكومة القوية هي مستلزم هذه المرحلة)

بالعودة الى تجربة السيد نيجيرفان بارزاني في إدارة الدولة فإن كل التوقعات تتوجه نحو واقع أن التشكيلة الثامنة ستؤسس، على مستوى الأوساط الأكاديمية العالمية، لتوجه سياسي خاص كان نتاج أداء نيجيرفان بارزاني في التشكيلة الخامسة والمتمثل في بناء روح الوئام والعمل المشترك بين الحزب الديمقراطي الكوردستاني والأتحاد الوطني الكوردستاني بعد قطيعة بينهما في هذا الجانب أمتدت على مدى(10) أعوام، ما حدا بجامعة عالمية مرموقة مثل (واشنطن وجيفر سون) لمنح السيد نيجيرفان بارزاني شهادة الدكتورة الفخرية إبان رئاسته للتشكيلة الخامسة لحكومة الأقليم وكانت أهمية هذه الشهادة تكمن في أنها كانت المرة الأولى التي تمنح فيها الجامعة المذكورة مثل هذه الشهادة الرفيعة لرجل دولة أو سياسي من غير مواطني الولايات المتحدة، وقد تمثلت أسباب ذلك في مسائل دقيقة ومهمة، فقد وجهنا، في مجلة كولان:
بداية شهر آيار 2008 سؤالا للسيدة توري هاري سميث رئيسة جامعة (واشنطن أند جيفرسون) عن السبب الرئيسي لهذا المشترك والأنسجام بين الديمقراطي الكوردستاني والأتحاد الوطني عقب فترة طويلة من الأقتتال والقطيعة بينهما ويصبح عاملاً فعالاً في أنتعاش الديمقراطية في أقليم كوردستان والعراق أيضا، ومثل هذا التقدير من قبل الأوساط الأكاديمية العالمية حقبة عمل نيجيرفان بارزاني لسنتين من الزمن فقط من تغيير البيئة المعقدة التي كانت سائدة بين الأطراف السياسية وأيجاد أنفتاح وتفاهم ملموس بينها، وهو الآن، حيث صنف مرشحا للحزب الديمقراطي الكوردستاني لرئاسة الحكومة ، لم يتعرض لأية ملاخطة في من لدن أي طرف سياسي، وهو مطمح آمالهم جيعاً في تمرير هذه المرحلة بنجاح أيضا، ما حدا بالبروفيسور تيسير الألوسي لأن يشير في مقال له نشرته مجلة كولان مؤخراً الى أن التشكيلة الثامنة سوف تمارس تؤدي أسلوباَ جديداً في الحكم وستراتيجية جديدة للتنمية البشرية للفرد الكوردي ويشمل ذلك جميعاً مناحي الحياة في أقليم كوردستان هذه الحقيقة والقراءة الواقعية لتجربة الحكم لدى نيجيرفان بارزاني تقول لنا أن طبيعته الشخصية تؤمن له أيجاد الحلو الناجحة لمتع المعضلات التي يواجهها ويتخذ قرارات صعبة وقوية لتنفيذها، ومن شأن أيجاد الحلول المناسبة للمشكلات، كما يؤكد عليه علماء السياسة، إنما يؤمن أستقرار الحكم وأن أتخاذ هذه القرارات يكون من شأن رئيس حكومة قوية، ما يجعلنا نتوقع ان تكون التشكيلة الثامنة حكومة قوية وعند مستوى مرحلتنا الراهنة.




كراهام ويلسون لمجلة كولان:

أحدى معضلات الأئتلاف الواسع لتشكيل الحكومة تتمثل في تأخير صدور القرارات و مجهولية المسؤول عن ذلك.

- البروفيسور كراهام ويلسن هو أستاذ ورئيس قسم العلوم السياسية في جامعة بوسطن ومختص في السياسة المقارنة والحكومة والأعمال والجماعات ذات المصالح داخل النظام الديمقراطي و دور الأحزاب السياسية فيه وقد حدثنا عن دور تلك الأحزاب وفاعليتها و تجمعها في إطار تحالف واحد لتشكيل الحكومة في النظام الديمقراطي و كيفية التفاوض حول هذه المسألة:
* ما مدى صعوبة تشكيل الحكومة في نظام ديمقراطي برلماني؟
- لو أمعنا النظر في مؤسسات الدولة في الولايات المتحدة لوجدنا أن وجود نظام الحزبين لم يكن تسهيلاً لأعمال الحكومة بل أدى الى تدهور الوضع فقد وجدنا في الولايات المتحدة، حيث يسود نظام تقاسم السلطة بين مختلف مفاصل الحكومة ويتولى احد الأحزاب مقاليد السلطة وحزب آخر في مجلس النواب ويسود بينهما خلاف كبير وأدى بالتالي الى تعطيل الحكومة عندما كانا(يتقاتلان) على مسألة الموازنة العامة... وبالنسبة اليكم فقد تحدثتم وسألتم عن نظام برلماني يحتاج الى تشكيل تحالفات، هذه هي الوضعية بصورة عامة.. إلا أن النظام البرلماني يسوده تغيرات وتحولات مختلفة وفق نظام الأنتخابات، ففي بريطانيا مثلا- ورغم وجود تحالفات فيها اليوم- يكون في معظم الحالات رابح أو فائز لا يحتاج للجوء الى أقامة تحالفات والشئ الأخير الذي أنوى التحدث عنه هو جواز أن تتخمض المباحثات التي تجري بين الأحزاب السياسية التي تشكل أئتلافات، أو كما يحدث أحياناً في النظام الأمريكي أيضا، عن نتائج جيدة، بسبب التأني في صدور القرارات، فعلى سبيل المثال يتحدث عالمان سياسيان بريطانيان في كتاب جديد لهما عن النواقص التي تسود السياسة في بلادهما في مجال أختزال حالات التفاوض وصدور قرارات مستعجلة وسريعة.. وتتلخص جمالية نظام الحزبين، كما هو موجود في بريطانيا، في وجود واضح للمسؤولية أزاء الناخبيين وتتمتع فيها الحكومة بصلاحيات تمنع تعطيلها أو قطع الطريق عليها، لأنها لا تحتاج الى أئتلاف أو تحالف، أو كما يحدث في الولايات المتحدة حيث تتولى بعض مفاصل الحكومة مثل هذه الأعمال.. إلا أن خطورة مثل هذا النظام تكمن في جواز أستخدام جميع السلطات فيه بشكل حكيم أو غير متزن، كما يجري الحديث في الكتاب المذكور عن أن مصدر الخطأ يكون عادة بسبب أمكانية تمرير الحكومة للسياسة أو التحولات التي تريدها بكل سهولة.
وعن سلبيات تأخر تكوين التحالفات يضيف ويلسون:
نعم قد تتمحض متطلبات تشكيل الحكومة عن بعض المشكلات كما حدث في بلجيكا حيث تأخر تشكيل الحكومة لما يقارب(541) يوماً بعد أجراء الأنتخابات، أي أن مشكلات تشكيل التحالفات تتمخض هي الأخرى عن حالات من التوتر أو تنجم عن تلك المفاوضات بين مختلف الأحزاب السياسية نتائج جيدة، فقليلاً ما يتفق الحزبان، في النظام ذي الحزبين كما في بريطانيا، ويبقى الأختلاف سائدا بينهما، بشأن السياسة الأنسب لأتباعها، أو أن الأتفاقات كثيراً ما تؤدي الى أرتكاب أخطاء أي أنه من شأن التفاوض والتوافق والمساومة أن يكون شيئاً جيداً في السياسة مع حدوث حالة من الجمود بغياب المباحثات والتوافقات.
وقد يكون أحد حراس الحكومة الأئتلافية، إذا صح التعبير، هو السماح بتمثيل قطاع واسع للتوجهات والمصالح إلا أن المشكلة تكمن هنا في أن ذلك سيؤدي الى تعطيل الأداء والأرجح أن المخاوف الأكبر في الحاجة الى أئتلافات أو تحالفات هي تأخير الأعمال وعدم وضوح الرؤية في المسؤولية أو أن تقدم بعض الأحزاب الصغيرة مطاليب عجيبة فقط من أجل ضمان دعوتها للمشاركة في الأئتلافات وبالمقابل هناك مشكلات في وجود السلطة القوية التي تواجه أقامة الأئتلافات وبالمقابل هناك مشكلات في وجود السلطة القوية ومنها سرعة أتخاذ القرارات ومن ثم الندم والتراجع عنها، وبالنسبة لمشكلات حدوث الخطر على الديمقراطية بسبب عدم وجود أقتصاديات في المرحلة الأنتقالية، أضاف ويلسن، أن ضعف الأقتصاد يؤدي الى هشاشة جذور الديمقراطية وهنا تكمن معادلة سوء الوضع الأقتصادي يؤدي الى نتائج سيئة في التحول نحو الديمقراطية، والأمر يتطلب وجود حكومة فعالة لضمان أنتعاش أقتصادي فعال.. وقد أدت الحكومات في العديد من الدول وبالأخص في اليابان وكوريا الجنوبية خلال الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، دوراً في غاية القوة في تنمية أقتصادياتها وكان السبب في ذلك أحياناً السلطات التي كان السياسيون يتمتعون بها أو البيروقراطية التي أتبعتها قياداتها..

ريجارد بينسل لمجلة كولان:
أقامة التحالفات لتشكيل الحكومة في الأنظمة الديمقراطية البرلمانية ليست بالأمر الهيم..
البروفيسور ريتشارد أيف بينسل هو استاذ الحكومة و رئيس قسم دراسات الحكومة في جامعة كورنيل و خبير و مختص في مجال السياسة الأمريكية والأقتصاد السياسي ومختص أيضا في التنمية والأحزاب والأنتخابات والثقافة السياسية والأستفتاء المؤسساتي وقد تحدث هو الآخر لمجلة كولان عن بناء التحالفات أو الأئتلافات في نظام البرلماني الديمقراطي وتشكيل الحكومة والمقارنة بين الحزبين والنظام التعددي بقوله عن صعوبة تشكيل حكومة ذات قاعدة عريضة، هذه الحالة هي موجودة اليوم في ألمانيا وأفرزت السلبيات والأيجابيات في النظامين الرئاسي والبرلماني ففي الرئاسي سيكون الطرف الفائز مسؤولا أمام الحكومة في حين نجد أن في النظام البرلماني، تحقق مجموعة أحزاب نتائج جيدة و مجموعة أخرى نتائج سيئة، إلا أن من النادر هنا أن يحقق حزب واحد الفوز بمفرده، وعند تشكيل الحكومة لن يكون هناك أي حزب مسؤولاً عن أداء الحكومة، أي أن الأمر صعب في الوجهين، في تشكيل الحكومة وفي تحديد الناخبين للحزب المسؤول عن أداء الحكومة لأنه بالضرورة يدافع أو يساوم على سياساته، والأرجح أن كل الديمقراطيات تعاني صعوبات في أصدار القرارات الصعبة حيث سيطر أحد الحزبين على رئاسة و مجلس النواب والحزب الأخر على رئاسة و مجلس الشيوخ و ما عاناه الجميع من صعوبات في أصدار القرارات الصعبة وهي مشكلة يعاني منها البرلمان أيضا، غير أن هذه المشكلة لم تحظ بأي حل في النظام الرئاسي أي أن الديمقراطيات بصورة عامة تواجه صعوبات في أصدار القرارات التي تكلف الناخبين غالياً.. ولكي يكون لديك نظام ديمقراطي جديد، فالأشكال هنا يكون في عدم فوز الكثير من الأحزاب بالثقة العامة ومتى ما كان حزب معين فائزاً أو رابحا فإن القناعة تتولد لدى الجميع بإنه لن يتخلى عن السلطة حتى وإن أدى ذلك الى خسارته في الأنتخابات القادمة، أي أن بناء نظام ديمقراطي مستقر يلتزم فيه جميع الأطراف بقواعد اللعبة، أي سيادة توقعات بأداء جميع الأطراف لعبة نزيهة و مشروعة و صادقة و يثق الجميع بنجاحها، لهو أمر في غاية الصعوبة.
• أولا يؤدي تشكيل حكومة ذات قاعدة عريضة في الدول النامية الى عدم ترسيخ قيم الديمقراطية داخل المجتمع؟
- أية حكومة ذات قاعدة عريضة عاجزة في ذات الوقت عن أداء أية مهمة أو أصدار أي قرار إنما لا تتمكن من تمثيل إرادة الناس بصورة جيدة، والأكثر أن الحكومة ذات القاعدة العريضة تقدم على أداء شيئين الأول هو تقليل مخاوف تولى حزب واحد السلطة بمفرده ومن ثم لا يتخلى عنها لاحقا، هذا أمر جيد إلا أن الجانب السيئ من المعادلة هو ألا تتمكن من أن أتخاذ قرار صعب أو حاسم أزاء المشكلات التي تواجه الحكومة هذا فضلاً عن وجود مشكلة أخرى في الديمقراطيات الحديثة وهي عدم تخلى الحزب الأخر عن السلطة في حالة عدم تشكيل حكومة ذات قاعدة عريضة، ما يؤدي الى حدوث عدم أستقرار في البلاد..
أي أن عدم الأستقرار هو أمر حتمي في الديمقراطيات الحديثة أو الجديدة، والأهم البحث عن أفضل بديل حيث من الممكن أن تشكل الأحزاب الرئيسة أئتلافات أو تحالفات وتتولى السلطة، وتبقى الأحزاب المتطرفة، التي نتمنى أن تكون أحزاباً صغيرة، خارج السلطة وفي المعارضة هذه في الواقع أفضل صيغة و مقترح لتشكيل الحكومة..
• و ما مدى أهمية حماية السلم الأجتماعي في النظام الديمقراطي؟
- هناك وجود لشعور ديني متطرف و قوي أو جماعات أيديولوجية قوية أو توزيع طبقي أو هويات قبلية داخل المجتمع وهي كلها تكوينات قوية ولا بد من التساؤل حول مدى تقليل لتشكيل الحكومة لهذا التوزيع، أو التقاسم أو يؤدي بها الى الأسوء؟
فعندما يجري الحديث عن تعميق هذه التوزيعات أو تقليل التوترات الأجتماعية فإن تشكيل الحكومة يشهد مساعي لأيجاد تمثيل لتلك الأطراف المتوترة داخل الحكومة ما يجعلك تحتاج الى المساومة في ذلك إلا أن الأطراف المؤتلفة، إن كانت أثنين أو قويين عندها يمكن اللجوء الى النظام الرئاسي وقد يكون النظام البرلماني أجمع وأنسب إن كانت كثيرة و متداخلة.
• وعن مخاوف عدم وجود أقتصاد كبير و قوي في المرحلة الأنتقالية ومخاطرها على الديمقراطية يؤكد بينسل:
هناك أحتمالات بوجود تأثيرات الأيرادات على استمرار الديمقراطيات الحديثة بسبب بعض المسائل ذات العلاقة بالتنمية والأنتعاش الأقتصادي ونعني بذلك تخلى الناس عن المكتسبات ذات المدى القريب او المتوسط ضماناً لتحقيق الأنتعاش الأقتصادي على المدى البعيد عبر تشغيل رؤوس أموالهم، إلا أن أستخدام جميع الأيرادات إنما لا يؤدي إطلاقاً الى أنتعاش الأقتصاد وتكمن أشكالية الديمقراطيات في رغبة المواطنين الرازحين تحت الفقر المدقع، في حصد نتاج أصواتهم في السلطات السياسية وقد يكون من الصعب، على الديمقراطيات الحديثة في الدول الفقيرة أن تؤجل مسألة التحقيق المباشر للأيرادات في تحقيق المصالح الأقتصادية وأستثماراتها و سواء كان ذلك عن طريق الدولة أم عن طريق المصالح الأقتصادية الخاصة وهو بحد ذاته تهديد كبير على تلك الديمقراطيات لأنها إن أقدمت على أستخدام جميع أموالها أو ايراداتها و صرفها، فإن ذلك يؤدي الى عدم أنتعاشاً لأقتصاد وفقد الثقة بالديمقراطية كمحرك للتنمية الأقتصادية.



ترجمة/ دارا صديق نورجان..
Top